اقتباس
اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rafate87
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة الأعزاء
عندي سؤال حيرني
من المعروف أن الإسلام هو دين السلام وأنه لا إكراه في الدين
وأنا أومن بذلك يقيناً بدون أدنى شك
ولكن كيف نوجه أية التوبة 29

(( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ))
أريد أن أعرف كيفية توجيه هذه الآية لأنني تعرضت لهذا السؤال من قبل أحد النصارى
وجزاكم الله خيراً

.
أمر الله عز وجل المسلمين بقتال المشركين الذي لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر .. فهذا امر طبيعي

وقد تكلمنا في هذا الأمر .... هنــــا و هنـــــــــاااااا

أما بالنسبة لغير المشركين ... فعلى الرغم من ضلالهم وأنحرافهم عن العقيدة التي أمرهم الله بها وهي عبادة الله الواحد الأحد (هنــــــا) ... لكنهم ضلوا وانحرفوا عن ذلك فقال عنهم الله (ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب) فبدلوا وحرفوا في دينهم فأحلوا ما حرم الله وضلوا عن عبادته ولم يؤمنوا برسالة سيدنا محمد :salla-icon: ،فالمشكلة لديهم وليس لدينا .... لذلك شرع الله على المسلمين ان يعاملوهم معاملة مخالفة عن معاملة المشركين .

فمعاملة المشرك كانت براءة من العهد وإبعاداً عن المسجد الحرام، او أن يسلموا .. فإن رفضوا أحد الحلول الثلاثة فقتالاً إن وجدناهم .

اما معاملة أهل الكتاب فكانت : إما أن يسلموا وإما أن يعطوا الجزية مع استبقاء الحياة ، لهذا قال الله (يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون )

ولا ارى أي مشكلة في موضوع الجزية لسببين :
1) ما كانت هناك دولة مسيحية في الشرق ... وليأتي لنا المصريين في أي عصر وفي أي تاريخ كانت مصر دولة مسيحية ولو لمدة ساعة واحدة .
2) كان يسوع مواطنا صالحا فكان موالي لقيصر يقول يسوع اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله (1) ) . ( متي 22 : 21 ) .

كان " الرب " يدفع الضريبة بإنتظام كبقية الرعية : ( ولما جاء إلى كفرنا تقدم نحو الذين يأخذون الدرهمين إلى بطرس وقالوا أما يوفي معلمكم المسيح الدرهمين قال بلى ) . ( متي 17 : 24 ) .

فلماذا لا يتبع المسيحي ربه في اقواله وافعاله ؟ أهو أفضل من ربه ... فربه كان يدفع الجزية فلماذا يرفض هو ؟ ألم يقل ربه (اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) ؟ هل كان قيصر بالنسبة لليسوع مؤمن ام كافر ؟

فهل لو دفع المسيحي الجزية سيعتبرنا كفار ولو لم يدفع سيعتبرنا مؤمنين ؟


حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ

أي : حتى يؤدوا ما فُرض عليهم دفعة من أموال مقابل حصولهم على الأمان والحماية ، وفي هذا صون لدمائهم ، ولذلك نجد ان المسلمين قد فتحوا بلاداً غير إسلامية وصاروا قادرين على رقابهم ولم يقتلوهم ، بل أبقوا عليهم ، فهل السبب في ذلك لقوة شوكت اهل الكتاب ... لا ؛؛؛؛؛ بل إبقاء الحياة نعمة من نعم الإسلام عليهم ، ولنعود إلى الحقبة القبطية .. (هنـــا) .. لنرى الفرق بين حكم الدولة البيزنطية لأهل الكتاب وحكم الدول الإسلامية لأهل الكتاب ...
وهناك نعمة ثانية وهي أنه لم يفرض عليهم ديناً ، وإنما حمى اختيارهم الدين الذي يرونه ، وفي ذلك رد على من يقول :

إن الإسلام أنتشر بالسيف

فنرد عليهم :

إن البلاد التي فتحت بالمسلمين أقرت أهل الأديان على أديانهم ، وحمت فقط حرية الاختيار ، بل وقف المسلمين بالسيف امام القوم الذين يقفون امام اختيار الناس ، وتركوا الناس احرار .

لكننا نجد المغالطات تملاً كتابات ومواقع المسيحية لشحن المسيحي كونه جاهل بالمعلومات ويعاملونه معاملة الأطفال بزج المعلومات الخطأ في عقله حول مسألة السيف .

ونردد دائماً أن الإسلام لو انتشر بالسيف لما وجدنا في البلاد التي فتحتها المسلمين أناساً باقين على ديانتهم والتاريخ لم يدون ان المسلمين اجبروا أحد على اعتناق الإسلام بالقوة كمثل ما كتب التاريخ عن ما جاء بمحاكم التفتيش ومجالس الدم والحروب الصليبية فتجد : هنـــا و هنـــاااااا الحقائق المفجعة عن انتشار المسيحية .

بل كان الإسلام يأخذ الجزية ممن بقوا على دياناتهم من أهل الكتاب . وأخذ الجزية دليل على أنهم ظلوا على دينهم وظلوا أحياء ، وهاتان نعمتان من نعم الإسلام ، وكان يجب أن يؤدوا جزاء على ذلك ، وكان الجزاء هو الجزية . وهي مادة ((جزى)) و ((يجزي)) .

فكأن الجزية فعلة من ((جزى)) ((يجزي)) ، لأن الإسلام قدم لهم عملاً طيباً بأن أبقى على حياتهم وأبقاهم على دينهم من غير إكراه ؛ وبالمقابل نعود للحقبة القبطية والدولة البيزنطية وحال المسيحية وقتها .

فوجب أن يُعطوا الجزية على هذه النعمة التي أنعم الله تعالى بها عليهم بالإسلام .

وأيضاً ، فإنهم سيعيشون في مجتمع إيماني ، والولاية فيه للإسلام ، ويتكفل المسلمون بحمايتهم وضمان سلامتهم في أنفسهم وأهلهم وفي أموالهم وفي كل شيء ، فإذا كان المسلم يدفع لبيت المال الزكاة تقوم بمصالح الفقراء والمسلمين ، فأهل الكتاب الموجودون في المجتمع الإسلامي ينتفعون - أيضاً - بالخدمات التي يؤديها الإسلام لهم ، ويجب عليهم أن يؤدوا شيئاً من مالهم نظير تلك الخدمات ، والإسلام مثلاً لا يكلف أهل الكتاب أن يدخلوا جنداً في الحرب ضد أي عدو للمسلمين إلا إذا تطوعوا هم بذلك .

إذن : فالجزية ليست فرض قهر ، وإنما مقابل منفعة أداها الإسلام لهم ؛ وإبقاء على حياتهم وإبقاء على دينهم الذي اختاروه ، وقرر الحق ان يعطوا الجزية ( عن يد ) .

والمقصود بقول : (عن يد) من معنى القدرة ، فمن عنده قدرة ، فنأخذ الجزية من القادر ولا نأخذها من العاجز .. لأن اليد في اللغة هي الجارحة التي تؤدي بها الأعمال ، وأغلب الأعمال إنما تزاول باليد .. كما نجد في القرآن قول :

وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (يس35)


وقوله تعالى : ((وَهُمْ صَاغِرُونَ )) لماذا ؟

لأن الحق عز وجل أراد للإسلام أن يكون هو جهة العلو ، وقد صنع فيهم الإسلام أكثر من جميل ، أنقذهم من بطش أعدائهم الرومان والبيزنطيين ولم يقتلهم ولم يرغمهم على الدخول إلى الإسلام ، لذلك فعليهم أن يتعاملوا مع المسلمين بلا كبرياء ولا غطرسة وان يخضعوا لأحكام الإسلام ، وأن يكونوا موالين للمسلمين ، لا نافضين الأيدي وأن يؤدوا الجزية يد بيد ولا يدعي البعض منهم أنه يؤدي الجزية علواً ودون انكسار فنقول له :لا ياعزيزي فاليد الآخذه هنا هي العليا ، اما العاجز وغير القادر فاٌسلام يعفيه من دفع الجزية لقول رسول الله :salla-icon: :

(( من ظلم معاهداً او انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ شيئاُ منه بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة ))... ابو داود 3052

والله اعلم الشيخ / محمد متولي الشعراوي
.