الرد على السؤال رقم 8: جاء في سورة النحل 68-69" وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ... ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ... إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " ... افاد الناقد أن البيضاوي قال: { شَرَابٌ } يعني العسل لأنه مما يشرب ... و{ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ } إما بنفسه كما في الأمراض البلغمية ، أو مع غيره كما في سائر الأمراض ، إذ قلما يكون معجون إلا والعسل جزء منه ...وعن قتادة أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أخي يشتكي بطنه فقال : « اسقه العسل » فذهب ثم رجع فقال : قد سقيته فما نفع فقال : « اذهب واسقه عسلاً فقد صدق الله وكذب بطن أخيك ...
والناقد يسأل: إذا كان المريض لم ينل الشفاء ... فكيف يصدّق الله ويكذّب بطنه ؟؟؟ وهل هذا الرد يبيّن صدق محمد ... أم صدق تأثير العسل ؟؟؟
" وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ " الأنبياء 70 ... إن الناقد يعتقد أنه لن يقرأ نقده إلا القارئ السطحي الساذج فقط ... وكيف ؟؟؟ لقد حاول الناقد أن يوهم من يعتقد أنه سيقرأ نقده ... أن البيضاوي يشهد (اعتماداً على حديث لرسول الله) أن العلاج الذي أرشد اليه رسول الله وأصر عليه (اسقه عسلاً) لم ينفع مع المريض ... وذلك حتى يصل الناقد في النهاية لهدفه الخفي ... وهو أن يفقد القارئ الساذج مصداقية كل ما قاله الرسول بالتبعية في أي أمر آخر !!!
لكن من يدقق في ذلك سيعلم أن السحر قد انقلب على الساحر .... وأنه " وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ " فاطر 43 ... أي أن ضرر المكر السيئ لا يصيب إلا من دبروه ... وكيف ؟؟؟ لقد ذكر الناقد بعضاً من كلام البيضاوي ولكنه أخفى وبتر باقي كلامه الذي فيه تكملة حديث رسول الله ... كل ذلك حتى يوهم القارئ الساذج أَنَّ الرجلَ لم يتمَّ شِفاء بَطنِه ... رغمَ شربه العَسَلَ ... وهذا معناهُ أَنَّ العسلَ ليس فيه شفاءٌ للناس كما ذَكَر القرآن !!! هذا ... وتكملة كلام البيضاوي هو: " اذهب واسقه عسلاً فقد صدق الله وكذب بطن أخيك ... فسقاه ... فشفاه الله تعالى ... فبرأ ... فكأنما أنشط من عقال. " !!!
وحتى نفهم ونستوثق من ذلك تماماً ... سنذهب لنص الحديث وهو: " أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: أخي يشتكي بطنَهُ، فقال: (اسقِهِ عسلًا) ... ثم أتاهُ الثانيةَ ... فقال: (اسقِه عسلًا)... ثم أتاهُ الثالثةَ فقال: (اسقِه عسلًا) ... ثم أتاه فقال: قد فعلتُ ؟؟؟ فقال: (صدقَ اللهُ ... وكذبَ بطنُ أخيكَ ... اسقِه عسلًا) ... فسقاهُ فبرأَ " ... الراوي: أبو سعيد الخدري | المحدث: البخاري | المصدر : صحيح البخاري ... الصفحة أو الرقم: 5684 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ...
شرح الحديث:
خَلَقَ اللهُ العَسَل وجعَلَ فيه شِفاءً للنَّاسِ ... وجَعَل سبحانه للشِّفاءِ بِه أسبابًا أُخرى كتَكرارِ الشَّرابِ وغيرِ ذلك ممَّا يُقدِّره بحِكمتِه ... وفي هذا الحَديثِ يقولُ أبو سعيدٍ الخُدريُّ رضي الله عنه: أنَّ رجُلًا أَتى النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالَ: " أخي يَشتَكي بَطْنَهُ " ... أي: هو مريضٌ ووجعُه في بَطْنِه، فقالّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «اسْقِهِ عَسَلًا» أي: اسقِهِ عسلَ النَّحلِ ... فإنَّ فيه شفاءً، كما قال الله{فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} النحل 69 ... أيْ: من أَدواءٍ تُعرضُ لهم ... فسَقَى الرجُلُ أخاهُ عسلًا ثلاثَ مراتٍ فلمْ يَبرَأْ ... فكأنَّه شَكَّ في فائدةِ العَسلِ ... فقالَ بعدَ المرَّةِ الثالثةِ: قدْ فعلتُ ؟؟؟ أي: قد فعلتُ ما أَمرتني به وسقَيْتُهُ عسلَ النَّحلِ ولكنَّه لم يبرَأْ ... فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم:«صدَقَ اللهُ، وكذَبَ بَطْنُ أخيكَ، اسقِهِ عَسَلًا» ... أي: صدَقَ اللهُ فيما قالَهُ عن عَسلِ النَّحلِ {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} ... وكذَبَ بطنُ أخيكَ ... لأنَّه لم يَستجِبْ للدَّواءِ في المرَّات السابِقةِ فيَحْتاجُ إلى جُرُعاتٍ أُخرى ... فكرَّرَ: اسْقِهِ عَسلًا مرةً رابعةً ... " فَسَقاهُ فَبَرَأَ " ... أي فشفى ... فظهَر صِدقُ اللهِ وصِدقُ رَسولِهِ فيما أَخبرَ به ... ولكنَّ الشفاءَ لهُ أسبابٌ لا بدَّ مِن الأخْذِ بها، كتعدُّدِ جُرعات الدَّواءِ الكافية للقَضاءِ على المرضِ ... والحديث يوضح ضرورة الأخذ بالأسباب والسبل المؤدية الى الشفاء من الأمراض ... وفيه أيضاً لزومُ تَصديقِ كلِّ ما أخبَر الله عزَّ وجلَّ بِه.
إن هذا الحديث يبرهن على الثقةُ المطلقةُ من الرسول صلى الله عليه وسلم بما ورد في القرآن الكريم ... وأنه " وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ... إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى " النجم 3-4 ... ولماذا ؟؟؟ لأنه بالرغم من تكرار إخباره بعدم شفاء بطن المريض عدة مرات ... إلا أن الرسول أصر على استكمال العلاج بالعسل ... جازماً أَنَّ العسلَ لا بُدَّ أَنْ يشفيَ للرجلِ بَطْنَه بإِذْنِ الله ... ونَسَبَ الكذب لبطن المريض والصدق لله ... وبَرَأَ الرجلُ بالفعل وشفى تماماً بعد تناوله جرعة إضافية من العسل ... فمعظم الأمراض تحتاج إلى تكرار واستكمال جرعات الدواء حسب حالة المريض ... وصدق الله وكذبت بطن المريض.
وأنظر لدقة الفاظ واحكام الصياغة في القرآن الكريم ... إن القرآنَ لم يَقُلْ: إِنَّ العسلَ شفاءٌ لكلِّ الأَمراض ... إِنما ذَكرَ أَنه شِفاءٌ لبَعْضِ الأَمراض: " فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ " النحل 69 ... أي فيه وفى غيره شفاء للناس ... أما لو كانَ العسلُ هو الشِفاءً الوحيد لكُلِّ الأَمراضِ ... لقال القرآن: " هو الشِّفاءُ للناس " !!! إن القرآن بهذه الآية لفت النظر الى عظمة الخالق سبحانه ... وأن عادم صناعة الله الذي يخرج من بطن النحلة مفيد ... بل وفيه شفاء للناس ... هذا وننصح القارئ الكريم بالبحث على محرك البحث (جوجل) ليبحث ويقرأ عن عسل النحل وانواعه ومكوناته وخصائصه وفوائده ... ويعلم قدرة خالقه حتى في عادم صناعته الذي يخرج من بطن النحلة !!!!
لكن لا ندرى لماذا يبحث الناقد ويجهد نفسه في البحث عن مصادر الشفاء في شريعة غيره التي لا يؤمن بها سيادته ... ويحرم نفسه من التركيز على مصادر الشفاء المتوفرة في كتابه المقدس ... وكيف ؟؟؟ ورد فيانجيل مرقص 16/17-18 " وَهذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِي، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ ... يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ ... وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئًا مُمِيتًا لاَ يَضُرُّهُمْ ... وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ " ... أي أن المؤمنين من اتباع الكتاب المقدس مزودين ومنفردين بخاصية لا يتمتع بها غيرهم ... وهي أنهم " َيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ (أي يشفون) " ... وهذه بشرى بالشفاء التام والمؤكد والفوري لكل أصحاب الأمراض حتى المستعصية منها ... ونداء لأصحاب القلوب الرحيمة من المؤمنين بالكتاب المقدس والمحتم تواجدهم ... أن يبادروا بوضع أيديهم على هؤلاء المرضى فيشفونهم على الفور ... الأمر الذى سيعود على هؤلاء المؤمنين بالأجر والثواب بالطبع ... وعلى المرضى بالشفاء الفوري من المرض وتوفير نفقات العلاج ... مع خالص تحياتنا للسادة الأطباء الذين لن يجدوا من يعالجونهم حينئذ.
واللــــــــــــــــــــه تعالى أعلم وأعظم
يتبع بإذن اللــــــــــه وفضــــــــــــــله
المفضلات