الفصل الثالث
تحت عنوان مولده وطفولته
يقول د. كامل النجار :-
اقتباس- ولنسأل انفسنا سؤالاً بسيطاً. اذا كان الله قد ارسل محمداً لاهل مكة والجزيرة العربية في المكان الاول، كما يذكرنا القرآن في عدة آيات انه انزله قرآناً عربياً، لماذا ارتجس ايوان كسرى في العراق وخمدت نار المجوس في بلاد فارس ولم يحدث شئ في مكة وجوارها، أما كان الاجدر في الليلة التي ولد فيها رسول الله ان يسطع النور الباهر في الكعبة ليقنع اهل مكة ان الله مرسل رسولاً منهم؟
- فيحدثنا ابن كثير، مثلاً، ان آمنة بنت وهب، ام النبي، قالت لحليمة السعدية التي ارضعته: " حملت به فما حملت حملاً قط اخف منه". ونحن نعلم ان محمداً لم يكن له اخوة ومات ابوه وامه حبلى به. فكيف تقول انها ما حملت قط حملاً اخف منه وهي لم تحمل غيره؟ وان كانت تعني حمل اشياء اخرى غير الجنين، فهي لا بد قد حملت عدة اشياء اخف من الجنين الذي يزن في المتوسط ثلاثة كيلوجرامات.
الجميع يعلم أن الروايات التي تحكي أحداث غريبة وقعت قبل ميلاده صلى الله عليه وسلم مثل سقوط أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى وخمود النار التي يعبدها المجوس وتهدم الكنائس حول بحيرة "ساوة" بعد أن غاضت لا نستطيع أن نتأكد من صحتها ونحن كمسلمين زاهدين في هذه الروايات ولا وزن لها شرعا أو عقائديا .
د . كامل يكرر ما يقوله علي داشتي ونحن نوافقه في هذه الجزئية وربما تكون هذه هي الفائدة الوحيدة أن يكتب ماركسي كعلي داشتي نقدا للسيرة .
لاحظوا معي أن د . كامل النجار لا يقبل هذه الروايات فهل تراه يستمر على منهجه أم يتحول إلى الفرز والإنتقاء حسب هواه ؟
ننتظر ونرى .
تحت عنوان زواجه من خديجة
يقول د . كامل النجار :-
اقتباس- وقد يسأل سائل: لماذ تزوج محمد، وهو ابن بضع وعشرين عاماً، وكان رجلاً في غاية الوسامة، كما يخبرنا اهل السيرة، لماذا تزوج خديجة بنت خويلد بن اسد بن عبد العزى، وقد كانت قبله عند عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وولدت له بنتاً، ثم توفى عنها فتزوجت ابو هالة بن زرارة بن نباش بن زرارة بن حبيب بن سلامة بن عدي فولدت له هند بن ابي هالة، ثم توفى عنها فتزوجها الرسول
فلماذا اذاً تزوج هذا الشاب ثيباً في الاربعين من عمرها ولديها طفلان؟
قد نجد الجواب في حديث نُسب الى عائشة. فقد قال الامام احمد عن ابن اسحاق، اخبرنا مُجالد، عن الشّعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان النبي اذا ذكر خديجة اثنى عليها بأحسن الثناء. قالت: فغرت يوماً فقلت: ما اكثر ما تذكرها حمراء الشدقين، قد ابدلك الله خيراً منها. قال: " ما ابدلني خيراً منها، وقد آمنت بي اذ كفر بي الناس، وصدقتني اذ كذبني الناس، وآستني بمالها اذ حرمني الناس، ورزقني الله ولدها اذ حرمني اولاد النساء .
فهل يجوز انه تزوجها من اجل مالها؟ وانه عندما كان في عنفوان شبابه، لم يتزوج غيرها، خوفاً من ان تحرمه مالها، ولما ماتت وعمره خمسون عاماً تزوج اربع عشرة امرأة او يزيد؟
هل هذا منهج إنسان يدعي الموضوعية فيما يكتب ؟
لكي تعرف موقف الكاتب هل هو محايد أم ينقل آراء غيره في الرسول صلى الله عليه وسلم فلابد أن تستمع لرأيه في زواج الرسول من السيدة خديجة .
الحديث يتكلم عن إخلاص الحبيب المصطفى للسيدة خديجة رضي الله عنها بعد وفاتها بعشرات السنين .
ويثبت ان نبينا الكريم لم ينساها يوما .... والرجل يتكلم عن أن الرسول تزوجها طمعا في مالها !!!
التاريخ يثبت ان الرسول رفض المال والسلطان دوما.... وكامل النجار يصر على نقل كلام المستشرقين حرفيا!!!
كنا وافقنا على أن الرسول صلى الله عليه وسلم مجرد إنسان وليس مخلوق خارق ولكن كامل النجار يصر على أن يجعله أقل من إنسان !!!
صدقوني سهل جدا على أي رجل أن يشرب كذب غيره ثم يأتي ليتقيؤه في كتاب !!!
تحت عنوان نبوته
يقول د . كامل النجار :-
اقتباس- والاديان السماوية تقول بان الله خلق آدم وحواء ومنهم انتشر الجنس البشري في الارض، ولذا ارسل الله الرسل لهدايتهم. وقد يسأل سائل: ما الحكمة في ذلك؟ ما دام الله قد خلق الانسان، وهو القادر على كل شئ، لماذا لم يخلقهم كلهم مؤمنين؟ ويجيبنا علماء الاديان بان الله اراد ان يختبر الانسان.
ولكن قد نسأل لماذا احتاج الله ان يختبر الانسان وهو عالم بكل سرائره وما سيفعله في حياته من قبل ان يولد الانسان؟ اننا نختبر الانسان لمعرفة قدراته الفكرية او العملية، ولكن اذا كنا مسبقاً نعرف قدرات هذا الشخص، يكون الاختبار اضاعة للوقت والجهد .
سنتوقف هنا قليلا :-
تعرفون السؤال الفلسفي الشهير :- لماذا خلقنا الله ؟
السؤال في الحقيقة يحمل شقين :-
الشق الأول هو :- ما الدور الذي ارتضاه الله لنا وخلقنا لنقوم به ؟
هنا الإجابة في سورة الذاريات :-
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ - مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ - إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) . والعبادة هنا بمعناها الشامل .
ولكن في الحقيقة الملحد أو اللاديني لا يسأل عن هذا . فهو يسأل عن شيء آخر .
الشيء الذي يسأل عنه اللاديني يتضح لنا عندما يعيد الكرة مرة أخرى قائلا :-
ولكن الله ليس في حاجة لعبادتنا فلماذا خلقنا إذن ؟
الشق الثاني من السؤال :- ما هو الدافع أو الغرض الإلهي الذي جعل الله يخلقنا ؟
هذا في الحقيقة ما يسأل عنه اللاديني أو الملحد بإصرار شديد .
اللاديني يسأل عن الدافع الإلهي ولكنه ينسى أن الدوافع والأغراض هي نتيجة للحاجة والحاجة هي نتيجة للنقص والله غير ناقص .
اللاديني يبحث بإصرار عن نقص في الله ولن يجده أبدا .
أي عمل بشري يحركه الدوافع لأن الإنسان ناقص وغير كامل ويبحث عن الكمال .
أما الفعل الإلهي فليس وراءه دوافع لأن الله هو الحق وفعله كله حق وقوله كله حق .
هناك آية في سورة الأنبياء تعالوا نقرأها أولا :-
(لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ )
عندما نجيب كمسلمين بهذه الإجابة فاللاديني يظن أننا ننهي الحوار .
ولكن الآية في الحقيقة لا تغلق باب الحوار ولكنها تتحدث عن صفة من صفات الله .
هذه الصفة ( لا يسأل عما يفعل ) ومعناها أن أفعال الله عز وجل غير مسببة .
لذلك فلا يوجد ايضا ما يسمى ب ( نية الله ) لأن أفعال الله لا تسبقها نوايا .
سيظل اللاديني يبحث عن الدافع الإلهي ( النقص الإلهي ) ولن يجده أبدا .
ولو وجده حقا فوقتها فأنا أبشره بأنه على صواب لأن الناقص لا يكون إلها .
نعود إلى د . كامل النجار
كامل النجار يظن أن الله خلقنا ليختبرنا وهذا غير صحيح .
الصحيح هو أن الله يميتنا ثم يحيينا ثانية ليحاسبنا على أعمالنا .
انظروا آية سورة ( الملك ) التالية ولاحظوا الترتيب فيها جيدا :-
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ )
الموت جاء ذكره قبل الحياة لأن هذه الآية تجيب عن سؤال آخر وهو :- لماذا يميتنا الله ثم يحيينا ثانية ؟
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) [المؤمنون : 115]
فنهاية كل شيء هي الرجوع إلى الله :-
( وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى {39} وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى {40} ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى {41} وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ) النجم .
(لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ) ( الحديد 5 ) .
يقول د . كامل النجار :-
اقتباسواذا كان الغرض من ارسال الرسل هو هداية البشر، فقد فشلت التجربة مرات عديدة. فلماذا استمر
الله في اجراء نفس التجربة؟
فكل الانبياء الذين يزيد عددهم عن العشرين نبياً وارسلوا الى بني اسرائيل، لم ينجحوا الا في هداية جزء يسير منهم. وتعداد اليهود اليوم في كل انحاء العالم لا يزيد عن العشرين مليون شخصاً من مجموع سكان العام الذين يزيد عددهم عن ستة مليارات من ألاشخاص. واظن المنطق يقنعنا ان تجربة ارسال كل هولاء الانبياء الى بني اسرائيل كانت تجربة فاشلة. وقد قتل بنو اسرائيل بعض هولاء الانبياء كما يخبرنا القرآن، وقد عاقب الله كل الامم التي بعث فيهم رسولاً بأن خسف بهم الارض او ارسل عليهم الزلزال او الصيحة التي دمرتهم ودمرت مساكنهم لان اغلبهم لم يؤمنوا.
مازال د . كامل النجار يتحدث عن الغرض أو الدافع الإلهي وهذا كما أوضحنا من قبل معنى خاطيء .
الرجل يظن أن الأنبياء جاءوا كوسيلة لتحقيق مراد إلهي وهو إجبار الناس علي الإعتراف بالخالق وكأن الله في حاجة لإيمانهم !!!!!!!
ومن هنا ذهب إلي نتيجة مفادها انه طالما البشر كانوا وما زالوا يكفرون بالله فقد فشلت هذه الطريقة وكان يجب على الله أن يغير طريقته ولا يصر عليها !!!!!
كما قلت من قبل أن مجرد التفكير بأن الله له غرض من إرسال الأنبياء فنحن بذلك ننسب النقص إلى الله .
سأتحدث هنا عن دور الأنبياء وليس الغرض الإلهي :-
يقول الله عز وجل لرسولنا الكريم :-
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً - وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ) :-
شاهدا على قومك .
مبشرا من اتبعك بثواب الله .
نذيرا لمن عاند وكفر بعذاب الآخرة .
داعيا إلى الله بإذنه .
سراجا منيرا لمن يريد طريق الهداية ليسير على الصراط المستقيم ولا يتبع السبل فتفرق به عن سبيل الله .
بخصوص بني اسرائيل فلا أعرف في الحقيقة العلاقة بينهم وبين يهود اليوم .
ثم يفترض د . كامل النجار أن أنبياء بني اسرائيل عشرين نبيا ولا أدري من أين جاء بهذا العدد ؟ فالقرآن لم يذكر سوى اسرائيل (يعقوب ) ويوسف وموسى وهارون وداود وسليمان وزكريا ويحي وعيسى عليهم السلام .
على أية حال تعالوا لنقرأ ماذا يقول الله لبني اسرائيل في سورة الإسراء :-
( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا )
كما نرى فإيمان بنى إسرائيل أو كفرهم هو لأنفسهم ولا يضر الله كفر من كفر .
( إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [آل عمران : 177]
يقول د . كامل :-
ما الذي يراه الكاتب غريبا في أن يرسل الله إثنين يساعدان بعضهما ؟؟اقتباس- لماذا ارسل الله موسى وهو يعلم ان بلسانه عقدة ولن يستطيع ان يقنع الناس، ومهمة الرسول الاولى هي تبليغ الرسالة، ولذا يجب ان يكون فصيحاً، فاضطر موسى أن يسأل الله ان يرسل معه اخاه هارون؟ لماذا لم يرسل هارون وحده؟
القرآن تحدث عن دور هارون هكذا :-
- مرة كشد الأزر ( اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي - وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) :- والأزر هو الظهر .
- ومرة أخرى كشد العضد ( قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً ) والعضد هو الذراع .
كما نرى فدور هارون عليه السلام يأتى مرة كدعم نفسي ومعنوي لموسى ( شد الازر ) ومرة كأداة تنفيذ أو ذراع موسى الأيمن ( شد العضد ) .
بخصوص عقدة اللسان :- فموسى دعا الله قائلا :-
(قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي - وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي - وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي - يَفْقَهُوا قَوْلِي ) .
فاستجاب الله له بعد قليل قائلا :-
( قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ) .
أما القصص التوراتي الذي يحكي عن الجمرة التي لسعت لسانه فلا شأن لنا بها!!! .
يقول د . كامل :-
اقتباس- ومما يثبت فشل تجربة الرسل ان بني اسرائيل عندما قادهم موسى في هجرتهم من مصر ورأوا ان الله قد شق لهم البحر وانجاهم واغرق فرعون وجنده، وانزل لهم المن والسلوى من السماء ليطعمهم، لم يقتنعوا بوجوده او برسالته فصنعوا لانفسهم عجلاً من ذهب وعبدوه. فهل هناك معجزات أكثر من هذه لتقنع الناس بوجود الله ؟ فإذا لم يقتنع بنو أسرائيل بعد أن رأوا كل هذه المعجزات، الا يقنع كل هذا الله بأن ارسال الانبياء لا يجدي فتيلا ؟
كثيرون يظنون أن الإنحراف عن الحق مرة أو مرتان أو عشرة هو إنحراف أبدي ودائم وهذا غير صحيح .
فكلنا عرضة لأن نضل الطريق ولكن الأهم أن نعود مرة أخرى :-
( وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) [الأعراف : 149] .
لذلك يقول الله لهم :-
(وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [الأعراف : 153]
وكما قلت من قبل فإيمان بني إسرائيل أو كفرهم هو لأنفسهم ولن يضر الله شيئا :-
( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ) .
يقول د . كامل :-
اقتباس- وفي سورة آل عمران، ألآية 55 عندما يخاطب الله عيسى فيقول له: " وجاعل الذين أتبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامة "، فنفهم من هذه ألآية أنه سيكون هناك مسيحيون مؤمنون بعيسى الى يوم القيامة، فما فائدة ارسال محمد بالاسلام ليظهره على الدين كله، وهو قد قرر أنه سيكون هناك مسيحيون الى يوم القيامة. والدليل على ذلك أنه بعد ألف وأربعمائة سنة على إرسال محمد بالاسلام ليظهره على الدين كله، ما زالت المسيحية أكبر ديانة سماوية حتى ألان، وعدد أتباعها يفوق عدد المسلمين أضعافاً.
في الحقيقة ما فهمه الرجل من الآية يؤكد لى تماما أنه لم يكن يوما مسلما .
هل أحد يفهم من القرآن أن أتباع المسيحية اليوم هم أتباع عيسى عليه السلام ؟!!
المسيحيون أنفسهم ينكرون أنهم أتباع عيسى المذكور في القرآن .
يقول د . كامل :-
اقتباس- والقرآن يخبرنا في عدة آيات ان الله لو شاء لجعل الناس كلهم أمةً واحدةً يؤمنون برسالة واحدة ويكونون على دين واحد " ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة" . وكذلك يخبرنا القرآن ان الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء: " من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على سراط مستقيم ".
ويخبرنا الله كذلك في سورة الاسراء انه اذا اراد ان يهلك قريةً، امر مترفيها ففسقوا فيها، فحق عليها القول، فيدمرها تدميراً. فكل هذه الايات تؤكد ان الانسان مسيّر، ليس بيده اي شئ، الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ويدمر القرى التي يختار تدميرها. فاذاً ما الحكمة في ارسال الانبياء لهداية البشر، والبشر لا يملكون الحق في تقرير مصيرهم؟
مرة أخرى سنتوقف هنا قليلا :-
موضوع الهداية والإضلال هذا يثار حوله لغط كثير .
أولا :- من هم الذين يهديهم الله ؟
- يهدي إليه من أناب :-
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) [الرعد : 27] .
- يهدي الذين آمنوا :-
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) [الحج : 54]
- يزيد الذين اهتدوا هدى :-
( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ ) [محمد : 17]
وهذه الآية تنبهنا أن الهداية ليست قرار في لحظة معينة بل هي عملية تراكمية .
- يهدي الذين جاهدوا في الله :-
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) .
ثانيا :- من هم الذين يضلهم الله ؟
- الفاسقين : - (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً ومَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ ) [البقرة : 26] .
- الذين زاغوا :-
(فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) [الصف : 5]
هنا يتضح أيضا أن الضلال ليس قرار في لحظة معينة بل هو أيضا عملية تراكمية .
ثالثا :- هل الله يمنع العصاة أن يؤمنوا ؟
(وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) . [فصلت : 17]
الآية الأخيرة تنسف كل ما قاله كامل النجار فثمود إختاروا الكفر بكامل إرادتهم .
من كل ما سبق يتضح أن مسألة الهداية والإضلال هي إنعكاس لعمل الإنسان ورغبته الصادقة . فمن يريد الهداية وعمل لها هداه الله ولا يوجد إجبار كما يقول كامل النجار .
يقول د . كامل :-
اقتباسوفي بعض الاحيان نشعر ان الله لا يريد للناس ان يتبعوا الرسل، ففي سورة مريم الاية 83، نجد الله يقول: " ألم تر إنا ارسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم ازاً " اي تهيّجهم الى المعاصي حسب تفسير الجلالين. فما الحكمة في ارسال انبياء لهداية الناس، وفي نفس الوقت يرسل الله الشياطين لتهيّجهم على المعاصي؟
أبدأ أولا بأن أقول أنه حسب المفهوم الإسلامي فالأنبياء والرسل والشياطين هم جزء من تكوين العالم , فكلمة ( أرسلنا ) لا توحي لأحد بأنهم جاءوا من عالم آخر طبعا . ومن هنا نبدأ .
- الأنبياء والرسل يبشرون وينذرون ويدعون إلى الله . فهل يملكون القدرة على الإجبار ؟ القرآن ينفي :-
(رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ) [الإسراء 45 ]
(لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ) [البقرة : 272]
- نأتي للجانب المقابل :- الشيطان يدعو الناس للكفر ويزين لهم سوء اعمالهم , فهل تمتلك الشياطين القدرة على الإجبار ؟ القرآن ينفي أيضا :-
( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلا ) ً [الإسراء : 65] .
(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) [الحجر : 42] .
النتيجة الآن :-
- هنا نعرف أن من يكفر بالله ويقاوم الأنبياء سيقع فريسة للشياطين . العلاقة علاقة توازن :-
فهو رفض إتباع الأنبياء بإرادته – - -> مالت القوى لصالح الشياطين وهم لا يملكون إجباره ---> فيستجيب للشياطين بإرادته ----> يرفض إتباع الأنبياء أكثر فأكثر ( حلقة مغلقة ) .
- نعود للآية التي يتحدث حولها د . كامل النجار :-
( الأز ) يعني غليان القدر وتقلب محتواه وهذا يشير لمدى تسلط الشياطين على هؤلاء الكافرين .
مفهوم الشيطان في الإسلام يختلف عن مفهومه في الأديان الأخرى .
الشيطان في الإسلام ليس له سلطان على الإنسان إنما سلطانه على الذين يتولونه ويتبعونه:-
(إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ) [النحل : 100]
الشيطان يحاول إغواء المؤمن والكافر ولكن لماذا ينجح مع الكافر تحديدا ؟
(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) [الحجر : 42]
يخبرنا الله عز وجل أن كل من يعبد غير الله فهو يعبد الشيطان :-
ففي نفس السورة يقول إبراهيم لابيه :-
(يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّا ) ً [مريم : 44] .
لو نظرنا للآيات السابقة للآية التي يستشهد بها كامل النجار تجدها تقول :-
(وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً ) [مريم : 81] .
(كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً ) [مريم : 82] .
إذن الآية التي يستشهد بها كامل النجار هي دعوة من الله ( ألم تر ) للنظر إلى حال الكافرين لنرى أن كفرهم بالله وبالرسل وإتخاذهم الشياطين آلهة من دون الله جعلهم ألعوبة في أيدي الشياطين ( ويكونون عليهم ضدا ) .
الآية تحكي عن الحال ( حال الكافرين ) وليس عن رغبة الله كما يقول د .كامل النجار .
تعالوا نستمع للشيطان في النهاية فهو يلخص كل هذا :-
[إبراهيم : 22]
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
المفضلات