في ذلك الوقت تركتني زوجتي وأخذت أثاث البيت لكن أولادي الأربعة انضموا إلى وأشهروا إسلامهم وكان أكثرهم حماسا ابني الكبير إسحاق الذي غير اسمه إلى أسامة ، ثم ابني يوسف وبقى اسمه على ما هو عليه وابني صموئيل الذي أصبح اسمه جمال ثم ابنتي ماجدة وسميتها نجوى .... وأما زوجتي فقد غابت ست سنوات عن البيت ثم وافقت على العودة إلي البيت سنه 1966م على أن تتمسك بدينها فوافقتها لأن الإسلام دين سماحة ولا إكراه في الدين وقلت لها أنا لا أريدك أن تسلمي لإرضائي أو لتبعيتي ولكن عن إقتناع وإيمان والواقع أنها تشعر في أعماقها وقراره نفسها بالإيمان لكنها لا تستطيع إعلان ذلك خوفا من عائلتها ولكنها تتعامل معنا كمسلمه بل وتصوم رمضان معنا لأن أولادي جميعا يصومون ويصلون وأولادي هم أسامة اليوم دكتور في الفلسفة ويعمل أستاذاً في جامعة السوربون بباريس في قسم الدراسات الشرقية ويقوم بتدريس علم النفس وله كتابات في مجله " لوموند " الفرنسية ويوسف دكتور صيدلي وجمال مهندس ونجوى - كلية التجارة – وكنت قد تزوجت عندما هجرت زوجتي البيت بمسلمة وأنجبت منها محمد وهو أستاذ في كلية الآداب بالجامعة.
وهم الآن كلهم في كندا هاجروا إليها هذا حال أسرتي.
كان عندي موتوسيكل أنتقل به وفي يوم من الأيام حدث لي حادث إذ قامت سيارة بضربي وقد أصبت وتم نقلي إلي المستشفي لكي يتم علاجي .
أما بعد إسلامي بعام في 25 ديسمبر 1960م الموافق يوم الأحد 6 من رجب عام 1380هــــ.
احتفل المسلمون بمرور عام علي إسلامي بمنزلي وألقيت محاضرة موضوعها "لماذا أسلمت؟" كان لها صدى طيب في النفوس أتذكرها حين احتفظت بها وسجلتها بين السطور وقلت فيها .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين أخواني الأحباء كم أنا في سعادة وأنا بينكم ولا أجد كلاماً أعبر به عن شعوري وإحساسي نحوكم ولكن بما أقدمه من كلمات لكم أتمنى أن أنقل لكم مشاعري ووجداني عما أكنه من حقيقة الإسلام .
إن الإيمان لابد أن ينبع من القلب أولاً ، والواقع أن إيماني بالإسلام تسلل إلي قلبي خلال فترات طويلة ، منذ بدأت دراستي للإسلام في كلية اللاهوت وفي قراءتي للقرآن ودراستي لتاريخ الرسول صلي الله عليه وسلم ودعوته أيقنت أنه نبي مرسل من عند الله ، وبدأت قناعتي بما كانوا يقولونه لنا من أنه مدع أو أنه كاذب بدأت قناعتي بهذا الكلام تهتز .. فكيف لرجل أمي لم يتعلم أبداً أن يأتي بهذا القرآن الذي بلغ حد الإعجاز ومازال حتى الآن وسيبقى إلي الأبد معجزة ، إذ لا يمكن لبشر مهما أوتى من موهبة أن يأتي بآية واحدة منه ؟
ثم هذا النظام المحكم الذي يعالج كل قضايا الدين والإيمان والحياة بمنطلق علمي فوق كل علم وفوق كل تصور بشرى هل يمكن لبشر أن يأتي بهذا كله من عنده ؟؟؟ .
إن البداية تنطلق طبعاً من هذا التفكير ، والسؤال الذي يجب أن يطرحه كل مفكر في هذا الأمر هو هل يمكن لمحمد الرجل الأمي أن يؤلف هذا القرآن من عنده بما فيه من إعجاز في الأسلوب وإعجاز في التفكير وشمول موضوعي لكل قضايا الدين والدنيا ؟؟
وهو الذي يعجز عنه أي مفكر ، مهما بلغت درايته وعبقريته وسعة أفقه ؟؟ وقد يكون ممكنا أن يأتي مفكر بنظام معين في الاقتصاد أو بنظرية في الاجتماع أو في الفلسفة أو في العلوم أو اللاهوت ، لكن أن يأتي مفكر واحد بنظام شمولي يجمع كل هذه الجوانب وفي كتاب محكم شامل معجز فهذا فوق طاقة وقدرة أي بشر علي مر كل العصور . كنت دائماً أقرأ القرآن الكريم وأقرأ تاريخ الرسول وأحاول أن أجد أساساً واحداً يمكن أن يقنعني بأن محمداً هذا الإنسان الأمي الفقير البسيط يستطيع وحده أن يؤلف هذا القرآن ، ويحدث كل تلك الثورة التي غيرت تاريخ العالم ولا تزال .
وهل يمكن أن تبلغ بلاغة أى إنسان أو قدرته علي مناقشة الآخرين الدرجة التي يقول معها {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى }[1] {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً }[2] إستوقفني كثيراً نظام التوحيد في الإسلام وهو من أبرز معالم الإسلام { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }[3] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌاللَّهُ الصَّمَدُ }[4] إن التوحيد يجعلني عبداً لله وحده لست عبداً لأي إنسان ، التوحيد في الإسلام يحرر الإنسان ويجعله غير خاضع لأي إنسان وتلك هي الحرية الحقيقية فلا عبودية إلا لله وحده ، أمام نظام الغفران في الإسلام فالقاعدة الأساسية للإيمان تقوم مع الصلة المباشرة بين العبد وربه .
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }[5]
{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ }[6]
فالإنسان في الإسلام يتوب إلي الله وحده ، لا وجود لوسطاء ولا لصكوك غفران أو كراسي اعتراف ، لأن العلاقة مباشرة بين الإنسان وربه .
كذلك إستوقفني كثيراً موقف الإسلام من المرأة ، فالإسلام أعطى المرأة مكانة لم تحظ بها في أي ملة أو دين غيره ، لقد أعطاها الإسلام حقوقاً كأم وبنت وزوجة كما أعطاها سيادة : إستمع إلى الآية الكريمة التي تقول {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }[7] " فالعلاقة بين الرجل والمرأة علاقة مودة ورحمة ، والاتحاد بين الرجل والمرأة آية من آيات الله تعالي ، وليس هناك تكريم للمرأة مثل هذا التكريم في أي دين من الأديان ، فالمرأة في الديانة اليهودية تعتبر مجرد متعة ولا حق لها ولا قيمة وفي النصرانية تعتبر المرأة هما ومعطلا للرجل عن العبادة ، وانفصال المرأة عن زوجها في المسيحية يمنعها من الزواج وهذا يعرضها للفتنه[8] .
إن نظرة الإسلام للمرأة تأتى في نطاق متكامل لمجتمع حر عادل ليس فيه عبودية ولا طغيان ولا إكراه ولا كهنوت ولا وسطاء يستغلون الناس باسم الدين أو باسم الدنيا .
وعلى العموم لو أردت أن أتحدث عما جعلني أعتنق الإسلام لاحتاج الأمر لمجلدات أتحدث فيها عن كل ما في الإسلام من مزايا ، لكنني أكتفي بقول الله تعالى { الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ }الأعراف43[9].
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
[1]- سورة طه 133
[2]- سورة الفرقان 7
[3] - سورة الشورى 11
[4] - سورة الأخلاص 1-2
[5]- سورة الزمر 53
[6]- سورة الزمر 54
[7] - سورة الروم 21
[8]- وصف المرأة في الكتاب المقد س أنها أمر من الموت ( فوجدت أمر من الموت: المرأة التي هي شباك وقلبها أشراك ويداها قيود. الصالح قدام الله ينجو منها. أما الخاطئ فيؤخذ بها. (الجامعة26:7)
[9] - جمعت الكلمة من رجال ونساء اسلموا ج 4ص 90الى 94 عرفات كامل العيشي نتقلا عن ملحق جريدة القبس الغراء بتاريخ 30 أغسطس 1976م
يتبع![]()
المفضلات