الحمد لله ؛

أخي د ربيع ؛ موضوع الزمن من مواضيع الخطيرة والعميقة والدقيقة التي يعسر على العقل تفهمها وتتبعها بالمنطق قديما وحديثا ؛ بل إن هذا المفهوم زاد تشجنا وتعقدا بعد النظريات الأخيرة والتي تستلهم من النظرية النسبة التي ثبتت صحتها .

وإن الأمر يزداد تعقدا عندما يتعلق بالباري جل جلاله .. لأننا حين نفكر في الأشياء ؛ فإننا نفكر بخلفية يتحكم فيها _بشكل مستحكم جدا_ بُعدا الزمان والمكان . وهذا التثبيط هو مظهر واحدٌ من مظاهر القصور في التجريد الذي نحتاج إلى التحلي به لدى النظر في القضايا الفلسفية أو اللاهوتية ؛ وقلة قليلة من الناس هي التي تتحلى بالتجريد ..

هذا هو الإشكال .

فالزمن مفهوم مرتبط وجوديا بالمادة وبالحركة والفعل ؛ والله تعالى هو خالق هاته الأشياء ؛ فهو خالق الزمن ؛ والزمن حادث ؛ ولذلك فإثبات الزمن في حق المولى على مستوى الذات (لا الفعل والتجلي) نقص وتشبيه ؛ وليس ابن تيمية حجة في ميدان التوحيد والعقيدة وإن كنت أعترف له بمكانة عالية في الفقه والحديث . فإنني لما تتبعت الموضوع العقدي بالبحث وطالعت ما قاله ابن تيمية وجدته قد انزلق في مزالق خطيرة وضيقة جدا ؛ ومنها قوله بالقدم النوعي للعالم .. وأصل الإشكال عنده (وعند غيره) هو "تصوُّر" الرب مِن خلف سجاف الزمان والمكان ؛ وخاصة وأن هذا "التصوّر" تغذيه كل آيات الصفات الواردة في القرآن الكريم ؛ وكذا الصفات الخبرية الواردة في بعض الأحاديث الصحيحة ..

فالله تعالى إذا كان _مثلا_ كلم موسى في زمن مكان مخلوقين ؛ فهو سبحانه فوق الزمان والمكان ؛ فوقيةً ذاتية ..

فمن الخطأ _أخي د أحمد_ أن نقول بأن ليس في إثبات الزمن في حق الله نقص ؛ كما من الخطأ أن نقول بأن الله له مكان يحلُّ به ؛ وليس ينفعنا التلفيق والتبرير السخيف أن مكانه سبحانه لا كالأمكنة أو زمانه لا كالأزمنة ؛ فهذا الكلام فراغ وروغان ..