رد رقم 30 بقلم نسر القمم
وهبهم الله الحياة و هم يعبدون غيره , الله يطعمهم و هم يشكرون سواه , هو خلقهم و أنشأهم في أرحام أمهاتهم و يعلم عنهم أكثر مما يعلمون هم عن أنفسهم و ليس لديهم أي فكرة عنه تبارك و تعالى و لا يعلمون عنه شيئًا.

أقول: حتى أنهم لا يعلمون من هو ؟

إذا كان هذا لا يلين قلوبكم و يوجع أفئدتكم , فلابد أن قلوبكم قد قست و تحجرت.

لأنني إذا شاهدت غير المسلم - خصوصًا عندما أجلس في أماكن مثل المطارات - فإني أرى هذا المرض و آثاره عليهم !

أراهم يسيرون و هم يحملون هذا الوباء.

الكثيرون منهم يمرون عبر طريقي , و أفكر في نفسي:

"لا أستطيع الحديث معهم جميعًا, ليس هناك ما بمقدوري أن أفعله"

هذا المرض لن تظهر آثاره على أبدانهم , و ربما نتركهم جهلة بالله سبحانه و تعالى.

و لكن سيأتي اليوم الذي سوف يموتون فيه بأكثر طريقه مؤلمة ماديًا يتصورها العقل البشري!

يقول رسول الله صلوات الله و سلامه عليه :

"و أن روح الكافر تتفرق في جسده، فينتزعها - أي ملك الموت - كما يُنْتَزَع السُّفود الكثير الشعب من الصوف المبلول، فتقطع منها العروق والعصب… الحديث"

طريقة مؤلمة جدًا , و لكأنك تمرر انسانًا عبر مفرمة و تنزع لحمه من عظامه .

أتعلمون ما هو الأمر المحزن بحق ؟ أنه في هذه الساعة الآلاف من الناس يموتون !

الآلاف من الناس فقدوا حياتهم في هذه اللحظة و هم لا يعرفون الله !

لا نستطيع أن نفعل شيئًا لهم , لقد فات الأوان و رحلوا , لن نستطيع انقاذهم حتى لو أردنا ذلك .

الحقيقة الباعثة على الأسى هي أننا لا نستطيع انقاذهم , و لكن هناك أناسٌ كُثُر نحن قادرون على تخليصهم من براثن الشرك و الجهل بالله.

يجب أن نحمل هذا القَبَس و هذا النور , نور الإسلام و نريه للعالم.

هناك عبارة في الانجيل , و لا يهمنا إذا ما قالها عيسى عليه السلام بنفسه أم لا , فهي عبارة عميقة جدًا و رسخت في ذهني و كانت بمثابة نقطة فهم محورية استلهمتها في مهمتي الدعوية :

" لا يوجد أحد يجلب "شمعة" إلى بيته و يكفيء عليها دلوًا "

لأنه لن يستفيد أحد من ضوء هذه الشمعة.

إذا أحضر أحدهم شمعة لمنزله , فسوف يضعها على منضدة تتوسط الحجرة , كي يستفيد الجميع من هذا النور.

و لكن للأسف مسلمو هذا الجيل هم مجموعة من الشموع .... و لكنها مغطاة.

لا أحد يستطيع رؤية نورنا ! لا أحد يستطيع رؤية الإسلام و معاينة الجمال الذي يحتويه هذا الدين !

صدقوني .. أنا كنت أقف في الظلام و أرى هذا النور من النافذة !

إنه أجمل نور يمكن أن تقع عليه الأعين ..

نور الإسلام.

إنه الكنز الحقيقي.

بإمكان الآخرين رؤية هذا النور - و سوف يرونه - إذا أطلعناهم عليه.

إذا جعلنا الإسلام ... إسلامًا بحق و صدق.

إذا أصبح المسلم .. "مسلم" بحق و صدق.

الدعوة إلى الله ليست أمرًا عويصًا أو معقدًا .... إنه أسهل مما تتصورون.

أن نصبح مسلمين حقًا و نكون صورة لهذا الدين العظيم.

أدرسوا تاريخ المسلمين , عودوا إلى تاريخ الإسلام ! لماذا غزا الإسلام العالم ؟ ليس بالحملات العسكرية و الحروب , بل فتحه "مسلمون" .

أكثر دولة اسلامية ذات تعداد سكاني اليوم هي "اندونيسيا" , و ذلك بفضل الله ثم بفضل مسلمين كانوا "مسلمين" بحق.

قلة من المسلمين هاجرت إلى تلك البلاد و قرروا أن يعيشوا حياتهم كمسلمين و لا يتخلوا عن دينهم كي يرضوا السكان المحليين.

و عندما أتاهم الناس و سألوهم عن هؤلاء العرب المجانين الذين قد سمعوا عنهم , و أنتم أيضًا قد جئتم من تلك الصحراء و لديكم مبادي و قيم و أخلاق أفضل منا نحن بمراحل كثيرة , ماذا جرى لكم ؟ أجابوهم :

" لا إله إلا الله محمدًا رسول الله"

نحن نؤمن بأن هناك رب أسمه "الله" و أنه أرسل لنا محمدًا بهذا الدين , و نحن نقتدي به و نقتفي سنته و نستضيء بأسلوبه في الحياة , لهذا نحن كذلك.

هذا هو الأمر الذي دانت به الدنيا للإسلام.

هذا هو الأمر الذي أسر القلوب و أجتذب النفوس للإسلام.

الصدق و الجمال و بساطة الرساله و قوتها.

هذا ما اجتذبي و أسر قلبي ... للإسلام.

هذا هو ما يحتاجه العالم بما يجري فيه من حماقات ؛ بساطة الإسلام , سواء أرادوا سماعها أم رغبوا عنها.

إنهم يعلمون ذلك في دواخلهم و أعماق نفوسهم - إذا أريتهم الحق , حتى و لو أداروا ظهورهم له - فإنهم يعلمون بأنه الحق.

و في يوم القيامة يمكنك الوقوف أمام الله سبحانه و تعالى و تبريء ذمتك.

مما قاله الرسول صلى الله عليه و سلم للمسلمين في خطبة الوداع (هذه الخطبة التي لخص فيها أمورا كثيرة عن هذا الدين العظيم ) و هي من آخر كلماته عليه الصلاة و السلام ؛ و سوف أختم بهذا حتى تتبين لكم أهمية هذا الأمر و الدعوة إلى الله, فقد أعطى - عليه الصلاة و السلام - أمرًا لهؤلاء المسلمين كي ينقلوا كلماته و يحملوا تعاليمه و يستمسكوا بدينهم , و قال :

"ألا هل بلغت....اللهم فاشهد قالوا نعم – قال فليبلغ الشاهد الغائب"

و نزل قوله تعالى :

"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا"

يجب علينا تبليغ هذه الرسالة و نشر هذا النور.

هذا هو الواجب الذي حمّلنا إياه الرسول الكريم و أمرنا به , عليه الصلاة و السلام , [ و شرفنا به الله سبحانه و تعالى ].

نحن الأمة الوحيدة التي حملت على عاتقها التبليغ و الدعوة إلى الله , و أقرأوا سورة البينة سيتضح لكم صدق قولي إن شاء الله , نحن من حُمِّلنا هذه الأمانة بين الأمم و أُمِرنا بهذا الواجب الذي كان يختص الله به الأنبياء و الرسل , و ذلك لأن الوحي انقطع و النبوة انتهت.

هذه هي مهمتنا , فالقرآن لن يسقط من السماء هكذا على رؤوس الناس , بل يجب علينا أن نقوم بهذه المهمة ....

مهمة الدعوة إلى الله.

لو لم يبلّغ الرسول عليه الصلاة و السلام رسالته , لحاسبه الله على ذلك .

و نحن كذلك لو تهاونا أو قصرنا و فرطنا , لسألنا الله سبحانه و تعالى يوم القيامة عن تفريطنا , و لسألنا عن جارنا و زميلنا في العمل الذي لم نبلغه و نعرّفه بالله عز و جل , و سيأتي في الآخرة يسألنا :

" كنت تعلم بأن هذا اليوم سيأتي , و علمت عن ما سوف يحصل لي , و لم تقل لي شيئًا !"

سوف يشكونا هؤلاء الناس أمام الله ....

لأننا نمتلك الحقيقة و نعيش بينهم , و لم نخبرهم عنها.

لنتوقف عن الإختباء في مساجدنا و بيوتنا و قلوبنا و لنمنحهم هذه الحقيقة [ و هذا النور ] .

أرجو أن تصدقوني عندما أقول لكم بأن هذه الحقيقة جميلة جدًا , و أتمنى أن تثقوا في كلامي عندما أقول لكم بأنهم سوف يقبلوها منكم إذا ما ناولتموهم إياها , فلا أحد يرفض شيئًا أصيلاً و جذابًا كهذا.

و أحب أن أزف لكم البشرى بأنني أعمل في مشروع دعوي كبير و ذلك عن طريق نشر أقراص رقمية مدمجة "DVD" تعرف عن الإسلام و أسعى لوضعه في يد كل شخص غير مسلم في أمريكا , و قد بدأت في بعض الولايات و الأنباء مبشرة كثيرًا و هناك حالتا إسلام في الشهر و لله الحمد كأحدى الثمرات الطيبة و معلومات الإتصال الخاصة بي هي على هذه الأقراص و الناس تشاهد ما فيها من نماذج عرض و تعريف بقصتي و حقيقة الانجيل و يقومون بالإتصال بي و مهاتفتي و السؤال عن الإسلام , و أغلبهم يتقبل الإسلام و يعتنق هذا الدين الحنيف.


_________________________________________________________

لله درك يا يوشع ... يا فتى محمد

نعم قلتها يا فتى محمد ....

فلننشر هذا الدين .... و ننقذ هؤلاء المساكين و نخرجهم من هذا التيه ...

التيه المظلم الذي كنت تتخبط في دياجيره , و منّ الله عليك بالإسلام و نصر بك هذا الدين في زمن ضعف فيه اليقين.

زمن أصبح فيه الدين عادة و المال عبادة و البعد عن الله مفخرة و مأثرة , إلا من رحم ربي و ربك.

زمن التيه ....

كم أنا خجِل منك ... يا أيها "المسلم" الجسور و الموحد الغيور !

بحثت و قرأت فآمنت و صدقت و أذعنت و سلّمت لله و أسلمت , ثم عزمت و دعوت و حملت قبس النور لتهدي الحيارى و تأخذ بيد الضُلال نحو النور .... نور الإسلام.

لم تضن عليهم بهذه المنحة الربانية و النعمة الإيمانية ......

لم تكتفي بإسلامك أو تقول بأن "الهداية على الله" فقط , و لم يفت في عضدك قرب عهدك بالإسلام , و لكن قلتها و أخذت بالإسباب و أخذت على عاتقك نشر النور الذي رأيت و الحق الذي وجدت بين الناس , هؤلاء الناس الذين أشفقت عليهم و رحمتهم و أردتهم أن يعرفوا خالقهم و يشكروا رازقهم و يعبدوا ربهم .. الله لا إله إلا هو سبحانه.

يحق لي أن أبكي على نفسي و أندب مهجتي , و أنا المسلم ابن المسلم ابن المسلم .....

لله درك يا يوشع ... يا فتى محمد

بأمثالك سنخرج إن شاء الله من هذا الضياع و التردي , كما سوف تخرج بإذن الله عشيرتك و قومك من هذه المفازة الروحية الخاوية و الصحراء الأخلاقية المجدبة إلا من مزامير الشيطان و ألحان الكهان , كما أخرج بن نون عليه السلام عشيرته من تيه سيناء و غضب رب السماء.

بأمثالك سوف نعود بإذن الله مسلمون إسمًا و رسمًا خلقنا القرآن و هدينا سنة خير الأنام عليه الصلاة و السلام .

جزاك الله خير الجزاء و ثبتك على دين الحق , و غفر لنا تقصيرنا و رحم ضعفنا و هواننا.



و الحمد لله رب العالمين

أخوكم
نسر القمم