

-
( الحي ) :
من له الحياة الأزلية الأبدية الكاملة الذاتية ، التي لم تسبق بعدم ولاتعقب بفناء0
قال الإمام الطبري في تفسيره{ (الحى) الذى له الحياة الدائمة والبقاء الذى لا أول له ولا آخر له بأمد إذ كل ما سواه فإنه وإن كان حيا فلحياته أول محدود وآخر ممدود ينقطع بانقطاع أمدها وينقضي بانقضاء غايتها } (جامع البيان للطبري 3/387 بتحقيق أحمد شاكر ، والأمد الغاية التي ينتهي إليها و الممدود من مد له في كذا : أي طول له فيه ،أو من المدة وهي الطائفة من الزمان ، ومنه ماددت القوم أي جعلت لهم مدة ينتهون إليها )
{ الحى : الذىله جميع معانى الحياة الكاملة من السمع و البصر والعلم و القدرة والإرادة و غيرها } (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن للشيخ السعدى 1/218 )
ومن هنا فهناك فارق بين حياة المخلوق وحياة الخالق ، فحياة الله تعالى ذاتية ، وحياة جميع المخلوقات من الله تعالى، وحياة الله تعالى أزلية ، وحياة المخلوقات حادثة ، وحياة الله تعالى لاتفارقه وحياة المخلوقات لاتلازمها ، وحياة الله تعالى لاحد لها ولاأمد لها ولامنتهى لها ، وحياة المخلوقات محدودة منتهية بانتهاء الآجال .
وحظ العبد من هذا الاسم أن يعمل للحياة الحقيقية ، الحياة الباقية ، في الدار الآخرة قال تعالى في سورة العنكبوت ( وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ {64} ) وقال تعالى في سورة الفجر ( يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى {23] يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي {24} ) ولا سبيل إلى هذه الحياة الحقيقية الحياة الهادئة الهانئة الراضية المرضية الحياة الطيبة التى لاسبيل إليها إلا بالاستجابة لنداء الحق .
قال تعــالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُم ) [سورة الأنفال 24]
وقال تعالى:( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون ) [سورة النحل 96 ]
وعـن معنى الحياة الطيبة يقول الإمام ابن القيم في كتابه مدارج السالكين [ وقد فسرت الحياة الطيبة بالقناعة والرضا والرزق الحسن وغير ذلك والصواب أنها حياة القلب ونعيمه ، وبهجته وسروره بالإيمان ومعرفة الله ، ومحبته ، والإنابة إليه والتوكل عليه ، فإنه لاحياة أطيب من حياة صاحبها ولا نعيم فو ق نعيمه إلا نعيم الجنة ،كما كان بعض العارفين يقول :إنه لتمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب وقال غيره : إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً ، وإذا كانت حياة القلب حياة طيبة تبعته حياة الجوارح فإنه ملكها ، ولهذا جعل الله الحياة الضنك لمن أعرض عن ذكره ، وهي عكس الحياة الطيبة ] مدارح السالكين 3 / 270 ، 271
ومن الأشياء المجربة أن من داوم على ذكر ( يا حي يا قيوم ) أورثه ذلك حياة القلب وصفاءه وحياة العقل وتوقده 0
( القيوم )
صيغة مبالغة من قام يقوم قياما ، فهو قيووم على وزن فيعول اجتمعت الياء والواو في الكلمة وكانت الأولى منهما ساكنة فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء .
قال أمية بن أبي الصلت(-ديوان أمية بن أبي الصلت الثقفي : ص 57 ويراجع جامع البيان للطبري 3/ 388) :
لم تخلق السماء والنجوم والشمس معها قمر يعوم
قدره المهيمـن القيوم والجسر والجنة والجحيم
إلا لأمر شأنه عظيم .
والله تعالى هو ( القيوم ) القائم بذاته ، المقيم لغيره
قال ابن عباس { القيوم } الذي لايزول ولايحول ، وقال مجاهد { القيوم } القائم على كل شئ .
وقال قتادة { القيوم } القائم بتدبير خلقه ، وقال الحسن { القيوم } القائم على كل نفس بما كسبت حتى يجازيها بعملها من حيث هو عالم به لا يخفي عليه شئ منه ( يراجع جامع البيان للطبري 3 /388 والنكت والعيون للماوردي 1 /259 ومعالم التنزيل للبغوي 1/238 - وفتح القدير للشوكانيي 1 / 271 )
وقال الإمام الراغب [ (القيوم )أى القائم الحافظ لكل شىء والمعطى له ما به قوامه ]( المفردات للراغب ص 417) وقال الإمام الطبري ( القيوم ) يطلق لمجموع اعتبارين : أحدهما أنه لا يفتقر في قوامه إلي غيره ؛ الثاني : أن غيره يفتقد في قوامه إليه فلا وجود ولا بقاء لغيره تعالى إلا به ) (جامع البيان للطبري 3/ 388)
و يقول صاحب الظلال ( أما صفة القيوم : فتعني قيامه سبحانه و تعالي علي كل موجود؛ كما تعني قيام كل موجود به ؛ فلا قيام لشىء إلا مرتكزا إلي وجوده وتدبيره 000و إرادته تعالى 000ومن ثم يظل ضمير المسلم و حياته ووجوده ووجود كل شئ مرتبطا بالله الواحد ؛ الذي يصرف أمره وأمر كل شئ حوله ؛ وفق حكمه وتدبيره ؛فيلتزم الإنسان بالمنهج المرسوم القائم علي الحكمة و التدبير؛ و يستمد منه قيمه وموازينه و يراقبه وهو يستخدم هذه القيم و الموازين )
وحظ العبد من الاسم أيضا أن يستغني بالله عن كل ما سواه فالله تعالي هو القائم علي كل نفس يكلؤها ويحفظها و يرزقها وأن يراقب الله تعالى في كل عمل .
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات