

-
اولآ الادله على قيامه المسيح
هل هناك أدلة على قيامة الرب يسوع المسيح (تبارك اسمه) من الأموات؟
نعم. هناك عدة أدلة وبراهين كافية وواضحة لكل إنسان مخلص مستعد أن يقبل ما أعلنه الله القدير في كتابه العزيز (الكتاب المقدس). لكن أقوى وأكثر الأدلة تأكيداً - وهو مالا يحتاج إلى مناقشة وجدال، ولا يقبل الشك والاحتمال - هو ذكر واقعة وحقيقة القيامة في الكتاب المقدس. فلا يكفى أن يذكر تنزيل الحكيم العليم أن المسيح (تبارك اسمه) قد قام من الأموات، لكن أعود فأقول لو قال البعض إن إنجيلكم محرف، فنسأله: هل حرف المسيحيون هذه القصة؟ وما مصلحتهم في ذلك؟ وما القصة الحقيقية للقيامة؟ هل مات المسيح (تبارك اسمه)، ودفن، ولم يقم؟! مستحيل. أم لم يمت من الأصل؟ إذن لا مفر من التصديق والإيمان بقيامة السيد المسيح (تبارك اسمه) من الأموات.
الحقيقة أننا لا نستطيع أن نتخيل شكل نهاية الإنجيل في كتاباته الأربعة، (الإنجيل بحسب البشيرين متى ولوقا ومرقس ويوحنا) إذا اختفت منه واقعة القيامة إذن لماذا يجب أن نؤمن بالقيامة؟
الحقيقة لو لم ينته الإنجيل بسرد حادثة القيامة، لكانت نهايته نهاية كئيبة وحزينة لتلاميذ فقدوا سيدهم بعد أن تبعوه لمدة ثلاث سنين وثلث، ووضعوا عليه آمالاً كثيرة أنه هو المخلص الذي أتى إلى خاصته، لكي يحررهم، ويخضع الشعوب تحت أقدامهم، ويجلسهم عن يمينه ويساره في مملكته. وعندما فهموا أنه ملك روحي ومملكته ليست من هذا العالم، قبض عليه اليهود وصلبوه. واليوم هو يرقد في قبر كأي إنسان عادى لا حول له ولا قوة.وهم في خوف ورعب من اليهود، ثم انصرافهم كل واحد بعد جنازة السيد المسيح (له المجد)إلى بيته، ونسيانه تلك الفترة الجميلة التي قضاها مع سيده المسيح.
فيالها من نهاية أليمة محزنة. وبالطبع لم يستطيعوا أن يقولوا لنا آمنوا بالمسيح كالمخلص.كيف وهو لم يستطع أن يخلص نفسه من أيدي اليهود وقبضة القبر والأكفان.
فكيف ينادون به كالمخلص؟ باختصار، وانهدمت المسيحية كلها من الأصل؛ لأن أساس قيام المسيحية هو الاعتماد على المسيح الحي المقام من الأموات.
وإليكم بعض الأدلة على قيامة المسيح
أولاً: الأدلة المنطقية.
ثانياً: الأدلة التاريخية.
ثالثاً:الأدلة الروحية.
رابعاً: الدليل العملي على ذلك.
أولاً: الأدلة المنطقية:
واحد من أقوى الأدلة على قيامة الرب يسوع المسيح من الأموات هو تصريح الحواريين أو تلاميذ السيد (له المجد)بأنه قد قام.وهم كانوا كما يصفهم الكتاب المقدس بعد موت المسيح في حالة رعب وخوف من اليهود.وهذا واضح من قصة إنكار بطرس تلميذ المسيح له أمام العبيد والجوارى حتى قبل أن يحكموا عليه (تبارك اسمه) بالصلب. فما كان موقف بطرس بعد الصلب - وليس بطرس فقط - مع أنه كان المعروف بمقدام الرسل وأشجعهم. لكن الكتاب العزيز يقول: إن جميع التلاميذ تركوا سيدهم (تبارك اسمه)، وهربوا. فإن كانوا هربوا لمجرد قبض اليهود عليه، فماذا كانت ستكون حالتهم بعد الموت؟! بالتأكيد، إنه لم يستطع أحد أن يتكلم أي كلام عن المسيح المصلوب والمهزوم، الذي وضعه اليهود في القبر، وإلا ستكون نهايته كنهاية سيده. فكم وكم لو تجرأ واحد من تلاميذه، وقال:إنه قام منتصراً على اليهود وعلى صالبيه والموت والقبر.ومع ذلك فقد ملأ التلاميذ أورشليم كلها بهذه الحقيقة. فالمنطق هنا يقول: إنه لابد أنه قد قام حقاً. ودليل منطقي ثانٍ هو تحول التلاميذ من حالة الرعب والخوف والحزن واليأس وحبس أنفسهم في غرفة معروفة بالعلية، إلى حالة من الشجاعة والرجاء والخروج إلى الناس ومواجهة العامة كما هو مذكور في سفر أعمال الرسل، إن بطرس وقف يقول لليهود عن المسيح: "أنتم الذين بأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه.هذا الذي أقامه الله ناقضاً أوجاع الموت إذ لم يكن ممكناً أن يمسك منه". المنطق يقول إنه لابد أن يكون هناك شيء قد حدث في حياة هذا التلميذ ورفقائه.فلو كان التلاميذ كذابين وملفقين، وهم يقولون للناس إن الرب يسوع المسيح قد قام من الأموات، لما كان يتوفر لهم الدافع النفسي أو الروحي لهذا الأمر.والكذب لا يعطى شجاعة أو قوة للكذاب لكن يزيد من الخوف والحزن اللذين يسيطران عليه.دليل منطقى آخر هو لو كان التلاميذ كذابين، لم يستطيعوا أن يبنوا التعاليم المسيحية على كذبة.لو كانوا كذابين لماذا لم يحاول اليهود أن يذهبوا إلى القبر الفارغ، ويقولوا للناس هاهو، يسوع المسيح الذي نحن صلبناه إلى الآن هو في القبر، وكانت كذبة القيامة ستفضح سريعاً وبلا أدنى مجهود. ولو كان تلاميذه فعلاً سرقوه كما اتهمهم اليهود، لماذا لم يسمع في كل كتابات اليهود والقصص المتداولة منذ ذلك الحين أن اليهود أتوا بالتلاميذ، وضربوهم مثلاً، وأوثقوهم، وأجبروهم على الإرشاد إلى المكان الذي خبئوا فيه جثة السيد المسيح؟ وبالتأكيد هذا جسد ميت لا يستطيع أحد أن يخبئه فى بيته، وإلا الرائحة كانت ستفوح، وكان سينكشف الأمر.لكن سكوت اليهود عن تعذيب التلاميذ حتى يرشدوا على المكان الذى فيه جسد السيد المسيح، هو أكبر دليل على قيامته.
لكن سفر أعمال الرسل يقول أن اليهود قبضوا على التلاميذ عدة مرات حتى يمنعوهم أن يقولوا إن السيد المسيح (تبارك اسمه)قد قام من الأموات.
وهذا دليل على قيامة السيد المسيح من الأموات، وليس على العكس؛لأن اليهود وسائر الكهنة كانوا يعذبون الرسل حتى يسكتوا، ولا يقولوا لأحد إن السيد المسيح (تبارك اسمه)قام من الأموات.ليس حتى يجعلوهم يعترفون أنهم سرقوا جسده، فلأن اليهود كانوا متأكدين أن السيد المسيح (تبارك اسمه)قام من الأموات، لذلك لم يجرؤ أحدهم بأن يطالب التلاميذ أن يسلموا الجسد المسروق.وهذا كما قلنا لم يذكر أبداً لا في الكتاب المقدس ولا في كتب التاريخ.وأيضاً رد فعل التلاميذ في المرات التي قبض فيها عليهم من اليهود تؤكد أيضاً أن الرب يسوع قام من الأموات.فقبض اليهود على التلاميذ لا لكي يعرفوا أين هو المسيح المسروق، لكن حتى يمنعوهم أن يتكلموا عن حقيقة القيامة.
ما هو رد فعل التلاميذ على قبض اليهود عليهم؟ وكيف أن هذا يؤكد قيامة السيد المسيح (تبارك اسمه)من الأموات؟
في المرة الأولى التي يذكر فيها الكتاب المقدس أن اليهود قبضوا على التلاميذ كان في الأصحاح الثالث من سفر أعمال الرسل.وكانت هذه المرة بعد أن شفى اثنان من تلاميذ المسيح (تبارك اسمه)واحداً كان أعرج ومقعداً على باب هيكل سليمان لمدة أربعين سنة، وشفياه بجملة واحدة: باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش.وهذا جعل الجمع أو كما يقول الكتاب المقدس ركض إلى بطرس ويوحنا جميع الشعب الذي كان في الهيكل إلى رواق سليمان؛وهم مندهشون ابتدأ بطرس ويوحنا يشهدون عن قيامة السيد المسيح من الأموات، وقالا للمجمع: "ورئيس الحياة (وهنا يتكلمون عن السيد المسيح) قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات، ونحن شهود لذلك، وبالإيمان باسمه شدد اسمه هذا الأعرج الذي تنظرونه، وتعرفونه، والإيمان الذي بواسطته أعطاه هذه الصحة أمام جميعكم".وهذا الذي جعل رؤساء الكهنة وقائد جند الهيكل متضجرين من تعليمهما الشعب وندائهما في يسوع بالقيامة من الأموات، فألقوا عليهما الأيادي.
ماذا كان رد فعل تلميذي المسيح بطرس ويوحنا؟
الكتاب المقدس يقول إن التلميذ بطرس الرسول -وهذا هو نفس الشخص الذي أنكر سيده أمام جارية وعبيد- هو الذي يذكر عنه الكتاب في هذه الحادثة أنه امتلأ من الروح القدس، أي روح الله (تبارك اسمه)، وقال لهم: »يا رؤساء الشعب وشيوخ إسرائيل، إن كنا نفحص اليوم عن إحسان إلى إنسان سقيم بماذا شفى هذا؟ فليكن معلوماً عندكم وجميع شعب إسرائيل أنه باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه أنتم الذي أقامه الله من الأموات بذاك وقف هذا أمامكم صحيحاً.وليس بأحد غيره الخلاص (أي غير الرب يسوع المسيح)؛ لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص" (أعمال 4: 8-21).
ماذا فعل بهم اليهود بعد هذا الكلام القوى والصريح الذي قاله لهم بطرس؟
الكتاب المقدس يقول في سفر أعمال الرسل وأصحاح 4 وعدد 31: "فلما رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا، ووجدوا أنهما إنسانان عديما العلم وعاميان، تعجبوا.فعرفوهما أنهما كانا مع يسوع.ولكن إذ نظروا الإنسان الذي شفى واقفاً معهما، لم يكن لهم شيء يناقضون به.فأمروهما أن يخرجا إلى خارج المجمع، وتآمروا فيما بينهم قائلين: ماذا فعل بهذين الرجلين؟ لأنه ظاهر لجميع سكان أورشليم أن آية معلومة قد جرت بأيديهما، ولا نقدر أن ننكر.ولكن لئلا تشيع أكثر في الشعب، لنهددهما تهديداً أن لا يكلما أحداً من الناس فيما بعد بهذا الاسم".فدعوهما، وأوصوهما ألا ينطقا البتة، ولا يعلما باسم يسوع.فأجاب بطرس ويوحنا: "إن كان حقاً أمام الله أن نسمع لكم أكثر من الله، فاحكموا.لأننا لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا، وسمعنا.وبعدما هددوهما أيضا أطلقوهما، إذ لم يجدوا البتة كيف يعاقبونهما بسبب الشعب، لأن الجميع كانوا يمجدون الله على ما جرى، لأن الإنسان الذي صارت فيه آية الشفاء هذه كان له أكثر من أربعين سنة".في كل هذا الحديث لم ينكر رؤساء الكهنة أو اليهود قيامة السيد المسيح من الأموات، ولم يذكروا للتلاميذ أنهم سرقوا جسده، ولم يطالبوهم بالإرشاد إلى مكان الجسد المسروق، بل كل ما كان يهم اليهود هو أن يجعلوهم يسكتون، ولا يحدثون أحداً عن قيامة يسوع المسيح من الأموات.ولو كان لديهم دليل على عدم القيامة أو مكان الجسد المسروق لسارعوا به.
هل هناك أدلة منطقية أخرى؟
آخر دليل منطقي وكل هذا كما قلت على سبيل المثال لا الحصر، هو أنه ما الذى كان سيجعل التلاميذ والرسل يحتملون الإهانة والعذاب والقبض والاضطهاد سواء هم أو المسيحيين الذين حولهم أو حتى الذين أتوا بعدهم لو كانوا يحاولون أن يروجوا إلى كذبة؟ فهل يحتمل أحد كل هذه الآلام فى سبيل الدفاع عن كذبة، وهو عالم أنها كذبة، وهو ملفقها أيضاً، ولا فائدة من نشرها؟ كل هذه الأدلة المنطقية تؤكد أن المسيح قام بالحقيقة قام.
ثانياً: الأدلة التاريخية على قيامة السيد المسيح.
ما المقصود بالأدلة التاريخية على قيامة السيد المسيح من الأموات؟
المقصود بالأدلة التاريخية في أي موضوع هو ما دونته الكتب والمخطوطات القديمة التي تروى لنا حدثاً ما، هذا هو المعروف بالتواتر، أي ما تسلمناه من أجدادنا من تراث وروايات مدونة ومحققة. في الحقيقة، هناك خطورة كبيرة جداً في التشكيك فيما تسلمناه من أجدادنا،وهذا ما عرفه الإمام الرازى، وهو من أقدر أئمة الأحباء المسلمين، بالقدح فى التواتر.لأننا كيف عرفنا أن اسم الإنسان الأول الذي خلقه الله (سبحانه وتعالى) كان آدم، وزوجته اسمها حواء؟ من التواتر. وكيف عرفنا أن ولديهما قايين وهابيل؟ وقصة إبراهيم وإسحق ويعقوب والأسباط؟ من التواتر والكتب والمخطوطات من أين عرفنا قصة أنبياء الله يوسف وموسى وهارون وقصة مجيء السيد المسيح وصلبه وموته وقيامته؟ من التواتر.ومن أين عرفنا أن محمداً بن عبد الله نبي الإسلام ولد وعاش ومات ونادى برسالته فى بلاد العرب، ثم جاء بعده أبو بكر وعمر وعلى وغيرهم؟ من الكتب والمخطوطات والتواتر.وهنا قال الرازى كما ذكرنا فى مرة سابقة:إن القدح في التواتر يفتح باب الشك في نبوة موسى أو عيسى وسائر الأنبياء.فالتشكيك فى كلام الله (سبحانه وتعالى)وعدم الإيمان به في الحقيقة هو مصيبة كبيرة.
والأدلة التاريخية كثيرة، وهى تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أولا:ًشهادة الكتاب المقدس، ذلك الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ثانياً: شهادة كتب التاريخ والمؤرخين من المسيحيين واليهود والوثنيين.
ثالثاً:شهادة الآثار والحفريات.فعلى سبيل المثال:
أولاً:شهادة الكتاب المقدس:
وهذه تتضمن عدة أشياء هي:
1- شهادة الحواريين، وأتباع السيد المسيح (له المجد).
2- شهادة الحرس الذين كانوا واقفين يحرسون قبر السيد المسيح (تبارك اسمه) قبل قيامته.
3- شهادة الملائكة التي أحاطت بالقبر، وظلت هناك حتى بعد قيامة السيد المسيح (له المجد).
4- شهادة الموتى الذين قاموا مع قيامته من الأموات.
5- التسجيل التاريخي لكل ظهور، مرات عديدة يذكر زمن الظهور وعدد المشاهدين للسيد المسيح ومكانه الحقيقى.
1- شهادة الحواريين أو أتباع المسيح:
كما شرحنا سابقاً أن أتباع السيد المسيح سواء تلاميذه أو المحيطين به شهدوا عن قيامته بوضوح وبكل صراحة، ولم يؤخذ في الاعتبار أن هؤلاء الناس كانوا صادقين غير كذابين وغير متوهمين للقيامة مثلاً.وأنهم تحملوا كل المعاناة في سبيل نشر رسالة القيامة؛ لذا نستطيع أن نتكل ونطمئن جداً بالرجوع إلى أقوالهم والإيمان بها.وأكثر من هذا فالأربعة الذي ائتمنهم الوحي المقدس والمولى (سبحانه وتعالى)أن يكتبوا لنا الإنجيل الواحد بكتاباتهم الأربعة، كلهم متفقون تماماً على حادثة قيامة السيد المسيح من الأموات.
ما الذي يؤكد أن الرسل كانوا صادقين، وغير كذابين وغير متوهمين لحادثة القيامة؟
لا يمكن أن يكون التلاميذ كذابين، لأن ليس لهم مصلحة في الكذب، الذي يكذب لابد أن يكون له دافع قوى على الكذب إما سيحصل على مكافأة أو كرامة، أو سيكسب حب الناس وعطفهم.لكن الرسل كانوا عالمين أن مجرد ذكرهم لهذه الحقيقة سيجردهم من كل شيء حتى من ممتلكاتهم، وسيخرجون من المجمع اليهودى.وهذا لم يكن سهلاً على أى يهودى أن يحتمل هذا.وسيقبض عليهم، وسيعذبون، ويهزأ بهم، وهذا سيجردهم حتى من كرامتهم.وسيناصبهم من الناس العداء، ومن الممكن أيضاً أن أهل بيوتهم يتنكرون لهم كما يحدث الآن مع أى شخص غير مسيحى عندما يعتنق المسيحية.يجب أن يحسب حسابه ألف مرة قبل أن يصرح هذا التصريح لما يلاقيه من أهل بيته وشعبه ورجال دينه من الاضطهاد.وهذا يجعل أى إنسان يفكر جيداً قبل أن يقبل السيد المسيح مخلصاً شخصياً له.فليس هناك مجال للادعاء بقبول المسيح كمخلص شخصى للشخص غير المسيحى، والتصريح بذلك، والإيمان بصليبه وقيامته، إلا إذا كان هذا حقيقة.لكن العظيم في الأمر أنه عندما يتغير الشخص، ويصبح مسيحياً حقيقياً ليس بقبول دين جديد بل بقبول شخص المسيح نفسه كالسيد والرب، ينتفى كل خوف، وتهون كل الآلام والمعاناة لأجله (تبارك سمه)، وهو يعطى نصرة وقوة لتابعيه.من هنا لا يمكن أن يكون التلاميذ كذابين.
لماذا لا يكونون مخدوعين، فممكن مثلاً أن يقولوا في عقلهم الباطن إن الرب يسوع المسيح من الممكن أن يقوم أو يا ليته يقوم من الأموات في اليوم الثالث، وهذا أدى إلى اعتقادهم بأنه فعلاً قام وانتقل هذا الوهم منهم إلى غيرهم وهكذا؟
لو كان واحد فقط هو الذي نادى بقيامة السيد المسيح (تبارك اسمه) من الأموات، لكانت تُقبل فكرة أن يكون مخدوعاً أو موهوماً بحادثة القيامة. وإن كانا اثنين مع بعضهما، وتوهما القيامة ممكن أن نصدق ذلك. مع أن هذا أصعب من أن يكون واحد فقط هو الذى علم بالموضوع. وإن كان الأحد عشر تلميذاً كلهم مع بعضهم فى فجر يوم الأحد، كلهم توهموا، وتخيلوا أن المسيح قد قام، مع أنه مستحيل أن يسيطر الوهم على الأحد عشر مرة واحدة.لكن كنا أيضا نشك فى حقيقة القيامة.أما إذا كان عدد التلاميذ مع عدد النساء اللواتى كن عند القبر والخمسمائة تلميذ أتباع المسيح الذين ظهر لهم (له المجد)مع بعضهم البعض، وظهوره على مرات متعددة وفى أوقات مختلفة فى خلال الأربعين يوماً بعد قيامته، هذا يؤكد استحالة حدوث هذا الوهم.فلو توهمت جماعة قيامة السيد المسيح لرفضتها الثانية والثالثة وغيرها.
هل هناك تلميذ آخر غير بطرس الرسول قال أو ذكر أن السيد المسيح قام من الأموات في الإنجيل أو في العهد الجديد؟
كل من استخدمهم المولى (تبارك اسمه)في تسجيل الوحي كلهم بلا استثناء ذكروا لنا هذه القصة.فمتى ولوقا ومرقس ويوحنا ويعقوب وبولس وكاتب رسالة العبرانيين، بالإضافة إلى تلميذ المسيح بطرس وغيرهم ذكروا هذه الحقيقة. وهذا لسبب بسيط لأن المسيحية كما ذكرنا من قبل ليست ديانة منفصلة عن مؤسسها، بل هي معتمدة كلية عليه.
فكل ديانة إذا غاب نبيها من المشهد لا يؤثر هذا في الديانة. فموسى كليم الله إذا غاب من اليهودية، فلن تتأثر تعاليم اليهودية به، بل كان من الممكن أن يأخذ هارون مكانه مثلاً.أما الديانة المسيحية إذا نزعت منها المسيح أصبحت بلا مضمون.فالمسيح معناه الشخص الذي بلا خطية. وهذا يأتي بنا إلى الفداء والصلب، وبالتالي إلى القيامة. ومن خلال الإيمان بهذه الحقائق والتغيير الحقيقى للبشر يصبح الإنسان مسيحياً، وهذا واضح من اسمها. فديانة موسى لا تسمى الموسوية، وديانة محمد لا تسمى المحمدية، لكن ديانة المسيح تسمى بالمسيحية.
2- شهادة الحرس:
الشهادة الثانية: هي شهادة الحراس الذين كانوا قد ضبطوا القبر، فاليهود كانوا يعلمون أن السيد المسيح قبل موته كان يعلم تلاميذه وسامعيه أنه سيموت وسيقوم في اليوم الثالث.فخافوا أن يحدث ذلك - وهم كانوا يعلمون أنها ستصبح كارثة أن المسيح يقوم من الأموات - ربما أنهم كانوا متخيلين أنه سيحاسبهم على صلبهم له، لكن الذى كان يرعبهم أن الجموع مشت وراءه، وأحبته وهو حى. فلو قام من الأموات، وثبت ذلك للناس، سيجعل ذلك كل الناس يؤمنون به، ويمشون وراءه، ووقتها كانوا سيضيعون فى وسط هذه الأحداث؛لذلك ذهبوا إلى بيلاطس الحاكم الرومانى، وقالوا له: "يا سيد قد تذكرنا أن ذلك المضل قال وهو حى إنى بعد ثلاثة أيام أقوم، فمر بضبط القبر إلى اليوم الثالث لئلا، يأتى تلاميذه ليلاً ويسرقوه، ويقولوا للشعب إنه قام من الأموات.فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولى.فقال لهم بيلاطس: عندكم حراس اذهبوا، واضبطوه كما تعلمون.فمضوا وضبطوا القبر بالحراس، وختموا الحجر" (كان النظام الرومانى يقضى بوضع أربعة أرابع من العسكر، أى وضع 16 عسكرياً على الأقل لحراسة مثل هذا الحدث.وكان يجب أن يعطى هؤلاء الحراس تقريراً لرؤساء الكهنة عما حدث بالضبط).
أين توجد هذه القصة؟
هذه الحادثة مذكورة في الإنجيل بحسب البشير متى الأصحاح 27. وهنا ذهب الحراس كما هو مدون في الأصحاح 28 من الإنجيل بحسب البشير متى من عدد 11- 51 إلى المدينة، وأخبروا رؤساء الكهنة بكل ما كان.وهنا وقع رؤساء الكهنة فى مشكلة لو كانوا تكلموا مع الحراس كلاماً جافاً، وأبلغوا عنهم السلطات، كان موضوع قيامة السيد المسيح سيتسع وسيسمع به كل العالم.فاجتمعوا، وتشاوروا، وأعطوا العسكر فضة كثيرة قائلين: قولوا إن تلاميذه أتوا ليلاً، وسرقوه، ونحن نيام، وإذا سمع ذلك عند الوالى، فنحن نستعطفه، ونجعلكم مطمئنين.فأخذوا الفضة، وفعلوا كما علموهم؛ فشاع هذا القول عند اليهود إلى هذا اليوم.
إن كان فعلاً شاع عند اليهود أن التلاميذ جاءوا، وسرقوا جسد السيد المسيح (له المجد)، وهذا الذي قلنا إنه التواتر، فلماذا نقبل شهادة التواتر على أن السيد المسيح قام من الأموات ونرفض شهادة التواتر بأن تلاميذ السيد المسيح (له المجد)جاءوا وسرقوا جسده؟
هناك شروط ينبغي توافرها فيما نؤمن به مما تسلمناه بالتواتر من أجدادنا. منها ألا يناقض ما تسلمناه بالتواتر بعضه لبعض.وإذا ناقض أحدهما الآخر يكون هناك رواية صحيحة ورواية خاطئة، أو تكون الروايتان على خطأ. لكن من غير الممكن أن الروايتين المتناقضتين تكونان على صواب. وهنا ينبغي أن تخضع الروايات الصحيحة والخاطئة للفحص: العلمى، والروحى، والمنطقى، والعددى، وغيرها من العناصر التى بها نستطيع أن نحكم على الصحيح والسليم مما تسلمناه بالتواتر وعلى الخاطئ منه أيضاً.
هل هناك مثلاً عملياً على إخضاع ما تسلمناه بالتواتر من معلومات متناقضة، وكيف يمكن فحصها عملياً ومنطقياً وروحياً وعددياً؟
جاء في التوراة وفى سفر أيوب - وهو أول الأسفار التي كتبت في العهد القديم، ويرجع تاريخ كتابته إلى أربعة آلاف سنة من الآن- أن الأرض كروية، ونحن تسلمنا هذا بالتواتر.ثم جاء جماعة، وقالوا:كلا، إن الأرض منبسطة ثابتة لا تدور حول نفسها ولا حول الشمس، بل الشمس هى التى تدور حول الأرض، وأن الجبال هى الرواسى التى خلقها العزيز الحكيم، لئلا يميد بكم. وقالوا: إن الشمس تغرب في عين حمئة أو بئر حمئ بها ماء وطين.وكلتا الروايتين تسلمناهما بالتواتر، فأى منهما سنصدق، وأى واحدة سنكذب؟ فلابد من الاستعانة بالفحص العلمى، وقد ثبت علمياً وعملياً وفلكياً أن الأرض كروية، وأن الأرض غير ثابتة، بل هى تدور حول نفسها مرة كل 24 ساعة، فيتعاقب الليل والنهار.ثم تدور حول الشمس مرة كل سنة، فتتعاقب الفصول الأربعة.وثبت علمياً وعملياً أن الشمس أكبر من الأرض مليوناً وثلاثين ألف مرة، فلا يعقل أنها تغيب فى عين أو بئر من الماء والطين وغيرها الكثير.إذن ما تسلمناه بالتواتر لابد من فحصه قبل الإيمان به.
كيف نطبق هذا على المثل الذي أمامنا على حقيقة القيامة. التلاميذ يقولون: إن السيد المسيح (له المجد) قد مات ودفن وقام، واليهود يقولون كلا، بل مات ولم يقم، لكن تلاميذه سرقوه. والمسلمون يقولون كلا، هذا لم يمت ولم يقم بل شبه لليهود.وهذا كله تسلمناه بالتواتر، فلا نعلم أي راوية من هذه الروايات نصدق؟
1- أود أن أقول إن قضية صلب المسيح وموته وقيامته هي قضية مسيحية تخص المسيحيين في المقام الأول، ولا تخص غيرهم من اليهود والمسلمين؛ لذلك من المفروض أن الكلمة الأخيرة في هذه القضية تكون للمسيحيين.
2- لا يملك الأحباء المسلمون أية أدلة على عدم صلب وقيامة السيد المسيح (تبارك اسمه)من الأموات سوى آية واحدة في القرآن الكريم تقول إن اليهود ما قتلوه، وما صلبوه، ولكن شبه لهم.بينما يملك المسيحيون عشرات بل مئات الأدلة المنطقية والروحية والتاريخية والعملية على صلبه (له المجد)وعلى قيامته.والقرآن الكريم يحرض الأحباء المسلمين على أن يسألوا أهل الذكر - أى النصارى واليهود - إذا كانوا فى شك مما أنزل الله لهم.
3-لا يملك الأحباء اليهود أية أدلة من أي نوع على أن جسد السيد المسيح (تبارك اسمه)قد سرق، بل كل الأدلة تؤكد العكس، وتثبت أن جسد المبارك (له المجد)لم يسرق لكنه قام كما قال.وليس ذلك فقط بل هناك العشرات من النبوات قبل مجيء السيد المسيح (تبارك اسمه)في التوراة تؤكد حقيقة قيامته (له المجد).رابعاً لم تتعرض حادثة ما في التاريخ للفحص والاختبار والتدقيق والدراسة مثلما تعرضت قضية صلبه (تبارك اسمه)وقيامته.وقد صمدت فى وجهها جميعاً، وحولت العديد من الملحدين ومن العلماء وأساتذة الفنون فى شتى بقاع العالم إلى مسيحيين مقتنعين مدافعين عما كانوا فى الأمس مهاجمين، وغير ذلك من الأدلة التى سنذكرها فى سياق الحديث بإذن الله.لذا فأمام هذه الأدلة لابد من الاعتراف بما رواه المسيحيون عن إلههم وسيدهم بأنه (تبارك اسمه) صلب ومات ودفن وقام فى اليوم الثالث.
لماذا لا نستطيع أن نصدق أن التلاميذ سرقوا جسد المسيح؟
كيف يجرؤ حفنة قليلة أو كثيرة على الذهاب إلى قبر المسيح (تبارك اسمه)، وهم يعلمون أن هناك العسكر الرومان المتوحشين، ولهم وصية من رؤساء الكهنة بضبط القبر بكل حرص، مع علم التلاميذ أن كسر الختم أو الشمع الأحمر الذى وضعه الرومان على قبر المسيح (تبارك اسمه)كانت عقوبته أن يصلب الشخص الذى يرتكب مثل هذا الفعل منكس الرأس إلى أسفل.وما الفائدة من سرقة جسد شخص ميت، والمناداة بأنه قام من الأموات؟ وكيف سيتخلصون منه حتى لو تمكنوا من سرقته وهو ميت؟ وهل يعقل أن جميع العسكر - وعددهم كما يقول التقليد 16 عسكرياً على الأقل - أنهم ناموا كلهم، ولا أحد منهم شعر بعملية السرقة؟
إن الجنود الذين يهرب منهم سجين، أو ينزلون مصلوباً حياً من على الصليب، أو يسرق منهم أحد وهم يحرسونه، كان قضاؤهم واحداً، وهو أن يموت هؤلاء الجنود بلا رحمة بدلاً من الشخص الهارب أو المسروق، فلو لم يكن السيد المسيح سرق لم يكن من الممكن أن يضع الحراس نفسهم فى هذا الوضع، ويقولون إننا كنا نياماً، وإن التلاميذ جاءوا، وسرقوه، ويعرضون أنفسهم لهذا الخطر.
هذه الحقيقة التي تعتبر دليلاً على سرقة جسد المسيح (تبارك اسمه)، هي دليل على عدم سرقة جسده. فالعسكر لم يكن أمامهم إلا شئ واحد، وهو إما أن يقولوا للناس الحقيقة إنه قام من الأموات، ونحن لم نستطع أن نفعل شيئاً، لكن خفنا خوفاً عظيماً كما يذكر عنهم الكتاب فى الإنجيل بحسب البشير متى، وفى هذه الحالة كان اليهود هم أول الناس يذهبون إلى المسئولين والوالى، ويشتكون على الحراس، ويتهمونهم بالإهمال فى حراسة السيد (تبارك اسمه). وبالتالى كانت نهايتهم المحتومة ستكون أيضاً الموت بدلاً عن السيد المسيح. الاحتمال الثانى: إن الحراس يخضعون لكلام رئيس الكهنة، ويستفيدون من الفضة الكثيرة التى أخذوها منهم، ويضمنوا أن الوالى لن يسمع بهذه الحادثة، وأن اليهود لن يقفوا ضدهم أمام الوالى حتى لو علم بأى شكل بل على العكس كما وعدهم اليهود بأنه إن سمع الوالى الخبر الملفق أن التلاميذ جاءوا ليلاً، وسرقوا الجسد سوف يستعطف اليهود الوالى لإطلاقهم وعدم تنفيذ الحكم فيهم. ففكر الحراس بذكاء، وقبلوا أفضل الحلين المعروضين عليهم.والكتاب المقدس واضح في هذه الكلمات؛ لأنه يقول: "فشاع بين اليهود هذا القول"، أى أن التلاميذ سرقوا هذا الجسد. ولم يقل الكتاب شاع بين الجميع أو بين العسكر الرومان أو بين الرومانيين ككل لكن بين اليهود، وهذا طبيعى؛ لأن رؤساء اليهود والكتبة كانوا هم الذين يعلمون الشعب، ويلقنونه كل ما يريدون، وعندما كان التلاميذ يريدون أن يسرقوا جسد السيد المسيح، لماذا لم يسرقوه فى أول ساعات بعد وضعه في القبر وقبل أن يحرسوه؟!
لماذا لا يكونون قد سرقوه في أول يوم قبل أن يقفل القبر بالحجر الكبير، وقبل أن يضعوا ختم الدولة الرومانية عليه؟
لا يمكن بالطبع أن يسرقوه قبل دحرجة الحجر، ووضع الختم الرومانى على باب القبر؛ لأن الحراس كانوا يحرسون جسداً في القبر، فلا بد أن يتأكدوا أن الجسد موجود.
والذي يرى قبر المسيح في أورشليم القدس، ويقرأ ما كتب عنه في الإنجيل- يعلم أنه بمجرد أن ينحنى الشخص من على الباب خارجاً حتى قبل دخول القبر، يستطيع أن يعلم إن كان هناك شخص ما.فلا يعقل أن الحراس كانوا يحرسون قبراً فارغاً، ويسهرون على حراسته.هذا إلى جانب الأدلة التى ذكرتها سابقاً.وأود أن أختم إجابتى على هذا السؤال بما علق عليه السيد (ج ن أندرسون)عميد كلية الحقوق فى جامعة لندن، ورئيس قسم القانون الشرقى فى كلية الدراسات الشرقية والإفريقية ومدير معهد الدراسات القانونية المتقدمة فى جامعة لندن، على فكرة سرق التلاميذ جثة السيد المسيح (تبارك اسمه).ويقول:سيكون هذا العمل مناقضاً تماماً لكل ما نعرفه عنهم - أى عن التلاميذ - عن تعليمهم الأخلاقى ونوعية حياتهم وثباتهم أمام الاضطهاد والمعاناة كما أن ذلك لا يفسر شيئاً من تحولهم المثير من جماعة من الهاربين واهيى العزيمة إلى شهود لا يمكن لأية معارضة أن تكتم أفواههم.
تابع معي...
يتبع
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة نجم ثاقب في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 42
آخر مشاركة: 11-05-2013, 06:51 PM
-
بواسطة نجم ثاقب في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 17
آخر مشاركة: 21-03-2012, 11:40 AM
-
بواسطة جلاد سعيدة في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 04-03-2012, 11:48 AM
-
بواسطة نجم ثاقب في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 141
آخر مشاركة: 29-12-2011, 11:13 AM
-
بواسطة نجم ثاقب في المنتدى منتدى المناظرات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 10-12-2011, 02:31 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات