بسم الله الرحمان الرحيم
الحديث الأول :
عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْمٍ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ ، فَقَالَ : ( مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ ؟ ) فَقَالُوا : يُلَقِّحُونَهُ ، يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الْأُنْثَى فَيَلْقَحُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
مَا أَظُنُّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا ). قَالَ فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ فَتَرَكُوهُ ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ : ( إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ ،
فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا ، فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ ، فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ) .
الخلاصة : أن أصل القصة صحيح بلا شك ولكن الاختلاف الوارد في ألفاظها يدل على أن
بعض الرواة نقلوا فيها المعنى وليس النص النبوي
قال العلامة محمد رشيد رضا في " تفسير المنار " (7/426): " اختلاف الألفاظ يدل على أنها رويت بالمعنى "
أعرض فيما يلي ما يجهله الضيف عن منهج الأئمة في سرد الروايات
ومما جعله يعول على رواية البخاري دون رواية الامام مسلم
قال العلامة المعلمي رحمه الله : " عادة مسلم أن يرتب روايات الحديث بحسب قوتها ، يقدم الأصح فالأصح " " الأنوار الكاشفة " (ص29) .
يقول المعلمي رحمه الله : " قوله صلى الله عليه وسلم في حديث طلحة : ( ما أظن يغني ذلك شيئاً ) إخبار عن ظنه ، وكذلك كان ظنه ، فالخبر صدق قطعاً ، وخطأ الظن ليس كذباً ، وفي معناه قوله في حديث رافع : ( لعلكم )، وذلك كما أشار إليه مسلم أصح مما في رواية حماد ، لأن حماداً كان يخطئ ، وقوله في حديث طلحة ( فإني لن أكذب على الله ) فيه دليل على امتناع أن يكذب على الله خطأ ؛ لأن السياق في احتمال الخطأ ، وامتناعه عمداً معلوم من باب أولى ، بل كان معلوماً عندهم قطعاً " انتهى من " الأنوار الكاشفة " (ص29) .
ويقول الإمام النووي رحمه الله :
" قال العلماء : ولم يكن هذا القول خبرا ، وإنما كان ظنا كما بينه في هذه الروايات ، قالوا : ورأيه صلى الله عليه وسلم في أمور المعايش وظنه كغيره ، فلا يمتنع وقوع مثل هذا ، ولا نقص في ذلك " انتهى من " شرح مسلم " (15/116) .
ويقول ابن تيمية رحمه الله :
" لم ينههم عن التلقيح ، لكنهم غلطوا في ظنهم أنه نهاهم ، كما غلط من غلط في ظنه أن (الخيط الأبيض) و(الخيط الأسود) هو الحبل الأبيض والأسود" انتهى من " مجموع الفتاوى " (18/12)
المفضلات