

-
مشاركة: تعريف وفكر رشاد خليفة
نهاية العالم
في كتابه (معجزة القرآن الكريم) المطبوع عام 1983م، وبعد كلامه عن الحقيقة التاسعة والأربعين، يتحدث رشاد خليفة عن (نهاية العالم)[1]. وقد توصّل بعد سلسلة من التلفيقات إلى القول بأنّ نهاية العالم ستكون عام (1710 هـ). ونحن هنا لا نهدف إلى بسط أقواله والرد عليها، بل نهدف إلى إزالة بعض الشبهات التي يمكن أن يطرحها الكتاب في أذهان البعض.
جاء في البخاري ومسلم عن الرسول، صلى الله عليه وسلّم، أنّ سورة الفاتحة هي السبع المثاني المذكورة في قوله تعالى:" ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآنَ العظيم"، وذلك لأنها تُثنّى فتُقرأ في كل ركعة. أما رشاد خليفة فيرى أنّ الأحرف النّورانيّة ال (14) هي السبع المثاني، على اعتبار أنّ العدد (14) هو (7×2). ولا ندري على أي وجه في اللغة العربية يمكن فهم هذا التفسير؛ فالأحرف النورانية هي (14) حرفاً، وليست سبعاً تُكرر وتُثنّى، وهي أحرف مختلفة، فأيّ سبعةٍ منها تُثنّى؟!.
إنْ كان في كلام رشاد خليفة شيء يستحق النظر فهو ما ينقله عن تفسير البيضاوي في مقدمة سورة البقرة: "... كما قال أبو العالية متمسكاً بما روي أنّه، عليه الصلاة والسلام، لمّا أتاهُ اليهود تلا عليهم الم البقرة، فحسبوه[2] وقالوا: كيف ندخل في دين مدّته إحدى وسبعون سنة، فتبسّم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالوا: فهل غيره؟ فقال: المص، و الر، و المر. فقالوا خلطت علينا فلا ندري بأيها نأخذ. فإنّ تلاوته إيّاها بهذا الترتيب عليهم، وتقريرهم على استنباطهم، دليل على ذلك"[3].
كان يجدر بالكاتب[4] قبل أن يبني على هذا الحديث، أن يُخرِّجه ليعلم صحته من ضعفه، وعلى وجه الخصوص عندما يتعلق الأمر بقضيةٍ مهمة من قضايا العقيدة. والمحققين من العلماء صرّحوا بضعف الحديث.
يرى الكاتب أنّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، أقرّهم على هذا الفهم. ويظهر ذلك أيضاً في عبارة البيضاوي:"... فإن تلاوته إياها بهذا الترتيب عليهم وتقريرهم على استنباطهم[5] دليل على ذلك"[6]. والذي يبدو لنا أنّ الإقرار هو احتمال من احتمالات تبسُّمه، صلى الله عليه وسلم؛ فقد يكون تبسُّمه، صلى الله عليه وسلم، مستغرباً طريقتهم في فهم الأمور، وفي استنباط الأحكام. دعنا نفترض أنّه إقرار، فهل أقرّهم، عليه السلام، على استنباطهم أنّ مدة الدين الإسلامي هو 71 سنة؟! ودعنا نفترض أنّهم لم يسألوا عن غيرها – أي عن غير الم – فهل كُنّا سنخرج بنتيجة أنّ المدّة هي 71 سنة ؟! فلو كان الرسول، صلى الله عليه وسلم، تبسّم ثم قال لهم: إنّ هناك غيرها: المص، المر، الر، لكان هذا أقرب إلى أنّه إقرار. ولكنه، صلى الله عليه وسلم، تبسّم ساكتاً، فقالوا: فهل غيره؟ فقال: المص، والر، والمر.
دعنا نُسَلّم بأنه إقرار، فما معنى قولهم: "خلطت علينا، فلا ندري بأيها نأخذ "؛ فهم يرون أنّ عُمْر الرسالة يؤخذ من فاتحة واحدة، فمن أين لنا إذن أنّ المدة تؤخذ من مجموعها؟! وكيف لنا أن نعرف أنّ نهاية عُمْر الدين الإسلامي تُعرَف من مجموع قيمة ال (14) حرفاً وفق حساب الجُمّل؟! ثم إنّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال لهم: المص والمر والر. ثم ما الذي يمنع أن يكون ذلك هو قِيَم مجموع الأحرف، أي: أ، ل، م، ر، ص، ...الخ، وذلك حيث وردت في كل سور الفواتح ال 29، أو حتى في القرآن كلّه. فأي معرفة هذه هي التي يمكن أن نصل إليها مع كلّ هذه الاحتمالات؟!
في لقاء مع صحيفة البشير[1]، يُصرِّح رشاد خليفة بأنه رسول يُوحى إليه بواسطة جبريل، عليه السلام. وفي حوار صوتي مُسجّل، أرسله إلينا أخ كريم، يُصرّح رشاد أيضاً بأنه رسول. وفي رسالة بعنوان:( رسالة مُرسلة إلى الرؤساء والملوك في العالم الإسلامي)، يُصرّح رشاد خليفة بأنّه رسول الله، ويَعتبر أنّ الذين لا يؤمنون برسالته يرتكبون تجديفاً جسيماً بحق الله. وفي مجموعة مطبوعات، أرسلها رشاد إلى صديق لنا بناءً على طلبه، يُطيل الحديث عن رسالته المزعومة، ويحاول أن يُقيم الدليل على ذلك بتلفيق الأرقام.
كيف يُلحدُ هذا الرجل بعد أن منّ الله عليه بالهداية؟! إنها أسرار النفس البشريّة التي لا نعلم منها إلا القليل. فلا يَغُرنّك عِلم عالمٍ، ولا تقوى تقيًّ، حتى ترى انسجاماً مع روح الشريعة وأحكامها. واعلم أنه قد يُصبح الرجلُ مؤمناً ويمسي كافراً. ألم نقرأ عن ضلال إبليس من بعد علم ومن بعد هدى؟! أليس الجاحد من يؤمن بقلبه ويكفر بلسانه؟! قال سبحانه وتعالى:"وجَحدُوا بها واستيقنتها أنفسُهم ظلماً وعلوا"[2].
طلب الحواريّون من عيسى، عليه السلام، مائدة تنزل من السماء، ليأكلوا منها، ولتطمئنّ قلوبهم بالإيمان، وليعلموا صدق عيسى، عليه السلام، علم اليقين. وكان أن نزلت المائدة، وعاينوا المعجزة، ولكن ذلك كله لا يعصمهم من احتمال تحوّلهم إلى الكفر، بدليل قوله سبحانه وتعالى:"قال الله إنّي مُنزّلها عليكم، فمن يكفر بعدُ منكم فإنّي أعذبه عذاباً لا أعذّبه أحداً من العالمين"[3]. وكيف لا يُعذّبوا مثل هذا العذاب وقد شاهدوا المعجزة وعاينوها، فتحَصّل لديهم اليقين؟! فاحتمال الكفر والانحراف إذن قائم حتى لدى من تجلّت أمام ناظِرَيْه الأدلة والبراهين القاطعة.
من عقيدة أهل السُنّة والجماعة أنّ الإيمان يزيد وينقص؛ يزيدُ بالطاعات وينقص بالمعاصي؛ فالهوى والشهوات وحظوظ النفوس ... كلّ ذلك من الصوارف التي تصرِف الإنسان عن الإيمان، انظر قوله تعالى:"إنّ الله لا يهدي من هو مُسرفُ كذّاب"[4] وانظر:"إنّ الله لا يهدي القوم الفاسقين". وانظر:"سأصرف عن آياتيَ الذين يتكبرون في الأرض"[5].
فهذه الآيات، وغيرها كثير، تدل على أنّ الانحراف السلوكي هو من أهم أسباب الانحراف العقائدي، بل ربما يكون أعظم صارفٍ عن الإيمان. وخلاصة الأمر أنّ القناعات العقليّة لا تؤدّي بالضرورة إلى الإيمان، لأنّ هناك صوارف من الهوى والشهوات والمصالح ... الخ. من هنا كان الالتزام بشريعة الله في السلوك هو الضمان لبقاء الإيمان في القلوب، بإذن الله تعالى، ألا ترى اهتمام الإسلام بتربية النفوس، وتقويم السلوك؟!
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة مدحت الخطيب في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 05-11-2007, 02:38 AM
-
بواسطة شبكة بن مريم الإسلامية في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 19
آخر مشاركة: 09-01-2006, 07:39 PM
-
بواسطة ali9 في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 15-12-2005, 12:36 AM
-
بواسطة الفارس النبيل في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 41
آخر مشاركة: 01-12-2005, 02:25 PM
-
بواسطة الفلاسي في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 20-08-2005, 04:57 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات