

-
الرد على السؤال رقم 3: الادعاء بهضم الإسلام لحقوق المرأة في المعاملة الزوجية والشهادة والميراث
أولاً: جاء في سورة النساء 34 " وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا " ... فلماذا يقنّن القرآن للرجل أن يضرب زوجته؟
§ إن المرأة هي نصف المجتمع وهي التي تربى النصف الاخر وهي الام والاخت والزوجة والابنة ... بل وهي مصدر الحنان والعاطفة في الحياة كلها ... ولذلك جعلها الله سكناً للزوج وجعل بينهما مودة ورحمه ... " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ َزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّـقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "الروم 21 … إذن فأصل العلاقة الزوجية هي السكن والمودة والرحمة بين الزوجين وليس الضرب كما حاول الناقد ان يوهم القارئ السطحي بذلك.
§ لقد كرم الإسلام الزوجة حينما تصبح أماً بما لم يكرّم به الزوج عندما يصبح أباً فجعل ... " الجنَّةُ تحت أقدامِ الأمَّهاتِ " مختصر المقاصد 348 ... فإذا كان ذلك كذلك فهل يكون ضرب الزوجة هو الأصل في الإسلام ... الاجابة ... لا بالطبع ... إذن فكيف ؟؟؟
§ إن أصل علاقة الزوج بزوجته في الاسلام هي علاقة سكن ومودة ورحمة كما ذكرنا مبنية على الآتي وعلى سبيل المثال:
" وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا " النساء 19
" فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان "البقرة 229
" خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي " المحدث: الألباني المصدر: صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم: 1925
" استوصُوا بالنِّساءِ خيرًا " صحيح الجامع 960
" لا تكسرِ القواريرَ ... يعني ضعفةَ النساءِ " صحيح مسلم 2323 ... لقد شبه الرسول النساء بالزجاج الذي يخشى عليه من الكسر.
§ وهكذا ... فالأصل في الإسلام تكريم المرأة والمحافظة عليها وعلى ضعفها ورقتها حتى أنها شُبهت في رقتها بالزجاج الذي يخشى عليه من الكسر ... وقد خصص القرآن الكريم سورة أسماها " سورة النساء " تتحدث عن العدل والرحمة مع المستضعفين في الارض وخاصة النساء ... والاسلام هو الذي كرم المرأة واعاد اليها كرامتها بعد ان كانت مهانة وذليله وبلا قيمه في كل الامم التي عاصرت او سبقت عهد النبي ... فقد كانت مهانة عند الاغريق والرومان والفرس وغيرها من الحضارات القديمة ... وجاء الاسلام ليضع المرأة في مكانها الطبيعي وليغير الصورة تماما …
§ وإذا كان ذلك هو منهج الاسلام الذي يفرضه على الزوج ... إذن فما هو المطلوب من الزوجة من واجب في المقابل ... إن المطلوب قد ذكر في نفس الآية التي استدل الناقد بجزء منها " فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ " النساء 34 ... أي فالصالحات المستقيمات على شرع الله منهن، مطيعات لله تعالى ولأزواجهن ... حافظات لكل ما غاب عن علم أزواجهن بما اؤتمنَّ عليه بحفظ الله وتوفيقه ... التفسير الميسر
§ فإذا كان هذا هو المطلوب من الزوجة تجاه زوجها في الإسلام ... فما هو مقابل ذلك في الكتاب المقدس ؟؟؟ إنه الآتي:
" أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ ... لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّـصُ الْجَسَدِ ... وَلكِنْ كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، كَذلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ. "أفسس 5/22-24 ... أي أن الكــتاب ساوى بين الرجل والرب في خضوع المرأة.
على المرأة السكوت: " لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ ... وَلكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ " تيموثاوس الأولى 2 / 11-12
" لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ ... لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ، بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا ... وَلــكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا، فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ. " كورنثوس الأولى 14/34-35
" وَلكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ، لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ .... وَآدَمُ لَـمْ يُغْوَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي. " تيموثاوس الأولى 2/12-14
" فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ ... وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مــِنَ الْمَرْأَةِ ... بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ ... وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ، بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ. " كورنثوس الأولى 11/7-9
§ إذن فمنهج الزوجة المسلمة الصالحة هو ... " فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ " النساء 34 ... وفى مقابل ذلك ستحظى بما فرضه الإسلام على زوجها وذكرناه من معاملة راقية ورقيقة وكأنه يتعامل مع زجاج يُخشى عليه من الكسر ... وهذا هو المنهج العام والمفروض أن تسير عليه العلاقة الزوجية في الاسلام ... لأن الزوجان في البداية اختارا وارتضيا أن يكون عقد زواجهما طبقاً لسنة الله ورسوله الكريم وليس طبقاً لأي سنة أخرى ... والمفروض أنهما أخذا في الاعتبار قبل زواجهما المنهج الذى حدده الاسلام أيضاً في اسلوب اختيار كل شريك للآخر ... أما بخلاف ذلك فلا يُسأل الإسلام عنه.
§ وبالرغم من ذلك لم يغفل الإسلام عن وصف الدواء لمرض طارئ قد يحدث وان يعتري الحياة الزوجية لا قدر الله ... وهو المرض الذي تتحدث عنه الآية الكريمة التي استدل بها الناقد وهو مرض " نشوز الزوجة " ... وبديهياً يتناول المريض (وليس الصحيح بالطبع) الدواء فترة علاجه من المرض ولكن ليس بخلاف ذلك ... فما معنى ذلك ؟؟؟
§ إن النشوز من «نشز» أي ارتفع في المكان ... ومنه «النشز» وهو المكان المرتفع ... والنشاز حتى في النغم هو: صوت خارج عن قواعد النغم فيقولون: هذه النغمة النشاز، أي خرجت عن قاعدة النغمة التي سبقتها ... والمرأة الناشز هي المرأة سيئةِ الخلق والدين الخارجة عن المألوف والمتعالية والمتكبرة والمتغطرسة على زوجها ... (وهذا النوع هو الذى يحتاج الى ما سنذكره من علاج ... وهو فقط الذي تتحدث عنه الآية الكريمة ... أما النساء الصالحات فلا يشملهن ما سنذكره من علاج إطلاقاً) ... فهل من الحكمة أن يترك هذا الصنف من النساء الناشزات ليضر نفسه بل ويضر الاسرة بكاملها دون أي علاج لهن إذا بدت عليهن بوادر لهذا المرض ... أم الحكمة تقتضى أن يتناولن الدواء المناسب من صيدلية الرحمن ؟؟؟
§ إن هذا الدواء هو دواء متدرج يبدأ بجرعات العظة الحكيمة آخذين في الاعتبار ما سبق وأن ذكرناه من ضرورة التعامل مع النساء معاملة راقية ورقيقة تتناسب مع طبيعتها العاطفية ... وكأننا نتعامل مع زجاج يُخشى عليه من الكسر ..." وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ " ... وبهذا الأسلوب الرقيق فإن نسبة كبيرة ممن أصبن بمرض النشوز سيشفين من مرضهن.
§ ولكن قد يتبقى بعد ذلك من لا يستجبن لجرعات العظة الحكيمة ... وتحتاج الى دواء أشد تركيزاً وفاعلية ... ومنهن اللاتي يستخدمن أنوثتهن للمحافظة على هذا التكبر والتعالي على الزوج ... ومن هنا جاءت المرحلة الثانية للقضاء على مرض النشوز وهو " وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ " ... وليس " وَاهْجُرُوهُنَّ من الْمَضَاجِعِ " ... ولماذا ؟؟؟ حتى تعرف هذه المرأة أن أنوثتها لا تمكنها من الاستمرار في مرضها ... وأيضاً لجعل الخلاف محصوراً دائماً بين الرجل والمرأة فقط ولا يطلع عليه أحد ... هذا وقد يحدث بينهما عاطفة ليتم الشفاء لنسبة أخرى كبيرة ممن أصبن بمرض النشوز ...
§ سيتبقى بعد كل ذلك نسبة قليلة ناشزة لم تستجب للجرعات السابقة ... فما هي البدائل المتاحة للتعامل معهن حينئذ ؟؟؟ اولاً: الصبر عليهن مع مداومة العلاج بالجرعات السابق ذكرها " وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " التغابن 14 ... ثانياً: الاستمرار تحت سطوة هذه الزوجة الناشز (لو كانت الشريعة الاسلامية تحرم الطلاق كما تحرمه المسيحية) ... ثالثاً: تقليد غير المسلمين بأن ينفصلا انفصالا جسديا، ويرتبط الرجل بأخرى عاطفيا وكذلك المرأة، ويظل رباط الزوجية شكليا.
§ والبديل الأخير: هو استخدام الزوج آخر وسائل الإصلاح وهو إصدار انذار فعلى وليس قولي وبأسلوب مختلف لتعلم بموجبه هذه المرأة الناشز (التي لم يجدي معها علاج المراهم المذكور) أن مشرط الجراح للعلاج (وهو الطلاق) قادم ولا محالة لعلها ترجع لصوابها ... وهذا الانذار يكون بضرب التحذير وليس ضرب التعذيب ... وما معنى هذا ؟؟؟
§ إن الإسلام لم يترك ضرب التحذير هذا الذي ذكرناه دون ضوابط ... وإذا رجعنا لتفسير الشعراوي لذلك سنجد ... " أي يكون ضربا خفيفا يدل على عدم الرضا ... ولذلك فبعض العلماء قالوا: يضربها بالسواك (وهو عود صغير لو ضرب به طفل لما تأذى) ... وقد علمنا ربنا هذا الأمر في قصة سيدنا أيوب عندما حلف أن يضرب امرأته مائة جلدة، قال له ربنا: " وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ "ص 44 ... والضغث هو الحزمة من الحشيش يكون فيها مائة عود ... ويضربها ضربة واحدة فكأنه ضربها مائة ضربة وانتهت ... فالمرأة عندما تجد الضرب مشوبا بحنان الضارب فهي تطيع من نفسها " ... انتهى تفسير الشعراوي
§ أما بخلاف ذلك من اساليب الضرب فالإسلام لا يقره ... بل ومن حق الزوجة أن تشتكي للقاضي فيعاقب الفاعل ... وعلى الحكمان (اللذان ذكرتهما الآية التي أعقبت الآية التي استدل بها الناقد) أن يراجعا الزوج في ذلك ... وإلا وقع الحكمان في الإثم ... " وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا "النساء 35
§ إن اسوة الزوج المسلم يجب أن تكون رسول الله ... " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ " الأحزاب 21 ... ولذلك فعلى الزوج المسلم أن يتبع بالطبع منهجه ... اسمع الى ... " ما ضرب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ شيئًا قطُّ بيدِه ولا امرأةً ولا خادمًا ... إلا أن يجاهدَ في سبيلِ اللهِ " صحيح مسلم 2328 ... واسمع أيضا لحديثه" لقد طافَ الليلَةَ بآلِ محمَّدٍ نساءٌ كثيرٌ ، كلُّهُنَّ تشكو زوجَها مِنَ الضَّرْبِ ، وأيمُ اللهِ لَا يَجِدونَ أولئكَ خيارَكُم ( أي ليسوا خياركم) " صحيح الجامع 5137 ... هذا وقد نهى الرسول عن ضرب الوجه والتقبيح للزوجة ..." قلتُ يا رسولَ اللهِ !!! ما حقُّ زوجةِ أحدِنا عليه قال أن تُطعمَها إذا طعِمتَ وتكسوَها إذا اكتسيْتَ ... ولا تضربَ الوجهَ ولا تُقبِّحَ ولا تهجُرَ إلَّا في البيتِ " الترغيب والترهيب 3/96
§ إن الضرب ليس هدفاً ولكنه بمثابة الإنذار الأخير قبل إنهاء العلاقة الزوجية ... هذا إذا استمرت الزوجة في النشوز بالرغم من كل وسائل العلاج المتدرجة كما ذكرنا ... أما إذا استجاب المريض للدواء فحينئذ نكمل قراءة الآية ... " فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ... إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا " النساء 34 ... أي فإن رجعن إلى طاعتكم بأي سبيل من هذه السبل الثلاث ... فلا تتطلبوا السبيل التي هي أشد منها بغياً عليهن ... إن الله فوقكم وينتقم منكم إذا آذيتموهن أو بغيتم عليهن ... تفسير المنتخب
ثانياً:جاء في سورة البقرة 282 " وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى " ... فلماذا تكون شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد، مع أنها في أحيان كثيرة قد تفوق رجلها في العقل والثقافة والشخصية؟
§ لقد خلط السيد الناقد (بعلم أو بدون علم) بين " الشهادة " وبين " الإشهاد " الذي تتحدث عنه هذه الآية الكريمة ... فالشهادة هي التي يعتمد عليها القضاء في اكتشاف العدل المؤسس على البينة في حكمه بين المتنازعين ... وأيضاً استخلاصه من ثنايا دعاوى الخصوم ... ويشترط في ذلك عدالة الشاهد ... وأن يكون بين الشاهد والواقعة التي يشهد فيها صلة تجعله مؤهلا للدراية بها والشهادة فيها ... فإن لم يتحقق الشرطان أو أحدهما ردت الشهادة، ذكرا كان الشاهد أو أنثى ...
§ ولذلك لا تتخذ الشهادة من الذكورة أو الأنوثة أساساً لصدقها أو كذبها، ومن ثم قبولها أو رفضها ... وإنما معيارها تحقق اطمئنان القاضي لصدق الشهادة بصرف النظر عن جنس الشاهد، ذكرًا كان أو أنثى، وبصرف النظر عن عدد الشهود ... فالقاضي إذا اطمأن ضميره إلى ظهور البينة أن يعتمد شهادة رجلين، أو امرأتين، أو رجل وامرأة، أو رجل وامرأتين، أو امرأة ورجلين، أو رجل واحد أو امرأة واحدة ... ولا أثر للذكورة أو الأنوثة في الشهادة التي يحكم بها القضاء بناءً على ما يُقدم له من البيّنات ...
§ لقد وضعت الشريعة الإسلامية القاعدة التي يحكم القاضي بناء عليها ... استنادا على حـديث رسـول الله صـلى الله عـليـه وسلم " البينة على المدعى ... واليمين على المدعى عليه " الترمذي 1341 ... والبينة في الشرع هي ما يبيّن الحق ويظهره، وهى تارة تكون أربعة شهود، وتارة ثلاثة، وتارة شاهدين، وشاهد واحد، وامرأة واحدة، وتكون نُكولاً (أي بالامتناع عن اليمين) ... ويمينًا، أو خمسين يميناً أو أربعة أيمان ... وتكون شاهد الحال ... فقوله صـــلى الله عليه وسلم " البينة على المدعى " ... أي علي المدعى أن يظهر ما يبيّن صحة دعواه ... فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حُكِم له ... وكما تقوم البينة بشهادة الرجل الواحد أو أكثر، تقوم بشهادة المرأة الواحدة، أو أكثر، وفق معيار البينة التي يطمئن إليها ضمير الحاكم – القاضي ... ابن القيم [الطرق الحكمية في السياسة الشرعية] ص34. تحقيق محمد جميل غازي ... طبعة القاهرة سنة 1977م.
§ أما آية سورة البقرة التي ذكر الناقد جزءاً منها فإنها تتحدث عن أمر آخر غير " الشهادة " أمام القضاء في المنازعات ... إنما تتحدث عن " الإشهاد " في موقف مالي خاص يراد فيه أن يطمئن من أعطى مالاً لغيره كديْن عليه أن يستوثق لماله ... وهذا يكون بكتابة هذا الدَّيْن المستحق ... وأن يستشهد شهوداً عليه ... وكل ذلك ضماناً لعدم ضياع الحقوق ... ولذلك فهذه الآية موجهة لصاحب الحق في المال (الدَّيْن) وليس إلى القاضي الحاكم في النزاع ...
§ بل إن هذه الآية لا تتوجه إلى كل صاحب حق (دَيْن) ولا تشترط ما اشترطت من مستويات الإشهاد وعدد الشهود في كل حالات الدَّيْن ... وإنما توجهت بالنصح والإرشاد فقط إلى دائن خاص ... وفى حالات خاصة من الديون، لها ملابسات خاصة
نصت عليها الآية ... فهو دين إلى أجل مسمى ... ولابد من كتابته ... ولابد من عدالة الكاتب ... ويحرم امتناع الكاتب عن الكتابة ... ولابد من إملاء الذى عليه الحق ... وإن لم يستطع فليملل وليه بالعدل ... والإشهاد لا بد أن يكون من رجلين من المؤمنين ... أو رجل وامرأتين من المؤمنين ... وأن يكون الشهود ممن ترضى عنهم الجماعة ... ولا يصح امتناع الشهود عن الشهادة ... وليست هذه الشروط بمطلوبة في التجارة الحاضرة ... الى أخره ...
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ... وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ... وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ ... وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ... فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ... وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ... وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ... وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا ... إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ... وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ... وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ... وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ... وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ... وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " البقرة 282
§ ولا شك أن في غالب الأحوال في مثل هذه المعاملات المالية المتخصصة يكون الرجل وبحكم عمله أكثر دراية بتفاصيلها وملابساتها من المرأة ... لأن الغالبية منهن (وليس لنقصٍ فيهن) لا يعنيهن ذلك ولا يلفت انتباههن ... فمحافظة من الإسلام على الحقوق وحماية للمرأة من السهو والنسيان مما لا تنشغل به غالبيتهن ... قوّيت المرأة بأختها.
§ إن من الجدير بالذكر أن أعظم ما نملك من شهادة في الكون كله هي الشهادة على وحي السماء للأرض ... وفى هذه الشهادة تتساوى تماماً شهادة المرأة مع شهادة الرجل ... والدليل على ذلك الشهادة على ما نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية الأحاديث النبوية الشريفة ... وهذا ما أجمعت عليه الأمة ومارسته جيلاً بعد جيل ... وكما هو معروف أن الحديث الذي روته السيدة عائشة وشهدت عليه يعامل كالحديث الذي رواه أبو هريرة وشهد عليه ... فلا فرق في ذلك بين المرأة والرجل ...
يتبــع بإذن اللــــــــه وفضله بثالثاً
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 22
آخر مشاركة: 10-01-2015, 10:48 AM
-
بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 24
آخر مشاركة: 13-11-2014, 11:01 AM
-
بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 21-06-2014, 06:01 PM
-
بواسطة فداء الرسول في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 29-05-2014, 11:30 AM
-
بواسطة دفاع في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 12-07-2008, 06:50 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات