اقتباس
اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عابدة مشاهدة المشاركة
شرفني مرورك أخي الفاضل .... بارك الله فيك
وكما تعلم أخي فإن الأمر فيه اختلافات واجتهادات ، ولكن لدينا عدد من الحقائق إذا جمعناها معا يمكن أن نصل لتكوين فكرة صحيحة :

أولا : أن الأنبياء كلهم قبل نبينا كانوا يُبعثون إلى أقوامهم فقط

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أعطيت خمسا ، لم يعطهن أحد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة .
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 335
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

إذن نوح عليه السلام كان مبعوثا إلى قومه خاصة وليس لأقوام آخرين

ثانيا: القرآن الكريم يؤكد أيضا أن دعوة نوح كانت موجهة إلى قومه فقط


1- (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(1)) نوح
2- ( قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً (6)) نوح
3- ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14)) العنكبوت
والأمثلة كثيرة في ذلك

ثالثا : المبدأ الإلهي الذي يقرر أن الإنذار يسبق العذاب


(مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا ) الإسراء-15

إذن العذاب كان من نصيب قوم نوح الذين كذبوه فقط لأنهم هم القوم المنذَرين محل الدعوة

رابعا : القرآن الكريم يؤكد أن المغرَقين كانوا قوم نوح:


1- (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ) الفرقان-37
2- (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ) غافر
3- ( وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (77) ) الأنبياء

خامسا : الحقائق العلمية التي تؤكد أنه لم يحدث أن غطى الأرض كلها طوفان واحد
وأن الأرض تحتاج إلى أضعاف كميات المياه المتاحة لها لتغطي الأرض كلها وقمم الجبال

يبقى شيءٌ واحد .... حيث يقول البعض أنه من المحتمل أن قوم نوح كانوا هم البشر الوحيدين على ظهر الأرض وقتها وبالتالي غرقوا جميعا في طوفان محلي محدود

ولكن .....
أولا: هذا يجعل الكلمات : قوم نوح - قومه- قومي ..... والتي تكررت في القرآن الكريم غير ذات دلالة وكان يمكن استبدالها بكلمة (الناس)
واستخدام اللفظ القرآني البليغ لهذه الكلمات يعني أنه كان هناك أقواما آخرين

ثانيا: أن القرآن استخدم نفس اللفظ (قوم فلان) مع باقي الأنبياء دون تفرقة
ونحن على يقين من دقة التعبيرات القرآنية

ثالثا : أن حديث النبي الذي ذكرناه و القائل فيه : (وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة .) ينفي ذلك

رابعا :
(قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)) هود

ويمكن أن تحمل الآية معاني عدة منها أن الأمم التي ستُمتع تشمل أمم ليس لها علاقة بنوح عليه السلام ولازالت تنتظر رسولها واختبارها وإنذارها ثم يأتي العذاب

خامسا : أن العلم يقول أن التطور البشري قد استغرق آلاف وملايين السنين لينتج هذه السلالات البشرية المعروفة بخصائص معينة ، فلماذا نحصر تاريخ التطور لتكون بدايته زمن نوح فقط الذي من الممكن أن يكون قريب نسبيا
وبذلك نجعل ديننا يناقض العلم بدون أن يكون في ديننا ما يؤكد ذلك

وفي النهاية يجب أن نعرف أنه لا يوجد في القرآن الكريم ولا في الأحاديث الشريفة ما يؤكد فناء البشر كلهم في زمن نوح
وأن ما يوجد لدينا هو تفسيرات متأثرة بمن أسلموا من أهل الكتاب والإسرائيليات وليس لهم دليل من قرآن أو سنة

والله أعلم

وأرجو ألا أكون قد أطلت عليك أخي الفاضل
جزاكِ الله خير الجزاء اختنا الفاضلة ...
حقيقتا جواب تفصيلي اكثر من ممتاز ...