بعيداً عن اللت والعجن إللي سعادتك ما زلت تكتبه وتهرب من الرد ، والتفسير ببساطة أنك لا تملك الحل لمثل هذه المشاكل ، إذا كان علماءك وجهابذة الكنيسة عجزت عن وجود حل لهذه المعضلة فهل سيكون عندك الحل ! ، وما زال المسيحيون يحسدون المسلمين على الطلاق ... وببساطة لأن الشريعة الإسلامية هي شريعة رب العالمين الصالحة لكل زمان ومكان وتحت أي ظروف .
ما يهمني هو قولك :
متشكرين جداً ، جوابك وصل
دعني لو سمحت ان اطرح عليك نبذة عن حكمة مشروعية الطلاق في الإسلام ، لترى بنفسك الفارق يا عزيزي .
.
الزواج هو اللبنة الأولى في بناء المجتمع ، والمجتمع لا يكون قوياً الا اذا كان أساسه متيناً مترابطاً متماسكاً ولهذا قدس الاسلام الزواج فسماه ميثاقاً غليظاً ، ووضع له من القواعد ما يضمن فيه بقاءه واستمراره ، فجعله مبنياً على الاختيار المطلق دون اكراه لأنه عقد رضائي لا يتم الا بارادتين ، وحرم التوقيت فيه لأنه عقد أبدي ، ولتنافيه مع الاستقرار المنشود منه . وليطمئن الزوجان على ان مصيرهما أصبح واحداً لا انفكاك له .
فمن الأمور التي يحققها الزواج بين الزوجين السكن والمودة والرحمة .
قال الله تعالى : {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم:21)} . ومن ثمرات الزواج بل من أهدافه الكبرى التناسل ، قال تعالى : {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (الكهف:46)} .
وقال رسول الله: تزوَّجوا الودودَ الولودَ فإنِّي مُكاثرٌ بكمُ الأممَ يومَ القيامةِ .
وقد اوصى الله تعالى كلاً من الزوجين ان يعاشر الآخر بالمعروف ، قال تعالى : {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (النساء:19)} . وقال ايضاً جل وعلا : {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ (البقرة:228)} .
ولهذا كان من أسس الزواج في الاسلام : الاختيار المطلق حين الزواج ومن أهدافه السكن والمودة والرحمة بين الزوجين ، والتناسل ، والمعاشرة بالمعروف .
ولكن قد تطرأ احياناً عل العلاقة الزوجية امور تجعل الحياة بين الزوجين مصدر شقاء وخصام وشقاق . فمن ذلك ان يتبين للمرء انه قد اخطأ في اختياره شريكة حياته فيرى اخلاقاً وطباعاً تخالف اخلاقه وطباعه ولا يستطيع ان يتلائم معها .
وقد ترى الزوجة من زوجها قسوة في المعاملة او قد تطلع على ما لا يرضيها من سلوكه وأخلاقه بحيث لو عرفت ذلك قبل الزواج ما قبلت به زوجاً وشريكاً لحياتها .
وقد لا يحقق الزواج غاياته الكبرى فقد يطرأ على القلوب ما يغيرها ويبدلها فتنقلب المودة بغضاً والسكن كراهية والرحمة قسوة .
وقد يجد أحدهما صاحبه عقيماً لا يرجى منه نسل فقد تكون بعض الزوجات عقيماً مع زوج وولوداً مع آخر والزوج كذلك قد يولد له من زوجة ولا يلد له من اخرى .
وقد يصاب أحدهما بمرض معد او مخوف او منفر مما لا يستطاع معه دوام العشرة الزوجية فتصعب او تستحيل المعاشرة بالمعروف التي أمر بها القرآن الكريم .
والنتيجة الطبيعية لمثل هذه الأمور ان يحل الخصام والشقاق في الحياة الزوجية محل الاستقرار والطمأنينة ويصبح العش الزوجي الذي كان الامل الذي يراود خيال الزوجين بالسعادة والنعيم والهناء ، مصدراً للشقاء والجحيم والنزاع وسبباً لضرر كل من الزوجين . لأن الزوج يلزم بالنفقة والسكنى والزوجة تحبس عن الزواج فلا تستطيع ان تتزوج لأنها لا تزال زوجة .
فما العلاح لمثل هذه الحالات الطارئة ؟
جاء الاسلام فأمر الزوجين – حرصاً على عدم انفكاك هذه الوحدة الزوجية – أن يصبر أحدهما على الآخر ما استطاع الى ذلك سبيلاً ، قال تعالى : {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (النساء:19)} .
قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية : { فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } فلعلكم أن تكرهوهنّ، فتـمسكوهنّ، فـيجعل الله لكم فـي إمساككم إياهنّ علـى كره منكم لهنّ خيراً كثـيراً من ولد يرزقكم منهنّ، أو عطفكم علـيهنّ بعد كراهتكم إياهن.
كما أمر الله سبحانه ببعث حكمين من أهل الزوج والزوجة اذا ما طرأ الشقاق والنزاع بين الزوجين ليعملا جهدهما بالاصلاح بينهما الى آخر ما وضعه الاسلام من محاولات ليحول دون انفصال هذين الزوجين اللذين ارتبطا بعقد قدسه الله .
قال الله تعالى : {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (النساء:35)} .
أما اذا لم يجد العلاج وتعذر الشفاء فاستحال انقاذ الحياة الزوجية وعودها الى ما يجب أن تكون عليه فما العمل حينئذ ؟
أمامنا ثلاثة حلول :-
1) بقاء الحياة الزوجية بهذه الحالة التي وصفنا بعضها ، ومعنى ذلك استمرار الشقاق والنزاع بين الزوجين .
2) أو الانفصال الجسدي حيث يعيش كل من الزوجين بعيداً عن الآخر مع بقائه مرتبطاُ بعقد الزواج بحيث لا يستطيع احدهما ان يتزوج .
3) أو الطلاق .
وقد اختار الاسلام نظام الطلاق حين تضطرب الحياة الزوجية ولم يعد ينفع فيها نصح ولا صلح . وحين تصبح رابطة الزواج صورة من غير روح لأن الاستمرار معناه ان نحكم على احد الزوجين بالسجن المؤبد وهذا ظلم تأباه روح العدالة بل قد يكون وسيلة لارتكاب ما حرم الله من أمور في سبيل التخلص من هذا الجحيم الذي لا مخرج منه ، قال الله تعالى : {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ (النساء:130)} .
.
نقلاً عن الأستاذ الدكتور / عبد الرحمن الصابوني –بتصرف بسيط
.
تفضل اطرح سؤالك إن أردت
المفضلات