(4)
هذا حديث ضعيف ، لم يرو من وجه متصل ، ويروى من ثلاثة طرق كلها منقطعة لا تصح :
الأول : رواية الحسن مرسلا :
ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب" (2/581) ، والحافظ ابن حجر في الإصابة ( 3/ 41) معلقا من رواية سفيان بن عيينة، عن أبي موسى، عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسراقة بن مالك: كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟ قال: فلما أتي عمر بسواري كسرى ومنطقته وتاجه دعا سراقة بن مالك فألبسه إياهما، وكان سراقة رجلا أزب كثير شعر الساعدين، وقال له: ارفع يديك. فقال: الله أكبر، الحمد لله الذي سلبهما كسرى ابن هرمز الذي كان يقول: أنا رب الناس، وألبسهما سراقة بن مالك بن جعشم أعرابي رجل من بني مدلج، ورفع بها عمر صوته.
قلت : ومراسيل الحسن البصري من أوهى المراسيل وأضعفها ، قال الحافظ الذهبي رحمه الله في "الموقظة" (ص 17) : " ومن أوهى المراسيل عندهم : مراسيلُ الحَسَن " .
الثاني : رواية الحسن عن عمر بن الخطاب :
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (6/582/ رقم 13036) ، وفي "دلائل النبوة" (6/325- 326) من طريق أبو سعيد بن الأعرابي قال وجدت في كتابي بخط يدي عن أبي داود حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد حدثنا يونس عن الحسن أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي بفروة كسرى فوضعت بين يديه وفي القوم سراقة بن مالك بن جعشم قال: فألقى إليه سواري كسرى بن هرمز فجعلهما في يديه فبلغا منكبيه فلما رآهما في يدي سراقة قال: الحمد لله- سواري كسرى بن هرمز في يد سراقة بن مالك بن جعشم أعرابي من بني مدلج وذكر الحديث.قال الشافعي- رحمه الله: وإنما ألبسهما سراقة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسراقة. ونظر إلى ذراعيه: كأني بك قد لبست سواري كسرى.قال الشافعي: وقال عمر رضي الله عنه حين أعطاه سواري كسرى:البسهما ففعل فقال: قل: الله أكبر قال: الله أكبر قال: قل: الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابيا من بني مدلج.
وعزاه المتقي الهندي في "كنز العمال" (12/556) ، والسيوطي في "الدر المنثور" (6/104) لعبد بن حميد ، وابن المنذر في تفسيرهما .
قلت : وهذا منقطع ، الحسن البصري لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لأنه ولد لسنتين بقيت من خلافة عمر ، قال العلائي " جامع التحصيل" : " ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه . ونشأ بوادي القرى وحضر يوم الدار وهو أبن أربع عشرة سنة ، فروايته عن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم مرسلة بلا شك ....".
الثالث : رواية الشافعي عن أهل العلم عن عمر :
قال الشافعي في "الأم" (4/165) – ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (6/581/ رقم 13033) ، وفي "معرفة السنن والآثار" (9/289) – : أخبرنا من أهل العلم أنه لما قدم على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بما أصيب بالعراق قال له صاحب بيت المال، ألا أدخله بيت المال؟ قال لا ورب الكعبة لا يؤدى تحت سقف بيت حتى أقسمه فأمر به فوضع في المسجد ووضعت عليه الأنطاع وحرسه رجال المهاجرين والأنصار فلما أصبح غدا مع العباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف أخذ بيد أحدهما، أو أحدهما أخذ بيده فلما رأوه كشطوا الأنطاع عن الأموال فرأى منظرا لم ير مثله رأى الذهب فيه والياقوت والزبرجد واللؤلؤ يتلألأ فبكى عمر بن الخطاب فقال له أحدهما والله ما هو بيوم بكاء، ولكنه يوم شكر وسرور فقال إني والله ما ذهبت حيث ذهبت، ولكنه والله ما كثر هذا في قوم قط إلا وقع بأسهم بينهم ثم أقبل على القبلة ورفع يديه إلى السماء، وقال: اللهم إني أعوذ بك أن أكون مستدرجا فإني أسمعك تقول - {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} [الأعراف: 182] الآية، ثم قال: أين سراقة بن جعشم؟ فأتي به أشعر الذراعين دقيقهما فأعطاه سواري كسرى فقال: البسهما ففعل فقال الله أكبر ثم قال الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابيا من بني مدلج وجعل يقلب بعض ذلك بعضا، ثم قال: إن الذي أدى هذا لأمين فقال له رجل: أنا أخبرك أنت أمين الله وهم يؤدون إليك ما أديت إلى الله عز وجل فإذا رتعت رتعوا قال صدقت ثم فرقه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإنما ألبسهما سراقة؛ لأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لسراقة ونظر إلى ذراعيه كأني بك، وقد لبست سواري كسرى» .
قلت : وهذا اسناد ضعيف لسببين :
1- ابهام شيوخ الشافعي .
2- الاعضال : فبين شيوخ الشافعي ، وعمر بن الخطاب مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي .
والله المستعان .
المفضلات