( أي أنه أحد العمال الذين شاركوا في البناء وهم كثر ، حتى اختصموا في من ينال شرف وضع الحجر الأسود - وليس الحجر الصنم المنحوت على شكل رأس ووجه انسان والكلاب تبول عليه )
( موضع الحجر أي موضع الحجر الأسود، فهنا أل التعريف للحجر، أي أنه الحجر المعروف للجميع ولولا ذلك لما اختصمت بطون قريش فيه ولما جعلوا بينهم حكما، بل إن موضع الحجر كان معلوما لقريش، فعندما بلغوا موضع الحجر أرادوا وضع الحجر المعروف لهم في مكانه المعلوم أيضا، فكيف يكونوا قد بلغوا موضع حجر ملقى بين الحجارة لا يراه احد؟ كما يقول صاحبه، وكيف يختصموا عليه وهم لم يشاهدوه؟ )
كل ما سبق من وصف لحجر الرجل الذي نحته كصنم ليعبده من دون الله عبارة عن جملة معترضة يعقلها كل صاحب عقل ، أما المغرض فيخلط الحابل بالنابل ليلبس على الناس دينهم ، لذلك يفهم من سياق النص ما يلي : أي أنهم عندما بلغوا موضع الحجر ( المعروف لقريش ) اختصمت بطون قريش في من ينال الشرف في وضعه في مكانه ، فقال بطن من قريش نحن نضعه وقال آخرون نحن نضعه قال اجعلوا بينكم حكما قالوا أول رجل يطلع من الفج فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أتاكم مالأمين فقالوا له فوضعه في ثوب ثم دعا بطونهم فأخذوا بنواحيه معه فوضعه هو صلى الله عليه وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل ab-18 علمني الله واياك
لأول مرة أجد الأخ الفاضل الكريم أسد الإسلام حفظه الله ورعاه في مثل هذه الحالة من الغضب ،أعذره فلربما استفزه أحدهم فظن أن هذه المشاركة أيضا من صنيعهم فوجه حديثه إليهم ليرد عليهم كيدهم ولم يتطرق إلى الرد بالتفصيل على الشبهة كما رأيت ، فأنا أعذره وأقدر المسؤلية التي تقع على عاتقه وأقدر غيرته على دينه وكعبته ، شكرا الله له صنيعه ورزقه الرشاد والسداد في القول والعمل ورزقه جوار وملازمة المصطفى صلى الله عليه وسلم على الحوض الشريف وأنا وأنت معه كذلك اللهم امين .
أيها الأخ الكريم
إعلم أن هذه الشبهة لا تحتاج إلى رد بل تحتاج إلى قراءة متأنية وواعية مدركة للتغيرات التي صاحبت الكتابة وأحوال الكتاب وأدواتهم ، فلمحة بسيطة عن حالها قبل الف واربعمائة سنة عندما كانوا يستخدمون الحجارة والجلود والبردي وغيرها حتى تم اكتشاف الورق وأدخلت عليه التحسينات حتى وصلنا في أفضل أوضاعه ومراحله ، كذلك كانت كتابة الحروف بخطوط يفسدها الرقاع أو الأداة أو الناسخ وفوق ذلك عدم التنقيط والحركات ،
فأدخل التنقيط وتبعه التشكيل واستمر التحسين وظهرت المطابع ووضعت العلامات الدلالية حتى أصبحت بمنتهى الجمال والإبداع في هذا الزمان
فما جاء في مشاركتك أو الشبهة التي أثرتها عبارة عن رواية وصلتنا على لسان رجل شارك في بناء الكعبة المشرفة قبل بعثة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وليست حديثا شريفا يحمل حكما شرعيا ثم إن هذه الرواية ليس فيها شبهة لمن تدبرها ، فكل ما في الأمر أن الرجل كان يقص - ولم يكن يروي - حكاية إعادة بناء الكعبة في زمانه وأنه قد جاء بحجره الذي كان ينحته ويعبده فرماه بين كومة الحجارة دون أن يلتفت إليه أحد - فحجارة الكعبة غير منحوته بل الحجر المنحوت على شكل صنم أو حيوان لا يصلح للبناء ، كما أن الأصنام المنحوته وضعتها قريش داخل الكعبة وخارجها حتى يتقرب إليها عبادها وتكون مصدر فخر لناحتها ( كما هو الحال في الكثير من الكنائس وعلى رأسها حظيرة الفاتيكان ) هذا الرجل كما قلنا كان يقص قصته ولم يكن يكتبها فجال في خاطره أن يتحدث عن حجره الذي نحته وبالت عليه الكلاب إستهزاءا بالعقيدة الفاسدة التي كان عليها ، وهذا حال معظم الناس عندما يقصون حكاية يتطرقون إلى غيرها فتتداخل الحكايات في بعضها بل ربما تركوا الحكاية الأصلية ولم يكملوها ،
فهذا الرجل شارك في البناء مع قومه يروي أنهم عندما وصلوا بالبناء إلى مكان الحجر المعروف عندهم - فحجر الرجل ليس له مكان وليس معروفا لأحد - فالحجر صاحب المكان المعروف ، معروف لديهم جميعا انه الحجر الأسود أو الأسعد في بعض أسماءه ، فالحجر ومكان الحجر معروف لجميع بطون قريش ، فعندما بلغوا موضع الحجر اختلفوا واختصموا وكادت تسيل بينهم الدماء ، كل يريد أن يظفر بشرف وضع هذا الحجر في ركنه ، ولكن الله سلم فتحاكموا إلى أول رجل يدخل وياتي إليهم من هذا الفج أي من هذه الجهة ، فكان القادم ( بأبي هو وامي ) أعظم الناس في كل شيء هو الصادق الأمين بشهادنهم وهو الحكيم والحكم الذي اطمأنوا واستراحوا لحكمه صلى الله عليه وسلم
ولقد كان من عادة الكتبة في ذلك الحين أن يكتبوا كل كلمة يسمعونها - فيكتبون ما يملى عليهم من الراوي أو القاص - ولم يكن عندهم علم بالفواصل والأقواس ليضعوا الجمل المعترضة داخلها كما نفعل الآن خوفا من اختلاط المعاني بل زدنا عليها الألوان .
أتمنى أن أكون قد أصبت هدفك أيها الأخ الكريم واعذرني على الإطالة مشكورا
المفضلات