رد شبهة : نبيٌّ في مسجدِه خمرة !

من الشبهاتِ التافهةِ التي يذكرها المعترضون أنهم قالوا : كان لمحمدٍ رسول الإسلام زجاجة خمرة في المسجدِ ، وكان يأمر عائشةَ أن تُحضرها له ... فلما سألتهم عن دليلِهم قالوا: هو رواه مسلمٌ في صحيحه كتاب ( الحيض ) باب ( ‏جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وطهارة سؤرها و الإتكاء‏ ( برقم 450 عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ r: نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ .قَالَتْ : فَقُلْتُ : " إِنِّي حَائِضٌ " . فَقَالَ : " إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ ".

الرد على الشبهة

أولاً : إن هذه الشبهةَ تدل على جهلِ أصحابِها باللغةِ العربيةِ الذي فاق الحدود لماذا ؟! لأن الخمرةَ التي في الحديثِ هي (الْخُمْرَة ) بضمِ الخاء هي مقدار ما يضع الرجل عليه وجهه في سجودِه من حصيرٍ أو نسيجٍ ونحوه ، وتسمى في زماننا (مصلية) وسميت خمرة بضمِ الخاء ؛ لأن خيوطها مستورة بسعفها.
وبالتالي فهي ليست الخمرة المعروفة التي تُسكر ...

وعليه يرد ادعاؤهم الباطل ، وزعمهم الكاذب ، فلم يكن في مسجدِ النبيِّ زجاجة خمرة....
ثانيًا : إن الأحاديثَ الواردة في هذا البابِ كثيرة، أذكر بعضها لتوضيح الأمر أكثر فأكثر كما يلي :
1- صحيح البخاري بَاب ( الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ ) برقم 368 عَنْ مَيْمُونَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ r يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ ".

وأتساءل : هل كان النبيُّr يضع رأسَه في سجودِه على زجاجةِ خمرٍ...؟! كيف يقرءون ويفهمون الأحاديث لا أعلم ؟!
2- في سنن أبي داود برقم 4567 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ: جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ُr عَلَى الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ فَقَالَ: إِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتُحْرِقَكُمْ .

وأتساءل : هل زجاجة الخمر يحترق منها مثل موضع الدرهم ؟!
3- مسند أحمد برقم 11562 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍt قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ فَتَبْسُطُ لَهُ نِطْعًا فَيَقِيلُ عَلَيْهِ فَتَأْخُذُ مِنْ عَرَقِهِ فَتَجْعَلُهُ فِي طِيبِهَا وَتَبْسُطُ لَهُ الْخُمْرَةَ فَيُصَلِّي عَلَيْهَا " . تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين.
إذًا : الأحاديث توضح لهم مفهوم ( الْخُمْرَة ) بضمِ الخاء لمن يعرف القراءة منهم ، ولمن كان منهم باحثًا عن معرفةِ الحقِ .... وصدق معنى ما نُسب للمسيح u لما قال : " تعرفون الحقَ والحق يحرركم ". ( إنجيل يوحنا 8 /32).


ثالثًا : إن هذا الحديثَ فيه دلالة على حسنِ خُلقِ النبيِّ r مع الزوجةِ ؛ حتى يعلم أمتَه أن المرأةَ ليست نجسة كما يصفها الكتاب المقدس .... قَال r :« إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ في يَدِكِ ».
وفيه أن محمدًا r هو أعبد الناسِ لربِّ الناسِ ، حقق العبوديةَ الكاملةَ للهِ I فنجده في الحديثِ يطلب من عائشة الْخُمْرَةَ ليصلي ويضع جبهته وأنفه عليها ذلاً لله I ؛ فكان يكثر r من السجودِ لربِّهI ......
وأتساءل بعد هذا الطرح : هل هذا الحديث فيه مذمةٌ للنبيِّ أم مناقب ؟! هذا هو.
رابعًا : إن الكتابَ المقدس يذكر لنا مدى مكانةِ الخمر التي تُسكر، وتذهب العقل...... فيما يلي :
1- سفر الأمثال إصحاح 31 عدد 6 أَعْطُوا مُسْكِرًا لِهَالِكٍ، وَخَمْرًا لِمُرِّي النَّفْسِ. 7يَشْرَبُ وَيَنْسَى فَقْرَهُ، وَلاَ يَذْكُرُ تَعَبَهُ بَعْدُ.
وأتساءل : أليست هذه دعوى واضحة إلى السكر.... ؟!

2- سفر نشيد الإنشاد فيه الأتي:
أ‌- إصحاح 1 عدد1نَشِيدُ الأَنْشَادِ الَّذِي لِسُلَيْمَانَ: 2لِيُقَبِّلْنِي بِقُبْلاَتِ فَمِهِ، لأَنَّ حُبَّكَ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ. 3لِرَائِحَةِ أَدْهَانِكَ الطَّيِّبَةِ. اسْمُكَ دُهْنٌ مُهْرَاقٌ، لِذلِكَ أَحَبَّتْكَ الْعَذَارَى. 4اُجْذُبْنِي وَرَاءَكَ فَنَجْرِيَ. أَدْخَلَنِي الْمَلِكُ إِلَى حِجَالِهِ. نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِكَ. نَذْكُرُ حُبَّكَ أَكْثَرَ مِنَ الْخَمْرِ. بِالْحَقِّ يُحِبُّونَكَ.

ب- إصحاح 4 عدد10مَا أَحْسَنَ حُبَّكِ يَا أُخْتِي الْعَرُوسُ! كَمْ مَحَبَّتُكِ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ! وَكَمْ رَائِحَةُ أَدْهَانِكِ أَطْيَبُ مِنْ كُلِّ الأَطْيَابِ!

قلتُ : إن الملاحظ من هذه النصوصِ أن كاتب هذا السفر هو سليمان ،فهو يذكر لنا أن الخمرَ طيبةٌ ، ولكن حب حبيبته أطيب من الخمر له.... وأنه يحب الخمرَ ، ويذكرها كثيرًا ، لكنه يذكر حبيبتَه أكثر من ذكره لها .... فالنص يقول : " نَذْكُرُ حُبَّكَ أَكْثَرَ مِنَ الْخَمْرِ". لا تعليق !

3- إنجيل يوحنا إصحاح 2عدد 1وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ. 2وَدُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ. 3وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ:«لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». 4قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». 5قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ:«مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ». 6وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ، حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ، يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِطْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. 7قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8ثُمَّ قَالَ لَهُمُ:«اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ، لكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا، دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10وَقَالَ لَهُ:«كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!». 11هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ.

نلاحظ : أن أولَ معجزة للربِّ يسوع بحسب معتقدهم أنه حول الماءَ إلى خمرٍ ، وذلك بحسب ما نسبت إليه الأناجيل! فهل الخمر حرام ، وقد صنعها يسوع في العرسِ ... ؟!

4- تنسب الأناجيل إلى بولس الرسول هذا النص .... في رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى تِيمُوثَاوُس إصحاح 5 عدد23لاَ تَكُنْ فِي مَا بَعْدُ شَرَّابَ مَاءٍ، بَلِ اسْتَعْمِلْ خَمْرًا قَلِيلاً مِنْ أَجْلِ مَعِدَتِكَ وَأَسْقَامِكَ الْكَثِيرَةِ.

وأتساءل : أليست هذه نصيحة غالية من بولس الرسول تدعوا المعترضين لشربها... ؟!

إذًا على المعرضين أن يشربوا الخمرَ من أجلِ معدتِهم وأسقامِهم، ولكني أنصحهم ألا يشربوها عندما يقرءوا أحاديثَ النبيِّ r ؛ على الأقلِ حتى يفهموا ما يقرءوا إن كانوا يعرفون القراءة ...!


خامسًا : إن الأمر المثير للدهشة هو أن الكتابَ المقدس ينسب للربِّ نفسه أنه كان سكيرًا شريبَ خمر ....وذلك في الآتي:

1- سفر المزامير إصحاح 78 عدد65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ، كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ.
قلتُ: إن النص فيه تشبه لا يلق برب العالمين ....!

2- إنجيلُ لوقا ينسب ليسوعَ المسيح هذا النص... في إلاصحاح7عدد34جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَتَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ.

وأتساءل : هل كان الربُّ يسوع بحسب اعتقادهم شريب خمر....؟! لا تعليق !

كتبه/ أكرم حسن مرسي
نقلا عن كتابي / رد السهام عن خير الانام