بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وماذا يضر إيماني لو علمت أو جهلت من هو الذبيح ؟

ما هي المشكلة إن كان الذبيح إسحاق ، وما هي المشكلة لو أن الذبيح كان إسماعيل ؟

إن كنت تدعى أن القرآن الكريم كان لابد عليه أن يذكر إسم الذبيح علانية لقول الله عز وجل :

وَكُلَّ شَىْء فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ( 12 ) الإسراء

فزعمك باطل وإستشهادك خاطيء ، لأن الشيء الذي فصله الله هو ما يفتقر إليه المؤمن في دينه ودنياه من حلال وحرام وقواعد وأحكام لا لتفصيل قصص وأخبار الأولون لان المراد بذكرهم هو أخذ الحكمة و الاعتبار بقصصهم .

ومع ذلك فالقرآن الكريم قد أشار إلى أن الذبيح هو إسماعيل لا إسحاق ، ومن قال عكس ذلك فهو من باب التأثر بمرويات أهل الكتاب ، وما لبثت هذه الأصوات أن تلاشت وذهبت .

فالقرآن الكريم يقول عن إبراهيم عليه السلام وزوجته :

فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ( 70 ) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ( 71 ) هود

فمن المحال أن يبشرها بأنه يكون لها ولد ثم يأمر بذبحه .

ثانياً : ولا ريب أـن الذبيح كان بمكة ، ولذلك جعلت القرابين يوم النحر بها ، كما جعل السعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار تذكيرا لشأن إسماعيل وأمه ، وإقامة لذكر الله ، ومعلوم أن إسماعيل وأمه هما اللذان كانا بمكة دون إسحاق وأمه ، ولهذا اتصل مكان الذبخ وزمانه بالبيت الحرام الذي اشترك في بنائه ابراهيم وإسماعيل ، وكان التحر بمكة من تمام حج البيت الذي كان على يد ابراهيم وابنه اسماعيل زمانا ومكانا ، ولو كان الذبيح بالشام كما يزعم أهل الكتاب ومن تلقى عنهم لكانت القرابين بالشام لاو بمكة

ثالثاً : وايضاً فان اللّه سبحانه سمى الذبيح حليماً‏.‏ لانه لا احلم ممن اسلم نفسه للذبح طاعة لربه‏.‏ ولما ذكر اسحاق سماه عليماً، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏هَلْ اَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ اِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ اِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مّنكَرُونَ‏}‏ ‏[‏الذاريات‏:‏ 24-25‏]‏ الى ان قال‏:‏ ‏{‏قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ‏}‏ ‏[‏الذاريات‏:‏ 28‏]‏ وهذا اسحاق بلا ريب، لانه من امراته، وهي المبشًّرة به، وامّا اسماعيل، فمن السُّرِّيَّةِ‏.‏ وايضاً فانهما بُشِّرا به على الكِبرَ واليَاْسِ من الولد، وهذا بخلاف اسماعيل، فانه ولد قبلَ ذلك‏.‏

رابعاً : وايضاً فان اللّه سبحانه اجرى العادة البشرية انَّ بكر الاولاد احبُّ الى الوالدين ممن بعده، وابراهيم عليه السلام لما سال ربه الولد، ووهبه له، تعلقت شُعْبَةٌ من قلبه بمحبته، واللّه تعالى قد اتخذه خليلاً، والخُلة مَنْصِبٌ يقتضي توحيدَ المحبوب بالمحبة، وان لا يُشارك بينه وبين غيره فيها، فلما اخذ الولدُ شعبةً من قلب الوالد، جاءت غَيْرةُ الخُلة تنتزعها من قلب الخليل، فامره بذبح المحبوب، فلما اقدم على ذبحه، وكانت محبةُ اللّه اعظمَ عنده من محبة الولد، خَلَصَتِ الخلة حينئذٍ من شوائب المشاركة، فلم يبق في الذبح مصلحة، اذ كانت المصلحةُ انما هي في العزم وتوطين النفس عليه، فقد حَصَل المقصودُ، فَنُسِخَ الامر، وَفُدي الذبيح، وَصدَّق الخليلُ الرؤيا، وحصل مراد الرب‏.‏

خامساً : معلوم ان هذا الامتحان والاختبار انما حصل عند اول مولود، ولم يكن ليحصل في المولود الاخر دون الاول، بل لم يحصل عند المولود الاخر من مزاحمة الخلة ما يقتضي الامر بذبحه، وهذا في غاية الظهور‏.‏

يكفي هذا مما ذكره الإمام العلامة شمس الدين بن القيم رحمه الله

واتمنى ان يكون الضيف قد قرأ وتدبر وأن يترك طريقته هذه ويبدأ هو بالبحث بنفسه بدلا من النقل من المواقع