الرد على السؤال رقم 7: جاء في سورة التوبة 60 " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "
جاء في كتاب المرشد في الدين الإسلامي الذي طبعته وزارة التربية والتعليم المصرية سنة 1946 عن محاربة مانعي الزكاة: أرسل الخليفة أبو بكر الصديق خالد بن الوليد لمحاربة مانعي الزكاة ... فقصد إلى البطاح لمقاتلة مالك بن نويرة ... وما زال به حتى صرعه ... وعاد قومه إلى إخراج الزكاة (صفحة 139).
ونحن نسأل: إذا كانت الزكاة ركناً من أركان الدين ... والدين لله ... فهل يُعتبر الدين ديناً قَيِّماً إذا كنا نمارسه لا رغبةً وتطوعاً بل جبراً وقسراً !!! إن زكاةً يجمعها سيف خالد بن الوليد وأمثاله ... يرفضها الله لأنها ليست إحساناً.

§ إن أبا بكر الصديق ومن حاربهم من المرتدين المعتدين مانعي الزكاة ... ينامون الآن تحت التراب منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان ... فلقد حارب أبو بكر الصديق آنذاك المرتدين مانعي الزكاة والمعتدين على الدولة التي كانت وليدة في مهدها ... والتي تأسست على المبادئ التي حددتها آخر رسالة من السماء لأهل الأرض ... أما هؤلاء فقد حاربوا هذه الدولة لأهداف دنيوية وقتية (وكما سنفصل لاحقاً) ... فماذا كان حصاد ذلك كله حالياً ؟؟؟ وأي مبادئ الفريقين المتحاربين عاشت واستمرت وانتشرت بل ورسخ الدهر بقائها ؟؟؟ وهل يخرج المسلمون الزكاة اليوم كما أخرجوها بالأمس ؟؟؟

§
لقد امتدت رقعة دولة الإسلام الوليدة هذه في غضون بضع عشرات من السنين من وفاة أبى بكر الصديق من الصين شرقاً الى باريس غرباً ... وحالياً يؤمن بالمبادئ التي دافع عنها أبو بكر ما يقرب من ربع سكان كوكب الأرض ... ويخرج غالبية القادرين منهم الزكاة ودون أن يشهر أحداً في وجوههم سيفاً ... وذلك إيماناً منهم أنها ركن من أركان الإسلام الخمسة ... بل والكل يرى أن المسلمين يقومون بشعائر الإسلام رغبة وتطوعاً ... لأنهم يتقربون بذلك الى الله ... ويفرحون لأنهم بذلك ينالون جنته ورضوانه ... هذا والإسلام حالياً هو أسرع الأديان انتشاراً في البلاد الصليبية (أي في أوربا وأمريكا) ...
ادخل في الرابط: http://www.ebnmaryam.com/vb/t20719.html

§ ولذلك رحم الله أمير الشعراء فقد قال:
الحربُ في حقٍ لديك شريعة ... ومن السمومِ الناقعاتِ دواءُ


§
لقد قاتل أبو بكر المرتدين المعتدين مانعي الزكاة ليس لإكراههم على دفع الزكاة جبراً وقسراً ... بل لأنهم ارتدوا جماعة لإحداث فتنة والانقضاض على الدولة الإسلامية ... واعلنوا ذلك قبل اعلانهم عن ردتهم عن الإسلام ... بمعنى أنهم اعلنوا الخروج على المسلمين والحرب عليهم قبل أن يعلنوا عن المعتقد الجديد الذى يمارسونه ... فكانت ردتهم غطاء للعمل الحربى الذى أعلنوه ... إذن فالأمر هنا ليس حرية اختيار لمعتقد ولكن كان قتالهم دفاعي لوقف الفتنة وليس قتال لردة أو لمنع زكاة فقط ... ولو لم يفعل أبو بكر ذلك لانتهت الدولة الإسلامية في مهدها ... ولكن لم يحدث ذلك القتال مع افراداً دخلوا الإسلام ثم خرجوا منه واختاروا غير الإسلام ديناً ... ولم يقتل أحد منهم بوصف الردة ...

§
إن من الجدير بالذكر أن أهل الردة من مانعي الزكاة كانوا هم البادئين بالعدوان على المدينة ... وأيضاً تم العدوان وقتل المسلمين الذين ظلوا على إسلامهم في القبائل المرتدة ... هذا فضلا عن الامتناع المسلح عن طاعة الخليفة ... ولذلك فهم يعدون في التشريع الإسلامي بغاة ... أي الجماعة التي تنصب القتال لولي الأمر ... وقد قال بعض علمائنا: إن من جحد شيئا مما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعي إليه فامتنع ونصب القتال يجب قتاله وقتله إذا أصر للحفاظ على أمن وسلامة الدولة ومواطنيها وممتلكاتها ... وإن أبا بكر رضي الله عنه إنما قاتلهم ولم يعذرهم بالجهل ... لأنهم نصبوا القتال فجهز إليهم من دعاهم إلى الرجوع ... فلما أصروا قاتلهم ... وفي زماننا المعاصر الا يعد الخروج على سلطان الدولة خرقا لدستورها وتهديدا للنظام الذي قامت عليه ... ويستوجب ذلك أقصى واشد العقاب ؟؟؟

§
إن هذا يعني أنَّ حُرُوْبُ الرِّدَّة لا يعدو كونها إلا مُجرَّد حملات شنَّها المُسلمون على حركاتٌ سياسيَّةٍ انفصاليَّة وعدوانية مسلحة على دولة المدينة المُنوَّرة التي أسَّسها الرسول مُحمَّد ... وعلى قُريش التي تسلَّمت زعامة هذه الدولة بِمُبايعة أبي بكرٍ الصدِّيقبِخلافة المُسلمين ... فضلاً على قتل المرتدين للمسلمين الذين حافظوا على اسلامهم داخل القبائل المرتدة ... هذا وقد كانت تلك الحركات الانفصالية تسعى للعودةٌ إلى نظام العصبيَّات القبليَّة الذي كان سائدًا في الجاهليَّة ... وإلى استرجاع مُلكٍ أو سُلطانٍ فقده البعض ... هذا وقد اتخذت هذه الحركة قناعًا زائفًا من الدين لِتستقل عن سُلطة المدينة المُنوَّرة ... فكان لا بُدَّ من الصِّدام المُسلَّح بينها وبين الإسلام ... وبانتهاء حُرُوبِ الرِّدَّة توحَّدت كامل شبه الجزيرة العربيَّة وحتى يومنا هذا تحت راية الإسلام ... ولا نرى ولا نسمع اليوم عن جماعات ترتد عن الإسلام أو تعلن عدم اقتناعها بإخراج الزكاة لمستحقيها ...


§ لقد سأل الناقد: إذا كانت الزكاة ركناً من أركان الدين ... والدين لله ... فالله يرفض الزكاة بأسلوب يمارس جبراً وقسراً بسيف خالد بن الوليد وأمثاله ... لا رغبةً وتطوعاً ... ونقول لسيادته وهل ترى أحداً في كوكبنا هذا اليوم يجمع الزكاة من المسلمين بسيف خالد بن الوليد أو بسيف أمثاله ؟؟؟ الإجابة لا بالطبع ... إن سيف خالد كان لرد العدوان الذي وقع على المسلمين في حينه وليس لجمع الزكاة كما فصّلنا ... ودليل ذلك أن لا وجود لسيف خالد أو أمثاله اليوم ... والكل يرى حالياً أن القادرين من المسلمين مازالوا يدفعون زكاة أموالهم دون أي اجبار عليهم من أحدٍ بل رغبةً وتطوعاً ؟؟؟

§
لقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أخذ أي مال من أي أحدٍ إلا عن طيب نفس منه فقال: ... " أَلَا لا تَظْلِموا ... أَلَا لا يَحِلُّ مالُ امرِىءٍ إلا بِطِيبِ نفسٍ منه " المحدث: الألباني | المصدر: تخريج مشكاة المصابيح الصفحة أو الرقم: 2875 ... إذن فيحرم أخذ أي مال من غير رضا صاحبه ولو كان ذلك بسيف الحياء ... فما بالنا بحرمة أخذ المال بالسيف الحسي أي بالإكراه !!!

§ إن من الملاحظ أن الآية الكريمة التي استدل الناقد بها ...
" إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ... " التوبة 60 ... استخدمت لفظ " الصدقة " للدلالة على الزكاة ... فلماذا سميت صدقة ؟؟؟ لقد سُميت بذلك لأنها تدل على صدق طلب صاحبها لرضا الله عزّ وجل ...لأنها دليل على صدق إيمان المزكي ... وذلك لأن المال محبوب للنفوس ... والمحبوب لا يبذل إلا ابتغاء محبوب أكثر منه ... ولهذا سميت صدقة ...

§
ولا ينكر عاقل أن الزكاة التي يدفعها القادرون اليوم من المسلمين والتي قال الرسول عنها ... " أن اللهَ افتَرَضَ عليهم صدقةً في أموالِهم ... تُؤْخَذُ مِن أغنيائِهم وتُرَدُّ على فقرائِهم " صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 1395 ... إن هذه الزكاة تجعل المجتمع الإسلامي كأنه أسرة واحدة ... يعطف فيه القادر على العاجز ... والغني على المعسر ... فتحجّم الجرائم المالية ... ويشعر الإنسان بأن له إخواناً يجب عليه أن يحسن إليهم كما أحسن الله إليه ... قال تعالى ... " وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ " القصص 77 ... وبذلك يصبح المجتمع وكأنه عائلة واحدة ... وهذا ما يعرف حديثاً بالتكافل الاجتماعي ... إذن فالزكاة هي خير ما يكون لذلك ... لأن الإنسان يؤدي بها فريضة ... وينفع بها المجتمع في نفس الوقت.

§ من ناحية أخرى فإن زكاة المال في الإسلام مثلاً تجب على المال الذي بلغت قيمته ما يعادل قيمة خمسة وثمانون جراما من الذهب أو ما يزيد ... ومرت عليه في حيازة مالكه مدة سنة كاملة (الأمر الذي يبرهن عدم الاحتياج اليه) ... حينئذ وجب اخراج زكاة هذا المال بواقع 2.5% من قيمته ...

§
أما في المسيحية وكما ورد في كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنودة الثالث: " كل مال يصل إليك ... افرز (خصص) عشره للرب سواء كان مرتبك الثابت ... أو موارد أخرى إضافية ... أو منحًا أو موارد طارئة ... سواء كان مالًا أو أشياء عينية تعرف قيمتها ويدفع عشرها ... الكل تخصم عشره ... وتفرزه في صندوق خاص بالرب ... ولا تقع في الخطأ الذي يقع فيه كثيرون: إذ ينفقون من إيراداتهم أولًا، ثم يفحصون هل تبقى لله شيء أم لم يتبق !!! جاعلين استحقاقات الرب في آخر القائمة، أو قد ينسونها !!! أو يعتبرون مصروفاتهم الأخرى تحت قائمة الضروريات ... أما نصيب الرب، فمن الكماليات أو من الفائض !!! أما أنت فاخصمه من إيرادك مباشرة، كما تخصم منك أمور رسمية معينة .... واعلم أن العشور هي الحد الأدنى في العطاء. " انتهى ما ورد في كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنودة الثالث


واللــــه أعظم وأعلم
يتبع بإذن اللــــه وفضـــله