و لنقرأ من كتاب فتح البارى بشرح صحيح البخارى
من شرح حديث
حدثنا عبدان أخبرني أبي عن شعبة سمعت الأشعث عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها
أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر فقالت لها أعاذك الله من عذاب القبر فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر فقال نعم عذاب القبر قالت عائشة رضي الله عنها فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر
زاد غندر عذاب القبر حق
اقتباس
قوله : ( أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر )
وقع في رواية أبي وائل عن مسروق عند المصنف في الدعوات " دخلت عجوزان من عجز يهود المدينة فقالتا : إن أهل القبور يعذبون في قبورهم " وهو محمول على أن إحداهما تكلمت وأقرتها الأخرى على ذلك فنسبت القول إليهما مجازا , والإفراد يحمل على المتكلمة . ولم أقف على اسم واحدة منهما . وزاد في رواية أبي وائل " فكذبتهما " ووقع عند مسلم من طريق ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت " دخلت علي امرأة من اليهود وهي تقول : هل شعرت أنكم تفتنون في القبور . قال : فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : إنما يفتن يهود . قالت عائشة : فلبثنا ليالي , ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل شعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور . قالت عائشة : فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من عذاب القبر " وبين هاتين الروايتين مخالفة , لأن في هذه أنه صلى الله عليه وسلم أنكر على اليهودية , وفي الأولى أنه أقرها . قال النووي تبعا للطحاوي وغيره : هما قصتان , فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم قول اليهودية في القصة الأولى , ثم أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ولم يعلم عائشة , فجاءت اليهودية مرة فذكرت لها ذلك فأنكرت عليها مستندة إلى الإنكار الأول , فأعلمها النبي صلى الله عليه وسلم بأن الوحي نزل بإثباته انتهى . وقال الكرماني : يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ سرا فلما رأى استغراب عائشة حين سمعت ذلك من اليهودية أعلن به انتهى . وكأنه لم يقف على رواية الزهري عن عروة التي ذكرناها عن صحيح مسلم , وقد تقدم في " باب التعوذ من عذاب القبر " في الكسوف من طريق عمرة عن عائشة " أن يهودية جاءت تسألها فقالت لها : أعاذك الله من عذاب القبر , فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم أتعذب الناس في قبورهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عائذا بالله من ذلك . ثم ركب ذات غداة مركبا فخسفت الشمس " فذكر الحديث , وفي آخره " ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر " وفي هذه موافقة لرواية الزهري وأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن علم بذلك . وأصرح منه ما رواه أحمد بإسناد على شرط البخاري عن سعيد بن عمرو بن سعيد الأموي عن عائشة " أن يهودية كانت تخدمها , فلا تصنع عائشة إليها شيئا من المعروف إلا قالت لها اليهودية : وقاك الله عذاب القبر . قالت : فقلت يا رسول الله هل للقبر عذاب ؟ قال : كذبت يهود , لا عذاب دون يوم القيامة . ثم مكث بعد ذلك ما شاء الله أن يمكث , فخرج ذات يوم نصف النهار وهو ينادي بأعلى صوته : أيها الناس استعيذوا بالله من عذاب القبر , فإن عذاب القبر حق " وفي هذا كله أنه صلى الله عليه وسلم إنما علم بحكم عذاب القبر إذ هو بالمدينة في آخر الأمر كما تقدم تاريخ صلاة الكسوف في موضعه .
وقد استشكل ذلك بأن الآية المتقدمة مكية وهي قوله تعالى ( يثبت الله الذين آمنوا ) وكذلك الآية الأخرى المتقدمة وهي قوله تعالى ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ) والجواب أن عذاب القبر إنما يؤخذ من الأولى بطريق المفهوم من حق من لم يتصف بالإيمان , وكذلك بالمنطوق في الأخرى في حق آل فرعون وإن التحق بهم من كان له حكمهم من الكفار , فالذي أنكره النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو وقوع عذاب القبر على الموحدين , ثم أعلم صلى الله عليه وسلم أن ذلك قد يقع على من يشاء الله منهم فجزم به وحذر منه وبالغ في الاستعاذة منه تعليما لأمته وإرشادا , فانتفى التعارض بحمد الله تعالى . وفيه دلالة على أن عذاب القبر ليس بخاص بهذه الأمة بخلاف المسألة ففيها اختلاف سيأتي ذكره آخر الباب .
http://hadith.al-islam.com/Display/D...hLevel=Allword
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
المفضلات