بسم الله الرحمن الرحيم ولاعدوان إلا على الظالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين الذي أرسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله أما بعد.

الخلق من معانيه الصنع والإيجاد من عدم ,والمعنى الأول منفي عن البشر ,فالبشر لا يقع في قدرتهم الخلق من العدم ,ولكن الصنع قد يرد في قدرتهم,ولكن بما أن سياق الآيات في نفس السورة يدل على خلق الله الإنسان من عدم,فيحمل المعنى على الإيجاد من العدم,وبما ان الله هو وحده الخالق من العدم فمعنى الاية يصبح كما قال الرازي وإبن عادل :"إنما قال الله سبحانه ذلك لأنه وَصفَ عيسى - عليه السلام - بأنه يَخْلُق مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْر. لأنا نجيب من وجهين:
أحدهما: أن ظاهر الآية يقتضي أنه سبحانه " أَحسَنُ الخَالِقِينَ " الذين هم جمع فحمله على عيسى خاصة لا يصح.

الثاني: أنه إذا صحّ وصف عيسى بأنه يخلق صحّ أنّ غيره سبحانه يخلق وصحّ أيضاً وصف غيره من المصورين بأنه يخلق.
وأجيب بأن هذه الآية معارضة بقوله:" ٱللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ "
[الزمر: 62] فوجب حمل هذه الآية على أنه " أَحسَنُ الخَالِقينَ " في اعتقادكم وظنكم كقوله:" وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ "[الروم: 27]. فذلك صورة بيانية تدل على إعجاز القرآن العلمي والبياني والتشريعي وقد شهد له المنصفون من خصومه واعترف أهل مكة بأنه ليس من صنع البشر وهم أكثر الناس «عداوة وفصاحة» إضافة إلى الوحدة الموضوعية لكل سورة، فسورة البقرة نزلت على مدى تسع سنوات ومع هذا نجد فيها الوحدة الموضوعية والتناسق بين آياتها.

وقال ابن جُرير: إنما قال: «أحسن الخالقين» لأنه تعالى قد أذن لعيسى عليه السلام أن يخلق؛ واضطرب بعضهم في ذلك. ولا تُنْفَى اللفظة عن البشر في معنى الصنع؛ وإنما هي منفية بمعنى الاختراع والإيجاد من العدم.
أتمنى من الله أن يكون قد أزال الغشاوة التي على عين السائل العزيز وأن يهديه إلى الحق إذا أراد له هداية