.
قال الله تعالى : { وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} الأحزاب50

الوهب : هو انتقال ملكية بلا مقابل ، فلان وهب لك الشيء الفلاني ولم يبيعه لك أو يبادلك بشيء مكانه ؛ ولذلك السيدة عائشة رضى الله عنها لما نزلت هذه الآية قالت : أنا أتعجب لامرأة تبتذل نفسها وتعطي نفسها لرجل مجاناً ....

فنزل النص : { وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } فقالت السيدة عائشة : يارسول الله أرى الله يسارع إلى هواك !! أي أن الله يعلم هواك في شيء فينزل تشريعاً خاصاً بك !!

إذن ... التي تهب نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم لا بد ان تكون مؤمنة لأن الكتابية لا تصلح ، لكن هل بمجرد الهبة تحل له ؟

لا

لأن الزواج في الإسلام إيجاب وقبول فلابد أن يرضى هو بهذه الهبة ، ولذلك علقت الآية بعد ذلك بقول الله تعالى : { إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا } ، فهنا يكون إيجاب وقبول .

فهناك من يقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتزوج عن طريق الهبة والبعض الأخر يدعي أن تزوج من أربعة موهوبات ... فأين الحق ؟

الآية تقول : { وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا } فربما واحدة وهبت نفسها ، ولكن الرسول لم يرد ، وربما وهبت نفسها ، ولكنه كرمها وجعل لها مهراً وصارت زوجة عادية ، فهذا كله ممكن

وكلمة : ( نكح ... واستنكح ) بنفس المعنى مثل : عجل إلى كذا واستعجل .

ومعنى : { خَالِصَةً لَّكَ } أي : خاصة بك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم خصه الله تعالى بأشياء ، لماذا ؟

لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ليست مهمته فقط مع نفسه ، ولكن مهمته مع الناس كلهم ، وهذه المهم ليست مع الناس المعاصرين له فقط ، بل هي ممتدة من خلال دعوته إلى أن تقوم الساعة ، لذا فالمسؤلية الملقاة على عاتقه صلى الله عليه وسلم عظيمة وكبيرة ، اقرأوا إن شئتم قول الله سبحانه وتعالى : { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا } المزمل5

فلا يشغله الله بأي شيء من شواغل الحياة حتى يتفرغ للمهمة الكبرى التب هو بصددها .

إذن ... رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الله له أشياء تيسر له أمر الاندماج في المستقبل ولذلك صار الوحي بعد ذلك شيئاً عادياً بالنسبة له لا مشقة له ولا تعب فيه .. لماذا ؟

لأن طاقة الشوق التي عنده تُهون عليه كل هذه المتاعب دون أن يدري .

وزوجات النبي كانت لهم الحرية المطلقة في الإختيار ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : (( لما ُأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال : إني ذاكر لكِ أمراً فلا عليكِ أن تعجلي حتى تستأمري أبويكِ ، ـ قالت وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه ـ قالت ؛ ثم قال : إن الله جل ثناؤه قال : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا {33/28} وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا {33/29}}
قالت ؛ فقلت : أفي هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة .
قالت : ثم فعل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت
)) ... أخرجه البخاري 4785 ومسلم 1475/22


فإن كانت هذه الآية شبهة في عُرف جهابذة العصر وعلى رأسهم القساوسة والرهبان.... فماذا نقول حول إيمانهم بكُتب موسى الذي سجد للأصنام وكُتب داود الذي زنا بزوجة جاره بالإكراه فخانه وقتله وكُتب سليمان الذي خطف العذراء شولميث من حبيبها شيبارد وكان له سبع مئة من النساء السيدات و ثلاث مئة من السراري ولا أحد يملك معرفة متى وكيف عاشرهن ، وقد ذهب عقله وكفر بربه وبعد ذلك يؤمنون بكتبهم .

تعالى الله عما يصفون .... وجميع الأنبياء والرسل براءة من الأكاذيب المنسوبة إليهم بالكتاب المقدس
....