الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

بسم الله الرحمن الرحيم



وبعد

حتى ننتهي من هذا الموضوع ... وبعد أن نشاطر الأخ ديكا الأفراح لإحتفاله بعيد الأحزان ... ونعزيه مرة أخرى في وفاة من يعتقد أنه توفى من أجل أن يخطيء ديكا وعشيرته كما يريدون ... نورد تفسير الإمام القرطبي بالكامل لهذه الآية

يقول الإمام - رحمة الله عليه -
اقتباس
فيه أربعة مسائل :

قوله تعالى : { إنكم وما تعبدون } قال ابن عباس : آية لا يسألني الناس عنها ! لا أدري أعرفوها فلم يسألوا عنها فقيل : وما هي ؟ قال : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } لما أنزلت شق على كفار قريش وقالوا : شتم آلهتنا وأتوا ابن الزبعرى وأخبروه فقال : لو حضرته لرددت عليه قالوا : وما كنت تقول ؟ قال : كنت أقول له : هذا المسيح تعبده النصارى واليهود تعبد عزيرا أفهما من حصب جهنم ؟ فعجبت قريش من مقالته ورأوا أن محمدا قد خصم فأنزل الله تعالى : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } [ الأنبياء : 101 ] وفيه نزل { ولما ضرب ابن مريم مثلا } [ الزخرف : 57 ] يعني ابن الزبعرى { إذا قومك منه يصدون } [ الزخرف : 57 ] بكسر الصاد أي يضجون وسيأتي



الثانية : هذه الآية أصل في القول بالعموم وأن له صيغا مخصوصة خلافا لمن قال : ليست له صيغة موضوعة للدلالة عليه وهو باطل بما دلت عليه هذه الآية وغيرها فهذا عبد الله بن الزبعرى قد فهم { ما } في جاهليته جميع من عبد ووافقه على ذلك قريش وهم العرب الفصحاء واللسن البلغاء ولو لم تكن للعموم لما صح أن يستثنى منها وقد وجد ذلك فهي للعموم وهذا واضح




الثالثة : قراءة العامة بالصاد المهملة أي إنكم يا معشر الكفار والأوثان التي تعبدونها من دون الله وقود جهنم قاله ابن عباس وقال مجاهد وعكرمة و قتادة : حطبها وقرأ علي بن أبي طالب وعائشة رضوان الله عليهما حطب جهنم بالطاء وقرأ ابن عباس حضب بالضاد المعجمة قال الفراء : يريد الحصب قال : وذكر لنا أن الحضب في لغة أهل اليمن الحطب وكل ما هيجت به النار وأوقدتها به فهو حضب ذكره الجوهري والموقد محضب وقال أبو عبيدة في قوله تعالى : { حصب جهنم } كل ما ألقيته في النار فقد حصبتها به ويظهر من هذه الآية أن الناس من الكفار وما يعبدون من الأصنام حطب لجهنم ونظير هذه الآية قوله تعالى : { فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة } [ البقرة : 24 ] وقيل : إن المراد بالحجارة حجارة الكبريت على ما تقدم في ( البقرة ) وأن النار لا تكون على الأصنام عذابا ولا عقوبة لأنها لم تذنب ولكن تكون عذابا على من عبدها : أول شيء بالحسرة ثم تجمع على النار فتكون نارها أشد من كل نار ثم يعذبون بها تحمى فتلصق بهم زيادة في تعذيبهم وقيل : إنما جعلت في النار تبكيتا لعبادتهم



الرابعة : قوله تعالى : { أنتم لها واردون } أي فيها داخلون والخطاب للمشركين عبدة الأصنام أي أنتم واردوها مع الأصنام ويجوز أن يقال : الخطاب للأصنام وعبدتها لأن الأصنام وإن كانت جمادات فقد يخبر عنها بكنايات الآدميين وقال العلماء : لا يدخل في هذا عيسى ولا عزير ولا الملائكة صلوات الله عليهم لأن { ما } لغير الآدميين فلو أراد ذلك لقال : { ومن } قال الزجاج : ولأن المخاطبين بهذه الآية مشركو مكة دون غيرهم
الحمد لله رب العالمين