الرد على نشيد الانشاد من القمص انطونيوس فكرى وحزقيال 16
الآيات 6 – 14:- فمررت بك ورايتك مدوسة بدمك فقلت لك بدمك عيشي قلت لك بدمك عيشي. جعلتك ربوة كنبات الحقل فربوت وكبرت وبلغت زينة الازيان نهد ثدياك ونبت شعرك وقد كنت عريانة وعارية. فمررت بك ورايتك و اذا زمنك زمن الحب فبسطت ذيلي عليك وسترت عورتك وحلفت لك ودخلت معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي. فحممتك بالماء وغسلت عنك دماءك ومسحتك بالزيت. والبستك مطرزة ونعلتك بالتخس وازرتك بالكتان وكسوتك بزا. و حليتك بالحلي فوضعت اسورة في يديك وطوقا في عنقك. ووضعت خزامة في انفك واقراطا في اذنيك وتاج جمال على راسك. فتحليت بالذهب والفضة و لباسك الكتان والبز والمطرز واكلت السميذ والعسل والزيت وجملت جدا جدا فصلحت لمملكة. وخرج لك اسم في الامم لجمالك لانه كان كاملا ببهائي الذي جعلته عليك يقول السيد الرب.
نجد هنا حصراً لما قدمه الله للأمة اليهودية أولنا. مدوسة بدمك = كانوا على حافة الخراب والهلاك في مصر، مكتوب عليهم الموت فقلت لك بدمك عيشى. قلت لك بدمك عيشى = هذه كقول بولس الرسول "أما أنا فكنت بدون الناموس عائشاً قبلاً رو 7: 9" وهذه كما يقول المثل العامى عن مريض أو فقير معدم "أهى عيشة والسلام". أي قرر لها الله الحياة، الله نظر إلى هذا العالم في نجاسته يتمرغ في دمه (يموت ويهلك) وهو منبوذ مطرود، لكن الله في صلاحه يريد للبشر الحياة. فقال لهم الله بدمك عيشى أي تعيش كما هى، مجرد حياة لأنه مازال هناك دم في عروق البشر يبقى عليهم أحياء لفترة من الزمن، ولكنهم في خطاياهم مدوسين من إبليس = مدوسة بدمك، ومدوسين من خطاياهم، فبقائها بدمها اشارة لإستمرارها في نجاستها بلا تطهير (لا 12 + لا 15: 19 – 30) ، هي تحتاج تطهير بدم ذبيحة ، وهي في نجاستها تعتبر ميتة وهذا يعني ان كل البشر هم فاقدين للحياة الأبدية وقول الله هنا بدمك عيشى = أي لتبقى حياتك البشرية لفترة، وعيشى بحالتك ولا تموتى، حتى أتدخل بنعمتى، فتولدى ميلاداً جديداً في المعمودية بعد الفداء، وذلك في ملء الزمان، أما الآن فيكفى أنك حية وإنتظرى. وتكرار بدمك عيشى، يعنى توجيه هذه الكلمة للأمم واليهود. والله لم يتركها تحيا فقط بل إهتم بها ورعاها وأعطاها بركات زمنية = فربوت وكبرت ونما الجنس البشرى وإزدهر في كل مكان. ربوت = من ربوة اي مكان مرتفع والكلمة مترجمة في الانجليزية مزدهرة نامية كنبات الحقل = جعلتك ربوة، وبلغت زينة الأزيان = جعلها الله جميلة، فكم من مدن جميلة وحضارات عريقة وفلسفات وعلوم، لم يبخل الله على العالم بشئ (وشئ شبيه بذلك فلقد إستمر العالم الشيوعى يسب الله أكثر من سبعين سنة، والله يفيض عليهم قوة وعلم وغذاء..... الخ). ولاحظ أنه بالرغم من إضطهاد المصريين لشعب الله، قول الكتاب عنهم "ولكن بحسبما أذلوهم هكذا نموا وإمتدوا فإختشى منهم المصريون خر 1: 12. الله أعطاهم نمواً عددياً. والله أعطى لبقية الشعوب نمواً ونضجاً عقلياً وصار للعالم جمال ونضج وفكر = نهد ثدياك ونبت شعرك = فالتشبيه بعروس، والعروس لا تخطب إلا إذا نضجت وعلامة النضج للفتاة ثدياها، ألن تستعملهما في إرضاع أولادها. والكنيسة ترضع أولادها لينموا في الإيمان. هذا القول يشير لأن المسيح أيضاً أتى في ملء الزمان غل 4: 4 بعد أن صار العالم ناضجاً مستعداً لذلك المجيء. واليهود كان لهم ثديان يرضعان منهما أولادهم وهم الناموس والأنبياء. والكنيسة لها أيضاً ثديان هما العهد القديم والعهد الجديد. عريانة وعارية = تكرار القول فيه إشارة
1) لأنها مولودة بالخطية فعريانة إشارة للخطية الأصلية. وعارية إشارة لخطاياها الحالية.
2) عريانة إشارة للخطية، فآدم لم يشعر أنه عريان إلا بعد أن أخطأ وعارية فيه إشارة للشعور بعدم الإحتياج للمسيح رؤ 3: 17
3) عريانة إشارة لليهود بسبب تعديهم على الناموس وعارية إشارة للأمم لخطاياهم.
فمررت بك وإذا زمنك زمن الحب = لقد صارت العروس ناضجة الآن، وعلى العريس أن يتقدم لخطبتها. فالشعب اليهودى في مصر صار ناضجاً ليتحرر فأرسل الله لهم موسى، وبالنسبة للكنيسة فلقد جاء المسيح بنفسه لها. كان موسى مخلصاً للشعب في زمن حب الله لهم، وكان المسيح في تجسده أبلغ مثل للحب "ليس حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه يو 15: 13. وحين مر السيد عليها كانت عريانة بفعل الخطية، فستر السيد عليها = وبسطت ذيلى عليك = هذا ما فعله بوعز مع راعوث إشارة للمسيح عريس نفوسنا (را 3: 9). فالقدوس لم يستنكف من أن يأخذنا له عروساً. ودخلت معك في عهد = كان العهد الأول لآدم وحواء "نسل المرأة يسحق رأس الحية" والوعد الثانى لنوح بعدم الهلاك "قوس قزح" والوعد الثالث لإبراهيم بالختان والوعد الرابع مع موسى بالذبائح وخروف الفصح، والوعد الخامس والأخير بدم المسيح.هي كانت نجسة تعيش بدمها ولا تطهير سوي بالدم (عب 9: 22) فحممتك بالماء = لليهود بالمرور في البحر الأحمر، ولنا بالمعمودية (= تطهير) (رو 6) التي فيها نموت في المسيح ومسحتك بالزيت = هذا رمز لعمل الروح القدس، فمع اليهود كان هذا للأنبياء والملوك والكهنة. أما في العهد الجديد فكلنا مسحنا بالميرون وصرنا هياكل للروح القدس. وغسلت عنكدماءك = بالمعمودية نغسل من دماء خطايانا الأصلية التي ولدنا بها والحالية التي إرتكبناها بعد المعمودية. وبعد المسح بالروح القدس نصير له = فصرتِ لى = لاحظ أن المسح بالميرون فيه تكريس للممسوح فيصير قدساً أي مخصصاً لله. وألبستك مطرزة = تلبس أفخر الملابس بعد أن كانت عارية. وأفخر ما نرتديه هو المسيح "البسوا المسيح" فبالمعمودية تصير لنا حياة المسيح الكامل في صفاته (رو 13: 14 + في 1: 21) ونعلتك بالتخس = كما ألبس الإبن الضال حذاء في رجليه، هذه حماية لنا لنسير وسط العالم ولا ننحرف عن طريق الله. والكتان = علامة النقاوة والطهارة. والبز = علامة البر. والحلى = هي عربون الروح الذي يكسب النفس جمالاً. ووضع الإسورة في يديها = هو تقديس طاقات العمل لحساب الملكوت وخزامة في أنفها وأقراطاً في أذنيها = لتقديس حواسها. أما تاج جمالها = فهو السيد المسيح نفسه. وتحليت بالذهب = الحياة السماوية. والفضة = كلمة الله مز 12: 6 وأكلت السميذ = جسد المسيح غذاء للنفس، أما اليهود فأكلوا المن وقد يكون أيضاً لليهود الحلى والذهب والفضة هي ما أخذوها من المصريين. وأكلت العسل = حين أكل حزقيال كلمة الله (الدرج) كان في فمه كالعسل. وهكذا داود وأرمياء ويوحنا (راجع تفسير إصحاح 3 آيات 1-15). وخرج لك اسم في الأمم = هكذا جاءت ملكة سبأ لسليمان. والكنيسة دائماً منارة للعالم كله
الآيات 15 – 34:- فاتكلت على جمالك وزنيت على اسمك وسكبت زناك على كل عابر فكان له. واخذت من ثيابك وصنعت لنفسك مرتفعات موشاة و زنيت عليها امر لم يات ولم يكن. واخذت امتعة زينتك من ذهبي ومن فضتي التي اعطيتك وصنعت لنفسك صور ذكور وزنيت بها. واخذت ثيابك المطرزة و غطيتها بها ووضعت امامها زيتي وبخوري. وخبزي الذي اعطيتك السميذ والزيت و العسل الذي اطعمتك وضعتها امامها رائحة سرور وهكذا كان يقول السيد الرب. اخذت بنيك وبناتك الذين ولدتهم لي وذبحتهم لها طعاما اهو قليل من زناك. انك ذبحت بني وجعلتهم يجوزون في النار لها. وفي كل رجاساتك وزناك لم تذكري ايام صباك اذ كنت عريانة وعارية وكنت مدوسة بدمك. وكان بعد كل شرك ويل ويل لك يقول السيد الرب. انك بنيت لنفسك قبة وصنعت لنفسك مرتفعة في كل شارع. في راس كل طريق بنيت مرتفعتك ورجست جمالك وفرجت رجليك لكل عابر واكثرت زناك. وزنيت مع جيرانك بني مصر الغلاظ اللحم وزدت في زناك لاغاظتي. فها انا ذا قد مددت يدي عليك ومنعت عنك فريضتك واسلمتك لمرام مبغضاتك بنات الفلسطينيين اللواتي يخجلن من طريقك الرذيلة. وزنيت مع بني اشور اذ كنت لم تشبعي فزنيت بهم ولم تشبعي ايضا. وكثرت زناك في ارض كنعان الى ارض الكلدانيين وبهذا ايضا لم تشبعي. ما امرض قلبك يقول السيد الرب اذ فعلت كل هذا فعل امراة زانية سليطة. ببنائك قبتك في راس كل طريق وصنعتك مرتفعتك في كل شارع ولم تكوني كزانية بل محتقرة الاجرة. ايتها الزوجة الفاسقة تاخذ اجنبيين مكان زوجها. لكل الزواني يعطون هدية اما انت فقد اعطيت كل محبيك هداياك ورشيتهم لياتوك من كل جانب للزنا بك. وصار فيك عكس عادة النساء في زناك اذ لم يزن وراءك بل انت تعطين اجرة ولا اجرة تعطى لك فصرت بالعكس.
نجد هنا حصراً للشر العظيم الذي إرتكبوه في نكران واضح لجميل الله. كانت جريمتهم هي الوثنية ويسميها الكتاب زنا روحى، فهي خيانة بالقلب، إذ يحب أحداً غير الله. وبدأت العبادة الوثنية في أواخر أيام سليمان واستمرت. هنا إنحراف هذه العروس وراء آخر غير عريسها. وفي حالتنا هو إرتباطنا بالأمور العالمية على حساب الله. وبدء السقوط هو الكبرياء = إتكلت على جمالك = فالنفس التي تثق في جمالها وتظن أنها بارة تقوم بدور الزانية، لأنه فيما تفعله حسناً لا تفعله لإعلان مجد الله بل هي تطلب مجدها الذاتى، وسكبت زناك على كل عابر = أي عبدوا كل أوثان جيرانهم. وأخذت كل ما أعطاها الله من مواهب وزينة (صحة ومال وإسم...) وزنيت عليها = أي استخدمت كل شيء في الخطايا. وبالنسبة لليهود فهم قدموا كل شيء للأوثان. بل قدموا أولادهم ذبائح للأوثان = هم عملوا هذا فعلاً ولكن روحياً كم من أولاد لنا، جسديين أو روحيين كنا سبباً في هلاكهم. ولاحظ هنا أن الله يقول ذبحت بنىَ = فالأولاد هم أولاده هو، أما الآباء فما هم سوى خدام لله يربون الأولاد لحساب الله. ومما ضاعف خطيتها نكرانها لجميل الله عليها = لم تذكرى أيام صباك = يوم أخرجهم الله من أرض مصر وفاض عليهم ببركاته مظهراً لهم تفاهة أوثان وآلهة الشعوب. وبنيت لنفسك قبة = في كل مكان صنعوا لأنفسهم مذابح للأوثان. وروحياً فهذا يعنى أينما سار الإنسان لا يهتم سوى بملذاته وشهواته. وهي تدعو الآخرين للزنا معها أي بالنسبة لليهود يُدخِلون كل أصنام جيرانهم مصر وأشور... الخ. هذا يشبه من تتحول الخطية في حياته إلى حالة مرضية، يخطئ بلا شبع، وفي خطايا قد تكون متضادة (زنا وكبرياء مثلاً) والنتيجة أنها رجست جمالها = فبالخطية تفقد صورة المسيح فينا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وبنى مصر الغلاظ اللحم = أي المتكبرين. زنيت معهم = هذه تشير غالباً لإتكالهم على مصر، وعملهم معاهدات وحلف مع مصر لتحميهم، وكانت العادة في عقد المعاهدات للحماية أن من يطلب الحماية يقدم العبادة لآلهة من يطلب منه الحماية، وهذا حدث أيضاً مع أشور آية 28. ولنلاحظ أنهم عبدوا آلهة الفلسطينيين فأسلمهم الله ليدهم، وهكذا مع مصر وأشور وبابل. وهكذا من يحب خطية تحرقه نيران هذه الخطية. وهى زانية تحتقر الأجرة، بل تعطى من يزنى معها هدايا = هذه إشارة للذهب والفضة التي يدفعونها للشعوب لعقد معاهدات معهم. وهم بعبادتهم لأوثان هذه الشعوب يرتكبون الزنا الروحى. والتشبيه هنا أن من عادة الزوانى أنهن يأخذن أجراً، ولم يسمع أن زانية دفعت هدية لأحد، أما هؤلاء فقد دفعن لآلهة الشعوب المجاورة. أو ليس هذا مثل من يضيع صحته ويصرف أمواله فى سبيل خطاياه. تأخذ أجنبيين مكان زوجها = الزوج هنا هو الرب، وزوجها هو الذي يدافع عنها، لكنها أخذت أوثاناً مكان زوجها.
آية (1): "ما اجمل رجليك بالنعلين يا بنت الكريم دوائر فخذيك مثل الحلي صنعة يدي صناع."
السيد المسيح عريس الكنيسة مازال يُعبِّر عن حبِّه لعروسته حين وصفته (نش5) بدأت برأسه فهو النازل من السماء للأرض وهو يصفها مبتدئاً بقدميها والسبب أن سر جمالها هو الطريق الذي تأخذه "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" إذاً هي باتجاهها تصعد للسماء من الأرض. بنت الكريم= كنا قد فقدنا بنوتنا وانتسابنا لله بعد الخطية، وبالمسيح رجعت الكنيسة لبنوتها، ونحصل على هذه النبوة من الماء والروح في المعمودية. ما أجمل رجليك بالنعلين= قارن مع "حاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام" (أف15:6). فنفهم أن سر جمال العروس أنها تسير في الطريق الملوكي، طريق الرجوع إليه، مستجيبة لندائه إرجعي إرجعي (13:6) أي طريق التوبة، دائسة أشواك وتجارب العالم، كارزة بالإنجيل "ما أجمل على الجبال قدمي المبشر المخبر بالسلام" (إش7:52+ رو15:10). هنا العريس يبدأ بالرجلين اللتين سارتا في طريق المسيح بحسب الإنجيل (توبة/ كرازة/ دائسة أشواك العالم وخطاياه). دوائر فخذيك= دوائر تعني مفاصل JOINTS (أف16:4+ كو19:2) جمال الكنيسة في ترابطها ووحدتها التي يصنعها الروح القدس= الصنّاع. وهذه الوحدة في نظرا لله كالحلي تترجم سلاسل تربط بين الجميع. والروح القدس يجمع بين أعضاء الجسد *********) بالمحبة.
آية (2): "سرتك كاس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج بطنك صبرة حنطة مسيجة بالسوسن."
السُرَّة= تقطع من جسد الأم حيث كان الطفل يحصل على غذائه، رمزاً لبدء حياة جديدة. وفي (حز4:16) استخدم تصوير عدم قطع السرة ليشير لبشاعة ما وصل إليه الإنسان من محبته للعالم التي أدت به للموت. وبالتالي فقطع السرة هنا يشير لأن هذه العروس قطعت علاقتها بالعالم ولكنه يقول السرة وليس الفم فهي مازالت مرتبطة بالله وليس حرة في مصادر فرحها. والسرة ترشم بالميرون لأن الروح القدس يقدس الأحشاء الداخلية كما الخارجية ليكون الإنسان بكليته للرب. وهي مستديرة= بلا بداية ولا نهاية، أي حملت سمات السماء أي أن عطايا السماء لها بلا نهاية. ولا يعوزها شراب= لا تعوزها أفراح العالم. بطنك صبرة حنطة= صبرة أي كومة. فداخل الكنيسة مخازن غذاء روحي. والحنطة تشير لجسد المسيح " كفقراء ونحن نغني كثيرين." مسيجة بالسوسن= عريسها يحميها فالسوسن صفة العريس، ولكنه صار صفة للعروس، وبهذا تشير الآية أن الكنيسة تصير قوية بأولادها الذين تلدهم ويصبحوا على صورة الله.
آية (3): "ثدياك كخشفتين توأمي ظبية."
راجع (5:4).
آية (4): "عنقك كبرج من عاج عيناك كالبرك في حشبون عند باب بث ربيم انفك كبرج لبنان الناظر تجاه دمشق."
عاج= ما أعطاها التلذذ بالسماويات هوموتها عن العالم. عنقك كبرج عاج= هناك عنق كعنق الحيوانات دائماً ينظر لأسفل، للأرض يشتهيها. وهناك عنق إنحنى بالأكثر ودفن في التراب (خطية العالم). ولكن هذه العروس ترفع عنقها دائماً لفوق فهي دائماً تتطلع لعريسها الذي من فوق، لا تنظر للتراب أي تحيا في طهارة وقداسة. وتشبيه العنق بالبرج هنا يدل على أنها في طهارتها هي راسخة قوية، وهذها راجع لثقتها وإيمانها بعريسها. والتشبيه بالعاج (الذي يحصلون عليه من الفيل بعد موته) يشير لاستعدادها للموت دفاعاً عن إيمانها وطهارتها. ولاحظ لون العاج الأبيض الذي يشير للطهارة والعفة.
عيناك كالبرك= البرك بلا أمواج أو اضطرابات والبرك فيها عمق وصفاء، هما مفتوحتان وترى بهما السماء، خصوصاً هذا بسبب عنقها المرفوع لأعلى لأنه من عاج. فهي لها نظرة روحية هادئة. في حشبون حشبون إحدى مدن الملجأ وهذا يشير لأن هدوئها وسلامها راجع لأنها محتمية في ملجأها الرب يسوع، بل تصير النفس التي لها هذه الصفات كالملجأ لمن يريد أن ينعم بالهدوء هذه النفس المملوءة سلاماً صارت مصدر جذب للآخرين، باب بث ربيم= أي باب بنت الجماعة، إشارة للجموع الكثيرة التي تدخل من هذا الباب. هذه النفس في سلامها صارت مصدر جذب لكثيرين ليتذوقوا حالة السلام التي تحياها. أنفك كبرج= الأنف للشم أي التمييز فهي تستطيع أن تميز أعداءها القادمين من أتجاه دمشق= ودمشق تشير للعالم والزمنيات (عدد مدينة دمشق 444) هي بلد تجاري. وغالباً برج لبنان كان برجاً شهيراً للمراقبة. وكأن الكنيسة أو النفس التي لها البصيرة الروحية تستطيع أن تنظر للعالم وتحكم على كل شيء (1كو15:2)، هي تستطيع أن تميز بين رائحة المسيح الزكية ورائحة العالم وأطايبه الزائلة، وهي تستطيع أن تواجه كل تيار زمني.
آية (5): "رأسك عليك مثل الكرمل وشعر رأسك كأرجوان ملك قد أسر بالخصل."
الكرمل= هو جبل عالٍ مثمر، إمتاز بالخضرة الكثيفة والغابات ذات الثمار الكثيرة رأسكِ عليك مثل الكرمل= الرأس هو المسيح السماوي العالي المثمر في كنيسته فالكرمل جبل عالٍ جداً وكله خضرة مثمرة.
شعر رأسكِ كأرجوان= الشعر يشير لأفراد الكنيسة الملتصقين بالرأس. والأرجوان هو لبس الملوك، فعروس الملك تصير ملكة. ملك أسِرَ بالخصل= الملك هو العريس وقوله أسر أي هو لا يريد أن يترك كنيسته (الخصل) من محبته لها.
آية (6): "ما أجملك وما أحلاك أيتها الحبيبة باللذات."
باللذات= الله يتلذذ بشعبه المحب له الملتف حوله "لذاتي مع بني آدم" (أم31:8).
آية (7): "قامتك هذه شبيهة بالنخلة وثدياك بالعناقيد."
النخلة= تمتاز بطولها واستقامتها وبأن لها جذور قوية تحصل بها على الماء من العمق. ولذلك شبه القديسين بالنخل "الصديق كالنخلة يزهو" فهو يعيش مستقيماً ويدخل للعمق، وكلما دخل للعمق يرتوي من مياه الروح القدس. ونلاحظ أن السبعين رسولاً رُمِزَ لهم بسبعين نخلة في العهد القديم (خر27:15). ولذلك كان بيت الله مزين بالنخيل (1مل29:6،32،35+ 36:7). ورأينا في سفر الرؤيا السمائيين وقد حملوا سعف النخيل (رؤ9:7) علامة النصرة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهكذا قابل الشعب المسيح بسعف النخيل في دخوله لأورشليم (يو13:12)، إذ كانوا يستقبلونه كملك منتصر. وثدياك بالعناقيد= الثديان بهما يُطعمون الأطفال. والثديان يرمزان للعهد القديم والجديد بهما تشبع الكنيسة أولادها. ولاحظ أن الثديان هنا مشبهان بالعناقيد فهما مملوءان خمراً رمز الفرح لذلك يقول بولس "إن كان وعظ ما تسلية ما ففي المحبة في المسيح" فبدون المسيح لا فرح (في1:2).
آية (8): "قلت أني اصعد إلى النخلة وأمسك بعذوقها وتكون ثدياك كعناقيد الكرم ورائحة انفك كالتفاح."
عذوقها= هو جريد النخلة والمقصود هنا الرخص الضعيف، والعريس بفرحته بعروسه المثمرة يشتاق أن يمسك به حتى لا يخطفه أحد (الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك" (يو12:17) فالجريد الرخص إشارة لأعضاء الكنيسة. وقوله أصعد إلى النخلة= يشير لاشتياقه واستعداده لتحمل أي ألام ليحمي أولاده. فهو نزل وتجسد وصلب ومات ليحمي أولاده ويفديهم. وقوله أصعد يعبر عن فرحته بأن كنيسته ارتفعت. نحن نمسك بالسعف لأننا بالرب ننتصر هو يمسكننا كعذوق (سعف أخضر) ونحن نمسك بالسعف رمز انتصارنا (رؤ9:7). والمسيح يمسك بنا كسعف ليحمينا. ولأن انتصارنا هو لحساب مجد اسمه فهو يفرح بكل انتصار لنا. إذاً انتصارنا كان لأنه يمسكنا. تكرار يكون ثدياك كعناقيد (بينهما نسمع أن المسيح يمسك بعذوقها) = بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً فبعد أن أمسك بعذوقها صار لها أن تكون فعلاً مصدر فرح لأولادها. رائحة أنفك كالتفاح= دائماً تشتم التجسد. فالتفاح يشير للتجسد (3:2). أوهي تتنفس المسيح دائماً والتنفس هو حياة أي المسيح حياتها.
قارن مع (عب16:2) وفيها نرى المسيح يتجسد ليمسك بأولاد الله الذين ضلوا بعيداً عنه فماتوا وهلكوا أي ذرية آدم. ولكنه لم يتجسد لأجل الملائكة الساقطين الذين صاروا شياطين.
أصعد إلى النخلة وأمسك = قارن مع (عب16:2) وفيها نرى المسيح يتجسد ليمسك بأولاد الله الذين ضلوا بعيداً عنه فماتوا وهلكوا أي ذرية آدم. ولكنه لم يتجسد لأجل الملائكة الساقطين الذين صاروا شياطين.
آية (9): "وحنكك كأجود الخمر لحبيبي السائغة المرقرقة السائحة على شفاه النائمين."
حنكك كأجود الخمر= حنكها أي سقف حلقها. فهي في فرحها تسبح من العمق وليس بالشفتين فقط بينما القلب مبتعد بعيداً. سائغة= ساغ الشراب في الحلق أي يسهل دخوله فيه. مرقرقة= يجري جرياً سهلاً. سبق للنفس وقالت لا تيقظن الحبيب حتى يشاء (7:2+ 5:3+ 4:8) وهنا نرى الحبيب نائماً وهي لا تريد أن توقظه أو تزعجه. وهل ينام الحبيب حقاً؟ الله لا ينام ولا ينعس (مز4:121) ولم يذكر الكتاب سوى مرة واحدة أن المسيح نام، وكان ذلك في السفينة والبحر هائج. وذهب التلاميذ ليوقظوه وهم في حالة خوف من الأمواج قائلين "يا رب أما يهمك أننا نهلك" (مر38:4). وقام المسيح وانتهر الريح وقال لهم، ما بالكم خائفين هكذا. كيف لا إيمان لكم" إذاً قلة الإيمان هذه هي التي تزعج المسيح. فكيف تغرق السفينة وكيف نهلك طالما المسيح موجود. المسيح لا ينام بل يبدو في بعض الأحيان أنه نائم إذ لا يتدخل بينما الأمواج تشتد والتجارب تزداد وما الذي يفرح الحبيب؟
حنكك كأجود الخمر – لحبيبي السائغة= أي تسابيح النفس في وسط التجارب واثقة أن الرب سيتدخل في الوقت المناسب. أما عدم إيماننا واضطرابنا فهذا يزعجه. والخمر ترمز للفرح وأجود أنواع الفرح بالنسبة لله هو تسبيح نفس متألمة واثقة في عريسها وفي محبته غير مهتمة بالأمواج وهذه النفس التي أحبت عريسها تطلب من الجميع ألا يوقظوه بعدم إيمانهم= لا تيقظن الحبيب حتى يشاء. أي اتركوا المسيح يتدخل لينتهر الأمواج وقتما يشاء ولا تزعجوه بصياحكم وعدم إيمانكم. وقولها "لا تيقظن الحبيب حتى يشاء" في آية (4:8) موجه للخدام حتى لا يضطربوا وييأسوا من مشاكل الخدمة.
آية (10): "أنا لحبيبي وإليّ اشتياقه."
بعد أن سمعت النفس هذه الأوصاف قالت أنا لحبيبي وإليّ اشتياقه. فهي إذ سمعت أن عريسها فرح بسبب فرحتها قالت "إن كل ما وصفتني به إنما هو منك ولك.
آية (11): "تعال يا حبيبي لنخرج إلى الحقل ولنبت في القرى."
لنخرج إلى الحقل= العروس لا تكتفي بفرحها، فمن تشبهت بعريسها لا تنغلق على ذاتها بل تخرج من ذاتها وراحتها الشخصية إلى مجال خدمة شعب المسيح، وتهتم بأنهم يتذوقوا ما تذوقته هي. وقولها لنخرج= إذ كيف تخرج للخدمة بدونه (يو35:4+ 1كو6:3-9) وربما أيضاً تريد النفس أن تخرج من العالم ومسراته لتشترك مع عريسها في خدمة النفوس. لنبت في القرى= أي نسهر على خدمة النفوس. والقرى تشير لمكان البسطاء والفقراء.
آية (12): "لنبكرن إلى الكروم لننظر هل أزهر الكرم هل تفتح القعال هل نور الرمان هنالك أعطيك حبي."
لنبكرن= هذه أمانة الخدمة، لقد تخلت عن كل أنانية وإنغلاق لتبكر للخدمة. فنصيحة لكل خادم "لا تتأخر وإلا ضاع المخدوم" هناك أعطيك حبي= النفس الأمينة في الخدمة تعطي ببذل ناتج عن الحب لعريسها ولأولاده وشعبه. هل أزهر الكرم.. = هل ظهرت ثمار الخدمة في المخدومين. هناك أعطيك حبي= الحب العامل في الخدمة.
آية (13): "اللفاح يفوح رائحة وعند أبوابنا كل النفائس من جديدة وقديمة ذخرتها لك يا حبيبي."
اللفاح= نوع من أجمل الزهور وأبهاها. يشير للحب الزيجي بين رجل وزوجته. وكان القدماء يتصورون أن فيه شفاء للعقم. (تك14:30-16). والمعنى هنا أن الحب بين العروس وحبيبها المسيح فاحت رائحته. وهذه الوحدة لها ثمار كلها نفائس= هي ثمار عمل كلمة الله في النفس. جديدة= فكل يوم هناك إضافات جديدة وهي قديمة = أي أصيلة وعميقة. ذخرتها لك يا حبيبي= قارن بين هذه النفس التي ذخرت لحبيبها نفائس جديدة وقديمة وحينما تقابله في السماء يجد معها هذا الكنز من النفائس فيفرح بها. وبين نفس أخرى تذخر لنفسها غضباً في يوم الغضب يوم الدينونة (رو5:2). فمن يتقبل عمل المسيح وعمل الروح القدس فيه يذخر نفائس تكون له كنوزاً في السماء. ويكون اليوم الأخير له هو يوم عرس ومن لا يتقبل عمل الروح القدس فيه ويقاومه ويحزنه يصير هذا اليوم يوم دينونة له.
تعليق على آية 10 أنا لحبيبى وإلىّ إشتياقه
لاحظ تطور العطاء عند العروس لعريسها فهي قالت في (16:2) حبيبى لي وأنا له أى هي بعد أن إكتشفت عمله في التجسد قررت أن تهب نفسها له في مقابل عطائه. ثم إرتقت النفس في عطائها نفسها لعريسها بعد أن عرفته كفادى يبررها في (3:6) وقالت أنا لحبيبى وحبيبى لى فهي بدأت بأنها أعطت حبها ثم قالت لأنه أعطانى نفسه. ووصلت هنا لقمة العطاء فهى تعطى نفسها وتشتاق له إذ أحبت شخصه وما عادت تذكر عطاياه بل محبتها لشخصه بعد أن رأت محبته العجيبة لها كنفس، وأن هذه المحبة جعلته يشتاق لها، فأحبته لأنه أحبها أولا (1يو4 : 10).
وترجمت هذا عملياً بإشتياقها لخدمة الأخرين. وهذا ما قاله بولس الرسول "إنى مديون لليونانين..." (رو14:1) + "كنت أود لو أكون محروما من المسيح لأجل إخوتى" (رو3:9) فهو يشتاق أن يخدم الجميع يهوداً وأمم ليعرف الكل المسيح كما عرفه هو. رأينا من قبل أن هذه النفس نائمة لا تريد أن تتعب لأجل حبيبها (نش5 : 3) ولكنها بعد أن إشتعلت حبا صارت تشتاق لخدمته والعمل معه (نش7 : 11، 12 + 8 : 6). ففى حالة الفتور لا تود النفس أن تتعب والعكس.
ونلاحظ أن بذل الذات وعطاء النفس فى خدمة الأخرين هو المحبة الحقيقية حب صادر من الشخص تجاه الأخر. وهذا النوع يشبه محبة المسيح لنا. وإذا شابهنا المسيح نعمل مثله ويكون المسيح فينا وهذه هي الحياة. فبذل الذات = حياة والعروس هنا التي إنعكس جمال المسيح عليها فصارت لها صفاته (السوسن وخمائل الطيب) بل اسمه (شولميث) صارت لها صفاته في المحبة الباذلة وخدمة الآخرين وذلك لأن عريسها يحيا فيها فتقول لي الحياة هي المسيح وهناك حالة عكسية يسمونها خطأ حب لكنها شهوة ونمثلها هكذا . وهنا يريد الإنسان لا أن يبذل من أجل من يحبه ولكن أن يتلذذ به ويمتلكه. وطالما هى محبة متجهة للداخل فهي تكون كمن ينغلق على نفسه كالشرنقة ويموت.
أما العروس هنا فوصلت لقمة المحبة لعريسها وهذا ما سنراه في إصحاح (8).
وهذا رد مفحم لكل من يقول ان الكتاب المقدس كتاب شاذ
المفضلات