ثانيا : تحريف نصوص العهد الجديد .
نضرب مثالين على هذا :
1. تحريف نص المعمودية في انجيل متى 28: 9 .
و هو نص مشهود يستدل به عوام النصارى لاثبات وجود الثالوث .
نقرا من انجيل متى الاصحاح 28 الترجمة العربية المشتركة
((19فاَذهبوا وتَلْمِذوا جميعَ الأُمَمِ، وعَمّدوهُم باَسمِ الآبِ والابنِ والرّوحِ القُدُسِ، ))
و الحقيقة ان هذا نص محرف عن لفظه الاصلي و هو : اذهبوا و تلمذوا جميع الامم باسمي .
و دليل ذلك :
ان يوسابيوس القيصري (احد اباء الكنيسة في نهاية القرن الثالث و بداية القرن الرابع) حينما اقتبس النص في كتابه تاريخ الكنيسة اقتبسه على هذه الهيئة : اذهبوا و تلمذوا جميع الامم باسمي ) :
نقرا من كتاب يوسابيوس القيصري تاريخ الكنيسة تعريب مرقص داود الصفحة 100 الكتاب الثالث الفصل الخامس : حصار اليهود الاخير بعد المسيح :
(( اما سائر الرسل الذين استمرت المؤامرات ضدهم بقصد ابادتهم ، وطوردوا من ارض اليهودية، فقد ذهبوا الى كل الامم ليكرزوا بالانجيل معتمدين على قوة المسيح الذي قال لهم : اذهبوا و تلمذوا جميع الامم باسمي ))

و هذا ان دل على شيء فانه يدل على انه في زمن يوسابيوس كان نص متى 28 : 19 لا يحتوي على هذه العبارة (( وعمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس )) و بالتالي فان هذه العبارة هي اضافة لاحقة للنص !!
وقد اعترف بحقيقة هذا التحريف او جمع من نقاد و مفسري الكتاب المقدس وبعضهم المح دون التصريح :
نقرا من كتاب دراسة في الانجيل كما رواه متى للاب اسطفان شنتييه الصفحة السادسة :
(( و لها نظام اسراري ((تعمد)) و تفكير لاهوتي راق : يعبر عن عقيدة اللاهوت بعبارة وجيزة تذكرنا ب((المجد للاب)) ان تلك العبارة التي يتساوى فيها الاقانيم الثلاثة بوضوح تام لا مثيل لها في العهد الجديد ولقد طال بحث الكنيسة قبل ان تصل الى هذه الصيغة : ففي البداية كانوا يعمدون ((باسم يسوع)) فقط . و نشعر من خلال رسائل بولس بتلك الترددات التي عرفها التعبير عن الايمان بالثالوث. اما الجماعة التي تحتفل هنا بسر المعمودية فهي تعلم بانه يدخلنا في علاقة صحيحة مع ذلك الاله الذي هو ثلاثة ))

و نقرا من كتاب اللاهوت المسيحي و الانسان المعاصر للاب سليم بسترس الجزء الثاني الصفحة 48 :
(( اذهبوا و تلمذوا جميع الامم ، و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس : يرجح مفسرو الكتاب المقدس ان هذه الوصية التي وضعها الانجيل على لسان يسوع ليست من يسوع نفسه بل هي موجز الكرازة التي كانت تعد الموعوظين للمعمودية في الاوساط اليونانية. فالمعمودية في السنوات الاولى للمسيحية كانت تعطى ((باسم يسوع المسيح)) (اع 2: 38، 10 : 48) او ((باسم الرب يسوع)) (اع 8: 16، 19 : 75) . ففي الاوساط اليهودية لتمييز المعمودية المسيحية عن غيرها من طقوس التنقية و التطهير، كان يكفي ان يلفظ اسم يسوع المسيح على المعتمد دليلا على انه صار خاصة المسيح و ختم بختمه ))

ونقرا من A Commentary on the Bible لارثر بيك و اي جي قريف الصفحة 723 :
(( reflects the change in that mission brought about by the Jews' rejection of Jesus, who had regarded his work confined to Israel. The church of the first days did not observe this world wide command, even if they knew it . The command to baptize into the threefold name is a late doctrinal expansion. In of the the words " baptizing .... Spirit " we should probably read simply " into my name" i.e. (turn the nations) to christianity or " in my name" i.e. (teach the nations) in my spirit ))
https://archive.org/details/commenta...e/722/mode/2up
و نقرا من Catholic Beliefs and Traditions: Ancient and Ever New للمؤلف John F. O'Grady
(( No one can say for certain the origin of this passage from Matthew. The presence of the liturgical formula with baptism in the name of the Father, Son and Holy Spirit, points to itself to a later origin for this saying than the ministry of Jesus. The need for an organised church also supports the view that the passage more likely comes from the time of Matthew than Jesus ))
و لقد حاول مؤلفو التفسير الحديث للكتاب المقدس التبرير اذ قالوا بانه طالما ليس معنا اي مخطوطة لانجيل متى تكتفي بذكر اسم يسوع فقط في نص متى 28 : 19 !!!
نقرا من التفسير الحديث للكتاب المقدس انجيل متى الصفحة 462 :
(( و لقد قيل ان هذه الكلمات لم جزءا من النص الاصلي لانجيل متى لان يوسبيوس اعتاد في كتاباته السابقة لمجمع نيقية ان يقتبس متى 28 : 19 في صيغتها المختصرة : ((اذهبوا و تلمذوا جميع الامم باسمي )) و لكن حيث انه لا توجد حاليا اي مخطوطة لانجيل متى بها هذه القراءة فلا بد ان العبارة اختصرها يوبيوس نفسه و لم ينقلها عن نص ورد في مخطوطات موجودة بالفعل )
و الرد على هذا بسيط :
1. انه لا توجد اي بردية من برديات العهد الجديد قبل المخطوطة السينائية (بداية قرن رابع ) تحتوي على نص واحد لانجيل متى الاصحاح 28 بكامله.
2. ان اقدم مخطوطة متوفرة حالية للكتاب المقدس هي المخطوطة السينائية التي كتبت في منتصف القرن الرابع تقريبا فكيف جزموا بعدم نقل يوسابيوس من مخطوطات او برديات اخرى كانت موجودة حينها و ليست موجودة الان ؟؟؟
3. ما هو الدليل القطعي على ان يوسابيوس اختصر نص المعمودية ؟؟؟ و لماذا يقوم باختصارها ؟؟؟ و هل اختصر نصوصا اخرى في اقتباساته الاخرى ؟؟؟
4. ماعلاقة عدم توفر مخطوطات حاليا بالجزم بان يوسابيوس اختصر النص ؟؟؟ هل اذا توفرت مخطوطات في المستقبل سيتغير رايكم ؟؟؟ هل الامر هو الجزم بالشيء بدون دليل حتى ياتي الدليل ضده ؟؟؟ فاين ذهب منطق البينة على المدعي !!!!
.
2. تحريف نص رسالة تيموثاوس الاولى 3: 16 .
نقرا من رسالة بولس الاولى الى تيموثاوس الاصحاح الثالث (ترجمة الفاندايك)
((16 وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ.))
عبارة ((الله ظهر في الجسد )) هي عبارة محرفة و الصحيح : (الذي ظهر في الجسد)
نقرا من كتاب مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الاصلية الصفحة 20 :
(( و بعض فروق القراءات قد ينتج عن اخطاء الذهن كان يفشل الناسخ في تفسير بعض الاختصارات التي كانت تستخدم كثيرا في المخطوطات خصوصا مصطلحات مثل " الله" و " المسح" التي كانت تكتب بصورة مختصرة بصفة منتظمة و الفروق في تيموثاوس الاولى 3: 16 بين "من" و "الذي" و "الله" هي مثال على ذلك. فقد وردت الاية : ((عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد)) مكتوبة في قراءة اخرى: ((عظيم هو سر التقوى الذي (او : من) ظهر في الجسد )) .. الخ ))
[ATTACH=CONFIG]n811445[/ATTACH]
ونقرا النص من المخطوطة السينائية :
16 And confessedly great is the mystery of godliness: He who was manifested in flesh, was justified in spirit, seen by angels, preached among the Gentiles, believed on in the world, taken up in glory.
16 και ομολογουμε νωϲ μεγα εϲτιν το τηϲ ευϲεβειαϲ μυϲτηριον
οϲ ε φανερωθη εν ϲαρ κι · εδικαιωθη εν πνι ωφθη αγγελοιϲ εκηρυχθη εν εθνεϲιν επιϲτευθη ε[ν] κοϲμω · ανελημφθη εν δοξη
[ATTACH=CONFIG]n811446[/ATTACH]
http://www.codexsinaiticus.org/en/ma...d=en&side=r&ve rse=16&zoomSlider=0
و نقرا العدد حسب الترجمة الرهبانية اليسوعية :
(( 16ولا خِلافَ أَنَّ سِرَّ التَّقْوى عَظيم: «قد أُظهِرَ في الجَسَد، وأُعلِنَ بارًّا في الرُّوح، وتَراءَى لِلمَلائِكَة، وبُشِّرَ به عِندَ الوَثَنِيِّين، وأُومِنَ بِه في العالَم، ورُفِعَ في المَجْد». ))
و في الترجمة العربية المشتركة :
(( 16ولا خِلافَ أنّ سِرّ التّقوى عَظيمٌ: «الذي ظهَرَ في الجَسَدِ وتَبَــرّرَ في الرّوحِ، شاهدَتْهُ المَلائِكَةُ، كانَ بِشارَةً للأُمَمِ،آمَنَ بِه العالَمُ ورفَعَهُ اللهُ في المَجدِ». ))
و هي الترجمة التي اختارتها The International Standerd Bible Encyclopedia:
(( The body of our Lord was raised from the dead, but how very unjust this accusation is, is evident from such a passage as 1Ti 3:16, "And without controversy great is the mystery of godliness; He who was manifested in the flesh, Justified in the Spirit, Seen of angels, Preached among the nations, Believed on in the world, Received up in glory." ))
https://www.internationalstandardbib...-epistles.html
.
ثالثا : التعمد في تحريف النصوص من اجل تدعيم راي لاهوتي و اخطاء النساخ .
نقرا من كتاب مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الاصلية الصفحة 19 - 21:
(( و لكن من يدرس مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الاصلية او ترجماته القديمة يلاحظ وجود بعض الفروق في القراءات بين المخطوطات القديمة. و هي فروق طفيفة لا تمس جوهر الايمان في شيء، و لا ممارسات الحياة المسيحية و العبادة.
و معظم فروق القراءات بين المخطوطات يمكن ارجاعها الى تغييرات حدثت عن غير دراية من الناسخ او قصد منه خلال عملية النساخة.
فاحيانا تحدث الفروق بسبب اخطاء العين، كان يخطئ الناسخ في قراءة النص الذي ينقل عنه فتسقط منه بعض كلمات او عبارات، او يكرر نساخة بعضها، او يحدث تبادل في مواقع الحروف في الكلمات مما يؤدي الى تغيير المعنى، او يحدث تبادل في مواقع الكلمات او السطور. وقد يحدث الخلط بسبب صعوبة في قراءة بعض الحروف، خصوصا و ان الحروف العبرانية متشابهة في الشكل و كذلك ايضا الحروف اليونانية الكبيرة. فاحيانا قد يصعب التمييز بين الحروف اذا لم تكن مكتوبة بخط واضح وبقدر كاف من العناية او اذا كان المخطوط الذي ينقل عنه الناسخ قد تهرا او بهتت الكتابة عليه في بعض المواضع او بعض الحروف.
و بعض فروق القراءات قد ينتج ايضا عن اخطاء الاذن في السماع في حالة الاملاء فمثلا العبارة في رومية 5: 1 ((لنا سلام)) وردت في بعض النسخ ((ليكن لنا سلام)) و العباراتان متشابهتان في السماع في يونانية القرن الاول....و بعض فروق القراءات قد ينتج عن اخطاء الذهن كان يفشل الناسخ في تفسير بعض الاختصارات التي كانت تستخدم كثيرا في المخطوطات خصوصا مصطلحات مثل " الله" و " المسح" التي كانت تكتب بصورة مختصرة بصفة منتظمة.....وقد اظهر باك في دراساته عن طريق اوريجانوس في مقارنة النصوص الكتابية ان اوريجانوس يرجع الفروق في القراءات الى اسباب اربعة هي :
1. اخطاء اثناء عملية النقل بالنساخة نتيجة انخفاض درجة التركيز عند الناسخ في بعض الاحيان.
2. النسخ التي يتلفها الهراطقة عمدا ببث افكارهم فيها اثناء النساخة .
3. التعديلات التي يجريها بعض النساخ عن وعي و بشيء من الاندفاع بهدف تصحيح ما يرون انه اخطاء وقعت من نساخ سابقين او اختلاف عن القراءة التي اعتادو سماعها.
4. تعديلات بهدف توضيح المعنى المقصود في العبارة.
و التوصل الى الاختيار الصحيح للقراءات الصحيحة يبدو انه في راي اوريجانوس مؤسس على الاتي :
1. التوافق مع العقائد الايمانية.
2. صحة المعلومات الجغرافية
3. التناسق و الانسجام مع غيره من النصوص
4. الاصول الاشتقاقية اللغوية
5. اجماع غالبية المخطوطات المعروفة لديه . ))

و هذا اعتراف صريح بالتحريف و ان كان قد عزى الامر الى السهو او حسن النية فهذا تفسير للماء بعد الجهد بالماء.
و نقرا ايضا من الترجمة الرهبانية اليسوعية الصفحة 13:
(( { إنَّ نُسَخَ العهد الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها واحدة بل يُمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية ولكن عددها كثيرٌ جداً على كل حال، هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف والنحو أو الألفاظ أو ترتيب الكلام، ولكن هناك فوراق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها.
واكتشاف مصدر هذه الفوارق ليس بالأمر العسير ، فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت ، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التي تحول دون أن تتصف أي نسخة كانت – مهما بُذل فيها من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذي أخذت عنه ، يُضاف إلى ذلك أن بَعْضَ النُّسَّاخِ حاولوا أحياناً ، عن حُسْنِ نية أن يُصَوِّبُوا ما جاء في مِثَالِهم وبَدَا لهم أنه يحتوي أخطاء واضحة أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي ، وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد أن تكون كلها خطأ ، ثم يمكن أن يضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد في أثناء إقامة شعائر العبادة أدَّى أحيانا كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ .
ومن الواضح أن ما أدخله النساخ من التبديل على مَرِّ القرون تراكم بعضُه على بعضِه الآَخَر . فكان النَّصُّ الذي وصل آخرَ الأمرِ إلى عهد الطباعة مُثْقَلاً بمختلف ألوان التبديل ، ظهرت في عدد كبير من القراءات))

و نقرا من دائرة المعارف الكتابية الجزء الثالث الصفحة 279 :
(( فإن استنساخ عمل أدبي قبل عصر الطباعة يختلف عنه بعد اختراعها، فمن الممكن الآن طباعة أي عدد من النسخ المتطابقة تماماً، أما قديماً فكانت كل نسخة تكتب على حدتها باليد. وفي مثل تلك الأحوال، كان لابد ألا تتطابق تماماً أي مخطوطتين من أي كتاب وبخاصة إذا كان كبيراً نوعاً. ويغطي عصر الكتابة اليدوية للمخطوطات فترة من الزمن يبلغ ثلاثة أرباع الزمن منذ إتمام كتابة العهد الجديد حتى الآن. ونظراً للأعداد الهائلة التي تم نسخها من مخطوطات بعض أو كل العهد الجديد، خلال القرون الأولى، فإن معنى هذا أن العديد من الاختلافات قد وجدت طريقها إلى المخطوطات. وقد فقدت أصول أسفار العهد الجديد - بلا شك - في زمن مبكر جداً. ومعنى هذا أنه ليس من الممكن أن نحدد بدقة كاملة كل كلمة من الكلمات الأصلية للعهد الجديد على أساس أي مخطوطة بذاتها، ولا سبيل إلى ذلك الا بمقارنة العديد من المخطوطات ووضع أسس تحديد الشكل الدقيق - بقدر الإمكان - للنص الأصلي. وتعرف دراسة مخطوطات الأعمال الأدبية - التي فقدت أصولها - بهدف تحديد النص الأصلي، باسم "نقد النصوص" (texual criticsim) . ومع أن العهد الجديد هو أكبر وأهم مجال لهذه الدراسة، فإن الدراسة النقدية للنصوص أمر ضروري لكل عمل أدبي قديم))
المفضلات