بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

أما بعد :

هذه المشاركة تتضمن بعض نصوص التوحيد من التوراة والإنجيل ..

نسأل الله العلي العظيم أن يجعل فيها الفائدة وأن يهدي الظالين .. آمين



نصوص التوحيد في أسفار موسى عليه السلام


تعد أسفار موسى عليه السلام الأصل الأول لكتاب اليهود , والذي يقدسه النصارى في كنائسهم , ولقد جاءت نصوص التوحيد في هذه الأسفار - وخاصة سفري التثنية والخروج – واضحة المعالم , فيما يسمى بالوصايا العشر , والتي قدر لها أن تبقى , وأن يرددها نصف سكان العالم على حد تعبير ديورانت " صاحب قصة الحضارة ".

والوصايا العشر جاءت بصيغتين :

الأولى تتصل بالعقيدة ,

والثانية تتصل بالعادات والتقاليد.

والذي يهمنا منها والآن هو ما يتصل بالعقيدة ,

حيث جاء عنها في سفر الخروج : ( احفظ ما انا موصيك اليوم. ... فانك لا تسجد لاله آخر لان الرب اسمه غيور.اله غيور هو )

هذه هي الوصية الأولى من الوصايا العشر.

أما الثانية فقد جاء فيها : ( لا تصنع لنفسك آلهة مسبوكة )

وجاء بوضوح أكثر في الإصحاح العشرين حيث قال : ( لا يكن لك آلهة اخرى امامي.

4 لا تصنع لك تمثالا منحوتا ولا صورة ما مّما في السماء من فوق وما في الارض من تحت وما في الماء من تحت الارض.
5 لا تسجد لهنّ ولا تعبدهنّ.)


ويقول صاحب كتاب قصة الحضارة :
( إن الوصية الأولى تضع أساس المجتمع الديني الجديد,
وهو المجتمع الذي لا يقوم على أي شريعة مدنية,
بل على فكرة الله الملك القدوس الذي لا تدركه الأبصار ...

أما الوصية الثانية فقد سَمَت بفكرة الله , وحرّمت أن تصور له أي صورة منحوته, وقد افترضت هذه الوصية وجود مستوى عقلي راق لدى اليهود, ولأنها تنبذ كل الخرافات كما نبذت فكرة تجسد الإله, وحاولت أن تصور الله منزهاً عن جميع الأشكال والصور ) " قصة الحضارة 2/371 من المجلد الأول".

من هذا يتضح لنا أن الله دعى إلى وحدانيته في أول وصاياه لنبيه موسى عليه السلام ,
كما رقى بالعقل البشري من خلال هذه الوصية أن يدعي لله شريكاً, أو وأن تنبت فيه فكرة التشبيه والتمثيل لهذا الإله الخالق, وبين له أنه لا يتجسد في أحد ولا يحل في إنسان.

فإذا جاء بعد موسى من يدعي هذا فلا يصح أن ينسب لأنبياء الله ورسله, وهذا كان واضحاً في الوصية الثانية التي نفت نفياً تاماً أن يكون هناك شريك للخالق في ملكه أو شبيه له في الأرض والسماء ولذا وضح كل ذلك في سفر التثنية الذي جاء فيه تأكيد تام للوحدانية الخالصة في قوله
( لتعلم ان الرب هو الاله.ليس آخر سواه )

وأيضا ً قوله : ( فاعلم اليوم وردد في قلبك ان الرب هو الاله في السماء من فوق وعلى الارض من اسفل.ليس سواه.
40 واحفظ فرائضه ووصاياه التي انا اوصيك بها اليوم لكي يحسن اليك والى اولادك من بعدك
)

وأكد المسيح عليه السلام على الوصية الأولى تأكيداً لا مراء فيه أمام سائل سأله قائلاً :
(سأله اية وصية هي اول الكل.
فاجابه يسوع ان اول كل الوصايا هي اسمع يا اسرائيل.الرب الهنا رب واحد.
وتحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك.هذه هي الوصية الاولى.
) إنجيل مرقس إصحاح 12 فقرة 28

والمسيح عليه السلام حين ساق هذه الوصية أراد أن يفصح أمام الملأ عن جوهر العقيدة التي تحق لأتباعه أن يتمسكوا بها ويسيروا على دربها وهي نفس العقيدة التي نطقت بها اليهودية وسجلت صيغتها بنفس الحروف تقريباً في سفر التثنية الذي جاء فيه

(اسمع يا اسرائيل.الرب الهنا رب واحد.
5 فتحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك.
) التثنية إصحاح 6 فقرة 4.

وتشابه العبارتين يدل على مدى قرب المسيحية من اليهودية في العقيدة ومن ثم فأي مخالفة لهذه العقيدة يعتبر في حد ذاته جرماً لا مغفرة له لأنه يحمل جرثومة الكفر ويؤدي إلى تكذيب الأنبياء.

ولقد ذكرت دائرة المعارف الأمريكية ( أن المسيحية اشتقت من اليهودية, واليهودية صارمة في عقيدة التوحيد وأن التوحيد هو القاعدة الأولى من قواعد العقيدة ).