هل يتذكر الظالم أن جهنم تنتظره

بسيم الله الرحمن الرحيم

الظلم خلق مذموم وتصرف مشين وسلوك غير مقبول , فهو تسلط إنسان علي اخيه الإنسان بإذلاله وقهره ومنعه من العيش بسلام وسعادة , وذلك بالإفراط في استعمال القوة معه لإجباره علي الطاعة العمياء وسلبه إرادته , وبهذا التصرف يعيش الظالم في سعادة لتمكنه من السيطرة علي إنسان آخر وإنزال شتى انواع العقوبات عليه , ويجعل الظلم عنوان سياسته , ومصدر عزته , ولباس هيبته ومكانته بين الناس , هذا الظلم بصفة عامة , فما بالك لو كان الظلم جاءك من بني أمتك وجلدتك وأقربائك فسوف يكون أشدة مرارة واعظم وقع علي نفسية المظلوم .
والظلم هو وضع الشئ في غير موضعه , أي أن هذه القسوة لو جوبه بها عدو الأمة لكانت خيرا وجاءت بالأجر والثواب , ولكن وضعها في غير محلها جاء بالشر والعقاب , وقد حرمه الله علي نفسه وحرمه علي الناس فقال سبحانه وتعالى فيما رواه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا) رواه مسلم .
وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة , واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم علي ان سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم ) رواه مسلم .
: ونقول تذكر أيها الظالم قول الحق تبارك وتعالى
وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار

وهذا كله أمر معلوم لدى جماهير أمتنا الإسلامية والعربية , ولكن الأمر العجيب في عبارة قالوا أنها صدرت من مفكر فرنسي هو جان جاك روسو.قال:
( حين أرى الظلم في هذا العالم اسلي نفسي بالتفكير في أن هناك جهنم تنتظرهم)
هذه عبارة ما احوجنا نحن أن نرددها ونتذكر معناها
لأن فيها العود بالنفس إلى طريق الهداية والاستقامة علي منهج الحق تبارك وتعالى . ولكن الظالم لا يفكر ولا يتذكر أي شئ إلا كيف سيمارس هواية الظلم لديه , ويشعر بإحساس المتعة في ممارسة هذه الهواية اللعينة , ويجعل من سلطته ونفوذه وجبورته وسيلته إلى الاستمتاع بظلم الناس , والمظلوم دائما ضعيف لا يقدر علي رد الظلم عن نفسه , ونحن في زماننا لم نعد نرد الظلم عن إخوتنا , ولم نقل في حقهم حتى كلمة واحدة في وجه الظالم لعله يرتدع , ولا نمد يد المساعدة للمظلوم , بل نترك البعيد دارا وعقيدة ودما هو الذي يبادر بمد يد العون رغم الصعاب والعقبات , بل ويموت من أجل رد الظلم , لأننا أصبحنا لانستطيع مواجهة الظلم ؟ والوقوف أمامه , لأننا أصبحنا نحب النفاق والخضوع لمن هو اعلي منا! .
و أصبحنا في زمن قاسي لا يُظلم فيه إلا الضعيف والمحتاج , ونحن اهله أشد ضعفا في ديننا وقوتنا وأخلاقنا , لقد تمكن منا الضعف والهوان فلم يعد بمقدورنا ان نقول كلمة الحق أمام الظالم , ولم يعُد في مقدورنا ان نعيد حقا سلب ولا كرامة انتهكت ولا نسد صفا ولا نحرر أرضا .
فهل لنا ان نأخذ بمثل فكر هذا الفيلسوف لنغير حالنا ,لأن النتاج الفكر الإنساني هو ملك للإنسانية جمعاء , فهو زاد الإنسانية لتغيير مساوئ الحياة , بالرغم من ان لدينا من الشريعة ما يغنينا عن أقوال الفلاسفة والمصلحين من غير المسلمين , ولكن ابتعادنا عن أصول الشرع الحكيم وهذا هو الذي جعلنا في حاجة لمثل هذه الأقوال فلو عدنا إلى اوصول ديننا , وأخذنا بما اخذ به أجدادنا في صدر الإسلام لكان حالنا غير ذلك , حيث انتشر العدل بين أفراد الأمة , واخذت بأسباب القوة , وقوية شوكتها بين الأمم , وعم الخير والرخاء بعرق وجهد أبنائها , لما كان بيننا ضعيف ولا محتاج ولا استطاع احد أن ينفرد بمجموعة منا ليمارس عليها الظلم .
فهل أصبح الظلم عنوان القوة ووقود السياسة ومنهج الحياة في هذا العصر , فلم توجد قوة علي هذه الأرض إلا ومارست الظلم علي رعيتها أو علي غيرها من المجتمعات المجاورة , ومن ترأس مجموعة صغيرة إلا مارس عليها الظلم علي حسب قوته . فهل هذا عصر الظلم رغم التطور والرقي , أم انه رقي مادي ارتقى علي حساب الإنحطاط الخلقي. وهل للظلم صولة وجولة ثم سينتهي أم يحتاج إلى سواعد تنهيه وتنصب مكانه ميزان العدل والمساواة .
نامل ان تكون وضحت الفكرة , وإن كان جهد المقل يحمل دائما اعتذارا جميلا .
الى اللقاء ..... ودمتم بسلام .