الــــــــــــرد
قولها : ( يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة )
معناه يسألنك التسوية بينهن في محبة القلب , وكان صلى الله عليه وسلم يسوي بينهن في الأفعال والمبيت ونحوه كما جاء في الحديث :
و حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني حدثنا مسكين يعني ابن بكير الحذاء عن شعبة عن هشام بن زيد عن أنس
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد
وهذا حديث آخر يثبت عدل الرسول بين زوجاته
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا شبابة بن سوار حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال
كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة فكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها فكان في بيت عائشة فجاءت زينب فمد يده إليها فقالت هذه زينب .......
وأما محبة القلب فكان يحب عائشة أكثر منهن . وأجمع المسلمون على أن محبتهن لا تكليف فيها , ولا يلزمه التسوية فيها ; لأنه لا قدرة لأحد عليها إلا الله سبحانه وتعالى , وإنما يؤمر بالعدل في الأفعال . فالمراد بالحديث طلب المساواة في محبة القلب لا العدل في الأفعال , فإنه كان حاصلا قطعا , ولهذا كان يطاف به صلى الله عليه وسلم في مرضه عليهن , حتى ضعف , فاستأذنهن في أن يمرض في بيت عائشة , فأذن له .
قولها : ( ينشدنك )
أي يسألنك .
قولها : ( هي التي تساميني )
أي تعادلني وتضاهيني في الحظوة والمنزلة الرفيعة , مأخوذ من السمو , وهو الارتفاع .
قولها : ( ما عدا سورة من حدة كانت فيها تسرع منها الفيئة )
هكذا هو في معظم النُسخ : ( سورة من حدة ) بفتح الحاء بلا هاء , وفي بعضها ( من حدة ) بكسر الحاء وبالهاء . وقولها : ( سورة ) هي بسين مهملة مفتوحة ثم واو ساكنة ثم راء ثم تاء . والسورة الثوران وعجلة الغضب . وأما ( الحدة ) فهي شدة الخلق وثورانه .
ومعنى الكلام أنها كاملة الأوصاف إلا أن فيها شدة خلق وسرعة غضب تسرع منها .
( الفيئة ) بفتح الفاء وبالهمز وهي الرجوع أي إذا وقع ذلك منها رجعت عنه سريعا , ولا تصر عليه . وقد صحف صاحب التحرير في هذا الحديث تصحيفا قبيحا جدا , فقال : ( ما عدا سودة ) بالدال , وجعلها سودة بنت زمعة , وهذا من الغلط الفاحش نبهت عليه لئلا يغتر به .
قولها : ( ثم وقعت بي , فاستطالت علي , وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأرقب طرفه هل يأذن لي فيها ؟ فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر , فلما وقعت بها لم أنشبها حين أنحيت عليها )
أما ( أنحيت ) فبالنون المهملة أي قصدتها واعتمدتها بالمعارضة . وفي بعض النسخ ( حتى بدل حين ) , وكلاهما صحيح , ورجح القاضي ( حين ) بالنون . ومعنى ( لم أنشبها ) لم أمهلها . وفي الرواية الثانية ( لم أنشبها أن أثخنتها علية ) بالعين المهملة وبالياء , وفي بعض النسخ بالغين المعجمة . و ( أثخنتها ) بالثاء المثلثة والخاء المعجمة أي قمعتها وقهرتها . وقولها أولا ( ثم وقعت بي ) أي استطاعت علي , ونالت مني بالوقيعة في . اعلم أنه ليس فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لعائشة , ولا أشار بعينه ولا غيرها , بل لا يحل اعتقاد ذلك فإنه صلى الله عليه وسلم تحرم عليه خائنة الأعين , وإنما فيه أنها انتصرت لنفسها فلم ينهها .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنها ابنة أبي بكر )
فمعناه الإشارة إلى كمال فهمها , وحسن نظرها .
والله أعلم .
المفضلات