


التعقيب السادس والعشرون
أنه في صفحة 138 ، يجيز مخالفة السلف في إثبات الصفات على حقيقتها فيقول : بل نفرض أن أحدا من رجال السلف رضوان الله عليهم لم يجز لنفسه أكثر من أن يثبت ما أثبته الله لذاته مع تفويض ما وراء ذلك من العلم والتفاصيل إلى الله عز وجل فإن ذلك لا يقوم حجة على حرمة مخالفتهم في موقفهم هذا حرمة مطلقة انتهى كلامه .
ونقول : يا سبحان الله
ألا يسعنا ما وسع السلف ، أليست مخالفتهم وفيهم المهاجرون والأنصار والخلفاء الراشدون وبقية الصحابة رضي الله عنهم والقرون المفضلة أليست مخالفتهم لا سيما في العقيدة . بدعة وكل بدعة ضلالة . بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي العلم (2676),سنن ابن ماجه المقدمة (44),مسند أحمد بن حنبل (4/126),سنن الدارمي المقدمة (95).
عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، والله تعالى يقول :
سورة التوبة الآية 100
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ فتشرط سبحانه في رضاه عمن جاء بعدهم اتباعهم للمهاجرين والأنصار بإحسان والدكتور يقول : لا تحرم مخالفتهم في صفات الله عز وجل .
ألم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون ومعنى هذا الحث على الاقتداء بهم والنهي عن مخالفتهم لا سيما في أصول الدين ، ثم هل تجوز المخالفة في أمور العقيدة أليست العقيدة توقيفية لا مجال للاجتهاد والاختلاف فيها .



التعقيب السابع والعشرون
في صفحة 146 المقطع الأخير ذكر في أن من البدع القول بفناء النار وأن ذلك داخل بإجماع المسلمين في معنى البدعة ، وتعقيبا عليه من وجهين :
الوجه الأول : أنه لم يحصل إجماع على تخطئة القول بفناء النار وعده من البدع كما زعم فالمسألة خلافية وإن كان الجمهور لا يرون القول بذلك لكنه لم يتم إجماع على إنكاره وإنما هو من المسائل الخلافية التي لا يبدع فيها .
الوجه الثاني : أن الذين قالوا بفنائها استدلوا بأدلة من القرآن والسنة .
وبقطع النظر عن صحة استدلالهم بها أو عدم صحته فإن هذا القول لا يعتبر من البدع ما دام أن أصحابه يستدلون له . لأن البدع ما ليس لها دليل أصلا - وغاية ما يقال أنه قول خطأ أو رأي غير صواب ولا يقال بدعة وليس قصدي الدفاع عن هذا القول ولكن قصدي بيان أنه ليس بدعة . ولا ينطبق عليه ضابط البدعة ، وهو من المسائل الخلافية .



التعقيب الثامن والعشرون
في صفحة 149 ، قال : وتفريق الباحث في مسألة القرآن بين ما فيه من المعاني النفسية والألفاظ المنطوق بها مع ما يلحق بها من حبر وورق وغلاف - ليقول أن الأول ( يعني المعاني النفسية ) قديم غير مخلوق - والثاني حادث مخلوق أيعد بدعة محظورة لأن هذا التفريق لم يعلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومن ثم يجب إطلاق القول بأن القرآن قديم غير مخلوق دون تفضيل ولا تفريق أم لا يعد بدعة وإنما هو شرح وبيان لما علمه الصحابة من قبل على وجه الإجمال . ومن ثم فلا مانع لا سيما في مجال التعليم من هذا التفريق والتفضيل - ( ا . هـ ) .
وتعقيبا عليه أقول : كلامه هذا يتمشى مع مذهب الأشاعرة الذين يفرقون في كلام الله بين المعنى واللفظ فيقولون المعنى قائم بالنفس وهو قديم غير مخلوق وهذا هو كلام الله عندهم .
وأما اللفظ فهو عندهم تعبير عن هذا المعنى من قبل جبريل أو النبي صلى الله عليه وسلم وهو مخلوق - وهذا تفريق باطل وإن نسب هذا القول في صفحة 154 إلى الإمام الشافعي فهي نسبة غير صحيحة . - ومذهب أهل السنة سلفا وخلفا أن كلام الله تعالى هو اللفظ والمعنى وكلاهما غير مخلوق لأنه كلام الله تعالى وصفة من صفاته غير مخلوقة . وقوله إن الصحابة علموا هذا التفريق بين اللفظ والمعنى في كلام الله هو تقول على الصحابة ونسبة إليهم ما هم منه براء .



التعقيب التاسع والعشرون
في صفحة 149 تساءل عن التوسل بجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته أو بجاه من عرفوا بالصلاح والاستقامة بعد وفاتهم هل هو بدعة أو يقاس على التوسل به صلى الله عليه وسلم حال حياته وهو شيء ثابت دلت عليه الأحاديث الصحيحة ومن ثم فهو ليس من البدعة في شيء ولم يجب عن ذلك التساؤل بل ترك القارئ في حيرة والتباس .
وأقول :
أولا : التوسل بالجاه ليس عليه دليل أصلا لا في حياته ولا بعد موته فهو بدعة بلا شك .
ثانيا : أما التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم فهو جائز في حياته لأنه يتمكن من الدعاء فيها . ما بعد وفاته فطلب الدعاء منه بدعة ولا تجوز . لأنه لا يقدر على الدعاء ولأن الصحابة لم يفعلوا هذا معه بعد وفاته وإنما كانوا يفعلونه في حال حياته ولا تقاس حالة الحياة على حالة الموت لوجود الفوارق
العظيمة بينهما عند جميع العقلاء - وإنما يقيس هذا القياس المخرفون .
وإن كان هو يزعم في صفحة 155 أن هذا التفريق لم يعرف إلا عن ابن تيمية وأن السلف لم يفرقوا ولم تفرق الأدلة بينهما وكأنه لم يقرأ ما ذكره العلماء في هذا الموضوع وما ذكره ابن تيمية في كتاب التوسل والوسيلة عن السلف والأئمة في ذلك ، أو أن تحامله عليه أنساه ذلك . ثم إنه نسب إلى السلف ما لم يقولوه وحمل الأدلة ما لا تحمله ، ولم يأت بدليل واحد على ما قال وأنى له ذلك .
والواجب أن الباحث أمثال الدكتور البوطي
لا يخطئ شخصا ويتحامل عليه حتى يقرأ كلامه وينظر في مستنداته حتى يعرف هل هو مخطئ أو مصيب هذا هو الإنصاف والعدل - ولا ننسى أن الدكتور البوطي له هنات في غير هذا الكتاب حول هذه المسألة قد قام بالرد عليها الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله . ثم إنه في صفحة 146 يهون من شأن هذه المسألة ويقول : هي أقل من أن تصدع المسلمين أو تجعل منهم مذهبيين . وأقول : كلا والله إنها لمسألة خطيرة تمس صميم العقيدة وتجر إلى الشرك فكيف تكون هينة .
وفي صفحة 150 ، 157 أدخل تحت بدعة التزيد في العبادة الأذان الأول ليوم الجمعة الذي أمر به عثمان رضي الله عنه لما دعت الحاجة إليه .
وهذا منه خطأ واضح فإن عثمان رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي العلم (2676),سنن ابن ماجه المقدمة (44),مسند أحمد بن حنبل (4/126),سنن الدارمي المقدمة (95). عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ففعله هذا يعتبر سنة لا بدعة وتزيد ، حاشاه من ذلك رضي الله عنه وأرضاه . وهذا ينسينا ما قاله في حق شيخ الإسلام ابن تيمية أنه ابتدع التفريق بين حالة الحياة والموت . إذ إن الخليفة الراشد عنده قد ابتدع وتزيد في الدين .



يتبع..
المفضلات