لذا لا يمكن حصر الأمر بالحرف وحده، لأنّنا بذلك ننتقص من الألوهة التي نجلّها وننزّهها.
هذا لا يعني أنّ الكتاب المقدّس محرّف. على الإطلاق.
بل على العكس، عندما يقوم النبيّ أو الرسول بنقل الرسالة أو النبوّة أو الإعلان الإلهيّ، ينقلها
بالمقدار الذي يمكنه استيعابها.
فإذا كان هذا الرسول أو النبيّ أو المختار لا يجيد القراءة والكتابة، قد تكون الرسالة في مثل هذه
الحال، بسيطة أكثر منها في حالة أخرى. ولا تكون أكثر تعقيداً، ليسهل عليه حفظها ونقلها
بأمانة.
في حين إذا كان هذا الرسول أو النبيّ أو المختار يتمتّع بمستوى علم أو كتابة أو قراءة أكثر من
سواه، فعندئذ قد يكون مدى الاستيعاب لديه أكثر، وعندئذ تكون الرسالة أكثر اتّساعاً وشموليّة.
ليس ادّعائي هذا سوى انعكاس لرؤيتي البسيطة في الإيمان الذي أدّعي ممارسته، أعكس رأيي
الخاصّ في ذلك.
2ً – يا عزيزي خوليو 5، أنت أوردت دراسات أدبيّة، وانتقادات تحليليّة، وعلميّة، وتاريخيّة؛ قد
قام بها علماء اختصاصيّون في هذا الشأن. إذ سمحوا لذواتهم أن يجروا تشريحاً كاملاً للكتاب
المقدّس، برمّته. في عهديه القديم والجديد. وقاموا بدراسته كما تجري الدراسة لكتاب أرسطو
مثلاً، أو أفلاطون، أو هيرقليطس أو سواهم من المؤلّفين القدماء، فوضعوه أمام أعينهم، ووصلوا
إلى نتائج مذهلة.
وهذه الدراسات تقوم على ربط ما يرد في الكتاب المقدّس مع ما قبله من كتب وحضارات، ومع
ما ورد في كتب أخرى قد يتمّ العثور عليها في نفس الفترة، ومقارنتها مع طريقة العيش والتفكير
السائدة. وقد أعطوا نتائج مذهلة، بحيث إنّهم تأكّدوا أكثر أنّ تلك الكتب المقدّسة، العهد الجديد
والقديم، قد حافظت على نقائها وعلى صحّة ما ورد فيها منذ ألفي سنة، منذ نشوئها، إلى اليوم.
لذلك وردت أطروحتك طويلة جداّ.ً
وهذا ينفي كلّ ادعاءاتك وادّعاءات الآخرين في توجيه تهمة التحريف إليها.
فأنتم أخذتم مقاطع أو أجزاء تَمّتْ دراستها، ومقارنتها مع حضارات أخرى،
أخذتم مقاطع وأجزاء تمّ نقدها والتعليق عليها، وتوجيه احتمالات التحريف فيها
أخذتم مقاطع وأجزاء من الدراسات تمّ التعمّق في صحّة نسبتها إلى مصدرها واحتمالات سندها أو
عدمه،
أخذتم مقاطع وأجزاء من تلك الدراسات تمّ تشريحها وتفنيد محتوياتها كلمة بكلمة، وحرفاً بحرف،
مع العلم أنّ تلك الدراسات، بمعظمها إن لم نقل كلّها، قد أخذت أوقاتاً كثيرة، ومجالات واسعة
من المساحات الفكريّة. وأنتم كنتم تعلّقون على مجتزءات، أو مقاطع منها. فيما كان الأجدر أن
تأخذوا نتيجة تلك الأبحاث، ليكون لديكم فكرة شاملة عن البحث. فيتم تأكيده أو عدم التأكيد.
وهكذا تكون أطروحتكم علميّة، لا انتقائيّة، أو مزاجيّة.
3ً – يا صديق خوليو5، إنّ المعيار الذي تستندون إليه في تهمة التحريف، هو القرآن الكريم:
لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ. (متى 10: 28)
المفضلات