الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
مرحبا بك مرة أخرى أيها الكريم
سيكون جوابي على حضرتك مجزئا لأن هذا موضوع كبير ومن الأهمية بمكان ... وسوف أتبع فيه أسلوب الإستدلال المنطقي الذي لا ينكره عقل المنصف الواعي
دعنا نتفق أولا أن أعداء النبي - صلى الله عليه وسلم - في القديم والحديث ... لو وجدوا كلمة يظنونها تطعن في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما تمهلوا في إبرازها وتهويلها والتشنيع به من خلالها ... وإن أشد الناس عداوة له كانوا هم قومه الذين حاربوه وأخرجوه وحاولوا قتله وقتلوا أصحابه وشحذوا أسنان قبائل العرب عليه وجمعوا الأحزاب من كل الجزيرة ليستئصلوا دعوته
ولقد ذهب كفار قريش كل مذهب في الطعن في النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا أنه ساحر ... وقالوا أنه شاعر ... ثم ادعوا أنه مجنون ... أو مريض يأتيه خيالات من مس الجان ... وقالوا أنه كذاب يفتري على الله الكذب
لكن - ولك أن تعجب من ذلك - لم يتطرق أحدهم للطعن في نسبه أو في شرفه طرفة عين
لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا لا هم له إلا شهواته كما يروج المبطلون ... أليس الأجدر أن يظهر ذلك عليه في عنفوان الشباب؟؟؟ ولو كان ذلك من شأنه ... أكان يسكت أعداؤه عن أمر مثل هذا يطعن المرء في مقتل؟؟؟ تخيل رجلا يدعوك لتشاركه في مشروع تجاري مثلا - لا مصير أبدي - ثم قيل لك أنه رجل لا يطيع إلا شهواته ... أتأمنه على مالك فضلا عن مصيرك الأبدي؟؟؟
لو امتلك كفار قريش مثل هذه الفرية عليه لكانت سهما مسموما يصيب منه الكبد
لكن العكس كان هو الصحيح
لقد كان كفار قريش - ومن ضمنهم أحد أعمام النبي - يطاردونه وهو يتعرض للحجاج في موسم الحج ويعرض عليهم الإسلام ... كان كلما عرض على قبيلة من العرب دعوته ... اتبع قوله قول عمه هذا أن لا تصدقوه فهو ممسوس ... فيقول الناس عمه أعلم به منا فينصرفون عنه
وهنا - يا صديقي - مربط الفرس وبيت القصيد ... فقريش كانت أعلم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من مستشرقي القرن العشرين ... ولم يتفوه أحدهم بكلمة سيئة عن شهوته أو نسبه أو شرفه ... بل إن أبي سفيان بن حرب - وكان من أشد الناس عداوة للنبي - سأله هرقل قيصر الروم عن نسب النبي فأجابه (هو فينا ذو نسب)
بل إن العجب كل العجب أن كفار قريش كانوا يحاربوه أشد الحرب ويعذبون أتباعه أشد العذاب ... ثم لا يجدون رجلا يأتمنونه على أموالهم إلا هو ... أبا القاسم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
يعني تخيل أن فلان الفلاني من زعماء قريش كان يجلد ويحرق بالنار المسلمين أول النهار ... ثم يذهب آخر النهار بمتاع له أو مال يرغب في حفظه في مكان أمين إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيأتمنه عليه
ولقد أوكل النبي - صلى الله عليه وسلم - إبن عمه عليا بن أبي طالب كرم الله وجهه ليرد تلك الأمانات إلى أهلها ... أهلها الذين أخرجوا النبي وأتباعه بعد أن ساموهم سوء العذاب ... وأجمعوا كيدهم لقتل الصادق الأمين قبل أن يخرجه الله عز وجل من بين أيديهم
فهل رجل بهذه المواصفات تتدنى نفسه إلى تلك الصورة التي يحاول أعداؤه في هذا القرن تصويرها؟؟؟
يتبع إن شاء الله تعالى تفصيل أمر زيجات النبي - صلى الله عليه وسلم -
إجمالا للأمر فقط أقول لك أن عمر النبي حين تزوج أولى زوجاته (أمنا خديجة بنت خويلد رضي الله عنها) كان خمسة وعشرين عاما ... وتوفيت عنه وهو في الخمسين من عمره ولم يكن قد تزوج غيرها حتى بلغ الخمسين ... ثم كانت أولى زيجاته بعد ذلك وهو في الرابعة والخمسين تقريبا من عمره
أي أن من يفتري عليه المكابرون ... ظل خمسة وعشرين عاما في عنفوان شبابه عزبا ولم تؤثر عنه في تلك السنون أي هفوة من هفوات الشباب ... ثم ظل خمسة وعشرين أُخر زوجا لإمرأة واحدة (وستعجب مما هو آت في قصته مع أم المؤمنين خديجة رضوان الله عليها) ... ثم مكث أربع سنين أرمل لم يتزوج ولم يؤثر عنه فيهن أيضا ما يشين
يتبع إن شاء الله ... وسوف يرد فيما يلي إجابات أسئلة حضرتك كلها ... وستكون في سياق أخبار الزيجات ... ومعذرة على التطويل
المفضلات