تم تقييم الموضوع بــ![]()
![]()
![]()
![]()
جزاكم الله خيراً
تم تقييم الموضوع بــ![]()
![]()
![]()
![]()
جزاكم الله خيراً
تابع قد افلح من زكاها
نعم الأحداث التي تجري على المسلمين من التعذيب والأذى والامتهان كما في الصومال والبوسنة والهرسك وفلسطين وغيرها، يجعل بعض الناس قد لا يتحمل، وقد ينفجر، وقد يتصرف تصرفات غير محمودة العواقب.
- الطبائع الفردية.
فالناس يختلفون، فهناك من أعطاه الله سعة في الصدر، وتحملا وقدرة على ضبط النفس، وهناك آخرون سريعو الغضب، سريعو الثورة، فأي سبب يقع في بيته قد يطلق معه زوجته، قد يسيء إلى ابنه، وقد يتعدى هذا الأمر إلى ما يتعلق بأمور المسلمين العامة، فبسبب طبيعته المتعجلة، وبسبب طبيعته الشخصية التي لا تتحمل قد يجني على المسلمين ما لا يحمد عقباه.
إذا هذه اختصار بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى ما يضاد ضبط النفس.
* وسائل ضبط النفس:
وسائل ضبط النفس كثيرة جدان وأذكر منها هنا ما يناسب المقام، فأقول مستعينا بالله:
- العلم حصن حصين.
نعم فالعلم حصن حصين يمنع من التصرفات الهوجاء، وإليكم الدليل: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ).
ولنا في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قدوة، انظروا كيف كان يتصرف في الشدائد.
كيف كان (صلى الله عليه وسلم) في الملمات.
كيف كان إذا استفز ولطالما استفز (صلى الله عليه وسلم) ولم يقبل الاستفزاز.
ثم انظروا إلة أولئك الذين تحدث منهم ردود أفعال، وغضب ستجدون أن أقل نسبة في هذا هم العلماء.
فالعلم شرف، والعلم حصانة، والعلم مانع بإذن الله من الوقوع في مثل هذه الأمور:
ما الفضل إلا لأهل العلماء إنهمو ........... على الهدى لمن استهدى أدلاء
العلم أولا بعاقبة عدم كظم الغيظ، وبعاقبة كظم الغيظ أيضا، العلم بمائلات الأمور، العلم بفضل كظم الغيظ، بعض الأحاديث التي ذكرتها قبل قليل قد يكون عدد منا يسمعها لأول مرة، وقد يكون مضى من عمره ثلاثين أو أربعين أو خمسين سنة.
إذا عندما نتعلم، ومن العلم الذي نتعلمه فضل كظم الغيظ، هذا يكون مساعدا لنا، وقد سمها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جُرعَة، نعم تجرّع كما يتجّرع البعير، فأنتم ترون البعير يتجرعها أولا ثم يعيدها مرة أخرها، فكذلك ضبط النفس وكظم الغيظ وكأن الإنسان يبلعها.
وقد ترون بعض العامة أحيانا حينما توجه له إهانة فيقول بلعتها، أي لن أظهرها ولم أتعدها، فكذلك في الأحاديث سمها رسول (صلى الله عليه وسلم) جرعة يتجرعها الإنسان.
فالعلم حصانة بإذن الله من الوقوع في الغضب أو آثاره.
- تحري الحكمة.
نعم أن نتحرى الحكمة: ( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ). واقرءوا سورة لقمان (ولَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ)، فالوصايا التي أوصى بها ابنه تدل على عقل وعلى حكمة وعلى بعد نظر: ( وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ).
والحكمة هي فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي، فضبط النفس هو الحكمة، فهذا الذي نريده أن تفعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي وكما ينبغي.
فمن تحرى الحكمة هدي إليها: ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)، فإذا كنت تتحرى الحكمة في أفعالك، وفي تصرفاتك فأطمئن فستوفق إليها: ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ).
- رجاحة العقل.
مما يمنع من التصرفات التي لا تحسب نتائجها رجاحة العقل والرزانة، ولذلك يقول الله جل وعلا: ( وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (ليس الشديد بالصُرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب)، ومما ورد في أهمية العقل ما قال بعض الشعراء:
فالعقل أيها الأخوة مرآة ومانع من الوقوع في المحظور.
- ضبط اللسان.
يقول (صلى الله عليه وسلم) أمسك عليك لسانك، ولما قال له معاذ رضي الله عنه: إن يا رسول الله مآخذون بما نتكلم؟ قال ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.
وقال (صلى الله عليه وسلم) وقد أمسك بلسان نفسه: كف عليك هذا.
ودخل عمر رضي الله عنه على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو آخذ بلسانه يجره، وكأنه يريد أن يقلعه، قال له يا أبا بكر حسبك، قال هذا الذي أوردني الموارد.
أبو بكر الصديق يقول عن لسانه هذا الذي أوردني الموارد، ماذا نقول نحن عن ألسنتنا، فالمحافظة على اللسان وضبط اللسان مما يمنع من التصرفات التي لا تحمد عقباها.
فالمحافظة على اللسان وضبط اللسان سبب لضبط النفس بل هو جزء من ضبط النفس.
- التجرد لله جل وعلا.
وهذا سبب أوجهه لأحبتي من الدعاة ومن طلاب العلم بصفة خاصة.
وللأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
وللقائمين بحدود الله.
التجرد من حظوظ النفس فعند التأمل والتحقيق قد يكون الغضب ليس لله، كيف؟
كم من الناس يغضبون ثم يتصرفون ثم يقولون غضبنا لله، ولو درسنا المسألة دراسة حقيقة مجردة لثبت لنا أنه في الحقيقة لم يكن الغضب لله، بمعنى أنه قد يكون أصل الغضب لله نعم.. مثلاً:
قد تأتي لإنسان فتقول له قم للصلاة جزاك الله خيرا، فيتلفظ عليك بكلمات، فقد لا تحتمل أعصابك فتصرف إما بالضرب أو بالشتم أو بغير ذلك. نعم يحدث هذا، وعندما يقال لك لماذا هذا التصرف؟ تقول إنني غضبت لله.
تأمل أخي الكريم، تأمل أخي الداعية أأنت غضبت لله أم غضبت لنفسك؟
كثير من الناس يقع في هذا البلاء وقد غضب لنفسه ولم يغضب لله جل وعلا، صحيح أنه كان يأمر بالأمر بالمعروف، صحيح أنه كان ينهى عن المنكر، وكان أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر لله، لا نشك في ذلك، لكن ما حدث بعد ذلك من ثورة وغضب وفوران وتعدي لم يكن لله جل وعلا، ولكن لأن هذا الشخص أساء إليك فغضبت لنفسك.
فالتجرد من حظوظ النفس وهو أمر لا يقدر عليه إلا من أعطاه الله قوة وعزما: ( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
فأقول أن نتجرد لله جل وعلا وأن يكون غضبنا لله لا لأنفسنا، ولو تأملنا وأخذنا الأمور بهدوء وناقشنا أنفسنا بعد ذلك، لوجدنا أن الغضب الذي كثيرا ما يحدث م يكن أثره غضبا لله وإنما هو لحظ النفس.
إذا فالتجرد من حظ النفس يعين على ضبط النفس بإذن الله.
- التربية الجادة وحسن الخلق.
وهنا كلمة للآباء والأمهات، وإلى المربين بصفة خاصة بالتربية على التحمل، ربوا أبناءكم، ربوا تلاميذكم على تحمل الإساءة من الآخرين، إننا لا نستغرب الإساءة من الآخرين، ولكننا نستغرب ردود الأفعال من الصالحين.
يقول (صلى الله عليه وسلم): (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن). فالتربية الجادة، والتربية الصالحة تؤدي بإذن الله إلى ضبط النفس.
وأشير هنا إلى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يشجع أصحابه على ضبط النفس، قال لأشج عبد قيس: (إن فيك خصلتين يحبوهما الله جل وعلا؛ الحلم والأناة).
فالحلم كما سيأتي بعد قليل كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يربي على ذلك، والتربية على التصرف في الأزمات مما يساعد على التخلص من هذا البلاء.
- معرفة مآلات الأمور.
من أعظم الأسباب التي تمنع من التصرفات الخاطئة معرفة عواقب الأمور، وإتقان قاعدة المصالح والمفاسد، الله جل وعلا يقول للصحابة:
( ولا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ )، إذا كان سب الأصنام سيؤدي إلى سب الله جل وعلا، فلا تسبوا الأصنام، هذه قضية نغفل عنها.
الرسول (صلى الله عليه وسلم) جاء ليحطم الأصنام وجاء لينقل الناس من عبادة الأصنام إلى عبادة الله، ومع ذلك نجد أن الله ينهى الصحابة من أن يسبوا الأصنام، لماذا؟
لأن سب الأصنام يؤدي إلى أن المشركين يسبون الله جل وعلا.
فالمعرفة بمآلات الأمور أمر عظيم جدا.
معرفة النتائج أمور مهم جدا، الآن قد يأخذنا الأنفال بتصرف أهل السوء تصرفات هوجاء، ومع زحمة الانفعال والغضب والغيرة على دين الله وعلى محارم الله قد نتصرف ولا نعرف ماذا سيترتب على ذك، ونحن يجب أن نكون أكثر حكمة.
وإليكم هذا المثال:
قصة أصحاب القرية التي وردت في سورة ياسين:
أرسل الله جل وعلا لقرية رسولين، ثم عزز بثالث، فقالوا إنا إليكم مرسلون، ودامت القصة بين أهل القرية وبين الرسل، وفي آخر المطاف قال أهل القرية، لأن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم، هذه نهاية القصة.
فجاء رجل مؤمن، انظروا كيف يتم ضبط الأعصاب، انظروا كيف التصرف في المواقف الحاسمة: ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى)، ماذا سيفعل هذا الرجل؟
أهل القرية يهددون الرسل، أهل القرية يعلنون الشرك علانية، انتبهوا معي بدقة إلى أصل القصة، مشركون بالله ويستهزؤن بالرسل، يعلنون أنهم سيعذبونهم وسيقتلونهم، ويأتي الرجل يسعى ماذا سيفعل؟ ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ).
أرأيتم الأسلوب، أريتم ضبط الأعصاب، أرأيتم كيف التصرف في مواقف الشدة، يقول يا قومي، بأحب الألفاظ إليه، وكان المتوقع بحدود فهمنا القاصر أنه مادام هؤلاء يهددون الرسل ويؤذنهم ويريدون أن يقتلوهم أن يأتي هذا ويلتحم بمعركة مع هؤلاء المشركين، لا، بل يقول بأحب الألفاظ إليهم: ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
هل ستواجهون منكرا أعظم من هذا؟ أي منكر رأيتموه لن يكون أعظم من منكر أهل القرية، لأن أهل القرية مشركون كفروا بالله، هددوا الرسل، استهزئوا بالله، ومع ذلك يأتي هذا الرجل ويقول هذه الكلمات الهادئة، هذه الكلمات العاقلة، هذه الكلمات المطمئنة، ويثني الله جل وعلا عليه في نهاية القصة :( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ).
فإذا رأيتم منكرا لا نقول لا تغيروه، كلا وحاشا، ولكن ضبط الأعصاب مطلب شرعي لنعرف كيف نتصرف.
إذا اللهَ الله بالحلم وتدريب النفس على ذلك، الحلمَ الحلم، وإنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، وقدوتنا في ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
روى أنس أن رجلا جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجذبه من عنقه قال يا محمد أعطني من مال الله، يقول أنس حتى رأيت أثر الجذبة بين رقبة وحتفه (صلى الله عليه وسلم)، ماذا فعل (صلى الله عليه وسلم)؟ تبسم وأعطاه حتى أرضاه. حلم عجيب ولا عجب فهو رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
يوسف عليه السلام:
تصوروا أن إخوانه الذي آذوه، وألقوه في البئر حتى سيق مملوكا، واشتري بثمن بخس، وسجن سنوات طويلة، ثم بعد ذلك يصبح عزيز مصر، فلما جاءت قصة أخيه قال أخوته:
( قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)، ماذا يقصدون ؟
يقصدون يوسف عليه السلام، هذا الذي أذوه وأهانوه وهو الآن عزيز مصر، ماذا فعل يوسف؟ وانظروا إلى ضبط النفس:
( فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَاناً وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ).
حتى ما أراد أن يجرح مشاعرهم بهذه الكلمة، نعم حتى كلمة (أنتم شر مكانا) ما نطقها بل قالها سرا في نفسه،مع أنه وهو في موقعه عزيزا لمصر يستطيع أن يأخذهم وأن يعاقبهم وأن يعذبهم وأن يقتلهم، لكن مجرد أن يجرح مشاعرهم مع أنهم أذوه من قبل، بل وإلى الآن هم يجرحون مشاعره عندما قالوا: (قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)، يتهمونه بالسرقة أيضا رغم أنه لم يسرق عليه السلام، وإنما هي تهمة لُبّست عليه وهو صغير، ومع ذلك لم يرد عليه السلام أن يجرح مشاعرهم، وهذا والله هو كظم الغيظ مع القدرة على التنفيذ، مع القدرة على المعاقبة.
عندما كان عليه السلام صغيرا وأخذوه وألقوه في البئر لم يكن يملك من أمره شيئا، ولكن الآن هو عزيز مصر ولو أراد أن ينتقم منهم لفعل، ولكن ليست قصة انتقام، بل حتى أن يجرح مشاعرهم بكلمة واحدة لا يريد.
الأحنف وهو سيد قومه يقال أنه إذا غضب غضبَ له مائة ألف لا يسألونه فيما غضب، لكن متى يغضب الأحنف؟ قيل له ممن تعلمت الحلم؟:
قال تعلمته من قيس ابن عاصم حيث كان يوما جالسا مع أصحابه في مجلسه، فجاءوا له برجل مقيد يرسف بالحديد، وقالوا له: هذا أبن أخيك قتل ابنك.
فالتفت إلى أبن أخيه وقال: يا ابن أخي أقتلت ابن عمك وأسأت إلى لرحمك، وأثمت نفسك.
ثم التفت إلى ابنه وقال قم أطلق سراح ابن عمك، وأدي الدية إلى أمك، وجهز أخاك ثم آذنا بعد ذلك، واستمر في مجلسه، نعم لم يتحرك من مجلسه. الله أكبر.
ميمون ابن مهران:
كان جالسا مع أصحاب في مجلسه، فجاءت الجارية تحمل مرقة حارة لتقدمها لهم، فعثرت وسقطت المرقة على ميمون ابن مهران، فغضب غضبا شديدا، وكاد أن يعاقبها.
فقالت له حسبك، ألم تسمع إلى قوله تعالى: (والْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) فكظم غيظه.
قالت ( وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) قال قد عفوت عنك.
قالت: (َاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) قال أنتي حرة لوجه الله جل وعلا.
الحلم أيها الأخوة زين ومن زينة الرجال:
- الأعراض عن الجاهلين.
وهذا مما يساعد على ضبط النفس، يقول جل وعلا:
( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)، ويقول: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً)، ويقول: ( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً).
ومرة أخرى كان الأحنف يسير إلى مجلسه، وورائه رجل يتبعه ويسبه ويشتمه، فلما قرب الأحنف من بيته وقف وقال لهذا الرجل الذي يسبه ويشتمه، وكان يجري خلفه منذ مسافة، قال له يا أخي اعطني ما بقي عندك، أكمل السب والشتام، فأستغرب الرجل فقال لماذا؟
قال أخشى أن أدخل إلى حارتي وأنت تسبني فيراك سفهاء قومنا فيؤذوك وأنا لا أريد أن يؤذوك، فأطرق الرجل حياء وانصرف.
فالإعراض عن الجاهلين منهج يؤدي إلى ضبط النفس.
- دفع السيئة بالحسنة.
يقول تعالى: ( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
ويقول (صلى الله عليه وسلم): ( اتق الله حث ما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحوها وخالق الناس بخلق حسن).
- الاستشارة.
نعم مما يعين على ضبط النفس الاستشارة فيما يجب اتخاذه من المواقف الطارئة والمفاجئة والاستعداد لذلك: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).
ولكن ما معنى أن نتشاور؟
هو أن نقول نتوقع أن يحدث كذا، واحتمال هذا اليوم أن يستفزنا أحد، واحتمال عند وقوع هذا الأمر أن يحدث كذا، ماذا تنصحونا ؟
فنتشاور عن الحدث قبل وقوعه، فإذا وقع وإذا نحن قد قلبنا النظر، وإذا نحن قد استشار بعضنا بعضا، فنعرف كيف نتصرف، أما إذا أقدمنا دون استشارة فقد يكون أحدنا يرى الحسن خطأ والخطأ حسن: ( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ).
بعده
توقيع
@سالم@
يقينى بالله يقينى
تابع قد افلح من زكاها
- الصبر والتقوى.
يقول تعالى: ( وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)، ويقول: ( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)، ويقول: ( وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).
فالصبر من أعظم العلاج في مسالة ضبط النفس.
- الالتزام بما ورد في الشرع الذهاب الغضب.
وهي وسيلة عظيمة تجمع عدة وسائل، فأنتم تعلمون أن موضوع ضبط النفس يعني مدافعة الغضب، فكيف يدفع الواحد منا غضبه.
فمثلا إذا غضب الواحد منا على زوجته أو على ابنه، أو على أقاربه، أو أثاره الغضب على أمر من أمور الشرع، فكيف يذهب هذا الغضب؟
هذا الموضوع يحتاج بذاته إلى محاضرة خاصة، وأحيل الأخوة إلى كتاب للشيخ محمد المنجد بعنوان (شكاوى وحلول)، وهي رسالة جميلة ذكر فيها بابا عن الغضب، وكيف نعالج الغضب، وأذكر لكم هنا أبرز الوسائل التي مستطيع أن ندفع بها الغضب، وقد وردت في ذلك أحاديث كثيرة منها:
الاستعاذة بالله من الشيطان: فعن سليمان بن سرد قال: كنت جالسا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) ورجلان يستبان، فأحدهما أحمر وجهه وانتفخت أوداجه، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال أعوذ بالله من الشيطان لذهب عنه ما يجد. وقال (صلى الله عليه وسلم) إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله سكن غضبه.
إذا التعوذ من الشيطان وسيلة مهمة من وسائل ضبط النفس.
السكوت: فيا أخي الكريم إذا غضبت إياك والكلمة، أخرج واترك الموضع، قال (صلى الله عليه وسلم):( إذا غضب أحدكم فليسكت).
السكون وتغيير الحالة التي هو عليها: قال (صلى الله عليه وسلم):(إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإذا ذهب عنه الغضب وإلا فيضطجع).
وهذا حديث يبين لنا كيف نتصرف: (قال رجل للنبي (صلى الله عليه وسلم) أوصني، قال لا تغضب، قال أوصني، قال لا تغضب، قال أوصني، قال لا تغضب.)يقول هذا الصحابي ففكرت حين قال النبي (صلى الله عليه وسلم) ما قال فإذا الغضب يجمع الشر كله.
فإذا كنت مع زوجتك تتكلم مثلا، اعلم أنك لو أنفذت غضبك فقد يقع الطلاق، وماذا بعد الطلاق ؟، لو كنت مع خصم لك وغضبت فقد يحدث ما لا يحمد عقباه.
أذكر هنا قصة عجيبة حدثت قبل سنوات:
(امرأة من أهل السنة ذهبت لشراء اللحم، وكان بعض الجزارين في تلك البلاد من الرافضة، فذهبت إلى أحد الجزارين وكان رافضيا، فقالت أريد منك لحم، فقام وأعطاها لحما، فلما نظرت اللحم فإذا هو قد غشها، فغضبت ورمت اللحم عليه وقالت أعطي هذه للخميني (وكان ذلك أيام الثورة)، فما كان من هذا الجزار إلا أن رفع السطور وقسمها نصفين، عليه من الله ما يستحق). أرأيتم الغضب ؟
فالغضب أيها الأخوة سببا لأكثر مشاكل القتل، نعم تبدأ مشاجرة عادية ثم تتطور شيئا فشيئا حتى تصل إلى القتل.
الدعاء: وهو من أعظم ما يضبط النفس، فالدعاء سلاح، أن يلح الإنسان على الله بالدعاء أن يرزقه حلما وعلما ويقينا وثباتا، نعم خاصة الثبات، أدعوا الله أن يثبت أقدامكم.
- أولا ثمرة من ثمار ضبط النفس الاتصاف بصفة من صفات المتقين.
( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
تفويت الفرص على الأعداء، وحماية الصحوة من المتربصين.
يا شبابنا يا إخواننا والله إن الأعداء يتربصون ويتمنون أن يقع من شباب الصحوة، ومن طلاب العلم تصرفات تكون مبرر للإيقاع بهم، ففوتوا الفرصة عليهم، فإن من أعظم ثمار ضبط النفس تفويت الفرصة على الأعداء.
- تجنيب النفس الحسرة والندامة.
وكم من الناس في السجون يتحسرون على نزوة حصلت، كم من الرجال في داخل بيوتهم يتأثرون ويتحسرون على خراب بيوتهم.
جاءني رجل منذ أيام يقول لي أبحث لي عن مخرج، قلت ما الذي حدث؟
قال طلقت زوجتي وهذه هي المرة الثالثة أي بانت منه، وكنت مغضبا ومشكلتي الآن أطفالي ماذا افعل بهم؟ إن جلسوا معي مشكلة وإن ذهبوا معها مشكلة.
وهو الآن يعيش في حالة لا يعلمها إلا الله، ولم أجد له مخرج لأنني وجدت أن أسباب الغضب التي أدت به إلى الطلاق لا تبرر أن نعتبر أن إحدى تلك الطلقات خارجة عن إرادته، فقلت لا أجد لك حلا وأذهب إلى من هو أعلم مني.
وهو الآن يعيش حسيرا كسيرا متألما بسبب غضب لم يكظمه، فخرب بيته.
وإنني هنا أوجه الآباء والأمهات إلى الترفق بأبنائهم وإلى كظم الغيظ مع منهم تحت أيديهم، فقد كان (ص) رفيقا بأبنائه يداعب الحسن والحسين، ويفرح فرحا شديدا بمقدميهما، كان (ص) وهو يصلي يحمل إمامة، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها، كان لطيفا بالأطفال، كان يداعب أبا عمير طفل من الأطفال ويقول له: يا أبا عمير ما فعل النغير - طائر كان يلعب به -.
أما ما يفعله بعض الآباء فخذوا بعض هذه القصص ولعل فيها العبرة:
دخل أحد الآباء يوما على أولاده فوجدهم قد عبثوا في أثاث المنزل، تعلمون عن لعب الصغار يلحق بعضهم بعضا، وقد يرمون كرة وقد يكسرون شيئا أو يفسدون شيئا.
فغضب غضبا شديدا ونادى أكبرهم وربطه بيديه ربطا شديدا، وأقسم على أمه إن فككته من رباطه فأنت طالق.
وكان الطفل يبكي بكاء شديدا ويتأوه والأب لا يتصرف ولا يحرك ساكنا حتى ازرقت يدا الطفل. أخذه إلى المستشفى فقالوا له:؛
لا خلاص إلا بأن نقطع يدا أبنك، حيث أن هذا الدم إن وصل إلى القلب مات الطفل، فأضطر بعد أن اقتنع أن يوقع على قطع يدا أبنه، وهو يبكي.
ولما انتهت العملية وأفاق الطفل وجاء أبوه يزوره وكان يقول لأبيه:
يا أبتي أعد إلى يدي ولن أعبث بأثاث المنزل، والأب كلما رأى أبنه بكى وتأثر بسبب تصرف أهوج كان هو أعقل من أن يفعل ذلك.
و يقول لي أحد الآباء إن أحد أبنائي كان عاصيا ومفرطا وكنت آمره وأنهاه ولم يأتمر ولم ينتهي، وقد كان هذا الأب قواما صواما فقام ودعا عليه.
وأثناء مجيء ابنه من إحدى المباريات وقع له حادث وأصيب بشلل، ولله لقد رأيت هذا الابن وهو مشلول على الكرسي، وأبوه يقول أن أذاه بعد شلله كان أعظم من أذاه قبل شلله.
كان يكسر زجاج البيت، كان يسب أهله كان يؤذيهم، وفي نهاية المطاف ما كحان منه إلا أن أحرق نفسه مع البيت، ثم توفي أبوه بعد ذلك.
فبعض الأمهات هداهن الله تدعو على أبنه غضبا، وقد توافق ساعة إجابة، فيا أختي الكريمة عودي لسانك بدلا من أن تقولي أهلكك الله أن تقولي أصلحك الله:
عود لسانك قول الخير تنجو به........ من زلة اللفظ أو من زلة القدم
فبدل أن تسب أدعو لأبنك، بدلا أن تدعو عليه أدعو له: ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً).
أحد الآباء شد على ابنه وغضب عليه، وأمره أن يخرج في الظلام لينفذ له حاجة من الحوائج، والابن الصغير الخائف يقول لا أستطيع، فأصر عليه والده وهو يقول له أنت جبان أخرج، فخرج وكان عمره عشر سنوات، فلما عاد الابن رجع وقد فقد عقله.
فأقول رفقا بأبنائكم، لطفا بأبنائكم، رحمة بأبنائكم.
- القدوة الصالحة.
طفل من الأطفال خرج في يوم من الأيام مع مجموعة من الدعاة، فلما وصلوا إلى القرية التي ذهبوا إليها قالوا: كل منا يذهب إلى شارع ويطرق البيوت على أهل هذه البلدة ويقول إن إخواننا لكم قد جاءوا لزيارتكم وهم سيلقون درسا أو محاضرة في المسجد الفلاني.
هذا الطفل ذهب وطرق باب أحد الناس، فخرج عليه صاحب البيت وربما كان نائما أو مشغولا أو لسبب من الأسباب، فلما خرج قال للطفل لماذا طرقت الباب، قال نحن إخوان لكم جئنا من مدينة كذا ونريد أن نزوركم وأن تحضروا معنا بعض الدروس، قال أمن أجل هذا تطرق الباب، ثم بصق في وجهه بغضب.
فما كان من هذا الطفل إلا أن مسح البصاق في وجهه وهو يقول: الحمد لله الذي أوذيت في سبيلك ثم انصرف.
هذا الرجل وقف مشدوها، فما كان منه إلا أن لحق بالطفل وقال له:؛
قف يا بني، لقد أخطأت عليك، أين إخوانك فأنتم ضيوف علينا وأريد أن تسامحني، ثم ذهب معه إليهم وجلس معهم وأكرمهم. أرأيتم القدوة الصالحة، نحتاج إلى قدوات لضبط النفس.
اعلموا أن عدم ضبط النفس مظهر ضعف لا مظهر قوة، يعني إذا جاء إليك إنسان وقال أن فلانا شتمنى أو تصرف كذا وأني ضربته، فلا تقل له أنه بطل، أبدا فهو بالحقيقة ضعيف، ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. ( وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ).
يقول الإمام أحمد رحمه الله مبينا هذه المسألة:
(الصدع بالحق عظيم يحتاج إلى قوة وإخلاص، فالمخلص بلا قوة يعجز عن القيام به، والقوي بلا إخلاص يخذل، فمن قام بهما كاملا فهو صدّيق، ومن ضعف فلا أقل من التألم والإنكار بالقلب، وليس بعد ذلك إيمان).
إذا عد ضبط النفس مظهر ضعف لا مظهر قوة.
- الوقفة الثانية:
هناك فرق عظيم بين ضبط النفس وبين الذل، فقد يقول قائل أن المعنى أن كل ما جاءنا نصبر عليه، وهذا يؤدي بنا إلى الذل والضعف، أقول لا.
فرق بين الذل وبين ضبط النفس:
ضبط النفس هو تحمل الأذى في سبيل الله، من أجل الله ومن أجل دعوته.
ضبط النفس هو تحمل الأذى والنظر في مآلات الأمور.
ضبط النفس هو مراعاة قواعد المصالح والمفاسد.
فإذا كان تصرفك سيجر علينا مصيبة أعظم فلا، وبارك الله فيك، أما إن كنت قادرا ولن يترتب على ذلك مفسدة فأقدم وبارك الله فيك، إن كنت صاحب سلطة فأدب هؤلاء.
أما الذل فهو تحمل الأذى والإهانة من أجل مصلحة النفس، كثير من الناس يتحمل الأذى والإهانة من أجل مصلحة نفسه، يخشى على وظيفته، أو يخشى أن يسجن، أو يخشى من أي أذى شخصي وهذا هو الذل.
هؤلاء هم الذين يتربون على الذل، أما أن تتحمل في سبيل الله، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) قد وضع السلى على رأسه الكريمة فما حركه وصبر (صلى الله عليه وسلم)، بل شجوا رأسه وصبر (صلى الله عليه وسلم).
فيجب أن نفرق بين ضبط النفس وبين الذل حتى لا يقع وهم، أو يتصور أحد منكم أن هناك خلط بين الأمرين.
( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى )، لا نحن لا نقبل بالذل ولا نرضى به أبدا، ولكن هناك فرق بين الأمرين فلتنتبهوا.
أن الغضب لله إذا انتهكت محارمه مطلوب شرعا، وهذا آخر ما أختم به كلامي لأهميته، الغضب من أجل الله إذا انتهكت محارمه مطلوب شرعا ولكن بضوابطه الشرعية، ضوابط المصلحة والمفسدة.
فالرسول (صلى الله عليه وسلم) الرحيم الحليم قد غضب غضبا شديدا عندما خرج والصحابة يتكلمون في القدر، وكأن ما تفقأ في وجهه الرمان (صلى الله عليه وسلم) أو كحب الرمان، وقال أيضرب بكتاب الله بعضه ببعض وأنا بين أظهركم.
وعندما بلغه أن معاذا كان يطيل الصلاة في الناس غضب (صلى الله عليه وسلم) وقال: أفتان أنت يا معاذ.
وعندما دخل على عائشة ووجد في غرفتها صور غضب (صلى الله عليه وسلم).
عندما جاء إسامة يشفع في المخزومية غضب (صلى الله عليه وسلم) وقال: يا إسامة أتشفع في حد من حدود الله.
وعندما قتل إسامة الرجل الكافر الذي قال في آخر حياته (لا إله إلا الله)، فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): أقتلته وقد قال لا إله إلا الله؟ ماذا تفعل بلا إله إلا الله يوم القيامة وغضب (صلى الله عليه وسلم).
ولكن غضبه لم يخرجه عن الحد الشرعي، وحاشاه من ذلك، بل إن غضبه شرعيا (صلى الله عليه وسلم).
إذا الغضب لله في ضوابطه الشرعية، وإذا لم يؤدي إلى مفسدة أعظم، وضبط بهذه الضوابط فهو مطلوب، والذي لا يغضب لله لا خير فيه.
وقد ذكر بعض الشعراء بعضا من ذلك:
فأقول إن الغضب في الله، والغضب لله ولمحارم الله وضبط بضوابطه الشرعية فهو مطلوبا شرعا.
وختاما:
أسال الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القوا فيتبعون أحسنه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تم بحمد الله
توقيع
@سالم@
يقينى بالله يقينى
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات