يا أخى الفاضل هذا ليس تشبيها لله بالمشكاة - والعياذ بالله -
تدبر بإمعان فى قوله تعالى : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)
لقد قال تعالى بعدها : (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ)
ولم يقل : (مَثَلُهُ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ) !!!!!!
------------------------------------------------
أنظر فى تفسير الميسر :
(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35))
الله نور السموات والأرض يدبر الأمر فيهما ويهدي أهلهما، فهو- سبحانه - نور، وحجابه نور، به استنارت السموات والأرض وما فيهما، وكتاب الله وهدايته نور منه سبحانه، فلولا نوره تعالى لتراكمت الظلمات بعضها فوق بعض
مثل نوره الذي يهدي إليه, - وهو الإيمان والقرآن في قلب المؤمن - كمشكاة, وهي الكُوَّة في الحائط غير النافذة، فيها مصباح، حيث تجمع الكوَّة نور المصباح فلا يتفرق، وذلك المصباح في زجاجة، كأنها - لصفائها - كوكب مضيء كالدُّر، يوقَد المصباح من زيت شجرة مباركة، وهي شجرة الزيتون، لا شرقية فقط، فلا تصيبها الشمس آخر النهار، ولا غربية فقط فلا تصيبها الشمس أول النهار، بل هي متوسطة في مكان من الأرض لا إلى الشرق ولا إلى الغرب، يكاد زيتها - لصفائه - يضيء من نفسه قبل أن تمسه النار، فإذا مَسَّتْه النار أضاء إضاءة بليغة، نور على نور، فهو نور من إشراق الزيت على نور من إشعال النار، فذلك مثل الهدى يضيء في قلب المؤمن. والله يهدي ويوفق لاتباع القرآن مَن يشاء، ويضرب الأمثال للناس؛ ليعقلوا عنه أمثاله وحكمه. والله بكل شيء عليم, لا يخفى عليه شيء
------------------------------------------------
هذا هو التفسير يا أخى الفاضل ..........
لا كما تظن حضرتك تشبيها لله تعالى بالمشكاة !!!!!
حاش لله الذى ليس كمثله شىء وهو السميع البصير !!!!
------------------------------------------------
والواقع أن المفسرين والدارسين ، وقفوا إزاء آية النور، ما بين متهيب رآها غاية في الدقة والجلال ، فالتزم الحيطة والأدب ، خشية الوقوع في الزلل ، ورام تنزيه الله سبحانه عن النظير: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) وبين مقتحم ، بالغ في التأويل ، وتجرأ في المقارنة والتحليل ، فابتعد عن غاية التنزيل
والحق أن سبيل المتهيبين ، هو الاختيار المصيب ، لأنهم تحاشوا في هذا المقام الجرأة في التأويل ، واختاروا اعتماد ما يستفاد من أصل العقيدة وروح الدين ، وفق ما جاء في الذكر الحكيم ، وسنة النبي الكريم
------------------------------------------------
وعلى هذا الأساس فسر الصحابة رضى الله عنهم قول الله تعالى : (الله نور السماوات والأرض) فقالوا : إنه منورهما ، فعن أنس رضى الله عنه قال : (إن إلهي يقول : نوري هداي)
قال ابن عطية و القرطبي و غيرهما : إنه بالله و بقدرته أضاءت السماوات والأرض ، واستقامت أمورها وقامت مصنوعاتها تقريبا للذهن ، كما نقول : (الملك نور الأمة) ، أي به قوام أمرها ، وصلاح جملتها ، لجريان أموره على سنن السداد ، فهو في الملك مجاز ، وفي صفة الله عز وجل حقيقة ، إذ هو الذي أبدع الموجودات ، وخلق العقل نورا هاديا ، لأن ظهور الموجود به حصل ، كما حصل بالضوء ظهور المبصرات
------------------------------------------------
فقول الله تعالى : (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح)
أي صفة نوره العجيبة الشأن ، ونوره القرآن العظيم ،
وهذا اختيار كثير من المفسرين قديما وحديثا وهو ما نميل إليه
وقد كنى الله تعالى عن كتابه ولم يجر له ذكر فقال :(إنا أنزلناه في ليلة القدر) وصرح بكونه نورا في عدد من آي الذكر الحكيم ، كقوله عز وجل : (وأنزلنا إليكم نورا مبينا) النساء : 174
وعليه فمثل نور الله (أي القرآن والهدى) في قلب عبده المومن كمشكاة فيها مصباح ، وأعظم عباد الله ، وأكثرهم نصيبا من هذا النور ، رسول الله صلى الله عليه وسلم
فالقرآن لم ينزل على الناس مباشرة ، وإنما نزل أولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنه أشرق على العالمين ، لذلك سماه الله تعالى سراجا منيرا لأنه صلى الله عليه وسلم منور الظاهر منور الباطن وموقد نور القرآن فى قلوب المؤمنين
قال تعالى : (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات)
بهذا تكتمل الصورة في الذهن ، ويظهر التمثيل واضحا جليا
والتشبيه بالمصباح أوفق وأليق من التشبيه بالشمس مثلا ، لأن فيه وصفا دقيقا ومعبرا عن حالة القلب ، وقد لفه ظلام الشك من كل ناحية ، واستولى عليه الرعب والقلق من كل زاوية ، حتى إذا أشرق عليه نور الإيمان، تبدد خوفه وزال قلقه وهدأ واطمأن : (الذين آمنوا و تطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) فهو كالتائه ليلا في البيداء ، يخبط خبط عشواء ، حتى إذا أبصر النور ، تبدل خوفه أمنا ، وتحقق من النجاة ، وبان له الطريق إلى بيته وأهله
------------------------------------------------
وقول الله تعالى : (نور على نور)
معناه أن قلب المومن صاف يقظ ، يعمل بالهدى قبل أن ياتيه العلم ، فإذا جاء العلم ، ازداد نورا على نور ، وهدى على هدى
فكتاب الله (القرآن الكريم) هو المصباح الدي يرسم للناس، معالم طريق الحق والصواب ، في دلالة واضحة وبيان في الإرشاد ناصع : (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) من استمسك به نجا واهتدى كما قال الله تعالى : (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)
* إنه كلام الله الذي قال عنه سبحانه :( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون)
* وهو في صون وحفظ من الانطفاء : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)
* وهو في تجدد دائم وإشعاع مستمر ، وعطاء لا تنقضي عجائبه ، يلبي حاجات كل جيل ، وفق ظروفهم وطرق تفكيرهم
* وهو مبارك نزل في ليلة مباركة قال تعالى : (وهذا كتاب أنزلناه مبارك)
* يوقد من شجرة الوحي المباركة ، لا شرقية ولا غربية ، سمته السماحة ، وانتفاء الحرج ، تكاد حججه تنطق وإن لم يقرأ
* وإلى جانب القرآن ، يوجد البيان ، بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو كذلك من شجرة الوحي : (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) والذي هو من جهة أخرى بمثابة مس النار للسراج ...
------------------------------------------------
وقول الله تعالى : (يهدي الله لنوره من يشاء)
أي يوفق الله ويرشد من يختاره لاتباع نوره كما قال جل ذكره : (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) وقال تعالى : (ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور)
------------------------------------------------
ثم قال تعالى : (ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم)
أي يبين لهم الأمثال لتقريب المعاني المرادة إلى أفهامهم ، ليعتبروا ويتعظوا بما فيها (والله بكل شيء عليم) واسع العلم لا يخفى عليه شيء فى الأرض ولا فى السماء
------------------------------------------------
فلا شك أن الأمثال ذات شأن غير خفي في إبراز خفيات الدقائق ورفع الأستار عن الحقائق والقرآن العظيم عندما نزل على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أقر الاهتمام بالأمثال ، وكرس استعمالها ليعتبر الناس : (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون)
------------------------------------------------
ولحاجة الناس إلى ضرب الأمثال ، لإدراك ما غاب عنهم وخفي ، ضربها الله لهم من أنفسهم : (ضرب لكم مثلا من أنفسكم) ليعقلوا بها فيدركوا ما غاب عن أبصارهم .... وليس لهم أن يضربوا لله الأمثال ، لأنه سبحانه تنزه عن المثل والشبيه قال الله تعالى : (ولله المثل الأعلى) وقال : (فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون)
------------------------------------------------
والحمد لله وكفى ..... وسلام على عباده الذين اصطفى
------------------------------------------------
المفضلات