نبدأ بالفصل 52
و هنا يري النبي أخنوخ رؤيا يري فيها جبال من فضة و ذهب و نحاس و رصاص و قصدير
و يقول الملاك له :
( كل ما رأيته يخدم سلطان مسيحه فيأمر و يمارس السلطان على الأرض)
و قد تكلمنا سابقا عن أن لقب مسيحه أو مسيح الرب ليس لقبا مقصورا على السيد المسيح عليه السلام و يطلق أيضا على الملوك و الأنبياء طبقا للكتاب المقدس و المصادر اليهودية و النصرانية
و لسنا بحاجة لتكرار نفس الكلام مرة أخرى
و الجملة السابقة تدل على أن المختار أو المصطفى أو مسيح الرب الذى يتحدث عنه سفر أخنوخ يحكم و يمارس السلطان على الأرض
و هذا حال النبي صلى الله عليه و سلم
فكان النبي صلى الله عليه و سلم يملك تحريك الجيوش و تطبيق الحدود و تؤدى إليه الجزية
فكان النبي صلى الله عليه و سلم هو الحاكم الفعلى لجزيرة العرب
أما السيد المسيح -عليه و على نبينا أفضل الصلاة و أتم السلام- فلم يكن حاكما و لم يكن يملك تحريك الجيوش و تطبيق الحدود
و الدليل على أن المسيح لم يكن ملك له سلطان ما نسبوه إليه فى إنجيل يوحنا عند تحقيق بيلاطس معه
نقرأ من إنجيل يوحنا الإصحاح 18:
33 فَرَجِعَ بِيلاطُسُ إلَى داخِلِ قَصْرِهِ. ثُمَّ استَدعَى يَسُوعَ وَقالَ لَهُ: «أأنتَ مَلِكُ اليَهُودِ؟»

34 أجابَ يَسُوعُ: «أمِنْ عِندِكَ تَقُولُ هَذا، أمْ أنَّ آخَرِيْنَ أخبَرُوكَ عَنِّي؟»

35 أجابَ بِيلاطُسُ: «أتَحسَبُنِي يَهُودِيّاً؟ شَعبُكَ وَكِبارُ الكَهَنَةِ هُمُ الَّذِيْنَ سَلَّمُوكَ إلِيَّ، فَماذا فَعَلْتَ؟»

36 أجابَ يَسُوعُ: «مَملَكَتِي لا تَنتَمِي إلَى هَذا العالَمِ. لَو كانَتْ مَملَكتِي تَنتَمِي إلَى هَذا العالَمِ، لَكانَ أتباعِي يُحارِبُونَ لِيَمنَعُوا تَسلِيْمِي إلَى اليَهُودِ. لَكِنَّ مَملَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هُنا.»


و هنا نرى أن المسيح يقول أن مملكته لا تنتمى إلى العالم أى أنه لا يمارس السلطان على الأرض و بالتالى ليس هو النبي المبشر به قطعا فى سفر أخنوخ

و فى نهاية هذا الفصل نرى أن الإنسان لا يخلص بالذهب و لا الفضة و الحديد لن ينفع فى الحروب و الاتقاء به كدروع و كذلك الرصاص و النحاس عند ظهور المصطفى أو المختار
و هذا معناه أن الكفار لن تغنى عنهم ثرواتهم و أموالهم و لا جيوشهم و أسلحتهم المصنوعة من الحديد و النحاس شيئا عند ظهور النبي صلى الله عليه و سلم و ستحيق بهم الهزيمة و سيلحق بهم الذل و الصغار
و ننتقل للفصل 53
و نبدأ بالجملة الأولى :

هناك رأيت بعيني هوة عميقة و فاغرة فاها. كل الساكنين على اليابسة و البحر و الجزر حملوا إليها التقادم و الهدايا و المكوس و ما كانت هذه الهوة العميقة تمتلئ.

و أحب أننا نقرأ نفس النص من ترجمة إنجليزية لتوضيح شئ فى معنى النص السابق :
http://www.sacred-texts.com/bib/boe/boe056.htm

There mine eyes saw a deep valley with open mouths, and all who dwell on the earth and sea and islands shall bring to him gifts and presents and tokens of homage, but that deep valley shall not become full.


الترجمة :
هناك رأت عيناى واد عميق فاغر فاه و كل الساكنين على الأرض سيحملون له الهدايا و النقود باحترام شديد و لكن هذا الوادى العميق لن يمتلئ

و نلاحظ أن الترجمة الإنجليزيو تقول ( سيحملون له) و الضمير him هنا لا يعود على الوادى نفسه بالطبع لأن الضمير الذى يمكن أن يعود على الوادى هو it و هو ضمير لغير العاقل
و الضمير هنا يعود على المختار الذى يتحدث عنه سفر أخنوخ
أى أن الناس تحمل له الهدايا و المكوس و هى من أنواع الضرائب أو تحمل له النقود باحترام شديد
و أما الهدايا فقد أهدى بعض الملوك للنبي صلى الله عليه و سلم الهدايا مثل المقوقس صاحب مصر الذى أهدى للنبي صلى الله عليه و سلم السيدة مارية القبطية رضى الله عنها و جارية أخرى و بغلتين
كما جاء فى كتب السيرة
أما المكوس فهى من أنواع الضرائب و كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قد فرض المكوس على أهل الذمة ففرض عليهم نصف العشر على التجارة و العشر على أموال أهل الحرب
و المراد بالمكوس هنا الضرائب أو الأموال بدليل أن الترجمة الإنجليزية ترجمتها إلى
tokens of homage
أى
النقود بإجلال أو باحترام شديد
و النقود التى دفعها الناس للنبي صلى الله عليه و سلم باحترام شديد و هم صاغرون هى الجزية
قال تعالى فى سورة التوبة:
( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ( 29 ) )

و ننتقل للجملة الثانية :
اقترفت أيديهم الإثم
و أكل الخطاة ما اقتناه جرمهم
سيسقطون أمام رب الأرواح
و يطردون من على وجه الأرض
و لكنهم لا يهلكون إلى الأبد


و هنا تتحدث النبوءة عن جزاء الخطاة و هم المشركون و أهل الكتاب فى عهد النبي صلى الله عليه و سلم
فهم سيسقطون أمام رب الأرواح أى سيهزمون و يزول ملكهم و يصبح الصغار عليهم
و سيطردون من على وجه الأرض

- أخرِجُوا المشرِكينَ من جَزيرةِ العرَبِ ، وأجِيزُوا الوفْدَ بِنحْوِ ما كُنتُ أُجيزُهمْ
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 231
خلاصة حكم المحدث: صحيح

- أخرِجُوا اليهودَ والنَّصارَى من جَزيرةِ العرَبِ
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 232
خلاصة حكم المحدث: صحيح

و لكنهم لن يهلكوا للأبد لأن الله سبحانه و تعالى برحمته تاب على كثير من الوثنيين و أهل الكتاب و دخلوا الإسلام فى أواخر حياة النبي صلي الله عليه و سلم بعد فتح مكة و غزوة حنين