بسم الله الرحمن الرحيم و الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
المسجد الاقصى تحت رعاية صلاح الدين الايوبي وخلفاؤه
وفي سنة (583هـ/1187م)،تم طرد الصليبيين و إستعادة القدس الشريف علي يد صلاح الدين الأيوبي وقد إهتم صلاح الدين فور دخوله مدينة القدس بإعادة إعمار المسجد الشريف وإصلاح ماخربه الصليبيين وكان الصليبيون قد عبثوا بالمسجد الأقصى وبنوا منبراً ومذبحاً فوق الصخرة كما أنهم حجبوا جدرانه الأصلية وبنوا عليها حوائط جديدة، فأمر بهدم هذه الحوائط وحمل معه إلى المسجد العديد من المصاحف وأوقف عليه أوقافاً لإصلاحه وترميمه، وسجل هذه الأعمال على المحراب الأصلي للمسجد.
ومن أهم مافعله هو تجديد وتزيين محراب المسجد، كما أمر بإحضار المنبر الخشبي بهي الصنعة، والذي صنع خصيصاً في عهد السلطان نور الدين زنكي وكان الفنانون المهرة من أبناء حلب قد أنجزوه على أروع مثال، في عام 564 هجرية، واستمر بناؤه عاما كاملا، فأمر بإحضاره وإقامته في المسجد، ويبدو على جانبه عبارات تتعلق بمنشئه وصانعيه وتاريخ الصنع، وقد صلى صلاح الدين في المسجد الأقصى وخطب منه الناس.
وصف المنبر
استعمل الصناع لبناء المنبر الخشب المأخوذ من أشجار السرو الروماني، الذي كان ينتشر بكثرة في البساتين المحيطة بحلب، واستخدمت له دهانات مصنوعة من الصباغات المحلية المعجونة بصمغة الفستق الحلبي وماء الذهب، لطلاء التاج والأقسام المذهّبة، كما استورد له خشب الأبنوس لملء الزخارف الهندسية بالحشوات، وجلب العاج من أفريقيا وبلاد الهند لصنع لوحات رقيقة تنزّل فوق الحشوات، وتتميّز صناعة المنبر بانعدام المسامير فيه، ويجمع إلى بعضه بطريقة التعشيق، وزخرف المنبر القدسي في نوعين من الخطوط (النسخ والكوفي) كتبت فيها بعض الآيات القرآنية ولفظ الجلالة وسيرة الملك العادل.
وظل هذا المنبر شاهداً على روعة وجمال الفن الإسلامي حتى تاريخ (21/8/1969م) عندما أحرق المسجد الأقصى الإرهابي مايكل دوهان، وهو سائح استرالي من أصل يهودي، وادعت في حينه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بأنه مجنون، لإخفاء حقيقة كون الحادث مدبراً فكان بمثابة خروف الاضحية لذلك العمل الفظيع .
وفي 23/1/2007 عاد منبر صلاح الدين إلى المسجد الأقصى المبارك، بعد أن أعيد بناؤه في الأردن في جامعة البلقاء التطبيقية وعلى نفقة ملك الأردن عبدالله الثاني، وقال متخصصون إن المنبر الحديد مؤلف من 16500 قطعة بعضها لا يتعدى طوله المليمترات، حيث يتم تجميع هذه القطع في بناء طوله ستة أمتار من دون استخدام مواد تثبيت من صمغ أو مسامير أو براغٍ أو غراء، وإنما باستخدام طريقة التعشيق.
وقد استمر إعادة بنائه ثلاثة عشر عاماً،
أقام الأيوبيون الكثير من الأبنية والقباب والمآذن والقناطر في منطقة المسجد المبارك.
أسس الأيوبيون في القدس عشر مدارس منها المدرسة الصلاحية والمدرسة الختنية. كما أسسوا المستشفيات ومنها البيمارستان الصلاحي. أما الإنفاق على هذه الأماكن فكان عن طريق الأوقاف العديدة التي خصصت لها في القدس وخارجها.
اهتم صلاح الدين والسلاطين الأيوبيون من بعده بتعمير المدينة، فقد حفر صلاح الدين خندقاً عميقاً وبنى أبراج حربية من باب العمود الى باب الخليل وانفق على ذلك أموالاً طائلة لتقوية دفاعات المدينة أمام أي محاولة صليبية لاحتلالها
وقد سار خلفاء صلاح الدين علي منهاجه في رعاية المسجد الاقصى الشريف .
المسجد في عهد المماليك
عرفت دولة المماليك الفتية بغيرتها الشديدة علي الإسلام وحميتها لدين الله فكان إنعكاس هذا بالإهتمام الشديد المنصب علي الاماكن المقدسة فقد ساهم المماليك في المحافظة على المسجد في شكل منقطع النظير، حيث تعاقب سبعة من ملوكهم على ترميم المسجد الأقصى ولكنهم لم يغيروا من معالمه.
وقد حظيت فيه المدينة بمظاهر التقدير بوصفها المدينة الثالثة في الإسلام بعد مكة والمدينة .
ومن أعمال المماليك بالمدينة
كان الاهتمام بتعمير المدينة والأماكن الدينية فيها، فمعظم الآثار الباقية في القدس اليوم التي تعطي للمدينة صورتها التاريخية هي آثار مملوكية. فمن بين 153 أثر تضمنها الفهرس الذي أعدته المدرسة البريطانية للآثار في القدس هناك 81 أثراً ترجع الى عهد المماليك هذا فضلاً عن أعمال الترميم الكثيرة للاماكن الدينية المقدسة ولا سيما لمسجدي قبة الصخرة والأقصى.
اهتم المماليك بتزويد القدس بالماء فعمروا قناة السبيل التي كانت تنقل المياه للقدس من عين العروب.
أنشأ المماليك البرك والاسبلة والخانات والربط والزوايا والخوانق في المدينة منها:
اكثر من عشرين خاناً في القدس.
12 رباط في المدينة.
40 زاوية.
بنوا 6 خوانق.
قام الملك الناصر محمد بتعمير قلعة القدس سنة 710هـ/ 1310م.
اهتم المماليك ببناء المدارس في القدس وبلغ عدد المدارس التي كانت موجودة في القدس في عهدهم حوالي 57 مدرسـة من بينها 10 مدارس انشأها الأيوبيون. وهذا يعني ان المماليك أنشأوا حوالي 47 مدرسة منها المدرسة الدوادارية والتنكزية والجوهرية والاشـرفية السلطانية بحيث أصبحت القدس في العصر المملوكي مزاراً للعلماء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، فأمها العلماء من المغرب والأندلس ومصر والعراق وإيران وبلاد الشام واستقر عدد كبير منهم فيها، ولذلك كانت القدس أحد المراكز الثقافية والعلمية المهمة في البلاد الاسلامية في العصر المملوكي. وقد خصص المماليك الأوقاف في فلسطين وخارج وخارجها للأنفاق على هذه الأماكن. فمثلاً أوقف الظاهر بيبرس قرية العوجا للأنفاق على المسجد الأقصى .
اهتم السلاطين المماليك بزيارة القدس. فقد زارها الظاهر بيبرس أربع مرات كما زارها كل من السلطان الناصر محمد وبرقوق والناصر فرج بن برقوق وغيرهم.
ومن ذلك ما قام به السلطان الظاهر بيبرس البندقداري حينما زار القدس عام 661 هـ وأمر بترميم كل ما تهدم من حرم المسجد وأوقف عليه خاناً وعقارات يصرف عليه من دخلها، كما اهتم السلطان قايتباي المحمودي بالمسجد الأقصى وبنى بالحرم القدسي سبيلاً لا يزال موجوداً للآن بحالة جيدة كما أنشأ مدرسة لتدريس الفقه الإسلامي.. وفي عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون عام 729 هـ تم وضع الرخام في صدر المسجد على يد الأمير ناصر الدين ناظر الحرم القدسي، ثم جددت أبواب المسجد الأقصى الخشبية عام 778 هـ على يد السلطان شعبان والسلطان حسن، وكان آخر تجديد للمسجد الأقصى في العصر المملوكي على يد السلطان الغوري..
يتبـــع

أستغفِرُ اللهَ ما أسْتَغْفَرهُ الْمُستَغفِرونْ ؛ وأثْنى عليهِ المَادِحُونْ ؛ وعَبَدَهُ الْعَابِدُون ؛ ونَزَهَهُ الْمُوَحِدونْ ؛ ورجاهُ الْسَاجِدون ..
أسْتَغْفِرَهُ مابقي ؛ وما رضي رِضًا بِرِضاهْ ؛ وما يَلِيقُ بِعُلاه ..
سُبحانهُ الله ..
تعالى مِنْ إلهَ ؛ فلا مَعْبودَ سِواه ؛ ولا مالِكَ ومليكٍ إلاه ..أسْتَغفِرَهُ مِن ثِقال الْذُنُوب ؛ وخفي وظاهر العيوب ؛ وما جبلت عليهِ النفسُ من عصيانٍ ولُغوب
وأستغفرُ الله العظيم لي والمسلمين ..
وأخِرُ دعوانا أنْ الحمدُ للهِ ربْ العالمين
المفضلات