تمهيد :
فى أكثر من مرة ، وعلى مدى فترات متقاربة من الزمان ، وفى أماكن متباعدة ومتفرقة تظهر بين حين وآخر مجموعات من الناس تقوم ببعض الأعمال العجيبة والأفعال الغريبة ، وتردد بعض الأقوال المريبة ، وتحاول نشر بعض المعتقدات التى لم يسمع بها أحد من قبل .
تظهر هذه المجموعات عادة فى وسط البيئات البعيدة عن تعالم الدين الإسلامي سواء بسبب انتشار ظاهرة الجهل المطبق التى عمت معظم المجتمعات الإسلامية ، أو بسبب قربهم من حياة غير المسلمين واختلاطهم معهم ، وتعاملهم الوثيق بهم ، أو بسبب طغيان الدنيا على النفوس الضعيفة التى تسقط أمام أقل المغريات وأبسط الاختبارات ، أو بسبب سيطرة المؤثرات الجنسية ، والجرى وراء الشهوات الحسية التى أغرقت البعض فى أوحالها ، وسلبت عقولهم ومشاعرهم . من هذه المجموعات من تطلق على نفسها اسم " البهائية " التى تستغل بساطة العامة من الناس ن ممن يأخذون الأمور ببساطة وعفوية ، ولا يعرفون الظن السئ فيمن حولهم ، ويحسون بالأمن والاطمئنان إلى من يحدثهم عن الدين ، أو يدخل إلى نفوسهم من هذا الجانب ، ونظراً لأن هذه الطائفة من الناس تميل دائما إلى الخرافة أو القصص الخيالية والأعمال الخارقة للعادة ، فإن دعاة البهائية يدخلون عليهم من هذا الجانب ، فيدسون السم فى الدسم ويلبسون الحق بالباطل وينشرون أفكارهم التى لا تحتوى إلا على الدجل والخرافة والباطل ويرددون معتقدات غاية فى السوء ، وموغلة فى الضلال والفساد ، ولا يمكن إقناع عاقل بها لوضوح خطرها وظهور عورها .
إن البيئة التى شهدت نشأة هذه العقيدة الضالة ، والتى خرجت منها هذه الدعوة الباطلة ربما كانت مهيئة لاستقبال أى نوع من الوهم ، أو تصديق أى شكل من الخرافة والدجل ولذلك وجدت من المخدوعين والمغفلين من اقتنع بها أو صدق بتعاليمها ، وخرجوا من تلك المجتمعات يدعون إليها ويدافعون عنها وينشرونها فى أى مكان ذهبوا إليه أو حلوا فيه ، ولكن ما يعتبر عذراً فى تلك البيئات ، لا يعمم على غيرها ، ولا يطلق العنان لها حتى تصير مثل الوباء ، تنتشر حيث حلت ، وتعكر صفو المجتمعات الآمنة ، وتثير الفزع والإشمئزاز فى البيئات المطمئنة .
إن هذه الدعوى الفاسدة التى تسمى " البهائية " لا تصلح أن يناقشها إنسان أو يرد عليها أحد ، لأنها ليس لها أى رصيد من التفكير العقلي السليم ، أو أى حجة من المنطق الصحيح أو أى برهان من الواقع ، ومن كان هذا شأنه فلا يستحق إلا سلة المهملات أو أكياس النفايات ، فلا يصلح معه مقارعة الحجة بالحجة ، فلا حجة أصلا ولا دليل معه يستند إليه أو منطق يدافع عنه ، بل هى – بكل أسف - مجموعة من الترهات والخزعبلات التى تظهر بين الحين والآخر ، ومجموعة من الأباطيل التى خرجت من رأس مأفون ، عشش فيه الخراب ، وعقل مريض ، لا يردد إلا الهذيان والجنون .
ولولا ظهور هذه الأفكار فى بعض بلاد المسلمين ، وتصديق بعض البسطاء والمخدوعين ما كلفنا أنفسنا مشقة كتابة كلمة واحدة فى حقهم ، أو أعرناهم أدني اهتمام ، ولذلك فإننا سوف نسرد أهم افكار البهائية وتطوراتها من حيث النشأة والظهور ونترك الرد المناسب لفطنة القارئ وعلمه ، فإنه مهما كان بسيطا وضئيلا سوف يرفض هذه الأفكار ويمجها من تلقاء نفسه ، ففيها مخالفة لأبسط أنواع التفكير ، ومعارضة لأدنى درجات الفطرة ، ومواجهة لكل مبادئ الدين الإسلامي ، فهى والإسلام على طرفي نقيض لا يجتمعان ولا يلتقيان فى أى مرحلة من مراحله . إن العلاقة الأثمة التى تربط بين دعاة هذه النحلة والعدو الصهيونى والكيان اليهودي المتربص بالأمة الإسلامية لكي يضربها فى أصل عقيدتها وصلب دينها علاقة ظاهرة وواضحة من أول يوم ظهرت فيه ، فهو الذى يخطط لها بكل خبث ودهاء ، وهو الذى يرسم لها الطريق ليدمر البنيان القوى الذى يرتكز عليه المجتمع المسلم ، ويضرب الترابط والتآلف والمحبة بين ابنائه ، حتى لا يبقى إلا العداوة والبغضاء ، وينشر الخلاف والشحناء فى بيوت المسلمين وبين صفوف المؤمنين الموحدين .
إن الأصابع الخفية التى تعودت التخطيط فى الظلام والكيد للمسلمين بليل ، تعمل جاهدة على أن يكون لهذه الفرقة الخبيثة وجود فى بلاد المسلمين ، وداخل صفوف المؤمنين ، مستغلين فى ذلك جميع الدعاوى الفارغة ، والدعايات الزائفة ، التى يخدعون بها أنفسهم ، مثل حقوق الإنسان ، وحقوق الأقليات ، وحرية الاعتقاد ، والدعوة إلى نشر السلام الاجتماعي بين الشعوب ، وتحاول هذه الأيدي العابثة نشر وثيقة يطلقون عليها اسم( وثيقة الحقوق الدينية ) التى بموجبها يكون لكل ساقط عربيد الحق فى الدعوة لما يعتقد أو يعتنق من أى ضلال أو بهتان دون أدني مساءلة قانونية أو ملاحقة قضائية .
يفعلون كل ذلك ويقومون بكل هذه المحاولات لإيجاد ثغرة فى الصفوف لتفتيت القوى وإضعاف العزائم وتوسيع شقة الخلاف حتى تتحول ساحات القتال إلى داخل صفوف المسلمين بدلاً من صمودهم وتكاتلهم وترابطهم صفاً واحداً أمام أولئك الأعداء الحاقدين والمتربصين بهم شراً ، فالفتن الطائفية والحروب الأهلية والنزاعات المذهبية لا يستفيد منها مسلم ولا تعود بالنفع والخير على بلاد المسلمين ، ولكن تقربها أعين اليهود ومن هاودهم فيوقدوا نارها ويؤججوها أوارها كى تحرق الأخضر واليابس ، وتقضى على الصغير والكبير .
ووجود أمثال البهائية فى أى بلد مسلم يعنى بكل بساطة ، وبدون عناء ولا تفكير ، وجود بؤرة صهيونية ومحفلا ماسونيا حيث يشكلون طابوراً خامساً بين الصفوف ينشر الفساد ، ويخرب البلاد ، ويقضى على الصالحين من العباد .
إن سلاح المرأة الذى تستخدمه " البهائية " دليل على مدى ما وصلت إليه هذه النحلة من الفساد والإجرام ، فهم يعلمون تمام العلم ، ويدركون أن وجودهم مستحيل وسط النور والضياء ، والطهر والنقاء ، فلم يجدوا طريقا يسلكونه إلا طريق الفاحشة والرذيلة ، وجعلوا إشباع النزوات واقتراف الآثام من أهم الأمور التى تجمعهم ، وأكثر العوامل التى توحد هدفهم ، ولذلك فهم يركزون على استخدام هذا الجانب بطريقة مؤثرة ، يصعب على من ينضم إليهم التخلص منها ، أو الهروب من قيودها .
ولقد أظهرت التحقيقات التى أجريت لفريق منهم أنهم كانوا يجاهرون بالفطر فى رمضان ، وأنهم كانوا يسيرون فى الطرقات عرايا أو شبه عرايا ، وكانوا يتبادلون زوجاتهم فيما فينهم ، وكانوا يفعلون كل قبيح ، ويدعون إلى كل شنيع .
إنهم بذلك يخالفون قواعد الفطرة التى فطر الإنسان عليها ، ووصلوا إلى أدنى درجات الانحطاط الأخلاقي التى يأباها الإنسان السوى ، بل وترفضها بعض الحيوانات العجماء التى حرمت نعمة العقل والتفكير ، ولكنها تغار على أنثاها ، وتثأر لكرامتها وتثور لشرفها ، ولا تقبل هذا السلوك الهمجى الذى يحطم كل المعاني النبيلة من النفوس ، ويدمر المفاهيم السامية بين الناس .
لم تكن هذه السلوكيات الشنيعة وليدة اليوم ، ولا ظاهرة الحاضر فحسب ، ولكنه سلوك عرفته البهائية فى كل مكان تحل فيه أو تظهر بين أبنائه ، والسابقون الأولون منهم هم الذين أسسوا هذا الفساد ووضعوا قواعد هذا البهتان الذى هو أصل من أصولهم