السلام عليكم
ارجو الرد في احد الايام كان هناك رجل قد ولد اعمى و عاش اعمى, و له من البساطة ما كان لاي رجل ظرير اخر, حرم من حاسة النظر لكن بورك بحاسة السمع.
و كان هذا الرجل يجلس و ينصت الى اخبار المارة . و كانت هذه النعمة تؤذي بعض الاحيان فكان يسمع اناسا يتهامسون انه رجل اعمى لخطأ ارتكبه اهله تارة و خطأ ارتكبه هو تارة اخرة.
و ما كان للرجل من حيلة فهو ولد اعمى و لم يكن لخطأ ارتكبه هو و ان كان ذنب اهله فما ذنبه هو.
و كانت هذه الافكار تدور في ذهن هذا الرجل الظرير.
و كان البعض الاخر يعطف عليه و يساعده و كان الرجل يشعر بالساعدة ان هناك اناسا احببوه رغم علته و ان كان البعض الاخر قد حكم عليه بالرفض.
و في احد الايام كان جالسا في احد الازقة يسمع لصوت الطيور تغرد و خليط احاديث من هنا و هناك فكان يطرب لهذا النوع من الموسيقى المصحوب بمشاكل الناس و مشاغلهم فكانت الونيس الوحيد لهذا الرجل الظرير.
و في احد الايام بدأ يسمع اقاويل عن رجلان باران صالحان بدأوا يعلموا وينصحوا الناس و كانت الناس تتداول اقاويل عن ما رأوه و سمعوه عن هذين الرجلين.
يوما بعد يوم احذ يتزايد شوق الرجل لالتقاء احد هذين الرجلين, احب التكلم اليهما فهما مبعوثين من الله و لابد ان يكونوا بمعرفة لما هو ضرير اهو لذنب ارتكبه ام قدر غير منصف.
لكنه كان يتردد فكان يخشو ان يرفضوه كما رفضه اهله و ابناء قريته.
فأخذ هذا الرجل يتأمل في ملاقاة احدهم ليخبره عن همه و سؤاله فلعله يشفيه و راح يرسم صورا كيف يلتقي بهم و يكلمهم و يحس بحنانهم و رحمتهم و لمسة الله من خلالهم لكن احلامه كانت دائما تضطرب بسماع اصوات ابناء القرية العالية و هم يلعبون.
و في احد الايام مر الرجل الاعمى بالسوق الشعبي فسمع ان احد الرجلين الصالحين في السوق ليعض الناس و يرشدهم و كانوا الناس مبهورين لتعاليم النبي الصالح و كانت الجموع حول هذا الرسول هناك من يسأل و هناك من يسمع و هناك من يسخر و يذهب طريقه.
و اما الرجل الضرير فكان اشد اصرارا ان يصغي الى هذا النبي و التقرب اليه فبدأ يطلب من الناس ان يسمحوا له بالمرور و اما الناس فكانوا مشغولين.
و احس الرجل الضرير بقوة تدفعه لهذا النبي و راح يصرخ "دعوني امر لارى النبي دعوني امر" حتى بلغ الظرير هذا النبي.
و كان الرسول مشغولا بالتكلم للمبصرين من ابناء قريته و لم يكن له من الوقت للضرير, و اما الظرير فأحب السؤال لكنه صدم انه وجد نفس الرفض الذي بين الناس موجود بين الانبياء.
فما ان تكلم هذا الرجل الظرير الى النبي الصالح حتى احس ان الناس توقفوا عن الكلام.
حس في وقتها ان الوقت و الزمن قد توقفا و لم يكن حياة في السوق كأنه واقف لوحده امام ذنبه و أحس بذنب كبير انه كان سببا ان يدب الموت في افواه ابناء قريته و كان الصمت شديدا كاد ان يقتل الضرير.
و بعد لحظات كأنه دهر مضى عند الظرير اخذ يسمع اصواتا ضعيفة و تهامسات فكأن الحياة دبت من جديد بعد سبات لم يفهم ما كانوا يتهامسون حتى بدأت اصواتهم تتعالا شيئا فشيئا, الجميع كان يردد "لقد عبس النبي".
تركت هذه الكلمات اثرا كبيرا في نفس الرجل الظرير و رجع الى بيته كسير النفس موجع الضمير و ثقيل الحمل, بدا و كأن الله فعلا قد عاقبه و رفضه من خلال نبيه فلم يعد هناك اي شخص يلجأ له, و بات حزيننا كأئيبا يلوم نفسه على افعالا ما ارتكبها و على خطايا ما جناها.
فقرر الذهاب و الاعتزال في احد التلال و مرت هناك سنوات و الرجل الظرير معتكف و معتزل, و قرر النزول الى القرية بعدها ليسمع ماهو جديد بعد سنين طوال, فنزل التل و صادف رجلا و بدأ هذا الرجلان يتسامران و اخذ الرجل الضرير يتكلم عن ولادته كأعمى و رفض ابناء قريته حتى نبيها الصالح, و سال الرجل الظرير الرجل الاخر عن ما يفعله و ما كان هذا الرجل الا براعي يرعى الخراف و كان قد اضاعا خروفا و يبحث عنه لسنين.
و قال الرجل الثاني الى الرجل الظرير "ان كل خرافي عميان و من دخل حضيرتي ابصر" فبكى الرجل الظرير بكائا شديدا و ابدا رغبته في دخول الحضيرة, فضم الرجل هذا الظرير الى صدره فزاد بكاء الضرير فلم يحس بالحنان و العطف منذ سنين و مد الرجل الثاني يده نحو الظرير و للحال اختلطت دموع الظرير بنور الشمس فرفع الضرير عينه الى الله فوجد نفسه يبصر.
و ذهب الرجلان الى حيث ينتميان.
انا و انت عميان و من منا لا يرغب بالابصار, أين سنذهب؟ الى رجل عبس و تولى ام الى رجل مد يده وشفى
المفضلات