جاء احد الجهلة ليقول ان القران يقول ان عيسى عليه الصلاة و السلام له صفات الالوهية لانه خلق من الطين طيرا كما يدعي و بالتالي هو اله حسب القران

و للرد على هذا الافتراء

اولا سياق الاية الكريمة دال على نفي الالوهية عنه و إثبات نبوته و بشريته

قوله تعالى : ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين

يعلمه اي يتعلم و هل يتعلم الاله ام يعلم ؟؟؟
وسولا الى بني اسرائيل
بأية من ربكم و لم يقل مني


ثانيا
ان عيسى عليه الصلاة و السلام لم يخلق من الطين طيرا بل خلق من الطين كهيئة الطير

كهيئة الطير
كهيئة الطير


و المراد به صنع من الطين شكل الطير

و الخلق قد يعني الصنع و التصوير

نقرا في تفسير القرطبي
أني أخلق لكم
أي أصور وأقدر لكم . من الطين كهيئة الطير قرأ الأعرج وأبو جعفر ( كهية ) بالتشديد . الباقون بالهمز . والطير يذكر ويؤنث .

لسان العرب لابن منظور
قال أبو بكر بن الأنباري : الخلق في كلام العرب على وجهين :
أحدهما الإنشاء على مثال أبدعه ، والآخر التقدير

اذا عيسى لم يخلق طيرا بل خلق من الطين كهيئة الطير و هذا يقدر عليه جميع الناس و ليس في حد ذاته معجزة اصلا !!!!

يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح :
((. الوجه الثاني ‏:‏ أنه خلق من الطين كهيئة الطير ،
والمراد به ‏:‏ تصويره بصورة الطير ، و هذا الخلق يقدر عليه عامة الناس ، فإنه يمكن لأحدهم أن يصور من الطين كهيئة الطير ، و غير الطير من الحيوانات ، والمعجزة أنه ينفخ فيه الروح فيصير طيراً بإذن الله عز وجل و ليس مجرد خلقه من الطين ، فإن هذا أمر مشترك ‏.‏ ))

ثالثا:
و اما تحويله من طين الى طير بعد نفخه على التمثال الطيني او الشكل الطيني الطائر فهو باْذن الله

و هنا يكمن الدقة في السياق اذ ان لفظ الخلق
عائدة الى هيئة الطير لا الطير
و اما قوله باْذن الله فعائد الى تحول الطين الى طير و لذلك قالت الاية ((فأنفخ فيه فيكون طيرا باْذن الله ))
و قالت فيما سبقها ((أني جئتكم بأية من ربكم ))


فعلم ان المعجزة من الله عز وجل
هو تحويل الطين الى طير بعد نفخ عيسى عليه الصلاة و السلام و هو منسوب لله عز وجل فقط لانه هو الذي قدره

فان قال قائل ماذا عن نفخة عيسى عليه الصلاة و السلام ؟؟؟
نقول لا يختلف عن نفخة جبريل عليه السلام لمريم عليها السلام حينما حمل تلك النفخة من الله عز وجل الى مريم لتحلل بعيسى عليه الصلاة و السلام

فجريل و عيسى مجرد وسيطان لارسال النفخة الى مريم و الى الطين الذي هو كهيئة الطير

نقرا من تفسير القرطبي
ويقال : إن سؤالهم كان له على وجه التعنت فقالوا : اخلق لنا خفاشا واجعل فيه روحا إن كنت صادقا في مقالتك ; فأخذ طينا وجعل منه خفاشا ثم نفخ فيه فإذا هو يطير بين السماء والأرض ;
وكان تسوية الطين والنفخ من عيسى والخلق من الله ، كما أن النفخ من جبريل والخلق من الله .


رابعا قد يقول قائل لماذا عيسى عليه الصلاة و السلام وحده حصلت له معجزة التحويل باْذن الله ؟؟؟

الجواب : معجزة التحويل لم تقتصر على عيسى عليه الصلاة و السلام بل كانت لموسى عليه الصلاة و السلام ايضا اذ حول العصا الى ثعبان باْذن الله ايضا

قال تعالى :
((
فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ ۖ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110)))


خامسا : قد يعاند النصراني و يقول لا اقبل كلامك لان المسيح هو الوحيد الذي ربط معه لفظ الخلق و لفظة النفخة و هذه الالفاظ لم يستخدمها القران و لا الحديث لموسى عليه الصلاة و السلام و لا لأحد غيره ؟؟؟

أقول : خطا !!!!!
بل استخدمت لفظة الخلق و التصوير لملاك الرحم اذ يصور و يخلق الجنين ثم ينفخ فيه فيصير بشرا باْذن الله !!!!

روى الامام البخاري و مسلم وروى ابو دَاوُدَ في سننه
حدثنا حفص بن عمر النمري ثنا شعبة ح وثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان المعنى واحد والإخبار في حديث سفيان عن الأعمش قال ثنا زيد بن وهب ثنا عبد الله بن مسعود قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق
إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث إليه ملك فيؤمر بأربع كلمات
فيكتب رزقه وأجله وعمله ثم يكتب شقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح .......

و نقرا في صحيح مسلم

روى مسلم (2645) عن حُذَيْفَة بْن أَسِيدٍ الْغِفَارِيُّ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : ( إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً ،
بَعَثَ اللهُ إِلَيْهَا مَلَكًا ، فَصَوَّرَهَا ، وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ أَجَلُهُ ، فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ رِزْقُهُ ، فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِهِ ، فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ وَلَا يَنْقُصُ )

نرى ان لفظ الخلق و التصوير و ان النفخ في الحديث كلهم منسوبين الى ملك الموت تماما مثل ما فعل عيسى عليه الصلاة و السلام مع الطين الذي كهيئة الطير و لكن هذا أقوى لان هذا مع بشر !!!

و مع هذا فان الخلق نسب لله عز وجل لان الملك انما صور بتقدير و امر و قضاء الله عز وجل و النفخة اصلها من الله عز وجل حملها ملك الرحم منه الى رحم الام

قال ابن حجر :
" وَمَعْنَى إِسْنَادِ النَّفْخِ لِلْمَلَكِ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ بِأَمْرِ اللَّهِ ، وَالنَّفْخُ فِي الْأَصْلِ إِخْرَاجُ رِيحٍ مِنْ جَوْفِ النَّافِخِ لِيَدْخُلَ فِي الْمَنْفُوخِ فِيهِ ،
وَالْمُرَادُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " انتهى من " فتح الباري" (11/486) .

و لذلك فان الحديث يقول فيقضي ربك ما يشاء

و لذلك يقول تعالى في كتابه الكريم
هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

و يقول تعالى
((
يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ))

فالملك هنا مجرد وسيط و النفخة من الله عز وجل و الخلق منسوب اليه لقضائه و تقديره و أذنه
لا ان ملك الرحم هو الخالق المصور و العياذ بالله

يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" ملك الْمَوْت يقبض الْأَرْوَاح ، والأعوان يعالجون ، وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، هُوَ الَّذِي يزهق الرّوح ،
لَكِن لما كَانَ ملك الْمَوْت يتَوَلَّى ذَلِك بالوساطة والمباشرة : أضيف التوفي إِلَيْهِ ، كَمَا أضيف الْخلق للْملك فِي خبر مُسلم : ( إِذا مر بالنطفة ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَة بعث الله إِلَيْهَا ملكا فصوّرها وَخلق سَمعهَا وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ) " انتهى من " الفتاوى الحديثية " (ص 20) .

و الان تبين ان ما فعله المسيح عليه الصلاة و السلام لا يعكس باي حال من الأحوال اي صورة من صور الالوهية لعيسى عليه الصلاة و السلام
و الا على هذا المنطق صار موسى عليه الصلاة و السلام الها و صار ايضا من باب أولى ملك الرحم اله !!!!!!

فهل موسى عليه الصلاة و السلام اله ؟؟؟؟
هل ملك الرحم عليه الصلاة و السلام اله ؟؟؟؟؟؟