بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و في محاولات بائسة في الترقيع يستشهدون بأقتباسات الآباء و الترجمات القديمة و مخطوطات لترجمات منقحة عدة مرات و اذا كان مخطوطات النصوص بلا موثوقية فهل الإقتباسات و الترجمات و مخطوطاتهم سيكون لهم موثوقية !؟
و لنرى تفنيد هذه الإدعاءات بشهادتهم
ثالثًا: الأدلة على صحة النصوص:
(ب) الترجمات القديمة:
لم تكن ترجمة الأعمال الأدبية من لغة إلى أخرى أمرًا مألوفًا في الأزمنة القديمة. وفي الأحوال التي تم فيها ذلك، لم تكن الترجمة من الدقة بحيث يمكن تحديد كلمات النص الأصلي. والترجمة اليونانية للعهد القديم والمعروفة بالسبعينية هي في الحقيقة الترجمة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها بصفة عامة.
وبانتشار رسالة الإيمان المسيحي، بدأ المرسلون في ترجمة الكتاب المقدس إلى لغة الشعوب التي يخدمون بينها، ولأن هذه الترجمات كانت بعامة ترجمات أمينة للغة الأصلية، فإنها تقدم لنا أدلة مؤيدة لصحة نصوص العهد الجديد.
ويجب مراعاة بعض الحذر عند استخدام أي ترجمة دليلًا على النص اليوناني الأصلي الذي ترجمت عنه، فإن امتلاك المترجم لناصية اللغة اليونانية واللغة التي يترجم إليها، له أثره في سلامة ترجمته. ولكن لا بد من احتمال وجود بعض الأخطاء في الترجمة. كما ينبغي إدراك أن هناك خصائص لغوية لا نظير لها في اللغة الأخرى، فمثلًا ليس في اللاتينية أداة تعريف، ومن ثم فالكلمة في اللاتينية قد تكون منقولة عن كلمة يونانية معرفة أو نكرة. وعند الترجمة من لغة إلى أخرى، يعتمد المعنى إلى حد بعيد على ترتيب الكلمات، ومن ثم لا يمكن الاعتماد عليها في معرفة ما حدث من تغيير في ترتيب الكلمات الأصلية في اليونانية. علاوة على ذلك لم تصل إلينا المخطوطة الأصلية لأي ترجمة قديمة، ولا بد لدارس النصوص أن يبني دراسته على نسخ قد تتضمن أخطاء النقل إلى جانب ما حدث من تغييرات في الترجمة في تاريخ لاحق، ومن ثم فلا بد أن تخضع الترجمة ذاتها للنقد لتحقيق النص الأصلي للترجمة بقدر المستطاع، وذلك قبل استخدام هذه الترجمة في تحقيق النص الكتابي.
وليس للترجمة في حد ذاتها أهمية كبيرة في نقد النصوص، ولكن أهميتها تتوقف على ما تتيحه هذه الترجمة من معرفة النص اليوناني الذي نقلت عنه، ولو عرفنا تاريخ الترجمة بالتقريب، لأمكن الاستدلال على النص الذي كان مستخدمًا في ذلك التاريخ في المنطقة الجغرافية التي تمت فيها الترجمة.
(ج) اقتباسات الآباء:
بالإضافة إلى المخطوطات اليونانية للعهد الجديد وغيرها من الترجمات القديمة إلى اللغات الأخرى، فإن اقتباسات آباء الكنيسة الأولين من الكتاب المقدس، تمثل مصدرًا هامًا من مصادر معرفة نصوص العهد الجديد، وقد دونت معظم أعمال أولئك الآباء باليونانية أو باللاتينية، والقليل منها بالسريانية وبعض اللغات الأخرى. وهذه الاقتباسات من الوفرة بحيث يمكن في الحقيقة إعادة تجميع نصوص العهد الجديد منها وحدها.
وكما هو الحال في الترجمات، هناك حدود لاستخدام كتابات الآباء كمصدر يساعدنا على تحقيق نصوص العهد الجديد، فأصول هذه الكتابات لم تصل إلينا، ولذلك كان لزامًا على من يقوم بدراسة هذه الكتابات أن يفحص نصوصها فحصًا نقديًا ليحقق بقدر الإمكان كلماتها الأصلية، وبخاصة ما فيها من اقتباسات من العهد الجديد. حيث أن هذه الاقتباسات من العهد الجديد التي تضمنها كتابات الآباء هي بذاتها الأجزاء التي قد يغيرها الكاتب عمدًا، متى كان النص المقتبس مثلًا لا يتفق مع النص المألوف للكاتب. وحتى إذا أمكن تحقيق الصورة الأصلية للاقتباس في كتابات الآباء، فقد يكون الكاتب قد أعطى المعنى العام للفقرة بدلًا من نقلها حرفيًا،أو إذا كان الكاتب (أو من يملي عليه) يكتب الاقتباس من الذاكرة وليس نقلًا عن مخطوطة للعهد الجديد، وبذلك تصبح قيمة هذه الفقرة محدودة فيما يختص بنقد النصوص. ففي القرن الرابع مثلًا، بنى كيرلس الأورشليمي تعليمًا خاصًا بالعشاء الرباني على ما يقول هو إنه نقل لعبارات الرسول بولس، مع أن اقتباساته لم تكن مأخوذة عما جاء عن العشاء الرباني في 1كو 11: 23 25 ولا في أي جزء مقابل لها في الأناجيل، بل بالحري دمج عددًا من الفقرات المختلفة نقلًا عن الذاكرة كما هو واضح في أقواله. والأرجح أن الاقتباسات الطويلة كانت تنقل مباشرة عن مخطوطة أكثر مما في حالة الاقتباسات القصيرة.
رابعًا: نقل نصوص العهد الجديد:
(2) اختلافات مقصودة:
وقعت هذه الاختلافات المقصودة نتيجة لمحاولة النسَّاخ تصويب ما حسبوه خطأ، أو لزيادة إيضاح النص أو لتدعيم رأي لاهوتي. ولكن في الحقيقة ليس هناك أي دليل على أن كاتِبًا ما قد تعمد إضعاف أو زعزعة عقيدة لاهوتية أو إدخال فكر هرطوقي(1). وقد تحدَّثنا عن هذا الموضوع بالتفصيل هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت عند ردنا على سؤال "هل هناك إضافات على النص من النُّسَّاخ؟"، وطبيعة هذا، وهل يؤثر على أي عقيدة، وهل نعتمد على آية واحدة في أي عقيدة جوهرية، وكيفية التوصُّل للنص الأصلي..
أما حول نقطة آية "الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ" (1 يو 5: 7) (وهي تُسَمَّى الفاصلة اليوحناوية Comma Johanneum أو Johannine Comma/Heavenly Witnesses)، فستجد عرضًا عامًا عن هذه الآية في مقال عن "إنكار عقيدة الثالوث"، ومقال "هل غيرت بعض الترجمات في العقيدة المسيحية". مع إيضاح أنها لا توجد في نسخ يونانية قبل القرن الخامس عشر الميلادي، ولكنها موجودة في مخطوطة الفلجاتا Vulgate (القرن التاسع الميلادي).
2 الترجمات اللاتينية:
(ب) ترجمة جيروم أو الفولجاتا:
وبمرور الوقت اتضحت الاختلافات الكبيرة فيما بين الترجمات اللاتينية القديمة، وأصبحت غير مقبولة. وفي عام 382 م.، قام البابا "داماسوس"(Damasus) بتكليف "جيروم" أنبغ علماء الكتاب المقدس في عصره بأن يعكف على تنقيح الترجمة اللاتينية لتكون مطابقة لليونانية. ومن خلال عامين استطاع جيروم أن ينتهي من مراجعة الأناجيل الأربعة معلنًا أنه لم يغيَّر من الكلمات اللاتينية إلا ما شعر بلزوم تغييره. كما انتهى بعد ذلك من مراجعة بقية العهد الجديد، ولو أنها كانت مراجعة سريعة. ويشك البعض في قيام جيروم بمراجعة ما يزيد عن الأناجيل الأربعة.
والتنقيح الذي أجراه جيروم والمعروف باسم "الفولجاتا" أو الترجمة الدارجة وقد أعيد تنقيحها عدة مرات على مدى القرون هو أساس الترجمة الرسمية في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. وقد وصلنا نحو ثمانية آلاف مخطوطة من الفولجاتا اللاتينية، وهو ضعف عدد المخطوطات اليونانية، مما يرجح أن الفولجاتا كانت أكثر الكتب القديمة شيوعًا.
و تحت عنوان
"قاموس الكتاب المقدس | دائرة المعارف الكتابية المسيحية شرح كلمة
الترجمة السريانية للكتاب المقدس"
(6) الإصحاحات المحتمل للبشيطة:
ترجح أبحاث حديثه قام بها بروفسور " بيركت " وعلماء آخرون أن البشيطة كانت أركان من علم " رابولا " أسقف ادسا في بداية القرن الخامس، فقد استطاع بيركت أن يقتبس عبارة من كاتب سيرة رابولا يقول فيها: " انه بحكمة الله التي كانت فيه ترجم العهد الجديد من اللغة اليونانية إلى السريانية بسبب ما كان فيها من اختلافات "، ولعله يتحدث عن نشره للفولجاتا السريانية منقحة لأول مرة، وبذلك التنقيح أشور النصوص السريانية القديمة اكثر مطابقة للنص اليوناني الذي كان سائدا في إنطاكية في بداية القرن الخامس. ولم يقنع رابولا بنشر تنقيحه بل أطلقت أوامره للكهنة والشمامسة ليتأكدوا من " التزام كل الكنائس بالاحتفاظ بنسخة من الأناجيل المنفصلة، وان تقرا منها أيد ".
أنه لأمر ملحوظ حقا، أنه قبل زمن رابولا الذي كان نفوذه يمتد إلى كل الكنائس التي تتحدث بالسريانية من 411-435م، ليس ثمة اثر للبشيطة، بينما بعد عصره نكاد الآشورية نعثر على أي اثر لنص أختام.
ومن المحتمل انه تصرف بالطريقة التي تصرف بها " ثيودوريت " Theodoreet)) بعد ذلك، بدفعه إلى المقدمة بالتنقيح الذي أتمه حديثا، والذي لدينا ما يبرر الاعتقاد بالإضافة هو البشيطة، وجعل استعماله سائدا شائعا، وأنهى استخدام الترجمات الأخرى، التي لم يتبق منها حتى الأمير سوى النصوص الكورتيونية والسينائية.
====================================
وقي مقالة تحت عنوان
"عرض تاريخي وأدبي لترجمة "الفشيطتا
الأب د. روجيه - يوسف أخرس"
ثانيًا: فشيطتا العهد الجديد[8]
1- المخطوطات
تناقلت جميع الكنائس السريانية نص الفشيطتا، مما ساعد في نموّ عدد المخطوطات التي تحتويها إلى أكثر من 500 مخطوط. واللافت في الأمر أنّ المخطوطات، على كثرتها ورغم توزّعها في الزمن على مدى 15 قرنًا، ظلّت متطابقة فيما بينها بشكل شبه تامّ. وهذا ما يمنح هذه الترجمة مصداقيتها وشرعيتها في الكنائس السريانية عامّةً.
أقدم هذه المخطوطات يعود للقرنين الخامس والسادس.
القسم الأعظم من المخطوطات وصلنا من دير السريان (وادي النطرون)، دير القدّيسة كاترين (سيناء)، بطريركية السريان (ماردين، ثمّ حمص ودمشق والشرفة).
يحتفظ المتحف البريطاني (المكتبة البريطانية اليوم)، بنحو 100 مخطوطة للفشيطتا، جميعها جُلِبَ من دير السريان في مصر، و60 منها ترقى إلى ما قبل القرن العاشر فيما ثلاثون تعود إلى ما بين القرنين الخامس والسابع.
2- تاريخ ومكان الترجمة وهويّة المترجمين
يحدّد الباحثون في تاريخ الفشيطتا زمان ترجمتها ما بين العامين 375 و430، وعلى الأغلب في عهد رابّولا أسقف الرها (412-435) الذي جاء في سيرته: “إنّه بحكمة الله التي كانت فيه ترجم العهد الجديد من اللغة اليونانية إلى السريانية بسبب ما كان فيها من اختلافات”. ولم يقنع رابولا بنشر تنقيحه بل أطلق أوامره للكهنة والشمامسة ليتأكّدوا من “التزام كلّ الكنائس بالاحتفاظ بنسخة من الأناجيل المنفصلة، وأن تقرأ منها أيضاً”.
بالنظر إلى هذه المعطيات، تُرجَّح الرّها كمركز للترجمة.
لكن الفشيطتا لم تكن ترجمةً حديثةً كلّيًا، بل كانت تدقيقًا وتنقيحًا للترجمات السريانية السابقة (المسمّاة الأناجيل المنفصلة لتمييزها عن دياطسرون ططيانوس)، لجعلها أقرب إلى النصّ اليوناني. وفيما تثبّت نصّ الفشيطتا في القرن الخامس، استمرت في التقليد السرياني الغربي، في القرنين التاليَين، نزعة مراجعة الترجمات القديمة لتدقيقها على اليونانية، وذلك لأسباب عقيدية ولغوية.
لكن مع دخول الإسلام إلى الشرق، فُقِدتْ ديناميكية مراجعة ترجمة النصوص المقدّسة، وحلّت مكانها الدراسات اللغوية، ودخلت الحضارة السريانية مرحلة الحفاظ على ما وصلتْ إليه من ثقافة ونصوص مقدّسة.
يميل الباحثون اليوم إلى اعتبار نص الفشيطتا المتداول في الكنيسة السريانية الغربية، النصّ الأصلي أو أقلّه الأقدم، على الرغم من تعرّضه للتنقيح بسبب انفتاح الأساقفة والعلماء المغاربة على الثقافة اليونانية.
4- الأسفار القانونية المحذوفة من الفشيطتا
على الرغم من أنّ النصّ الذي طبعه اتحاد جمعيات الكتاب المقدس يحوي جميع أسفار العهد الجديد ال27، فإنّ الفشيطتا الأصلية، في القرن الخامس، لم تكن تحتوي على الأسفار الخمسة التالية: 2بط، 2 و3 يو، يهوذا ورؤيا يوحنا. وقد يكون السبب هو الشكّ في هوية كاتبها أو تشابه بعضها مع الأدب الرؤيوي المنحول (2بط 2/4؛ ولا سيّما رسالة يهوذا والرؤيا).
[8] بالإضافة إلى المراجع المذكورة في الحاشية الأولى، راجع “الترجمات السريانية”، في دائرة المعارف الكتابية، ج. 3، نشره وليم وهبه بباوي، مصر 1990، ص 352-354.
لا تعليق
المفضلات