تاسعا : اعلم أن الإسلام لا يمنعك أن تبر أقاربك إن ظلوا على دينهم وخاصة أبويك فهما أحق الناس بحسن صحابتك ولهما فضل عليك والإسلام لا ينكر لأهل الفضل فضلهم وأخبر أبويك أنك ما زلت ابنهم وأن علاقتك معهم ستكون كما هي أو أفضل من ذي قبل لكن إن أمراك بمعصية فلا تطعهما فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. قال تعالى " وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "

عاشرا : إذا أعلنت إسلامك رسميا وألزمتك سلطات بلدك بحضور جلسة مع القساوسة لمناقشتك في قضية إسلامك فاثبت وتوكل على الله واعلم أن الله الذي هداك للإيمان هو وحده القادر على أن يثبت الإيمان في قلبك فأكثر من الدعاء والتضرع إلى الله وعليك بقراءة الآيات التي تتحدث عن المسيح عليه السلام والنصارى وتلاوتها عليهم في هذه الجلسة وتذكر أنهم سوف يختلقون لك الأكاذيب والافتراءات عن الإسلام وربما يذكرون لك أمثلة ملفقة عن أناس أسلموا ثم ارتدوا-فقد كذبوا كثيرا من قبل- فكن مستعدا لذلك كله وإن خاضوا معك في أمور لا علم لك بها فلا تجبهم وأكثر من ذكر الله وتلاوة آيات القرآن

ويبقى أن نقدم بعض النصائح الخاصة لحالات معينة من الناس لا يخرج عنهم الإنسان في الغالب

إذا كنت رب أسرة فاعلم أن أهلك أمانة في عنقك يجب أن تقوم بشكر نعمة الله أن هداك للإسلام بأن تقدم لهم الإسلام في أحسن صورة . قال الله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ " فكما ورث أبناءك منك النصرانية جاهد أن تحبب إليهم الإسلام وترغبهم فيه وابدأ بأحب أبنائك إلى قلبك وأطوعهم لك وليكن الأمر سرا في البداية وكذلك زوجتك فإن أبت إلا البقاء على دينها فاعلم أن الإسلام لا يحتم عليك طلاقها إن كانت يهودية أو نصرانية بل يمكنك أن تبقيها في عصمتك وكذلك أولادك لا حرج أن تنفق عليهم وتبرهم إن ظلوا على دينهم ولا تمنعهم من أداء شعائر دينهم أو الذهاب إلى الكنيسة فلا إكراه في الدين ولكن إذا خفت من أهلك على نفسك أو رأيت أن بقاءك معهم يمثل فتنة لك أوقد يسبب لك ما لا تستطيع تحمله فالنجاة النجاة بدينك قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُواًّ لَّكُمْ فَاحْذَرُوَهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "

وإذا كنت أختي الكريمة ربة أسرة فحاولي كذلك مع أقرب أبنائك إلى قلبك وزوجك تدريجيا وليكن الأمر بطريق غير مباشر كأن تتكلمي معه في البداية حول الطلاسم والأمور المبهمة في النصرانية التي يعجز عن فهمها القساوسة أنفسهم ثم عن محاسن الإسلام وهكذا حتى تخبريه بإسلامك تدريجيا فإن أبى إلا التمسك بدينه فأخبريه أن هذا فراق بينك وبينه لإن الإسلام لا يبيح لك البقاء مع زوج غير مسلم – ولله في هذا حكمة بالغة- وتذكري أنه بمجرد دخولك الإسلام حرم عليك أن تمكنيه من نفسك ولا أن يرى منك إلا ما يراه الغريب وأما أولادك فلا مانع أن تبقي على اتصال بهم بعد أن تتركي بيت زوجك وإن استطعت أن تصطحبي بعضهم ليكون معك في حياتك الجديدة كان أفضل و إن كنت مصرية فاعلمي أن القانون المصري يكفل حضانة الأولاد الذين دون البلوغ للمسلم من الأبوين ويمكنك الاستعانة بإحدى صديقاتك المسلمات لتدبير سكن جديد أو في البحث عن زوج مسلم صالح. وتذكري أن أهلك أو أهل زوجك قد يختلقون الشائعات المغرضة عنك كما حدث مع الكثيرات فلا تأبهي بأقوالهم الحاقدة وتذكري قول الله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ".

وأما إذا كنت فتاة وتعيشين مع أسرتك فحاولي كتمان هذا الأمر في البداية لفترة حتى يقوى إيمانك ويزداد صلابة أو حتى تجدين زوجا مسلما تكملي معه مسيرتك في الحياة ولا حرج عليك إن اضطررت للتقصير في بعض الفروض الإسلامية كالحجاب إن كان ذلك سيعرضك لمكروه من أهلك أو لفتنة في دينك حتى يجعل الله لك مخرجا .. فإن علم أهلك بإسلامك ومارسوا عليك الضغوط للارتداد فالنجاة النجاة .. ويمكنك الاستعانة بأي من أخواتك المسلمات أو الذهاب إلى أي جمعية خيرية إسلامية وطلب المساعدة منهم وإن لم تجدي إلا دارا للأيتام لكي تعيشي فيه إلى أن يجعل الله لك مخرجا ... وعموما الزواج بزوج مسلم صالح -ولو كان متزوجا- سوف يضع حدا لكثير من المشاكل بإذن الله ولا مانع إذا رأيت مسلما وشعرت منه بالصلاح والخير فلا حرج أن تعرّضي له بأمر الزواج منك أو تطلبي منه أن ببحثك لك عن زوج وعليك بالاستخارة قبل الإقدام على أي أمر ذي بال.

وإذا كنت طفلا صغيرا وشرح الله صدرك للإسلام فأوصيك بالحذر الشديد وكتمان هذا الأمر حتى عن أمك حتى تكبر قليلا وعليك بحفظ القرآن الكريم واجعله أنيسك في خلوتك وإن علم أحد بإسلامك فاصبر على دينك وإن اضطررت أن تفعل ما يريدون منك ظاهرا وقلبك مطمئن بالإيمان فلا حرج عليك وإن قاطعك أهلك فاعلم أن الله قد أبدلك أبا خيرا من أبيك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات فضليات خير من أمك هن أمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وإخوانا خيرا من إخوانك هم جميع المؤمنين فلا تحزن يا صغيري فلست أول طفل يهديه الله للحق ويجاهد من أجله وإن اضطررت للخروج من بيت أبيك فرارا بدينك فاعلم أن الله معك ولن يتخلى عنك فاذهب إلى بيت من بيوت الله (المساجد) واحك قصتك لمن تتوسم فيه الخير والصلاح أو اطلب المساعدة من أحد أصدقائك المسلمين

وأما إذا كنت شابا يافعا فأنت بإذن الله قادر على الاستقلال عن أهلك ويمكنك أن تكد وتعمل لكي تنفق على نفسك ولا تحقر أي عمل يمكنك من الحياة في جو آمن من الفتنة فنبي الله داود كان حدادا ونبي الله محمد رعى الغنم في مكة ولن تعدم مكانا تبيت فيه بإذن الله ولو في المسجد أو أناسا تعيش معهم فأهل الخير كثيرون وتيقن أن الله سوف يجعل بعد عسر يسرا " قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ "

وأخيرا إذا كنت راهبا أو قسيسا أو مطرانا أو شماسا في كنيسة وهداك الله للدين الحق فهنيئا لك دخولك في قوله تعالى : " ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ . وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ . وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ" واحرص أخي الكريم على أن تكون إماما في الخير كما كنت إماما في الشر قبل ذلك واجتهد بعد إسلامك في الدعوة وانهل من علوم القرآن والسنة قدر وسعك فالأمة بحاجة إلى العلماء ومن الجيد أن تغادر البلد الذي كنت فيه إلى بلد آخر تعبد الله فيه وإن أصابك أذى أو مكروه فاصبر كما صبر الذين أسلموا من قبلك قال تعالى :

" لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ" ولا تحتاج لتذكير بكتمان إسلامك حتى تصل إلى مكان تأمن فيه على نفسك ودينك.

وفي الختام نتمنى لك التوفيق في حياتك الجديدة ونذكرك بقول الله تعالى : " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "