بسم الله الرحمن الرحيم

ويقول الرفاعي في مقال له بعنوان (إضاءات حول الخطاب الديني) ..

يطلعُ علينا الكثيرون من الخطباء والمفكّرين ليصوّروا لنا الدعوةَ إلى الله تعالى من خلالِ قَتْلِ الآخرين وسبيِ أموالِهِم وأعراضِهِم ، مُحتجّين بالكثيرِ من الرواياتِ التي لُفِّقَتْ على لِسانِ الرسولِ ..... من هذه الروايات – على سبيل المثال – ما ورد في صحيح البخاري ، حديث رقم ( 379 ) حسب ترقيم العالميّة :
[[ حَدَّثَنَا ....... عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا وَصَلَّوْا صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ....... ]] ..

والغريب هو هذا الفهم الناقص لهذا الحديث الصحيح ... وتصوير أن الإسلام يبيح الدعوة له من خلال سفك الدماء أو القتل ...الخ ...
ولو أن الرفاعي كلف نفسه عناء السؤال عن مضمون الحديث ومعناه لما تخبط كل هذا التخبط .. وافترى ما قال ... ولكن يبدو أن الشهرة اليوم لا تأتي إلا من خلال الطعن في الدين ... والإتيان بالغرائب والأفراد من أجل المعرفة بين الناس ... ولا حول ولا قوة إلا بالله ...
وللإجابة على ما أُشكل على الرفاعي أنقل نصاً من إحدى فتاوى الشبكة الإسلامية ..

واعلم أن الإسلام ليس متشوفا إلى سفك الدماء، وإنما هو دين رحمة، جاء لتعبيد الناس لربهم، ولذا فمن أول ما يبدأ به قبل القتال دعوة الناس إلى الإسلام، وبذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر قواده، فإذا دخل القوم في الدين أو هادنوا المسلمين أو عقدوا معهم صلحا، أو ارتضوا دفع الجزية كف المسلمون عن قتالهم ، وإذا عمل بعض الأعداء على الحيلولة بين الناس وبين سماع الحق قاتلهم المسلمون حتى يتركوا المسلمين يبلغون الخير إلى الناس، فليس القتال هدفا في حد ذاته، وإنما هو وسيلة، وليس استخدامه في قتال الناس جميعا، وإنما له استثناءاته وقيوده وضوابطه، ولا يلزم من القتال القتل، فإذا وجد ما يقتضي الكف عن القتال مما ذكرنا سابقا من أمور كالهدنة والصلح ونحو ذلك يقر الكافر على دينه ولا يقتل لكونه كافرا، ولا يجبر على الدخول في الإسلام، إذ لا إكراه في الدين أ.هـ

واعلم أن أساس القتال في الإسلام هو قوله تعالى: ( وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا) .. وقد جاء في صحيح البخاري ( لا تتمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموهم فاصبروا ) ...
والقتال في الإسلام كره لقوله تعالى ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم) .. ولكنه شُرِّعَ في حالات الضرورة والدفاع عن النفس ..
وإليك شرح الحديث من فتاوى العلامة ابن باز رحمه الله تعالى:-

سائل يرجو شرح هذا الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله » .
ج : هذا الحديث صحيح ، رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين ، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « أمرت أن أقاتل الناس حتى ... » الحديث ، وهذا على ظاهره ، فإن من أتى بالشهادتين وهو لا يأتي بهما قبل ذلك ، وأقام الصلاة وآتى الزكاة فإنه يعتبر مسلما حرام الدم والمال إلا بحق الإسلام ، يعني : إلا بما يوجبه الإسلام عليه بعد ذلك ، كأن يزني فيقام عليه حد الزنا ; إن كان بكرا فبالجلد والتغريب ، وإن كان ثيبا فبالرجم الذي ينهي حياته ، وهكذا بقية أمور الإسلام يطالب بها هذا الذي أسلم وشهد هذه الشهادة وأقام الصلاة وآتى الزكاة .
فيطالب بحقوق الإسلام ، وهو معصوم الدم والمال إلا أن يأتي بناقض من نواقض الإسلام ، أو بشيء يوجب الحد عليه ، وهكذا قوله في الحديث الآخر عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله » .
هذا الحديث مثل ذاك الحديث : من أتى بالتوحيد والإيمان بالرسالة فقد دخل في الإسلام ، ثم يطالب بحق الإسلام ، فيطالب بالصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك ، فإن أدى ما أوجب الله عليه فهو مسلم حقا ، وإن امتنع عن شيء أخذ بحق الله فيه ، وأجبر وألزم بحقوق الله التي أوجبها على عباده .
وهذا هو الواجب على جميع من دخل في دين الإسلام أن يلتزم بحق الإسلام ، فإن لم يلتزم أخذ بحق الإسلام
.......أ.هـ