بقلم : حيران
ماحوظة : الكاتب ملحد ، و لكني رأيت نشر أرائه لأنه يتبع اسلوب البحث العلمي في هذا المجال و الله اعلم سبحانه و تعالي عما يصفون ،،
( من يبحث يجد .. ومن يطرق الباب، يفتح له ) إنجيل توما – 94
( إذا قال لكم رؤسائكم ، انظروا المملكة في السماء فسوف تسبقكم الطيور، وإذا قالوا لكم أنها في الماء فسوف تسبقكم الأسماك .. إنما المملكة بداخلكم ، وعندما تتعرفون على أنفسكم ستصبحون عارفين وتصبحون أبناء الإله الحي .. ولكن إذا لم تعرفوا أنفسكم ، فلسوف تعيشون في فقر وإنكم لأنتم هذا الفقر ذاته )
إنجيل توما - 3
لم يحظى شخص بذلك الكم من الخلاف والاختلاف الذي حظي به شخص يسوع المسيح، فبينما يرى البعض أنه كل شيء وأنه الطريق والحياة .. يرى البعض الآخر أنه لا شيء، وأنه مجرد شخصية رمزية تخيلية لم يكن له أي وجود حقيقي.
ويتأرجح الكثيرون والكثيرون في الوسط بين هذين الطرفين ، فمن يرى أنه نبي مرسل وكان ميلاده معجزة ومن يرى أنه قائد حركة إصلاحية ومن يرى أنه تلميذ نجيب لطائفة معينة، سعى لنشر تعاليمها .. والكثير الكثير من الآراء التي طرحت وستطرح بشأن ذلك الرجل الذي أصبح تاريخ ميلاده أساس للتقويم الذي تسير عليه كرتنا الأرضية .. رغم أن سنة ميلاده ذاتها غير محددة !!!
في هذا المبحث ، سنسعى سوياً إلى التعرف على يسوع المسيح بصورة مختلفة قليلاً عن تلك الصورة النمطية الشائعة التي علقت في أذهاننا، سنتعرف عليه من خلال بعض الاكتشافات الأثرية الهامة والتي كان ينبغي لها أن تقلب كل المسلمات الدينية السائدة وأن تدفع بعلماء الدين واللاهوت والأركيولوجي والإنسانيات إلى البحث المضني وفحص الأدلة ووصل الليل بالنهار .. وألا يرمش لهم جفن قبل إجلاء الحق وكشف المستور .. غير أن الواقع يحتم علينا أن نعترف بأن أولئك العلماء كان لديهم أموراً أهم يدافعون عنها .. ألا وهي مناصبهم ومصالحهم.
(1) .. مخطوطات البحر الميت:
في الفترة بين عامي 1947 و 1956 عثر بالقرب من البحر الميت في مناطق قمران ومربعات وخربة ميرد وعين جدي ومسادا على مجموعة من المخطوطات القديمة بطريق الصدفة، فقد بدأت الكشوف الأثرية بعثور صبي صغير من قبيلة التعامرة التي تتجول في المنطقة الممتدة من البحر الميت إلى بيت لحم. على سبعة جرار فخارية مخبأة داخل كهف في منطقة قمران بالقرب من البحر الميت.
وتوالت الاكتشافات بعد ذلك بمساعدة الأثريين والجيش الأردني وقبيلة التعامرة التي سعى أهلها للمكسب المادي بعد أن اتضحت القيمة الهائلة لتلك المخطوطات، وخاصة بعد ظهور المخطوطة النحاسية والتي تتكلم عن كنز مفقود قدره الأثريون بأكثر من 20 طن من الذهب و40 طن من الفضة.
تم العثور على11 كهفاً يحتوون على مخطوطات محفوظة داخل جرار فخارية أو على آلاف القصاصات الممزقة من مخطوطات لم يتم حفظها بعناية مكتوبة باللغتين العبرية والآرامية والعديد من العملات الرومانية والأقمشة وعلى أطلال القرية القديمة التي عاش بها أصحاب تلك المخطوطات.. مما ساعد على تحديد الفترة الزمنية التي عاش فيها أولئك السكان بدقة متناهية باستخدام المسح الذري ومن خلال مقارنة العملات المعدنية بمثيلاتها.
وقد تأكد العلماء من أن هذه الآثار والمخطوطات تعود للفترة من 200 ق.م إلى منتصف القرن الأول الميلادي تقريباً.
فور العثور على هذه المخطوطات والتأكد من قيمتها الأثرية والتاريخية تم تشكيل لجان لترجمة المخطوطات ولتجميع ما تمزق منها إعتماداً على شكل الخط ونوع الحبر وحجم الأجزاء المقطوعة .. مهمة مضنية أخذت من العلماء وقتاً طويلاً .. أدى إلى تأخر الإفصاح عن محتويات بعض المخطوطات حتى عام 67 حين سقطت القدس في أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي، وعندها توقفت عمليات البحث والترجمة للمخطوطات وإلى سقوط متحف القدس في أيدي اليهود حيث حفظت تلك المخطوطات وتدخلت السلطات الإسرائيلية بشكل أغضب الأثريون في مسار البحث العلمي، ويبدو لكثير من الباحثين أن الفاتيكان كان حريصاً هو الآخر على عدم إجلاء الحقيقة كاملة .. كما أن العرب والمسلمون أبدوا عدم إكتراث بالأمر وكأن الأمر لا يعنينا في شيء، مما ساهم في بقاء جزء من هذه المخطوطات مجهول المحتوى، صحيح أن السلطات الإسرائيلية قد أعلنت في التسعينات عن أنها قد أظهرت كل المخطوطات وأن عملية الترجمة قد تمت بالكامل ، وتبنت بعض المجلات الأمريكية المتخصصة نشر محتويات تلك المخطوطات التي أذاعتها السلطات الإسرائيلية، إلا أن الكثير من الباحثين يؤكد عكس ذلك ويؤكد أنه لا يوجد أي دليل على أن إسرائيل قد سمحت لجميع المخطوطات بالظهور.
لكن تبقى الحقيقة بأن جزءً كبير جداً من هذه المخطوطات كان قد تم ترجمته ونشره حتى الفترة السابقة لعام 67، فما الذي تحتويه تلك المخطوطات النادرة والتي أراد لها البعض أن يطويها النسيان؟