(وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (النساء : 14 )
والفهم الخاطيء لهذه الآيه أن استدل بها الخوارج -قديما- وأهل التفكير والهجرة - حديثا- على كفر مرتكب الكبيرة, والمصر على المعصية وذلك بناء على أن الله تعالى حكم على ذلك العاصي والمتعدي لحدود الله بالخلود في النار , ولايخلد في النار الا الكافر , لذلك المصر على المعصية كافر مخلد في النار والعياذ بالله .
و لقوله تعالى:(إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) (الجن : 23 )
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً) (الأحزاب : 36 ) وجعلوه مساويا لقوله تعالى:(إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً) (النساء : 116 ) وغير ذلك من الآيات .
والرد على ذلك أن الآيات فهمت على غير وجهها ولم يحسن الأستدلال بها ذلم أنه اخذ بعموم النصوص وهذه النصوص كلها مقيدة لقوله الله تعالى:( (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) (النساء : 48 )
وذلك لأن مطلق المعصية يدخل فيه الشرك وما دون الشرك .
فأما الشرك فإنه لا يغفر وأما ما دون الشرك فهو في نطاق المشيئة.
فإذا ذكرت المعصية في الآية وترتب عليها الكفر أو الخلود في النار علم أنها تعني الشرك , وأذا لم يترتب عليها الخلود الأبدي في النار فهي بمعنى ما دون الشرك . الذي هو داخل في نطاق (( ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)).
فما هذذا الذي سيغفر ؟ أهي الطاعات؟ كلا ,, لأن الطاعات يثاب عليها الإنسان ولا يقال ستغفر له.
أهو الشرك؟ الشرك لا يغفر إلا بالتوبه ( (قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ) (الأنفال : 38 )
فلا شك إن الذي سيغفر هي المعاصي حتما وليس شيئا آخر ولكن في نطاق المشيئة ,ولا يمكن أن تكون المعاصي التي تاب الإنسان منها لأن التي تاب منها تغفر بالتوبه والاستغفار , فهذه التي هي في نطاق المشيئة ((معاصي لم يتب منها)) ومع ذلك لم يحكم عليه القرآن بالكفر أو الخلود في النار مع انه مصر عليها ولم يتب منها , وكذلك في السنة المطهرة فالأمر كما وضحه النبي :salla-s: في حديث عبادة بن الصامت :radia-icon: قال كنا عند رسول الله في مجلس, فقال: ( تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا اولادكم ) وقرأ الآية التي أخذت على النساء
ثم قال : ( فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فهو الى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ) رواه البخاري ومسلم في الحدود
ولم يقل فهو مخلد في النار.



يتبــــــــــــــع ان شاء الله