أيها الإخوة ... وتنقضي ليلة الزفاف المباركة في دار أبي بكرٍ رضي الله عنه ، ثم يتحوَّل النبي عليه الصلاة والسلام بأهله إلى البيت الجديد ، ما كان هذا البيت سوى حجرةٍ من الحُجرات التي شُيِّدت حول مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ، من اللبن وسعف النخيل ، وقد فُرش بحصير ، ووضع فيه فراشٌ ، وبعض ملحقاته ، وأوانٍ بسيطة للشراب والطعام ، وهذا كلُّ بيت رسول الله .

غرفة سقفها من سعف النخيل ، جدرانها من اللبن ، فيها فراش ، وفيها بعض الأدوات البسيطة جداً ، وفي هذا البيت المتواضع بدأت حياة العروس الكريمة عائشة رضي الله عنها ، وبدأت الحياة الزوجية الحافلة بالمكرُمات والخيرات ، مكرُمات النبوة وخيرات الرسالة .

وأنا أعلم أن هناك بيوتاً فخمةً جداً لكن لا سعادة فيها ، وهناك بيوت متواضعة جداً فيها سعادة زوجية تامة ، السعادة الزوجية أساسها طاعة الله ، والشقاء الزوجي أساسه معصية الله عزَّ وجل .

هذه العروس الصغيرة على صغر سنها إلا أنها احتلَّت مكانها المرموق في بيت النبوة ، وحياة رسول الله ، وتاريخ الدعوة ، والتاريخ الإسلامي .

الحقيقة التي لا ريب فيها أنه يُشهد لهذه الزوجة أنها كانت في أعلى مستوى من العلـم ، والمعرفة في شؤون الدين ، وعلى جانبٍ عظيم من الدراية لأسرار الأحكام الشرعية ، ولها منزلة رفيعة من التقوى والورع ، بالإضافة إلى معرفتها بالأمور الاجتماعيَّة والسياسية ، لذلك فاعلم أخي الكريم :" الدنيا كلها متاع ، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة " .( من الجامع الصغير : عن " ابن عمرو " )

التي ..

" إذا نظرت إليها سرتك ، وإذا غبت عنها حفظتك ، وإذا أمرتها أطاعتك".



( من الجامع الصغير : عن " عبد الله بن سلام " )




وحينما قال الله عز وجل :

((رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ))( سورة البقرة )


قال العلماء : " حسنة الدنيا هي المرأة الصالحة " .

وأنا أرجو الله سبحانه وتعالى لكل إخوتنا الشباب ، الذين لم يقدموا على الزواج بعد ، فماذا يمنعهم أن يكون دعاؤهم لله عزَّ وجل : اللهمَّ ارزقنا زوجة صالحة . الزوجة الصالحة أحد أسباب النجاح في الحياة ، فحينما تطلب امرأة صالحة ، تتوافر فيها الشروط ، تكون قد حققت أحد جوانب السعادة في حياتك الدنيا .

في درسٍ آخر إن شاء الله ننتقل إلى هذه الزوجة الطاهرة مع ضرَّاتها ـ نساء النبي ـ عليهن جميعاً رضوان الله عزَّ وجل ، وكيف أن الحياة الزوجية جزءٌ من حياة الإنسان الطيبة ..

((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))
( سورة النحل : من آية " 97 " )

والمرأة الصالحة جزءٌ من الحياة الطيبة .

http://www.halimo.com/article/sunnah/sunnah_013.htm