و قد كتب الأسقف بروفيريوس (1804 – 1885) فى مُذكراته ، ما يُفيد بأن عصابة القدس من رجال الدين المسيحى يعرفون أن تلك النار المُقدسة ما هى إلا خداع محض.

و بروفيريوس كان كاهناً أرثوذوكسياً روسياً و أيضاً عالم تم إرساله فى مُهمة بحثية على القدس و أيضاً إلى دير كاترين فى مصر. و بينما كان فى القدس، أرسى قواعد الإرسالية الروسية فى القدس ثم عاد إلى موسكو حيث تم ترسيمه أسقف عام لمدينة كييف.

و دوّن بروفيروس إنطباعاته فى كتاب أسماه (كتاب حياتى) فى ثمانية أجزاء .... و فى الجزء الأول من هذا الكتاب، دوّن بروفيروس:

" تسلل أحد الشمامسة داخل سرداب القبر المُقدس فى تمام الوقت الذى تنبعث فيه النيران المُقدسة من داخل هذا السرداب كما يعتقد الجميع، إلا أنه فزع عندما رأى أن النار تنطلق من مصباح يختفى داخل أيقونة فى الحائط لا ينطفئ أبداً....و هكذا فإن مُعجزة الضوء المُقدس ليست مُعجزة على الإطلاق. و هو الذى أخبرنى بذلك اليوم " (كتاب حياتى ، الجزء الأول.... السنوات من 1841 – 1844، صفحة 671) .....

إلا أن بروفيروس لم يذكر كيف كان المصباح مضيئ بإستمرار ...ز و فيما يبدو أن واحداً من الكهنة النصابين كان مُكلفاً بإعادة ملء هذا المصباح بالزيت بإستمرار!

و بروفيروس يروى قصة أخرى رواها له أحد المطارنة فى القدس ..... و فحواها أن إبراهيم باشا (نجل الخديوى مُحمد على)، أثناء زيارته للقدس، كان يُريد أن يتحقق من حقيقة هذا الضوء المُقدس... لذا فإنه سأل البطريك و معاونيه أنه يُريد أن يكون داخل القبر المُقدس وقت إنطلاق هذا الضوء من القبر و داخل السرداب..... فإذا كانت هذه المُعجزة حقيقية بالفعل، فإنه سيهب الكنيسة مبلغ كبير من المال كهدية..... أما إذا كان فى الأمر خدعة، فسوف يُصادر كل الأموال التى يتبرع بها كل الحجاج الذين يُعاينون تلك الخدعة للكنيسة و سيفضح أمر الخدعة فى كل الصحف العالمية الكبرى.

و قد إجتمع كافة البطاركة المعنيين فى الأمر للتباحث فى هذا العرض الأميرى من إبن الخديوى. و أفاد أحدهم مُعترفاً بأنه يُشعل النار المُقدسة من مصباح جدارى يختفى خلف الصورة الجدارية الرخامية لقيامة اليسوع داخل القبر و الموجودة خلف مرقد اليسوع. و لهذا فقد إتفقوا جميعاً على أن يطلبوا من إبراهيم باشا أن لا يتدخل فى المسائل الدينية الخاصة بالنصارى و أن لا يُحاول إكتشاف الأسرار المسيحية المُقدسة لأن الإمبراطور الروسى نيقولا سوف يُسيئه مثل هذا التدخل. و هكذا إمتثل إبراهيم باشا لطلبهم ......

و لكن من وقتها، فإن ذلك المُطران الذى كان يعمل فى كنيسة القيامة و حكى تلك القصة لبروفيروس، و كان يؤمن بتلك المُعجزة ، فقد أيقن بكذبها , انها مُجرد خدعة ......

و أضاف ذلك المُطران " أن المُعجزة الحقيقة التى ينتظرها هى أن تتوقف تلك الأكذوبة بمُعجزة إلهية .... فالله وحده بقدرته هو الذى يستطيع أن يجعل إهتمام الناس و إيمانهم بتلك المُعجزة النارية و التى تحدث فى يوم السبت العظيم (ليلة الفصح) يتوقف أو أن يهدأ ....و لكننا لا يُمكن حتى أن نتصور ذلك و لو بمجرد التفكير فى كشف الحقيقة للناس.... فلو إكتشف الناس ذلك لمزقونا إرباً داخل القبر المُقدس ذاته"

و أضاف المُطران " لقد اخبرنا البطرك أثناسيوس ، بطرك القسطنطينية، عن حادثة إبراهيم باشا، و لكننا فى خطابنا إليه سمينا "الضوء المُقدس" "بالنار المُقدسة"..... و تعجب البطرك من هذا التغيير فى التسمية و تساءل عن السبب .... فأخبرناه بالحقيقة .... و لكننا أردفنا أن تلك النار تنبع من مصباح مُخبأ داخل القبر المُقدس، فهى بالضرورة مُقدسة لأنها تشتعل فى مكان مُقدس ، على أية حال" (كتاب حياتى ، الجزء الثالث، صفحات 299 – 301).