عظة إبن السماك لهارون الرشيد
بسم الله الرحمن الرحيم دخل أحد الوعاظ ابن السماك على أعظم ملوك الأرض في وقته هارون الرشيد فقال له هارون عظني يابن السماك قال يا أمير المؤمنين هب أنك كنت تسير في صحراء ثم نفذ ما معك من زاد وماء واشتد بك الظمأ حتى احترق جوفك وظللت تبحث عن ماء فلا تجد ماء فجاء لك رجل بكأس من الماء وقال لك يا أمير المؤمنين أستطيع أن أسقيك من هذا الكأس على أن تعطيني نصف ملكك فماذا تفعل؟ قال أعطيه نصف ملكي وأشرب وأرتوي، قال هب أنك يا أمير المؤمنين بعد أن شربت هذا الماء احتبس في جوفك وظل يوجعك ويؤرقك ويتعبك تريد أن تبول فلا تستطيع أن تبول احتبس البول فيك وأن تتلوى وتتوجع فجاءك من قال لك أنا أقدر أن أعالجك يا أمير المؤمنين وأخرج البول منك على أن تعطيني نصف ملكك الآخر قال أعطيه، قال فانظر يا أمير المؤمنين إلى هذا الملك الطويل العريض الذي لا يساوي شربة وبولة فكم يساوي.
وقف سليمان بن عبد الملك الخليفة الأموي الشاب أمام المرآة فراقه حسن صورته وأعجبه نظرة شبابه فقال في زهو وغرور أنا الملك الفتى، وكان بجواره إحدى إمائه وجواريه فنظر إليها وقال لها ماذا تقولين؟ فقالت له يا أمير المؤمنين أقول ما قال الشاعر
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى غير ألا بقاء للإنســـان
ليس فيما علمته فيك عيـب كان في الناس غير أنك فان
ولم يلبث سليمان إلا أياماً حتى توفي، جاءه الموت، الموت يأخذ الشاب والشيخ ويأكل الأخضر واليابس، هون الموت من قيمة هذه الدنيا، عش ما شئت فإنك ميت وأحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك منسي به ومسؤول عنه، هذه هي الدنيا التي يتهافت الناس عليها تهافت الذباب ويتهاوشون على متاعها تهاوش الذئاب، قال بعض الصالحين: زهدت في الدنيا لقلة غنائها وكثرة عنائها وسرعة فنائها وخسة شركائها، أهل الدنيا عشاق الدنيا أخساء يقاتلون على الفلس، لا يقنعون بقليل ولا يشبعون من كثير هم كجهنم يقال لها هل امتلأت فتقول هل من مزيد، يبيع أحدهم صاحبه من أجل درهم أو دينار، خسة شركائها، هذه هي الدنيا
جبلت على كدر وأنت تريدها صفواً من الآلام والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعهـا متطلب في الماء جذوة نار
أستغفِرُ اللهَ ما أسْتَغْفَرهُ الْمُستَغفِرونْ ؛ وأثْنى عليهِ المَادِحُونْ ؛ وعَبَدَهُ الْعَابِدُون ؛ ونَزَهَهُ الْمُوَحِدونْ ؛ ورجاهُ الْسَاجِدون ..
أسْتَغْفِرَهُ مابقي ؛ وما رضي رِضًا بِرِضاهْ ؛ وما يَلِيقُ بِعُلاه ..
سُبحانهُ الله ..
تعالى مِنْ إلهَ ؛ فلا مَعْبودَ سِواه ؛ ولا مالِكَ ومليكٍ إلاه ..أسْتَغفِرَهُ مِن ثِقال الْذُنُوب ؛ وخفي وظاهر العيوب ؛ وما جبلت عليهِ النفسُ من عصيانٍ ولُغوب
وأستغفرُ الله العظيم لي والمسلمين ..
وأخِرُ دعوانا أنْ الحمدُ للهِ ربْ العالمين
المفضلات