لماذا خلق الله الشر ؟؟

الكلام على لسان ملحد

............
قال ساخرًا:
كيف تزعمون أن إلهكم كامل ورحمن ورحيم وكريم ورءوف وهو قد
خلق كل هذه الشرور في العالم .. المرض والشيخوخة والموت
والزلزال والبركان والميكروب والسم والحر والزمهرير وآلام
السرطان التي لا تعفى الطفل الوليد ولا الشيخ الطاعن.
إذا كان الله محبة وجمالا وخيرا فكيف يخلق الكراهية والقبح
والشر.
...........

رد د / مصطفى محمود


والمشكلة التي أثارها من المشاكل الأساسية في
الفلسفة وقد انقسمت حولها مدارس الفكر واختلفت حولها الآراء.
ونحن نقول أن الله كله رحمة وكله خير وأنه لم يأمر بالشر ولكنه
سمح به لحكمة.
{إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ( 28 ) قُلْ
{( أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كلِّ مَسْجِدٍ ( 29
. الأعراف- 28
الله لا يأمر إلا بالعدل والمحبة والإحسان والعفو والخير وهو لا
يرضى إلا بالطيب.
فلماذا ترك الظالم يظلم والقاتل يقتل والسارق يسرق؟
لأن الله أرادنا أحرارا .. والحرية اقتضت الخطأ ولا معنى للحرية
دون أن يكون لنا حق التجربة والخطأ والصواب .. والاختيار الحر بين
المعصية والطاعة .
وكان في قدرة الله أن يجعلنا جميعًا أخيارا وذلك بأن يقهرنا على
الطاعة قهرا وكان ذلك يقتضي أن يسلبنا حرية الاختيار.
وفي دستور الله وسنته أن الحرية مع الألم أكرم للإنسان من
العبودية مع السعادة .. ولهذا تركنا نخطيء ونتألم ونتعلم وهذه
هي الحكمة في سماحه بالشر.
ومع ذلك فإن النظر المنصف المحايد سوف يكشف لنا أن الخير
في الوجود هو القاعدة وأن الشر هو الاستثناء..
فالصحة هي القاعدة والمرض استثناء ونحن نقضي معظم
سنوات عمرنا في صحة ولا يزورنا المرض إلا أياما قليلة .. وبالمثل
الزلازل هي في مجملها بضع دقائق في عمر الكرة الأرضية الذي
يحصى بملايين السنين وكذلك البراكين وكذلك الحروب هي
تشنجات قصيرة في حياة الأمم بين فترات سلام طويلة ممتدة.
ثم أننا نرى لكل شيء وجه خير فالمرض يخلف وقاية والألم يربي
الصلابة والجلد والتحمل والزلازل تنفس عن الضغط المكبوت في
داخل الكرة الأرضية وتحمي القشرة الأرضية من الانفجار وتعيد

الجبال إلى أماكنها كأحزمة وثقالات تثبت القشرة الأرضية في
مكانها، والبراكين تنفث المعادن والثروات الخبيثة الباطنة وتكسو
الأرض بتربة بركانية خصبة .. والحروب تدمج الأمم وتلقح بينها
وتجمعها في كتل وأحلاف ثم في عصبة أمم ثم في مجلس أمن
هو بمثابة محكمة عالمية للتشاكي والتصالح .. وأعظم
الاختراعات خرجت أثناء الحروب .. البنسلين الذرة الصواريخ
الطائرات النفاثة كلها خرجت من أتون الحروب.
ومن سم الثعبان يخرج الترياق.
ومن الميكروب نصنع اللقاح.
ولولا أن أجدادنا ماتوا لما آنا الآن في مناصبنا، والشر في الكون
كاالظل في الصورة إذا اقتربت منه خيل إليك أنه عيب ونقص في
الصورة .. ولكن إذا ابتعدت ونظرت إلى الصورة ككل نظرة شاملة
اكتشفت أنه ضروري ولا غنى عنه وأنه يؤدي وظيفة جمالية في
البناء العام للصورة.
وهل كان يمكننا أن نعرف الصحة لولا المرض .. إن الصحة تظل
تاجا على رؤوسنا لا نراه ولا نعرفه إلا حينما نمرض.
وبالمثل ما كان ممكنا أن نعرف الجمال لولا القبح ولا الوضع
الطبيعي لولا االشاذ.