إنّ القول إنّ إنجيل الطفولة العربي قد ألفّ بعد ظهور الإسلام وتأثّر بقصص القرآن الكريم لهوأقرب إلى المنطق التاريخي والتحليلي الفيلولوجي المحايد!
*إنجيل الطفولة العربي هو أوّل وثيقة تحدّثت عن حفظ غرلة المسيح بعد ختانه، وإذا علمنا أنّ الاحتفال بعيد (ختان الر ب!) والخرافات الكثيرة المتعلّقة بحفظ هذه القطعة من الجلد كان منتشرًا في القرون الوسطى ٦٦٦ ، وأنّ أوّل ذكر لهذه القطعة المحفوطة كان في القرن الثامن ٦٦٧ - وإن كان الاحتفال بعيد الختان سابق لها ببضعةقرون- مال اعتقادنا أكثر لنسبة هذا الإنجيل إلى القرن الثامن أو ما بعده؛لأنّ المنطق التاريخي يستدعي أن يكون هذا الإنجيل الأبوكريفي خاضعًا لانتشار هذه الخرافة لا منشئًا لها؛ إذ إنّه إنجيل أبوكريفي لا تعرف طائفة تتبنّاه، وقد وجد في زمن استقرت فيه قداسة الأناجيل الأ ربعة؛ فأن يكون مسايرًا في روايته للخرافات المنتشرة، أقرب للمنطق من أن يكون منشئًا لها مع ما علِم من فقدانه للسلطان الديني أو الأدبي في الزمن الذي ظهر فيه.
* إذا كان تأليف النصّ السرياني متأخرًا على هذه الصورة، فلا شكّ أنّ تعريبه كان بعد ذلك بزمن يقدّر بقرون؛ لأنّ الحاجة إلى تعريب الأسفار الدينيّة الأبوكريفيّة النصرانيّة لم تكن مبرّرة قبل ظهور الإسلام.
* اعترض ((يوحنا الدمشقي)) على الكثير من التفاصيل القرآنيّة في أمر المسيح وقصص الأنبياء، إلاّ أنّه رغم ثقافته الموسوعيّة ومعرفته المستفيضة بالفرقة (المهرطقة) وكتبهاالمقدسة، ولغته السريانيّة الأم التي اكتسبها من بيئته السريانيّة التي يعزى إليها هذاالإنجيل، لم يشر أدنى إشارة في كتابه ((ينابيع المعرفة)) إلى التشابه المزعوم بين القرآن الكريم وإنجيل الطفولة (العربي) أو إنجيل متّى المنحول المذكور في التشابه السابق؛ وفي ذلك دلالة هامة على أنّ هذين السفرين قد ألّفا بعد ظهور الإسلام. وهو ما يظهرأيضًا في واحد من أشهر المؤلّفات الطاعنة في الإسلام والتي أفاض فيها مؤلّفها في ذكر ما يستنكره من الأمور التي وردت في القرآن الكريم والسنّة النبويةّ، وهو المسمّى بـ((رسالة عبد الله بن إسمعيل الهاشمي إلى عبد المسيح بن إسحق الكندي يدعوه اإلى الإسلام؛ ورسالة عبد المسيح إلى الهاشمي يردبها عليه ويدعوه إلى النصرانية)) وهوكتاب ألّف في القرن العاشرميلاديا ٦٦٨ ، وترجم إلى اللاتينيّة في القرن الثاني عشرعلى يد ((بطرس الطليطلي)).
إنّ (اختلاق) القرآن الكريم لقصّة لم ترد في الأناجيل الرسميّة، وفيها يثبت المسيح لنفسه عبوديّته لله جلّ وعلا -وبذلك ينقض دعوى تأليهه-، ووجود نفس أصل الرواية في إنجيل أبوكريفي متاح بين النصارى أصحاب اللسانين العربي والسرياني بما يعارض الروايةالقرآنيّة، ويثبت للمسيح قوله عن نفسه إنّه إله؛ ليستدعيان دون ريب ولا شك أن يبدي الدفاعيون النصارى الأوائل –خاصة السريان- اعتراضهم بأن يشيروا في جدليا تهم العنيفة إلى هذا (الاختلاق) القرآني ومصدره الأبوكريفي، ومخالفته لهذا المصدر في مضمون الدعوى؛ فقد قام مقتضي الإنكار،وانتفى مانع إعلانه .. لكنّنا لا نرى لذلك أثرًا في الكتابات الجدليّة النصرانيّة المبكّرة في الشرق والغرب، رغم علم الدفاعيين النصارى بما جاء في القرآن الكريم من أمر حديث المسيح في المهد، واعتراضا تهم المتكلّفةعلى القرآن في مواضيع أخرى أدنى قيمة!وإذا ربطنا ما سبق بما ذكرته ((الموسوعة الكاثوليكيّة)) من أنّ هذا الإنجيل كان معروفًابصورة واسعة بين النساطرة السريان ٦٦٩ كان تأخير تأريخ تأليف هذا الإنجيل بعد البعثةالنبويّة ببضعة عقود حريًا بالقبول.
يتبع
التعديل الأخير تم بواسطة christina ; 04-06-2012 الساعة 08:25 PM
[CENTER][SIZE=5]سوف يحيا الجهاد *** سوف يحيا الأمل
[/SIZE][/CENTER]
المفضلات