السيد محب حبيب
أنت سيد بشأن الأمور التي لا يقبلها المنطق، فنرجو أنْ تكون سيدًا بشأن الأمور التي تتوافق والمنطق، بحيث لا يكون تنافر بين إيمانك وبين المنطق، فلا تقبل بالتناقضات التي بين عقيدتك المسيحية وبين المنطق.
العلم لم يصل لتعريف الروح، فلا تتعب نفسك، وتفسيراتكم لروح الإنسان وغيره؛ لا تقبلها حتى الطفولة البشرية، إلَّا على حين غفلة.
ثم من قال لك أنَّ المسلمين لا يفرقون بين الجسد والروح؟!، من أين تأتي بكلامك عنهم، هل من هواك الذي لا يطابق الحق؟!، ولكن مهلًا، فأنت تقصد بالروح؛ تلك التي ما دون التي يفهمها أصحاب الفهم "البشري الجنيني"، فما بالك بأصحاب الأفهام الأرقى؟!؛ فالذي يفهم الروح عندك هو الذي يؤمن بأنَّ "الله ظاهر في الجسد"، ولكن إذا عرضنا على المنطق قضية "الله الظاهر في الجسد"؛ فسيرفضها تمامًا، وإليك رفض المنطق لها:
جميع المخلوقات كانت بعد أنْ لم تكن؛ وإلَّا فيلزم أنَّها بلا بداية؛ وهذا اللزوم باطل؛ لأنَّ يلزم عنه اتحاد الوجود والعدم أكثر من مَرَّة، وهذا هو الذي يُطْلَق عليه في المنطق بـ"الدور القبلي" وهو "دور ممتنع" كما هو واضح من الكلام، ثم يكفي أنْ يجتمع الوجود والعدم مَرَّة واحدة ليبطل قولك.
يصح المثل التالي فيك: رمتني بدائها وانسلت!.
المسلمون هم أبعد الناس عن تجسيد الله، فالتجسد عندكم وليس عندنا، فإذا تربَّى جماعة من الناس على الجسديات فهم المسيحيون، ألستم أنتم من قال بتجسد الابن في الجسد؟!، ثم ألست أنتم من قال"الناسوت لم يفارق اللاهوت طرفة عين"؟!، ثم أليس الأرثوذكس من يقول:”بعد التجسد لم نعُد نتكلم عن طبيعتين"؟!؛ وبذلك فأنتم الغارقون في الجسديات، والماديات.
المسلمون ينفون كل كلامكم عن التجسُّد، فلا ابن تجسَّد، ولا روح قدس هو الأب قد ملأ الرسل، ولا روح قدس ليس هو الأب قد ملأ الرسل، وينفون أنَّ الناسوت لم يفارق اللاهوت طرفة عين، بل ينفون التجسَّد تمامًا، فهذا كله مرفوض من المنطق، ويمكننا أنْ نتوسَّع كثيرًا لنَسْتَخْرِج لك المخالفات المنطقة من كلامكم، وقد كتبنا مشاركات سابقة منطقية برهنا فيها على عوار عقيدتكم، وفي هذا المشاركة نستأنفُ البرهنة على عوار عقيدتكم.
أقول للإخوة الذين يحاورون النصارى: لا بد من أنْ تحفظوا تعريف "الدور القبلي" لمحاورة المسيحيين، لإبطال عقائدهم، فتعريف "الدور القبلي" هو:
أنَّ الشيء الأول هو سبب الشيء الثاني، وفي نفس الوقت الشيء الثاني هو سبب الشيء الأول، بحيث يكون الشيء الأول متقدم على الشيء الثاني، وفي نفس الوقت يكون الشيء الأول متأخر عن الثاني، فيكون الشيء الأول متقدم على نفسه ومتأخر عن نفسه، وكذلك الشيء الثاني؛ وهذا يلزم عنه؛ اتحاد الوجود والعدم أكثر من مَرَّة؛ وهذا يلزم عنه عدم وجود الشيء الأول، وعدم وجود الشيء الثاني. هذا التعريف لو طبَّقناه على الثالوث، للزم عن الثالوث؛ اتحاد الوجود والعدم ست مَرَّت!، ولكن بشرط أنْ يكون الثالوث يتمايز بين نفسه على الأقل في شيء واحد، فلو تناولنا الثالوث الذي يكون فيه الأقنوم الأول ليس هو الأقنوم الثاني، ليس هو الأقنوم الثالث، فهذا جاهز تمامًا للبطلان، فهو واضح البطلان؛ فلا تحتاج لتعود لملزوم أصلي؛ لأنَّه هو الملزوم الأصلي، وأمَّا الثالوث الذي يؤمن به محب حبيب فهو "أنَّ الأب هو الابن، هو الروح القدس، ولكن عمل الأب ليس بالضرورة هو عمل الابن، وعمل الابن ليس بالضرورة هو عمل الروح القدس"؛ كلام محب حبيب هذا يلزم عنه أنَّ الأب ليس هو الابن، ليس هو الروح القدس؛ لأنَّ عدم عَمَل الأب عملًا واحد فقط من أعمال الابن؛ كافيًا لأنْ يلزم عنه؛ أنَّ الأب ليس هو الابن، وبشأن الروح القدس فهو ليس الأب؛ لأنَّه يوجد عمل من أعمال الروح القدس ليس من أعمال الأب؛ وبهذا نكون قد وصلنا إلى قول الذين يقولون:"إنَّ الأب ليس هو الابن، ليس هو الروح القدس"، فهروب محب حبيب من هذا القول؛ لم يسعفه منطقيًا من الهروب منه.
لاحظوا أنَّ محب حبيب في مشاركته التي كتبها اليوم ليرد فيها على السيف العضب قال:
محب حبيب أراد أنْ يُكَحِّل الأمر؛ فزاد مِنْ عماه، فقد قال "التمييز الوحيد بينهما هو في عمل كل منهما"، ثم قال:"ولا يعني هذا أنَّهم لا يعملون معًا في العمل الوحد، بل هم كلهم يعملون نفس العمل"، وإذ نَعْرِض كلام محب حبيب على المنطق؛ فإنَّ كلامه يَبْطُل وبلا عناء كثير؛ وذلك لـ"اجتماع عدم وجود عَمَل الأب مع وجود عَمَل الأب، وعدم عَمَل الابن مع وجود عَمَل الابن، وعدم وجود عَمَل الروح القدس مع وجود عَمَل الروح القدس"؛ واتحاد عدم وجود العَمَل مع وجود العَمَل؛ يلزم عنه "عدم وجود عَمَل"؛ وبهذا فالأب لم يبذل الابن؛ فيكون إخبار الكتبة "كَذِب"؛ كما لا يكون الابن فادي؛ فيكون إخبار الكتبة "كَذِب"، كما لا يكون إخبارهم ناتج عن امتلاءهم بالروح القدس؛ فيكون الذين قالوا "أنَّ رسل المسيح امتلأوا بالروح القدس" هم كاذبون، وبهذا فنحن أمام جماعة من الكَذَبَة، وما زال الكَذِب مستمرًا من منهم.
وبناء عليه فمسيحكم كذَّاب، ويَصْدُق عليه القول التالي:
وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ.
ويَصْدُق عليه القول التالية أيضًا:
احْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَابِ الْحُمْلاَنِ وَلَكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِلٍ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ!.
مسيحكم لأنَّه يَعْلَم أنَّه كذَّاب؛ فقد حذَّركم من نفسه، فهو نبي كذاب، وهذا القول ينطبق على رسل المسيح، فهم كذبة.
ويَصْدُق عليه القول التالي أيضًا:
لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضاً.
مسيحكم في هذه الفقرة يعترف أنَّه من المُسَحاء الكَذَبَة، ومن الأنبياء الكذبة، وهذا الكذب ينطبق على تلاميذ مسيحكم فهم كَذَبَة.
قد تقول: "لا المسيح في الفقرة السابقة لا يعترف أنَّه من الأنبياء الكذبة".
نقول: نحن لا نأخذ الفقرة السابقة بمعزل عن بقية فقرات إنجيلكم، ثم نعرضها على المنطق، وقد عرضناها، فوصلنا إلى أنَّ انجيلكم مخالف للمنطق، فتكون النتيجة هي:”إنَّ مسيحكم كذَّاب".
لكي يَخْرُج محب حبيب من هذه الورطة فيجب أنْ يقول:"لا يوجد غير الأب فلا وجود للابن اللاهوتي، ولا للروح القدس اللاهوتي، فالابن والروح القدس وهميان".
المفضلات