المثال الثانى

175953 - دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان . فكلمها بشيء لا أدري ما هو . فأغضباه . فلعنهما وسبهما . فلما خرجا قلت : يا رسول الله ! من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان . قال " وما ذاك " قالت قلت : لعنتهما وسببتهما . قال " أو ما علمت ما شارطت عليه ربي ؟ قلت : اللهم ! إنما أنا بشر . فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا " .
الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2600
خلاصة الدرجة: صحيح

فلو كان النبى قد لعن الرجلين فعلا فنحن لا نشك أن هناك سبب و سبب قوى للعن
لكن بالنسبة لإسناد الحديث
بالنسبة للجزء الأخير

قلت : اللهم ! إنما أنا بشر . فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا
الجزء الأخير نقله الكتير من الرواة و الصحابة

أما بالنسبة للجزء الأول

دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان . فكلمها بشيء لا أدري ما هو . فأغضباه . فلعنهما وسبهما . فلما خرجا قلت : يا رسول الله ! من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان . قال " وما ذاك " قالت قلت : لعنتهما وسببتهما
فلو نظرنا إلى السند

حدثنا ‏ ‏زهير بن حرب ‏ ‏حدثنا ‏ ‏جرير ‏ ‏عن ‏ ‏الأعمش ‏ ‏عن ‏ ‏أبي الضحى ‏ ‏عن ‏ ‏مسروق ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏قالت ‏
دخل على رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏رجلان فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما فلما خرجا قلت يا رسول الله من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان قال وما ذاك قالت قلت لعنتهما وسببتهما قال ‏ ‏أو ما علمت ما شارطت عليه ربي قلت ‏ ‏اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا ‏
حدثناه ‏ ‏أبو بكر بن أبي شيبة ‏ ‏وأبو كريب ‏ ‏قالا حدثنا ‏ ‏أبو معاوية ‏ ‏ح ‏ ‏و حدثناه ‏ ‏علي بن حجر السعدي ‏ ‏وإسحق بن إبراهيم ‏ ‏وعلي بن خشرم ‏ ‏جميعا ‏ ‏عن ‏ ‏عيسى بن يونس ‏ ‏كلاهما ‏ ‏عن ‏ ‏الأعمش ‏ ‏بهذا الإسناد ‏ ‏نحو حديث ‏ ‏جرير ‏ ‏و قال ‏ ‏في حديث ‏ ‏عيسى ‏ ‏فخلوا به فسبهما ولعنهما وأخرجهما ‏

يتضح تفرد الأعمش
و إليك كلام أهل العلم فيه

الأعمش وهو ممن كثر فيهم الكلام وهو أبو محمد الكوفي فهو مدلس وفيه إختلاف, وأصل هذا الإختلاف هو عن قبول عنعنته, فذهب بعض العلماء إلى أنه لا تقبل رواياته إلا بعد ثبوت سماعه

يقول ابن حبان في مقدمة صحيحه : ( وأما المدلسون الذين هم ثقات وعدول فإنا لا نحتج بأخبارهم إلا ما بينوا السماع فيما رووا مثل الثوري والأعمش وأبي إسحاق وأضرابهم من الأئمة المتقين وأهل الورع في الدين ) .

وقال الحافظ أبو الفتح الأزدي: ( قد كره أهل العلم بالحديث مثل: شعبة وغيرهِ التدليسَ في الحديث، وهو قبيحٌ ومهانةٌ، والتدليس على ضربين: فإن كان تدليساً عن ثقةٍ،لم يحتج أن يوقف على شيءٍ، وقُبل منه، ومن كان يدلس عن غير ثقةٍ،لم يُقبل منه الحديث إذا أرسله حتى يقول: حدثني فلان، أو سـمعت، فنحن نقبل تدليس ابن عيينة، ونظرائه لأنه يـحيل على ملئ ثقة، ولا نقبل من الأعمش، تدليسه لأنه يحيل على غير ملئ، والأعمشُ إذا سألته عمن هذا؟ قال: عن موسى بن طريف، وعَباية بن ربعي، وابن عيينة إذا وقفته قال: عن ابن جريج، ومعمر ونظرائهما فهذا الفرق بين التدليسين ).

وقال الخطيب البغدادي
ـ رحمه الله ـ: ( وربما لم يسقط المدلس اسم شيخه الذي حدثه لكنه يسقط ممن بعده في الإسناد رجلا ًيكون ضعيفاً في الرواية، أو صغير السن، ويحسن الحديث بذلك، وكان سليمان الأعمش، وسفيان الثوري، وبقية بن الوليد، يفعلون مثل هذا ).



وذهب البعض الآخر إلى أنه تقبل أحاديثة حتى يثبت تدليسه

يقول يعقوب بن سفيان الفسوي ، في كتابه ( المعرفة والتاريخ ): ( وحديث سفيان وأبي إٍسحاق والأعمش ما لم يعلم أنه مدلس يقوم مقام الحجة ) .



يقول الإمام أحمد:
سمعت أحمد سئل عن الرجل يعرف بالتدليس يحتج فيما لم يقل فيه سمعت ؟ قال : لا أدري .:

فقلت : الأعمش متى تصاد له الألفاظ .

قال : يضيق هذا ، أي أنك تحتج به )

وقد قُبلت له روايات في الصحيحين

وقد قال النووي في شرحه لمسلم:

"واعلم أن ما كان فى الصحيحين عند المدلسين بعن ونحوها فمحمول على ثبوت السماع من جهة أخرى وقد جاء كثير منه فى الصحيح بالطريقتين جميعا فيذكر رواية المدلس بعن ثم يذكرها بالسماع ويقصد به هذا المعنى الذى ذكرت"


و لو طبقنا كلام الإمام النووى لوجدناه لا ينطبق على الجزء الأول من الحديث

الخلاصة
هو أننا لا نستطيع الجزم بلعن النبى لأحد من المؤمنين
و لو كان قد حدث فإن له ما يبرره
و يتحول اللعن إلى رحمة بدعاء النبى

يتبع