و أخيرا نأتى للأثر السابق لمناقشته :

روى الحاكم:2/225، وصححه على شرط الشيخين: (عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام، فأنزل الله سكينته على رسوله) فبلغ ذلك عمر فاشتد عليه! فبعث إليه وهو يهنأ ناقة له (يدهنها بالقطران) فدخل عليه فدعا أناساً من أصحابه فيهم زيد بن ثابت فقال: من يقرأ منكم سورة الفتح؟ فقرأ زيد على قراءتنا اليوم فغلظ له عمر، فقال له أبيٌّ: أأتكلم؟ فقال تكلم، فقال: لقد علمت أني كنت أدخل على النبي (ص) ويقرؤني وأنتم بالباب، فإن أحببتَ أن أقرئ الناس على ما أقرأني أقرأت، وإلا لم أقرئ حرفاً ما حييت! قال بل أقرئ الناس).

مبدئيا لا يوجد اعتراض على سند الحديث
و يمكن حمل الحديث على وجوه :

الأول :
أن عبارة ( و لو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام ) هى تعليق من النبي صلى الله عليه و سلم على الآية
ففى صلح الحديبية جعل الكافرين فى قلوبهم حمية الجاهلية و منعوا المؤمنين من دخول البيت الحرام
فقبل النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه و عقدوا مع المشركين صلح الحديبية
و لو حمى المؤمنون كما حمى المشركين لقامت الحرب و سفكت الدماء عند المسجد الحرام
و لعل أبي بن كعب رضى الله عنه كان يقرأ تلك العبارة على سبيل تفسير الآية و نقل ما عنده من العلم عن النبي صلى الله عليه و سلم
و إلا لو كان يقرؤها على أنها من الآية الكريمة و عمر رضي الله عنه يري أن أبي رضى الله عنه يضيف للقرآن ما ليس منه فكيف أقره على تلك القراءة فى آخر الحديث ؟

و قد يقال أن الآية متضمنة عبارة ( و لو حميتم كما حموا ) هى حرف آخر لقراءة القرآن و إن كنت أرى أنه قول بعيد هنا

و أخيرا فأبى رضى الله عنه كان قائما على كتابة المصحف العثمانى

فعن كثير بن أفلح قال: لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اثني عشر رجلاً من قريش والأنصار ، فيهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت ، قال: فبعثوا إلى الربــعة التي في بيت عمر، فجيء بها ، قال: وكان عثمان يتعاهدهم
أورده بن كثير في فضائل القرآن ص 85 وصححه .

و لم يُنقل فى أى أثر صحيح أو ضعيف أنه اعترض على كتابة الآية الكريمة مما يدل على أنه كان يقول عبارة ( لو حميتم كما حموا ) كتعليق و ليس أنها من نص القرآن
و إلا لو كان يرى أنها من القرآن و أُسقطت من المصاحف العثمانية فما سبب عدم اعتراضه ؟